اغتيال خدايي... هل تصاعدت حروب الظلام بين إيران وإسرائيل؟
، قال فاضل أبو رغيف، الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، في تصريحات لـ السياق، إن هناك حربًا غير معلنة بين إسرائيل وإيران، تارة على بعض المواقع النووية، وأخرى على علماء وقيادات أمنية وعسكرية، مشيرًا إلى أن ما يحدث حرب ناعمة تحولت إلى خشنة متضمنة عمليات اغتيال واستهدافات مباشرة.

السياق
اختراق أمني جديد في صفوف مليشيات الحرس الثوري الإيراني، كشف تصاعد حروب الظلام بين طهران وتل أبيب، بشكل قد يضع شمالي العراق وسوريا، على حافة بركان كبير ستكون تداعياته خطيرة.
كان الحرس الثوري الإيراني أعلن اغتيال العقيد حسن صياد خدايي، أحد قادة فيلق القدس، لدى وجوده في سيارته خارج منزله في طهران، على يد شخصين كانا على دراجة نارية أطلقا النار عليه.
وبينما وصف الحرس الثوري قتل خدايي بـ«العمل الإرهابي»، ألقى باللائمة فيه على مرتبطين بجهات «الغطرسة العالمية»، في إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق على الحدث، بينما أشارت وسائل إعلام في إسرائيل إلى العقيد المقتول بأنه كان مسؤولًا عن «عمليات اغتيال استهدفت إسرائيليين».
ويرى مراقبون أن اغتيال الرجل الذي كان يوصف في وسائل الإعلام الإيرانية بأنه «المدافع عن المراقد»، وهو مصطلح يستخدم للإشارة إلى كل من يعمل لصالح إيران في سوريا أو العراق، بداية تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل، بينما قال آخرون إنه استمرار لـ«حروب الظلام» بين الجانبين، التي ينتهجان فيها سياسية الاغتيالات.
وما بين هذا الرأي وذاك، يظل قتل الرجل الذي يعد من الدائرة المقربة للجنرال قاسم سليماني القائد السابق للفيلق، الذي اغتيل عام 2020، حدثًا، قد تكون له تبعات خطيرة جدًا على أمن المنطقة، خاصة بعد الرد المتوقع من طهران.
اختراق أمني... ليس الأول
إلى ذلك، قال نبيل نجم الدين، الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون الإقليمية، في تصريحات لـ«السياق»، إن هذا الاختراق الأمني ليس الأول، فمنذ عام 2010 استخدم التكتيك نفسه في قرابة 6 حوادث اغتيال كبيرة لعلماء وأكاديميين ومتخصصين، كانوا يعملون في البرنامج النووي الإيراني.
وأوضح نجم الدين، أن من أبرز الذين قُتلوا بهذه الطريقة، العالم الإيراني الكبير الذي كان يعرف بأنه «أبو القنبلة النووية الإيرانية» محسن فخري زادة.
إلا أن ما يستحق الملاحظة، أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي (الجهة التي تشرف بشكل مباشر على الموساد) رفض التعليق على هذه الحادثة، في الوقت الذي قالت فيه مصادر إسرائيلية غير رسمية، إن قتل خدايي يصب في مصلحة الأمن الإسرائيلي، بحسب الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون الإقليمية.
كان برنامج الشرق الأوسط في مركز الفكر البريطاني «تشاثام هاوس» قال في تقرير، إن اغتيال خدايي يهدف إلى زعزعة الأمن في طهران، في ظل تصاعد التوتر مع إسرائيل بخصوص البرنامج النووي الإيراني.
وحذر نجم الدين من عمليات انتقامية إيرانية، إذا تأكدت مسؤولية إسرائيل عن هذه التصفية، قائلًا إن هذا الاغتيال ستعقبه عمليات إيرانية ضد الأهداف والمصالح الإسرائيلية وحلفائها، ما يضع المنطقة وتحديدًا شمالي العراق وسوريا والشام بشكل عام، على حافة بركان كبير، ستكون تداعياته خطيرة.
