ما ملامح الحرب الباردة الجديدة؟
عندما يكون لديك أشياء مثل ذهاب روسيا إلى إيران وكوريا الشمالية لمساعدتهما في تسليح جيشهما، وعندما يسافر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاء الرئيس الصيني، وكلاهما يقولان: نحن نوحد قوانا لمحاربة قضية انتشار الليبرالية في العالم بقيادة الولايات المتحدة، فإن المسألة تبدو كما لو كانت حربًا باردة، لكن باستثناء الشيوعية

ترجمات - السياق
بعد نحو سبعة أشهر من اندلاع الحرب على أوكرانيا، ازدادت حدة الانقسام العالمي الذي أحدثته تلك الأزمة، بينما واجهت العملية العسكرية الروسية «انتكاسات» في الآونة الأخيرة، مع استعادة أوكرانيا بعض الأراضي في هجوم مضاد أخير.
في غضون ذلك، تستعد الولايات المتحدة وحلفاؤها في "الناتو" لصراع طويل الأمد، بينما ألمح القادة الدبلوماسيون والعسكريون والاستخباراتيون الأمريكيون -هذا الأسبوع- إلى مستقبل طويل الأمد للمعارضة الأمريكية لروسيا، مع وجود أوكرانيا المحصنة في المنتصف.
فوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين أعلن عن مزيد من المساعدات لأوكرانيا، خلال توقف مفاجئ في كييف هذا الأسبوع، مضيفًا خلال مؤتمر صحفي بمقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل، أن الصراع من المرجح أن يستمر بعض الوقت.
وتقول شبكة سي إن إن الأمريكية، إن البنتاغون يخطط لكيفية دعم أوكرانيا على المدى الطويل، حتى بعد انتهاء الحرب مع روسيا، مشيرة إلى أن تقييمًا في هذا الصدد يجرى إعداده سيؤدي إلى سنوات من مبيعات الأسلحة في المستقبل، وإنشاء برنامج تدريب عسكري طويل الأجل من قِبل الأمريكيين، إذا وافق عليه الرئيس جو بايدن.
وبينما قالت «سي إن إن»، إن الولايات المتحدة ستقدم هذا البرنامج إلى كييف كتقييم، إلا أنه سيوفر خريطة طريق، توضح كيف تعتقد الولايات المتحدة أن عليها تطوير جيشها.
حرب باردة
وقال مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز، بمؤتمر للأمن السيبراني في واشنطن، الخميس: «روسيا ستدفع ثمناً باهظاً للغاية، أعتقد أنه على مدى فترة طويلة من الزمن»، مشيراً إلى الكشف عن «ضعف» الجيش الروسي وتضرر اقتصاد موسكو.
وعما يحدث في الجغرافيا السياسية للعالم، وتحديداً في روسيا، قال ستيف هول الرئيس السابق لعمليات وكالة المخابرات المركزية في روسيا، إن العالم يدخل حالة حرب باردة من دون الشيوعية.
وأوضح هول -في تصريحات لشبكة سي إن إن- أنه عندما يكون لديك أشياء مثل ذهاب روسيا إلى إيران وكوريا الشمالية لمساعدتهما في تسليح جيشهما، وعندما يسافر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاء الرئيس الصيني، وكلاهما يقولان: نحن نوحد قوانا لمحاربة قضية انتشار الليبرالية في العالم بقيادة الولايات المتحدة، فإن المسألة تبدو كما لو كانت حربًا باردة، لكن باستثناء الشيوعية.
ورغم أن الرئيس السابق لعمليات وكالة المخابرات المركزية في روسيا، قال إنه ما زال في الإمكان استبدال السلطوية والديكتاتوريات بالشيوعية، فإنه أشار إلى أن العالم يقسم نفسه إلى معسكرات غربية أكثر أو أقل ليبرالية ومعسكرات أكثر سلطوية.
«إنها ليست روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية فقط. إنها فنزويلا وكوبا، إنها أماكن أخرى أيضًا، ربما الفلبين، اعتمادًا على من هو الرئيس هذه الأيام»، يقول هول، مشيرًا إلى أن ما يحدث جزء من أشياء تتشكل في المستقبل المنظور.
هل تشن أمريكا حربًا بالوكالة على روسيا؟
يقول هول إن ذلك يعتمد على كيفية تعريفك للوكالة، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من الاختلافات المهمة التي لا يريد الروس إثارتها. وأضاف أن هناك فكرة مفادها أن الولايات المتحدة هي القوة المهيمنة على العالم، ويمكنها فقط قيادة البلدان الأخرى حولها، وإخبارهم بما يجب عليهم فعله.
وأشار إلى أن جزءًا من ذلك مجرد معلومات مضللة من جانب الروس، لكنه أيضًا نوع من الأشياء التي يرغبون في أن يكونوا قادرين عليها.
وأوضح أن روسيا قوة متضائلة بالطبع، فلم يتبق لديهم الكثير على الطاولة، بينما تتمتع الصين بمزيد من القوة، مشيرًا إلى أنه رغم أن عددًا من البلدان الأخرى في موقف صعب للغاية تجاه الصين، فإن الولايات المتحدة ستستمر في تمويل هذه البنية التحتية.
