أرتيميس1... ناسا تلغي إطلاق صاروخها باتجاه القمر بسبب مشكلة فنية
كان من المقرر أن ينطلق أحدث صاروخ تابع لوكالة الفضاء الأميركية، وهو الأقوى في العالم، لأول مرة -الاثنين- من فلوريدا إلى القمر.

السياق
بشكل مفاجئ، أعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إلغاء الإطلاق المقرر اليوم الاثنين، لصاروخها الجديد نحو القمر بسبب مشكلة فنية في أحد محركاته، ما يرجئ لبضعة أيام على الأقل بدء هذه المهمة التي تشكل انطلاق برنامج "أرتيميس" الفضائي الأميركي للعودة إلى القمر.
ومن المرجح إطلاق الصاروخ، الجمعة المقبل، لكن يتعين في بادئ الأمر تقويم المشكلة من جانب فرق ناسا قبل تحديد الموعد الجديد.
وكان من المقرر أن ينطلق أحدث صاروخ تابع لوكالة الفضاء الأميركية، وهو الأقوى في العالم، لأول مرة -الاثنين- من فلوريدا إلى القمر، لكن الفرق الفنية في "ناسا" تواجه صعوبة في ملئه بالوقود، قبل ساعات من الموعد المحدد لهذا الحدث المنتظر.
وقد بدأ ملء الخزانات بتأخير ساعة تقريباً، بسبب ارتفاع خطر الصواعق منتصف الليل.
كان من المقرر أن تستمر العمليات ساعات عدة، حتى ملء الصاروخ بأكثر من ثلاثة ملايين لتر من الهيدروجين والأكسجين السائل شديد البرودة.
لكن قرابة الساعة الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلي، رُصد تسرب محتمل أثناء ملء الطبقة الرئيسية بالهيدروجين، ما أدى إلى توقف العمليات مؤقتاً.
وبعد اجراء اختبارات، استؤنفت العمليات بصورة طبيعية، مع استمرار الفرق الموجودة في الموقع بمراقبة الموقف.
وتأمل "ناسا" تعويض التأخير المتراكم. ومن المقرر الإقلاع الساعة 08.33 صباحاً (12.33 ت.غ) من منصة الإطلاق 39B في مركز كينيدي للفضاء.
تمتد نافذة الإطلاق أكثر من ساعتين، ما يترك مجالاً للمناورة، بينما ترجح توقعات الأرصاد الجوية أن يكون الطقس مناسباً بنسبة 80% في حال الانطلاق في الوقت المحدد، ومن المتوقع أن تتدهور الأحوال الجوية تدريجاً خلال الصباح.
ولن يتمكن صاروخ "إس إل إس" البرتقالي والأبيض، البالغ علوّه 98 متراً، من الإقلاع حال هطول أمطار أو عواصف رعدية.
وبعد نصف قرن على رحلة "أبولو" الأخيرة، من شأن مهمة "أرتيميس1" أن تؤذن بإطلاق البرنامج الأمريكي للعودة إلى القمر، الذي يُفترض أنه سيتيح للبشرية الوصول إلى المريخ في المركبة عينها.
وستُطلق الكبسولة "أوريون" غير المأهولة في مدار حول القمر، للتحقق من أن المركبة آمنة لنقل رواد فضاء في المستقبل، بينهم أول امرأة وأول شخص من أصحاب البشرة الملونة يمشيان على سطح القمر.
وقال رئيس "ناسا" بيل نيلسون، نهاية الأسبوع الفائت: "هذه المهمة تحمل أحلام وآمال كثيرين، نحن الآن جيل أرتيميس".
وفي مؤشر إلى التغييرات الحاصلة، ستعطي أول مديرة لعمليات الإطلاق في وكالة ناسا، تشارلي بلاكويل تومسون، إشارة الانطلاق النهائية.
وتمثل النساء 30% من القوة العاملة في غرف الإطلاق، بعدما كان اقتصر عددهن على امرأة واحدة في مهمة "أبولو 11".
وبعد دقيقتين من الإقلاع، تعود أجهزة الدفع إلى المحيط الأطلسي. وبعد ثماني دقائق، ستنفصل الطبقة الرئيسة بدورها، ثم بعد قرابة ساعة ونصف الساعة، سيؤدي دفع أخير للطبقة العليا إلى وضع الكبسولة في طريقها إلى القمر، بينما يستغرق الوصول إلى هناك أياماً عدة.
ومن المتوقع أن يحضر العرض ما بين مئة ألف ومئتي ألف شخص، بينهم نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس.
سجل المسافة
حال الإلغاء، فإن تاريخ الإقلاع التالي هو الثاني من سبتمبر.
وترمي المهمة بصورة رئيسية إلى اختبار الدرع الحرارية للكبسولة، التي ستعود إلى الغلاف الجوي للأرض بسرعة 40 ألف كيلومتر في الساعة، ودرجة حرارة توازي نصف حرارة سطح الشمس.
وبدلاً من رواد الفضاء، تحمل المركبة مجسمات عرض، مزودة بأجهزة استشعار تسجل الاهتزازات ومستويات الإشعاع. كما سيتم نشر أقمار اصطناعية صغيرة لدراسة القمر أو حتى كويكب.
وستصل الكبسولة إلى 64 ألف كيلومتر ما بعد القمر، أي أبعد من أي مركبة فضائية أخرى صالحة لنقل البشر حتى الآن.
فشل المهمة سيكون مدمراً لهذا الصاروخ ذي الميزانية الضخمة (4.1 مليار دولار لكل عملية إطلاق، وفق مراجعة عامة) الذي تأخر سنوات عدة (بعدما أمر الكونغرس بإجراء هذه المهمة عام 2010 لموعد إقلاع مبدئي عام 2017).
العيش على القمر
وقالت المديرة المساعدة في وكالة ناسا بهافيا لال: "ما نبدأه بهذا الإقلاع -الاثنين- ليس سباقاً قصير المدى، بل ماراثون طويل الأمد، لإعادة النظام الشمسي وما وراءه إلى مجالنا".
وبعد هذه المهمة الأولى، ستنقل "أرتيميس2" رواد فضاء إلى القمر عام 2024، من دون أن تهبط على سطحه.
وأول هبوط لمهمة مأهولة سيحصل لفريق "أرتيميس3" عام 2025 على أقرب تقدير. وتسعى "ناسا" إلى إطلاق مهمة واحدة سنوياً بعدها.
والهدف من ذلك ترسيخ وجود بشري دائم على القمر، مع إنشاء محطة فضائية في مدار حوله "غايتواي"، وقاعدة على سطحه.
وهناك، ستتعلم البشرية العيش في الفضاء السحيق وتطوير التقنيات اللازمة لإجراء رحلات ذهاباً وإياباً إلى المريخ.
تستغرق هذه الرحلة سنوات، وقد تحصل "نهاية ثلاثينيات القرن الحالي"، وفق بيل نيلسون.
لكن قبل ذلك، يُعد الذهاب إلى القمر أمراً استراتيجياً أيضاً، إذ يواجه طموحات الدول المتنافسة، لا سيما الصين.
وأوضح نيلسون عبر قناة "إن بي سي" الأميركية: "نريد أن نذهب إلى القطب الجنوبي للقمر، حيث توجد الموارد، لا سيما الماء على شكل جليد".
وقال: "لا نريد أن تذهب الصين إلى هناك وتقول إن هذه أرضها".