يوم عاصف من الاحتجاجات في طهران... ذكرى الجمعة الدامية توحد الإيرانيين في وجه النظام
ذكرت إيران إنترناشيونال، أن القوات الأمنية فتحت النار على المشاركين في مراسم تشييع بيرانوند، الشاب الذي لقي مصرعه في الاحتجاجات بمدينة خرم آباد.

السياق
احتجاجات غاضبة تعم أرجاء إيران، انتقادات لقمع القوات الأمنية من رجل دين سُني بارز، اضطرابات في مناطق تقطنها أقليات، ملامح يوم عاصف من التظاهرات في البلد الآسيوي، للمطالبة بإنهاء حكم رجال الدين.
تلك الاحتجاجات، التي أقيمت يوم الجمعة، على هامش مراسم تشييع وأربعينية عدد من ضحايا احتجاجات إيران، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى ساحات للتظاهرات، ردد خلالها المحتجون هتافات مناهضة للنظام، إلا أن قوات الأمن ردت بإطلاق النار.
فماذا حدث؟
أظهر عدد من المقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي حشدًا عند جبانة بهشت زهرا (جنة الزهراء) في طهران، لتأبين أمیر مهدي فرخي بور (17 عامًا) الذي قُتل على يد قوات الأمن قبل 40 يومًا.
وبهتاف «الموت للطاغية» و«الموت للديكتاتور» وعلى أنغام أغان وطنية، أقيمت مراسم أربعينية أمير مهدي فرخي بور، أحد ضحايا الاحتجاجات.
أصيب أمير مهدي فرخي (17 عامًا) في 27 سبتمبر الماضي، خلال الاحتجاجات في حديقة لاله وسط العاصمة طهران، برصاصة عسكرية، توفي بعدها بيوم.
وفي الجبانة نفسها، رفع المشاركون في مراسم أربعينية إحسان خان محمدي، أحد ضحايا الاحتجاجات الإيرانية، شعار: «هذه الزهرة المذبوحة هدية للوطن».
ونشرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) مقطعًا مصورًا قالت إنه من بلدة راسك، جنوبي شرق البلاد، ظهر فيه محتجون يتولون رعاية محتج أصيب برصاصة في ظهره، وآخر أصيب في ذراعه.
وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجات في خاش، التي قُتل فيها 18 شخصًا على الأقل على أيدي قوات الأمن في الرابع من نوفمبر وفقًا لمنظمة العفو الدولية.
وأظهرت المقاطع أيضًا احتجاجات في مدن أخرى جنوبي شرق البلاد، منها إيرانشهر التي ظهر فيها محتجون يركضون لتفادي قنابل الغاز المسيل للدموع، وسط أصوات لما قد يكون إطلاق نار.
عنف أمني
وتقول «إيران إنترناشيونال»، إن القوات الأمنية فتحت النار على المشاركين في مراسم تشييع بيرانوند، الشاب الذي لقي مصرعه في الاحتجاجات بمدينة خرم آباد.
بينما شهدت جنازة الشاب بيرانوند حضورًا واسعًا لأهالي المدينة، ما دفع قوات الأمن لإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المشيعين، ولاحق الأمن الإيراني الشاب بيرانوند "20 عامًا" بتهمة الكتابة على الجدران، واستهدفته بالرصاص الحي، ما تسبب في قتله.
وقتل الأمن الإيراني الشاب إحسان خان محمدي (29 عامًا)، خلال احتجاجات شارع جمهوري بطهران، في الأول من أكتوبر الماضي بالهراوات، وبإطلاق رصاص حي استهدف رأسه ورقبته.
ومنذ بداية الانتفاضة الشعبية ضد النظام الإيراني، حتى الآن، استخدمت قوات القمع المكونة من أمنيين وعسكريين وضباط بأزياء مدنية، رصاص الصيد والهراوات لقمع المتظاهرين.
مئات القتلى والجرحى
وبحسب آخر إحصائيات منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج، وصل عدد القتلى في الاحتجاجات -حتى الآن- إلى 304 أشخاص على الأقل، بينهم 41 طفلاً و24 امرأة.
