حرب بوتين في أوكرانيا تظهر محدودية العقوبات الغربية
وافقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واليابان والاتحاد الأوروبي، على استكشاف طرق إضافية لزيادة ضغط العقوبات على الاقتصاد الروسي، بما في ذلك الرسوم الجمركية على السلع الروسية.

ترجمات - السياق
إذا كان الهدف من قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى -هذا الأسبوع في بلدة شلوس إلماو البافارية الجذابة- ضمان بقاء أغنى الدول متحدة نيابة عن أوكرانيا، فيبدو أنها كانت ناجحة، بحسب صحيفة تايمز البريطانية.
وافقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واليابان والاتحاد الأوروبي، على استكشاف طرق إضافية لزيادة ضغط العقوبات على الاقتصاد الروسي، بما في ذلك الرسوم الجمركية على السلع الروسية.
ولكن إذا كان نظام العقوبات، الذي يقوده الغرب ضد روسيا يهدف إلى دفع فلاديمير بوتين لإنهاء حربه العدوانية في أوكرانيا، أو لإجراء مفاوضات مع الحكومة الأوكرانية بشأن تسوية محتملة للصراع، فإن الإجراءات فشلت وستفشل.
قد لا يرغب المسؤولون في واشنطن وبروكسل في سماع ذلك، لكن الحقائق واضحة: بوتين ملتزم بمتابعة الحرب في أوكرانيا، كما كان في اليوم الأول للغزو.
لكن الرئيس الروسي يعتقد أن دعوته إلى الانسحاب من أوكرانيا ستوجه ضربة خطيرة إلى الموقف الجيوسياسي لروسيا، وبذلك لا يمكن أن يقبلها، حتى على حساب ركود يستمر سنوات.
يصعب على الكثيرين في الغرب فهم هذا الأمر، ناهيك عن قبوله، لكن في ما يتعلق بالواقع الاقتصادي، ليس هناك شك في أن حملة العقوبات التي يقودها الغرب لها تأثير سلبي في مناخ الأعمال بروسيا، فأكثر من 1000 شركة متعددة الجنسيات، إما قلَّصت عملياتها في روسيا أو غادرت البلاد.
القرار المنسق من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، لعزل ما يصل إلى نصف احتياطات روسيا الأجنبية الهائلة البالغة 640 مليار دولار، كان خطوة غير مسبوقة ضد اقتصاد رئيس.
وأصبح المليارديرات الروس المرتبطون ببوتين -على نحو متزايد- غير مرغوب فيهم في النظام المالي الدولي، فقد تم تجميد 30 مليار دولار من الأصول الروسية، بما في ذلك اليخوت والمنازل الفاخرة والطائرات الشخصية.
ضوابط التصدير على التكنولوجيا الأمريكية -مثل الرقائق الدقيقة- ستؤدي إلى الإضرار بقدرة روسيا في الحفاظ على التنافس في السوق العالمية وتقويض الابتكار فترة طويلة.
لكن النظرة الاقتصادية السيئة في روسيا، دفعت أيضًا الآلاف من عمال تكنولوجيا المعلومات ذوي المهارات العالية، إلى حزم أمتعتهم والمغادرة، ما أدى إلى هجرة الأدمغة في واحدة من أكثر الصناعات المربحة في العالم.
يرجع ذلك جزئيًا لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ من المتوقع محو 15 عامًا من النمو الاقتصادي الروسي، كما تخلفت موسكو عن سداد ديونها الخارجية لأول مرة منذ أكثر من قرن.
لكن المشكلة أن الأخبار الاقتصادية السيئة لا تؤثر في حسابات بوتين الاستراتيجية في ما يتعلق بالحرب.
بعد هدوء نسبي، استؤنفت الهجمات الجوية والصاروخية الروسية في كييف هذا الأسبوع، رغم انسحاب القوات الروسية من المنطقة في أبريل.
25 يونيو، أمطرت عشرات الصواريخ الروسية أهدافًا عدة غربي وشمالي أوكرانيا.
