ما تأثير اتفاق إيران النووي في اجتماع أوبك؟
استعداد المملكة للنظر في خفض الإمدادات، بعد أسابيع فقط من زيارة بايدن إلى جدة كان علامة على تنامي الاستقلال عن الولايات المتحدة

ترجمات – السياق
اجتمعت الدول الأعضاء في منظمة أوبك وحلفائها من بينهم روسيا -الاثنين- في إطار ما تعرف بمجموعة أوبك بلس، في وقت يواجه الطلب ظروفًا معاكسة بجانب احتمال زيادة الإمدادات بفضل عودة الخام الإيراني إلى الأسواق، حال إبرام طهران اتفاقًا مع القوى العالمية بشأن أنشطتها النووية.
وبينت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن تخفيضات معروض النفط مطروحة على الطاولة خلال اجتماع أوبك بلس، وسط عمليات بيع للنفط الخام
وأشارت إلى أنه من خيارات تحالف "أوبك بلس" التي سيناقشها اليوم ويخرج بتوافق الأعضاء الـ 23، خفض المعروض من النفط لدعم الأسعار، حيث تجتمع السعودية ومنتجون آخرون في مواجهة ارتفاع التضخم الذي يهدد بدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود، وسط تراكم أسباب قد تفضي بالنهاية لانهيار الطلب وتراجع الأسعار إلى النصف.
أمريكا والسعودية
وحسب "فايننشال تايمز" يأتي احتمال التخفيضات الجديدة بعد أقل من ستة أسابيع من لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة، وقال بايدن حينها إنه يتوقع أن تتخذ المملكة "خطوات إضافية" لزيادة إنتاج النفط "في الأسابيع المقبلة".
وأشارت إلى أنه مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بعد شهرين فقط، رحبت إدارة بايدن بانخفاض أسعار النفط الخام في الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي تكافح فيه لخفض أسعار الوقود المرتفعة، التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم على مدى عقود، ودفعت البنوك المركزية إلى بدء رفع أسعار الفائدة.
لكن -حسب الصحيفة- انخفاض أسعار النفط بنسبة 11% الأسبوع الماضي دفع بعض أعضاء "أوبك بلس" لعكس السياسة بعد أشهر من زيادة المعروض، وارتفع خام برنت القياسي الدولي 1% في التعاملات المبكرة –الاثنين- في آسيا إلى 94.41 دولار للبرميل.
يأتي اجتماع "أوبك بلس" كذلك مع تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا، حيث حذرت الحكومة السويدية -مطلع الأسبوع- من مخاطر مالية ناجمة عن ارتفاع أسعار الوقود في القارة العجوز.
ثبات السياسة
ونقلت "فايننشال تايمز" عن محللين في شركة إنرغي أسبكتس الاستشارية قولهم: "أوبك تفضل الحفاظ على السياسة ثابتة، لكن السوق قد يجبر المنتجين على إعلان التخفيضات".
وقالت أمريتا سين، رئيسة الأبحاث في الشركة الاستشارية: إن تقلب الأسعار والسوق الهبوطية، والأخبار عن المزيد من عمليات الإغلاق الخاصة بكورونا في الصين، مدعاة للقلق في الوقت الحالي، مبينة أنه لهذا السبب "عادت جميع الخيارات إلى الطاولة".
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن عمليات البيع المكثفة الأخيرة للنفط أدت إلى انخفاض الأسعار عما كانت عليه قبل الحرب الروسية الأوكرانية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار في مارس الماضي، ليقترب من مستوى قياسي.
أمام ذلك -حسب الصحيفة- استجابت الولايات المتحدة ودول أخرى بإطلاق النفط من مخزونات الطوارئ، ودعت المملكة العربية السعودية إلى زيادة الإنتاج، وهي زيادة ستنتهي قريبًا في السوق الأمريكية، وستكون واشنطن بعدها مضطرة لإعادة بناء الاحتياطات.
وبالفعل، حصلت الولايات المتحدة -الجمعة- على دعم دول مجموعة السبع الأخرى في ما يخص "فرض سقف لسعر صادرات الخام الروسية"، وهي خطوة تهدف إلى منع ارتفاع أسعار النفط في وقت لاحق من هذا العا،م عند تشديد العقوبات الأوروبية على روسيا.
خيارات أوبك
من جانبه، قال كريستيان مالك، الرئيس العالمي لاستراتيجية الطاقة في "جيه بي مورغان تشيس" لـ فايننشال تايمز": إن أوبك بلس تحتاج بصورة أكبر إلى النظر في مجموعة من السيناريوهات خلال هذا الاجتماع.
وأضاف: "يبدو أن أوبك بلس تدرس ثلاث خيارات لتصبح سارية المفعول في أكتوبر المقبل: التمسك بحصص الإنتاج الحالية، وإعلان نية خفض الإنتاج من الشهر المقبل بانتظار بيانات العرض والطلب الجديدة، أو الموافقة على الفور على خفض الإنتاج بداية من أكتوبر".
وأشار مالك إلى أن تخفيضات الإنتاج ستسمح أيضًا للمجموعة بالحفاظ على "القوة النارية" في شكل قدرة إضافية حال حدوث انخفاض كبير في الإنتاج الروسي هذا العام، أو تعطيل الاضطرابات في العراق الإنتاج.
بينما قالت هيليما كروفت، كبيرة استراتيجيي السلع في شركة الوساطة الكندية RBC: "قد تكون روسيا قلقة بشأن تقييمات السوق التي تشير إلى فائض، ستضعف يدها مع المشترين تمامًا كما تفاوض لردعهم عن تبني سقف السعر".
ونقلت الصحيفة عن مصادر سعودية مطلعة قولها: في حين أن احتمال حدوث انخفاض حاد في إنتاج النفط الروسي ومزيد من الاضطرابات في العراق وليبيا، قد يؤدي إلى زيادة الضغط على أسعار النفط، فإن الصفقة الإيرانية المحتملة التي قد تسمح لطهران بتصدير المزيد من النفط، قد تزيد المخاوف من الركود.
وفي ذلك توقع رعد القادري، العضو المنتدب للطاقة في مجموعة أوراسيا الاستشارية المحدودة، أن تلتزم أوبك بالسياسة الحالية، لكنه أشار إلى أن استعداد المملكة للنظر في خفض الإمدادات، بعد أسابيع فقط من زيارة بايدن إلى جدة كان "علامة على تنامي الاستقلال عن الولايات المتحدة".
وأضاف: "أوبك بلس سترد بسرعة إذا تم إبرام صفقة بين الولايات المتحدة وإيران، لكن في الوقت الحالي ستبقي المجموعة يدها حتى تتضح العديد من الأمور بشأن ما تؤول إليه المفاوضات النووية".