وقالت منظمة العفو الدولية إن قوات الأمن قتلت -بشكل غير قانوني- ما لا يقل عن 66 شخصًا، بينهم أطفال، بالذخيرة الحية والخرطوش والغاز المسيل للدموع على المحتجين في زاهدان عاصمة الإقليم، التي تشكل نقطة ساخنة في الاضطرابات التي تعصف بالبلاد.
واندلعت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في سبتمبر الماضي، بعد وفاة الكردية مهسا أميني التي احتجزتها شرطة الأخلاق، بسبب ما قالت إنه انتهاكه لقواعد صارمة تفرضها طهران على ملابس النساء، إلا أنه سرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى ثورة شعبية، شارك فيها طلاب وأطباء ومحامون وعمال ورياضيون.
وفي إقليم سيستان-بلوخستان الذي يعد واحدًا من أفقر مناطق البلاد، وكان بؤرة توتر تعرضت فيها قوات الأمن الإيرانية للهجوم من مسلحي البلوخ، ظهر في مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، محتجون يرتدون ملابس البلوخ التقليدية، ويطالبون بموت المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والباسيج، الميليشيا التي أطلقها للتصدي لقمع المحتجين.
ورصدت منظمة العفو الدولية 100 شخص على الأقل من المحتجين والمارة والمصلين، بينهم 16 طفلًا، قُتلوا على أيدي قوات الأمن في سيستان-بلوخستان منذ 30 سبتمبر الماضي، في الجمعة الدامية بمدينة زاهدان.
انتقادات بارزة
من جانبه، قال أبرز رجل دين سُني في إيران ومنتقد منذ فترة طويلة للزعماء الشيعة في إيران عبدالحميد إسماعيل، بخطبة الجمعة في زاهدان: أين تدربت القوات العسكرية على إطلاق النار على الناس؟ اتضح اليوم أن الناس قُتلوا ظلمًا... يتعين على السلطات إدانة هذه الجريمة، ويجب تقديم من أمر بأحداث الجمعة الدامية ومرتكبيها للمحاكمة.
إلا أن قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، البريجادير جنرال محمد باكبور، قال أمام تجمع لشيوخ العشائر السُّنية والشيعية والزعماء الدينيين في زاهدان: «الطريق نحو الهدوء في المنطقة يتمثل في الوجود المسؤول للزعماء الدينيين».
إعدام المحتجين
من جهة أخرى، أعربت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية عن قلقها من احتمال إعدام بعض المتظاهرين، الذين اعتُقلوا خلال الاحتجاجات ضد النظام الإيراني، داعية المجتمع الدولي إلى منع هذه «الجريمة».
وبحسب تقارير محلية، فإن بعض المعتقلين في الاحتجاجات واجهوا اتهامات بـ«الحرابة»، بسبب «إضرام النار في النفايات»، ما قد يؤدي إلى تنفيذ عقوبة الإعدام ضدهم.
وقال مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية محمود أميري مقدم: إن «الإعدام أهم أداة للنظام في القمع»، مناشدًا المجتمع الدولي تحذير النظام في إيران، من أن إعدام المتظاهرين ستكون له عواقب وخيمة. وأكدت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية احتمال تعرض المزيد من الأفراد لخطورة الإعدام في إيران.
استدعاء دبلوماسي
تهديدات النظام الإيراني لم تقتصر على معارضي الداخل، بل شملت صحفيين في بريطانيا، خاصة في قناة إيران إنترناشيونال، ما دفع وزارة الخارجية البريطانية، إلى استدعاء القائم بالأعمال الإيراني في لندن، مهدي حسيني متين، الجمعة، بسبب تهديدات النظام الإيراني لصحفيين في بريطانيا.
وعن استدعاء القائم بالأعمال الإيراني، قال وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، إن بلاده ستقف دائمًا في وجه تهديدات الدول الأجنبية، مشيرًا إلى أنه استدعى ممثل إيران، ليؤكد له أن المملكة المتحدة «لا تطيق التهديدات بالقتل وترهيب الصحفيين أو أي شخص يعيش في المملكة المتحدة».