بهجوم شنيع في 27 يونيو، أطلقت قاذفات روسية النار على مركز تجاري مزدحم في مدينة كريمنشوك وسط أوكرانيا، أسفر عن 13 قتيلًا على الأقل.
كما تحرز القوات الروسية تقدمًا بطيئًا، لكن لا جدال فيه بمنطقة دونباس الحدودية الشرقية، التي تعد خط جهدها الرئيس، على أمل الاستفادة من ميزتها، في وقت يشهد ضغوطًا شديدة على الجيش الأوكراني.
يعد الاستيلاء على سيفيرودونتسك، بعد أسابيع من نيران المدفعية المستمرة، إضافة إلى محاولة الجيش الروسي المستمرة لتطويق المدافعين الأوكرانيين في ليسيشانسك، مقدمة لهجوم روسي أكبر على كراماتورسك وسلوفيانسك.
بعد خمسة أشهر من الحرب ومئات الضحايا يوميًا، يمر الأوكرانيون بلحظة صعبة، وبوتين يعرف ذلك.
العقوبات الإضافية، في وقت تظهر فيه قوات بوتين أخيرًا بعض الزخم، لن تجبر على تصحيح المسار.
كذلك اتخذت روسيا خطوات، قبل الحرب وبعدها، لحماية اقتصادها.
تنقطع موسكو -بشكل متزايد- عن أوروبا، وتعمل على تنويع قاعدة عملائها وتصدير المزيد من النفط إلى الصين والهند المتعطشتين للطاقة، وهما دولتان غير ملزمتين بنظام العقوبات الذي يقوده الغرب.
يقدم الروس خصومات على النفط تصل إلى 30 في المئة، وهذه الصفقات جيدة للغاية، بحيث لا يمكن تفويتها في وقت يكون فيه التضخم وارتفاع الأسعار على رأس أولوياتنا.
علاوة على ذلك، فإن العقوبات ليست مجانية لبقية العالم، خاصة بالنسبة للدول الفقيرة التي تعتمد على أوكرانيا وروسيا في الحبوب أو القمح.
أدى الحصار الروسي المستمر للموانئ الأوكرانية، إضافة إلى القيود المالية المفروضة على سفن الشحن الروسية، إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمية.
بالنسبة لبعض البلدان الإفريقية، هذا ببساطة غير مستدام، ولهذا السبب تهتم دول إفريقية بإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، بدلاً من معاقبة بوتين.
لا شيء من ذلك يشير إلى أن العقوبات غير عادلة، فخيارات واشنطن محدودة للغاية، والردود الدبلوماسية مثل التصريحات الصحفية الصارمة، وعمليات الطرد، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بلا أسنان.
التدخل العسكري الأعمق، إلى جانب إرسال الأسلحة وتوفير المعلومات الاستخباراتية، من شأنه توسيع الحرب إلى صراع إقليمي واسع النطاق له إيحاءات نووية.
والعقوبات الاقتصادية أحد الخيارات الأقل خطورة لصانعي السياسة الغربيين، إذ يُعد تجميد الأصول ومنع كيان مستهدف من الوصول إلى المؤسسات المالية الأمريكية، طريقة سريعة وسهلة نسبيًا لمعاقبة السلوك السيئ (ولهذا السبب زادت العقوبات الأمريكية بنسبة 933% خلال العشرين عامًا الماضية).
ومع ذلك، فإن العقوبات لا تعالج أسباب الغزو، بل تفشل في حل المشكلة، فلم يجبروا كوريا الشمالية على التخلص من برنامج أسلحتها النووية، ولا دفعوا بشار الأسد السوري إلى الاستقالة، ولا ضغطوا على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو للتخلي عن منصبه. وهم بالتأكيد لن يكونوا مسؤولين عن إنهاء الحرب في أوكرانيا.
هندسة ساحة المعركة فقط وتحمُّل المخاطر للمقاتلين سيفعلان ذلك.