وأشار ستيف هول الرئيس السابق لعمليات وكالة المخابرات المركزية في روسيا، إلى أن الصين وروسيا تقولان دائمًا، إن الولايات المتحدة تشن هذه الحروب بالوكالة، إلا أن ذلك ليس دقيقًا، ففي حالة أوكرانيا، طلب الأوكرانيين هذا الدعم، في مواجهة العملية العسكرية الروسية.
وأكد هول أن ما يشير إليه الروس هو أنه يمكن لأمريكا الوصول إلى أي شخص، نعتقد أنه مدين لنا في العالم وإخباره، بفعل هذا أو ذاك، وسوف ينطلق ويفعل ذلك، إلا أنه مع ذلك، فإن الروس سيستمرون في ضخ ذلك كنوع من لعبة التضليل أطول فترة ممكنة.
احذر من الانتصار
وعن الحرب في أوكرانيا، يقول هول، إنه في بعض الأحيان يكون لدى الغرب الليبرالي نوع من الفخر والتباهي، عندما يقدم تقريرًا عما يجري في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن الدول الغربية وروسيا اعتقدوا أن مهاجمة موسكو لكييف سينهي الحرب بشكل سريع، إلا أن ذلك لم يحدث.
وأوضح أن أداء الأوكرانيين كان أعلى من التوقعات وقاموا بعمل أفضل بكثير مما يعتقده أي شخص حتى الروس أنفسهم، إلا أنه مع ذلك، فإن الحرب الأوكرانية لن تنتهي بحلول عيد الميلاد، أو في المستقبل القريب، بل إنها ستكون طويلة الأمد.
وأشار إلى أن العقوبات الغربية على روسيا ستؤدي -على المدى الطويل- إلى سقوط روسيا عن المسرح العالمي كقوة عظمى سوف تتسارع بفعل العقوبات الغربية، إلا أن الروس لا يسمعون أيًا من ذلك، لأن الكرملين يسيطر على معظم المعلومات.
هل يحدث انقلاب على بوتين؟
ورغم أن هول قال إن بوتين يخشى دائرته المقربة والانقلاب أكثر مما يخشى انتفاضة شعبه، فإنه قال إنه بمجرد أن يبدأ هؤلاء الجنود الروس الشباب العودة إلى منازلهم في أكياس الجثث، فإن الشعب الروسي سينزل إلى الشوارع.
وأوضح أنه عندما يكون هناك تهديد خطير لبوتين، مثل المنشق المسجون أليكسي نافالني، فإن ما سيفعله الرئيس الروسي هو ببساطة قمعه، سواء عبر محاولة التسميم أم الإبعاد، كما فعل مع عدد لا يحصى من المعارضين.
وأشار إلى أن مستشاريه المقربين، إذا قرروا أن الأمور سارت بعيدًا، من المرجح أن يكون هناك نوع من الانتفاضة الناجحة في شوارع روسيا من الروس.
وبينما قال إن هناك مؤشرات على أشياء يمكن أن تقوم بها القوى الموجودة في روسيا ضد بوتين، إلا أنها لن تقدم على ذلك إلا إذا ازدادت الأمور سوءًا، مشيرًا إلى أن بدايات ذلك موجودة بالفعل مع السوء الذي سارت به الأمور في أوكرانيا والإنتاج الاقتصادي طويل الأجل.
لكن النصف الثاني من ذلك هو الصعب، بحسب هول الذي قال إن الرجال الذين سيقولون -نهاية المطاف- انظروا، علينا البقاء لإدارة خروج بوتين، هم خبراء في القيام بالأشياء في الخفاء، مؤكدًا أنهم رجال مخابرات سابقون، يفهمون العواقب الوخيمة للغاية إذا كانوا يفكرون في انقلاب وتم اكتشافهم.
قنوات استخباراتية
وأكد هول أن بوتين يبقي قنواته الاستخباراتية مفتوحة للتجسس على شركائه المقربين، للتأكد من عدم حدوث ذلك، لذا تكمن المشكلة في أنه في حين أن هناك الكثير من السوابق لهؤلاء الأشخاص ليغضبوا من بوتين، فإننا في الغرب نحاول التنبؤ وفهم متى يحدث ذلك، سيكون صعبًا.
وعن الاستراتيجية الأمريكية لتبادل المعلومات الاستخباراتية، قال ستيف هول، الرئيس السابق لعمليات وكالة المخابرات المركزية في روسيا: "بصفتي ضابط مخابرات سابق، أشعر بالتوتر بعض الشيء عندما تقرر أي إدارة زيادة استخدام المعلومات بشكل عام".
انسحاب الشركات الأمريكية
وعن انتقاد المعارضين الروس الانسحاب الشامل للشركات الأمريكية من روسيا، وما إذا كان من الأفضل فرض حظر أم بقاء الشركات منفتحة على روسيا، قال إنه يؤيد فكرة أن تقلص الشركات الروسية أعمالها في روسيا.
وأشار إلى أن هناك نقطة سياسية مهمة يجب توضيحها، فعندما تغادر شركات مثل "ماكدونالدز" و"ستاربكس"، روسيا، أو حتى إذا كانت "فيسبوك" أو "تويتر"، فإن ذلك يوجه رسالة قوية جدًا، مفادها أنها لا يمكن أن يكون لها أي شيء أو علاقة كبيرة بهذا النظام.