ما مصير إيران بعد خامنئي؟
عندما يُبعد خامنئي عن المشهد ، يمكن أن تدب الصراعات الداخلية على السلطة

ترجمات - السياق
هل اقتربت نهاية المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الذي ورد أنه يعاني سرطان البروستاتا؟، بهذا التساؤل وضع مايكل روبين، الباحث المقيم في معهد أمريكان إنتربرايز، سيناريوهات عدة لإيران ما بعد خامنئي.
وذكر روبين -في تحليل نشرته مجلة كومينتاري الأمريكية- أنه بعد مرور أكثر من 3 عقود على انتقال منصب المرشد الأعلى من المرشد الأول الخميني إلى خامنئي، كثر الحديث عن انتقال جديد، بعد ازدياد الحديث عن تمكن المرض من المرشد الحالي، وسط شائعات -غير مؤكدة- عن وفاته.
وأشار إلى أنه من الشائع أن كبار علماء الشيعة يعيشون حياة طويلة، إلا أنهم يموتون في النهاية، موضحًا أن ما سماه (يوم الحساب) لخامنئي يبدو أنه اقترب، وهو ما يفتح الباب أمام التساؤلات عن مستقبل الجمهورية الإسلامية.
لا شك أن وفاة خامنئي ستشكل أكبر تغيير سياسي في إيران، منذ وفاة المرشد الأعلى الأخير -الخميني، وهو الأب الثوري المؤسس- عام 1989، فالمرشد الأعلى أقوى شخص في إيران، ولديه سلطة مطلقة على أرجاء الدولة، ويمكن لشخص جديد في هذا المكان أن يغير -بشكل مثير- اتجاه وفحوى السياسات الخارجية والداخلية لإيران.
اختيار المرشد
وعن طريقة اختيار المرشد الأعلى في إيران، أوضح روبين، أنه من الناحية النظرية، تختار جمعية الخبراء المكونة من 86 عضوًا المرشد الأعلى التالي.
وأشار إلى أنه قبل وفاة الخميني عام 1989، اجتمعت نُخب النظام -بشكل غير رسمي- على خامنئي كمرشح تسوية، كان يُنظر إليه على أنه ضعيف وغير مرتبط -بشكل غير ملائم- بأي من الفصائل المتنافسة الرئيسة حينذاك، التي عملت كل منها على إبطال مرشحي غيرها.
وحينها وافق المجلس على خامنئي، لكن فقط بعد أن وقَّعت جميع مراكز القوة -بشكل غير رسمي- على الرجل.
بعد عقود -يضيف الكاتب- لم يعد توازن القوى كما كان، مشيرًا إلى أن خامنئي -لمجموعة من الأسباب- أطلق العنان للحرس الثوري لتقليص حجم القوات الليبرالية.
وبلغ نفوذ الحرس الثوري الإيراني ذروته في السياسة في عهد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد (2005-2013)، لكن خلافة حسن روحاني لا تعني إنهاء السلطة المتشددة، وإنما بدلاً من ذلك، بدَّل فقط الحرس الثوري الإيراني بوزارة المخابرات، للحفاظ على الحكم المتشدد.
ويرى روبين أنه بمرور الوقت تقلص نطاق الخطاب السياسي المقبول داخل إيران، موضحًا أن سنوات ما بعد الثورة كانت نشازًا سياسيًا إيجابيًا مقارنةً بالوقت الحاضر، إذ إن الإصلاحيين الذين بلغوا ذروتهم في عهد الرئيس السابق محمد خاتمي، الذين كانوا ذات يوم نخب واشنطن والعواصم الأوروبية، وجدوا أنفسهم أو أبناءهم سجناء أو رهن الإقامة الجبرية، مشددًا على أن روحاني -رغم وعوده الانتخابية- لم ينجح في الإفراج عن الإصلاحيين المعتقلين.
ضعف خامنئي
وبيّن روبين أنه ربما قبِل المسؤولون الإيرانيون خامنئي في البداية لأنهم اعتقدوا أنه ضعيف ومرن، لكنه أظهر أنه مراوغ، لدرجة أن العديد من النقاد الأمريكيين اعتقدوا -في البداية- أنه معتدل، وقت صعوده إلى القيادة، إلا أنه أثبت أنه ضمن المعسكر المتشدد، وأنه يشارك خليفته الخميني الفكر نفسه.
وعمن يخلف خامنئي في منصب المرشد الأعلى، أشار الكاتب إلى أن الكثير من التكهنات تركزت على إبراهيم رئيسي، رجل الدين والمسؤول المتشدد الذي شغل عددًا من المناصب السياسية والدينية، آخرها رئاسة الجمهورية الإيرانية.
فقد كتب المحلل السياسي راي تاكييه من مجلس العلاقات الخارجية -وهو مراقب جيد للشأن الإيراني- مقالاً في صحيفة واشنطن بوست الخريف الماضي يتكهن -ربما بشكل صحيح- برغبة خامنئي في رؤية رئيسي يخلفه.
لكن -حسب روبين- هنا تكمن المشكلة، إذ إنه عندما يُبعد خامنئي عن المشهد، يمكن أن تدب الصراعات الداخلية على السلطة، و"ستخرج الخناجر لتنال من رئيسي، كمحاولة لتقويض سلطته، في مواجهة أنصاره المتشددين، إذ يخشى الإصلاحيون -أو أولئك الذين يسعون إلى مستقبل أكثر ليبرالية- ألا يتمكنوا من تحقيق ذلك، وأن يعيشوا ثلاثة عقود أخرى تحت قيادة توأم خامنئي الأيديولوجي".
ويتساءل روبين: "ما الذي يمكن أن يفعله خامنئي لضمان تأكيد تولي رئيسي منصب المرشد الأعلى من بعده؟"
ويجيب: "ستكون كلمة خامنئي عديمة القيمة عند وفاته، ومع ذلك، يمكنه أن يسير على درب البابا بنديكتوس السادس عشر ويستقيل"، مشيرًا إلى أنه "إذا استقال خامنئي من منصبه وهو لا يزال على قيد الحياة، سيحتفظ بنفوذ كبير على عملية الاختيار، ويمكنه -على الأرجح- تنصيب رئيسي خلفًا له، ومنحه الوقت لتوطيد سلطته".
وتوقع الكاتب الأمريكي الشهير، أن يكون خامنئي قد فكر في هذا الأمر، خصوصًا بعد تولي رئيسي منصب الرئاسة، وتراجع حالته الصحية على نحو متزايد.
وخلص الكاتب إلى أنه "دائمًا ما تكون انتخابات الرئاسة الإيرانية مجرد عروض هامشية، لأن السلطة بيد المرشد الأعلى، لكن عام 2017 ثم 2021، ربما كانت تمثل أكثر من ذلك، لأن القرارات الحقيقية بشأن القيادة الإيرانية المستقبلية، كانت بالتأكيد ستأتي في أعقابها"، في إشارة إلى أن انتخاب إبراهيم رئيسي كان إعدادًا لتوليه منصب أكبر (المرشد الأعلى)، فهل ينجح المتشددون في ذلك، أم أن الإصلاحيين سينجحون في إفشال مخططاتهم؟