كيف يؤثر الملك تشارلز في سياسة المملكة المتحدة؟

اللحظات التي كانت تتدخل فيها الملكة إليزابيث في الشأن السياسي -على مدى سبعين عامًا- كانت نادرة جدًا، لافتة إلى أن تفاصيل اجتماعاتها الأسبوعية مع رئيس الوزراء لم تكن تخرج إلى العلن أو الصحف.

كيف يؤثر الملك تشارلز في سياسة المملكة المتحدة؟

ترجمات - السياق

رغم تأكيده أنه سيواصل مسيرة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، حفاظًا على تقاليد بريطانيا، فإن صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، تساءلت عن تأثير الملك الجديد في سياسة المملكة المتحدة، مشيرة إلى أن النطاق الحقيقي لنفوذ صاحب السيادة يكتنفه الغموض.

ففي كلمة مقتضبة ألقاها أمام مجلسي العموم واللوردات في "وستمنستر هول" بلندن -الاثنين- شدد الملك تشارلز الثالث على أهمية الديمقراطية، التي تشكل تقليدًا عريقًا للبرلمان البريطاني.

كما لفت إلى أن اجتماع اليوم يأتي إحياءً لذكرى الملكة إليزابيث الثانية، التي حرصت -منذ صغرها- على خدمة الشعب والأمة، والحفاظ على المبادئ الديمقراطية الثمينة للحكومة الدستورية، متعهدًا باتباع مسيرة الملكة الراحلة، بالمحافظة على تقاليد بريطانيا.

 

 

صلاحيات الملك

وعن صلاحيات الملك، بينت "فايننشال تايمز" -في تحليل لمدير تحريرها روبرت شريمسلي- أن الدستور البريطاني يضع الملك بعيدًا عن السياسة، مشيرة إلى أنه في حين أن التاج يتمتع بصلاحيات هائلة، إلا أنها -في الوقت الحاضر- تمارس فقط وفقًا لمشورة ورغبات الحكومة المنتخبة.

وأشارت إلى أنه رغم أن "صاحب السيادة" -ملك بريطانيا- يبتعد عن السياسات الحزبية، فإن النطاق الحقيقي لتأثيره ومشاركته يكتنفه الغموض.

وأوضحت أن اللحظات التي كانت تتدخل فيها الملكة إليزابيث في الشأن السياسي -على مدى سبعين عامًا- كانت نادرة جدًا، لافتة إلى أن تفاصيل اجتماعاتها الأسبوعية مع رئيس الوزراء لم تكن تخرج إلى العلن أو الصحف.

ورغم أن الملكة كانت يتبعها المملكة المتحدة ودول الكومنولث وأستراليا وكندا -نحو 15 دولة- فإن قراراتها بشأن هذه الدول، لم تكن تخرج إلى العلن طوال توليها العرش، على مدى سبعة عقود.

وترى الصحيفة البريطانية، أن هذه السياسة قد تتبدل مع الملك الجديد "تشارلز الثالث"، مشيرة إلى أن الأخير عُرف -أثناء توليه منصب أمير ويلز- بأنه كان نشطًا في الترويج لقضاياه مع الوزراء والسماح لآرائه بأن تصبح معروفة، وآخرها استياؤه من خطة الحكومة لإرسال المهاجرين غير القانونيين إلى رواندا.

مع ذلك، أوضح الملك -في مقابلة مع شبكة بي بي سي البريطانية، قبل أربع سنوات، أنه يعي تمامًا أن عليه التصرف بشكل مختلف كملك، وقال: "من الواضح أنني لن أكون قادرًا على القيام بالأشياء التي قمت بها بصفتي وريثًا" ، مضيفًا أنه لن يتدخل في القضايا السياسية ذات السيادة لأنه "ليس بهذا الغباء".

كما أكد هذه النقطة تحديدًا، خلال خطابه للأمة –الجمعة- إذ إنه في حديثه لأول مرة بصفته ملكًا، قال تشارلز الثالث: "ستتغير حياتي بالطبع عندما أتحمل مسؤولياتي الجديدة، لم يعد من الممكن بالنسبة لي أن أعطي الكثير من وقتي وطاقاتي للجمعيات الخيرية والقضايا التي أهتم بها".

وقال: إن هذا العمل سينتقل إلى الآخرين، مضيفًا أنه "سوف يلتزم بالمبادئ الدستورية للأمة البريطانية".

وتفسر الصحيفة، هذه التصريحات، بأنه يريد أن يبعث برسالة مفادها أنه سيترك مهامه السابقة لكبار أفراد العائلة المالكة، وتحديدًا لأمير ويلز الجديد "الأمير ويليام".

 

استشارة الملك

وحسب "فايننشال تايمز" كشف والتر باغهوت، عميد الكتّاب الدستوريين الإنجليز، عام 1867 أنه يحق للملك أن يُستشار، ويمكنه أن يشجع ويحذر.

وبينت الصحيفة أن "الاستشارة" كان لها تأثير كبير إبان حكم الملكة اليزابيث، خصوصًا أنها تولت العرش نحو 70 عامًا، وتناوب عليها 15 رئيس وزراء بريطاني (بمن في ذلك ليز تراس المعينة حديثًا)، وأكثر من 150 رئيس وزراء من عوالم الكومنولث الأخرى.

لذلك على الملك أن يعطي الموافقة الملكية على كل تشريع، كما يفتتح رسميًا كل جلسة جديدة للبرلمان (حدث سنوي تقريبًا)، لكن الخطاب، الذي يوضح الإجراءات التي سيتم اتخاذها، يعود للحكومة المنتخبة وليس الملك.

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن هذه الصلاحيات وغيرها، الممنوحة بموجب ما يسمى الامتياز الملكي، هي تلك التي تنتمي بشكل افتراضي إلى الملك ويمكن استخدامها من دون موافقة برلمانية، لكنها تنتمي في الواقع أو العُرف للحكومة أو في بعض الأحيان إلى البرلمان.

بينما تمارس الحكومة الآن أهم صلاحيات، مثل الحق في توقيع المعاهدات وإعلان الحرب، لكن في ما يخص "قرارات الحرب" تستوجب أولًا موافقة النواب.

وبالمثل، يتمتع الملك بسلطة حل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء، ما يؤدي إلى إجراء انتخابات.

وحسب الصحيفة "هناك منطقة رمادية، إذ إنه خلال معارك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في البرلمان الأخير، شعر المقربون من قصر باكنغهام بالقلق بشأن ما سيحدث إذا خسرت الحكومة تصويتًا بحجب الثقة واضطرت الملكة إلى مطالبة زعيم آخر بمحاولة تشكيل حكومة".

 

السلطات الملكية

وبينت "فايننشال تايمز" أنه ربما كان الاستخدام الأكثر دراماتيكية لهذه السلطات الملكية لم يكن في المملكة المتحدة ولكن في أستراليا، مشيرة إلى أنه عام 1975 عندما استخدم الحاكم العام، ممثلها في البلاد، سلطاته لإقالة رئيس الوزراء حينها "غوف ويتلام"، تظهر الرسائل أن الملكة لم يتم إخبارها بهذه الخطوة، رغم أن الأزمة كانت تختمر وتمت مناقشتها مع قصر باكنغهام.