عمليات تجنيد واسعة وبناء مدارس... مليشيات إيران تعزز وجودها شرقي سوريا

إيران بنت مدارس ووزعت سلالًا غذائية، وحاولت تحويل المساجد في المقاطعة السُّنية المسلمة إلى المذهب الشيعي، وبينما لم يتحول إلا القليل من السوريين للمذهب الشيعي، فإن الأذان الشيعي يُسمع الآن للمرة الأولى

عمليات تجنيد واسعة وبناء مدارس... مليشيات إيران تعزز وجودها شرقي سوريا

ترجمات - السياق

كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن إيران تخطط لتعزيز وجودها شرقي سوريا، وبالتحديد محافظة دير الزور، وتتفوق على نظام الرئيس السوري بشار الأسد في تجنيد المقاتلين.

وقالت "واشنطن بوست" إن الجيش السوري فتح مكاتب في محافظة دير الزور الشرقية الشهر الماضي، لتجنيد مقاتلين سابقين ومنشقين عنه، لكن المفاجأة أن الإقبال كان شبه منعدم.

ووفقًا لموقع إخباري محلي، فإن ضباط الأمن السوريين اضطروا إلى سحب المارة إلى الداخل، على أمل إقناعهم بالانضمام للجيش.

ونقلت "واشنطن بوست" عن خبراء محليين وعضو سابق في الميليشيات المرتبطة بإيران، قولهم: رغم المغريات التي يقدمها النظام السوري لأهالي المنطقة، من قبيل إصدار عفو عن المدانين بقضايا جنائية وغيرها، فإن الشباب لا يزالون يفضلون الإنضمام للمليشيات الإيرانية.

 

تسهيلات وتجنيد

وبحسب خبراء محليين وعضو سابق في الميليشيا، نجحت إيران في دير الزور بتجنيد السوريين في الميليشيات المتحالفة معها، وتقديم الخدمات التي تعجز الحكومة عنها، وترسيخ جذورها في محافظة استراتيجية، يمكن أن تعزز مصالح طهران الإقليمية، حتى بعد انتهاء الحرب الأهلية السورية.

ونقلت "واشنطن بوست" عن خبراء محليين قولهم: "إيران بنت مدارس ووزعت سلالًا غذائية، وحاولت تحويل المساجد في المقاطعة السُّنية المسلمة إلى المذهب الشيعي، وبينما لم يتحول إلا القليل من السوريين للمذهب الشيعي، فإن الأذان الشيعي يُسمع الآن للمرة الأولى".

 

الدين أم الراتب؟

وعندما انضم أبو خديجة، إلى ميليشيا مدعومة من إيران قبل ثلاث سنوات، لم يكن مدفوعًا بالدين أو الفكر، بل أراد الراتب والمزايا. يقول أبو خديجة، الذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه، خوفًا من الانتقام، إنه مثل كثيرين من السوريين الذين ينضمون إلى الميليشيات، رآها "الحل الوحيد للفرار من الجيش".

ورغم الحديث عن تغيير قلة من الشباب لمعتقدهم السُّني إلى شيعي، فإن دافع أبو خديجة، في الانضمام للميليشيات الإيرانية -وفقًا للصحيفة- "لم يكن دينيًا ولا فكريًا، بل كان بحثًا عن الراتب والمزايا".

وأوضح أبو خديجة أنه "بينما يدفع الجيش السوري في دير الزور راتبًا شهريًا قدره 27 ألف ليرة سورية، أي نحو 7.50 دولار، فإن الميليشيات المدعومة من إيران تقدم أكثر من ضعف ذلك، مع رواتب أعلى في أماكن مثل مدينة البوكمال على الحدود العراقية".

ويقول أبو خديجة، البالغ من العمر 26 عامًا، إنه "انضم إلى كتيبة مكونة من 100 سوري يحرسون المستودعات الإيرانية في دير الزور"، مضيفًا: "كُلفنا بالتناوب على الحراسة 15 يومًا في الخدمة و15 يومًا عطلة، وعلى النقيض من ذلك، غالبًا ما يرسل الجيش السوري الجنود لأماكن بعيدة عن منازلهم شهرين على الأقل في كل مرة، مع إجازات تصل إلى خمسة أيام فقط".

وقال: "كما أنه يمكن للمجند الذي يحمل بطاقة الهوية التابعة للميليشيات الشيعية، الحصول على غذاء وسكر وزيت وأرز وتونة، وغيرها من المواد الغذائية، حيث تحمل تلك العبوات صوراً للجنرال قاسم سليماني، القائد السابق في قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، الذي اغتيل في يناير 2020 بالقرب من مطار بغداد، كما أن تلك العبوات مكتوب عليها باللغة الفارسية عبارة "هدية من المقاومة الإسلامية".

وحسب الشاب، يمنح أيضًا حاملو البطاقات رحلات طيران مجانية إلى دمشق كل اثنين وخميس على الطائرات الإيرانية، ويمكن لأولئك الذين يرغبون في الزيارة، لأي سبب من الأسباب، التسجيل في الرحلة قبل يوم واحد.

وذكر أبو خديجة أن "بطاقة الهوية لا تسمح له فقط بحمل سلاح، لكن الأهم من ذلك أنها تحميه من الاعتقال أو الاستجواب من الجيش السوري، وهو أمر يخشاه كثيرون من السكان".

 

أولوية

وذكرت "واشنطن بوست" أن إيران منحت الأولوية لتعزيز موقعها في محافظة دير الزور، مع اهتمامها بتوسيع سيطرة الميليشيات التابعة لها على المدن الرئيسة.

وأردفت: "ولعل من أهم المناطق التي تهم إيران في سوريا البوكمال، الواقعة على طول نهر الفرات على الحدود العراقية، حيث تمثل هذه المدينة معبرًا استراتيجيًا لإيران، التي سعت إلى إنشاء (جسر بري) من إيران عبر العراق وسوريا وإلى لبنان، ما يسمح بنقل المعدات العسكرية إلى حلفاء طهران، وعلى الأخص ميليشيا حزب الله المتشدد في لبنان".

وأوضحت أنه لضمان بقاء هذا الممر في أيدٍ صديقة، شنت إيران حملات متعددة الجوانب، متجاوزة نظام الأسد، لكسب دعم السكان، بهدف إنشاء قاعدة شعبية موالية لهم، في حال اضطروا إلى المغادرة.

 

ميليشيات عدة

وكشفت "واشنطن بوست" عن "ميليشيات لا تُعد ولا تُحصى تعمل في دير الزور، بعضها متحالف مع الحكومة السورية وحليفتها روسيا، إضافة إلى تلك المتحالفة مع إيران".

ووفقًا لناشط محلي يُدعى أبو ماريا،، فإن العديد من الجماعات المرتبطة بإيران يعمل فيها ويقودها سوريون، يتلقون أوامر من قادة إيرانيين كبار.

وقدر أبو ماريا أن هناك أيضًا نحو 10 ميليشيات كبيرة متحالفة مع إيران، في محافظة تتألف من مقاتلين أجانب، بمن فيهم إيرانيون وأفغان وباكستانيون.

وتعليقًا على ذلك، يقول عضو المليشيا أبو خديجة: "السكان في منطقته قبلوا إلى حد كبير الهيمنة الإيرانية، ويرجع ذلك في الغالب إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران تتمتع بقوة أكبر على الأرض".

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن إيران أعادت مؤخرًا تأهيل المساجد، في محاولة لنشر التشيع، وخلال رمضان الماضي أقامت دروسًا في اللغة الفارسية والتاريخ الإيراني، وقدمت حوافز مالية للعائلات التي أنهت الدورة.