واستدل على رؤيته بالأحداث التي وقعت في مارس الماضي، التي هاجمت فيها إيران مدينة أربيل شمالي العراق بعشرات من الصواريخ، بينما قالت مصادر إيرانية إنها كانت تستهدف مراكز إسرائيلية استراتيجية.
وأشار الباحث في الشؤون الإقليمية إلى أن النائب السابق لرئيس الموساد آرام بن باراك، الذي يرأس لجنة الشئون الخارجية والدفاع في البرلمان الإسرائيلي، علق على حادث الاغتيال بشكل يستحق التأمل، إذ قال: «اسم خدايي، معروف لدينا ولا أريد أن أخوض في تفاصيل من فعل ذلك وماذا حدث، وهل يجب أن أقول إنني آسف لأنه لم يعد معنا... لا أنا لست آسفًا».
حروب الظلام
ووصف حادث اغتيال خدايي بأنه تجسيد لـ«حروب الظلام»، وهو ما تفرضه معطيات العملية، فالرجل كان يحمل رتبة كبيرة ومعني بالعمليات الإيرانية في سوريا والعراق.
وأشار إلى أن اغتيال خدايي، حلقة جديدة في سلسلة التصفيات التي تقوم بها إسرائيل ومن معها، ويذكر بنفوذ تل أبيب المتزايد، وقدراتها لزعزعة الاستقرار داخل إيران.
بدوره، قال فاضل أبو رغيف، الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك حربًا غير معلنة بين إسرائيل وإيران، تارة على بعض المواقع النووية، وأخرى على علماء وقيادات أمنية وعسكرية، مشيرًا إلى أن ما يحدث "حرب ناعمة" تحولت إلى «خشنة» متضمنة عمليات اغتيال واستهدافات مباشرة.
وتوقع أبو رغيف أن يكون لعملية اغتيال صياد خدايي، رد فعل بشكل مفتوح على كل الأصعدة، خلال الفترة المقبلة.
نقل الصراع
يأتي ذلك التحذير، بينما قال الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية «أفايب»، إن اغتيال العقيد خدايي، يعني أن إسرائيل نقلت الصراع مع إيران، من الجانب النووي إلى الاستراتيجي الأمني.
واستدل أبو النور، في تصريحات لـ«السياق»، على رؤيته، قائلًا إن العملية الإسرائيلية السابقة استهدفت العالم النووي الإيراني محسن فكري زادة، إلا أن الحالية كانت مغايرة، بعد أن كان الهدف قائدًا بالحرس الثوري، مسؤولًا عن عمليات متعلقة بإسرائيل في سوريا وأماكن أخرى، ما يعني أن تل أبيب نقلت الصراع إلى المسائل الاستراتيجية المتعلقة بالنفوذ في الإقليم، وليس بالبرنامج النووي في حد ذاته.
رسائل إسرائيلية
ويرى رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن إسرائيل أرادت إيصال رسالة إلى إيران مفادها أنها قادرة على تنفيذ كل العمليات في قلب العاصمة طهران، ما يعني أن هناك اختراقًا أمنيًا على مستويات عالية جدًا، مؤكدًا أن هذه العمليات لم تكن تتم لولا أن هناك من يساعدون إسرائيل للقيام بها، بهذا المستوى الاحترافي في قلب إيران.
وأوضح أبو النور أن التقارير الإسرائيلية تقول إن العقيد خدايي كان يخطط لعمليات اغتيال لإسرائيليين في مواقع عدة، ما يؤكد أن عملية اغتياله خطوة إسرائيلية استباقية، ورسالة ثانية من تل أبيب بأنها قادرة على شن عمليات استباقية في عمق طهران.
إلا أن هذه العملية كشفت عن ثغرات خطيرة، فالعاصمة طهران اتضح أنها تعاني «رخاوة معلوماتية وأمنية» جعلت إسرائيل تخطط وتنفذ هذا النوع من الاغتيالات بسهولة، بحسب رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية.
وتوقع رئيس «أفايب» أن ترد إيران على عملية اغتيال خدايي، لكن بشكل أكثر تؤدة، مستدلًا على قصف مواقع إسرائيلية بأربيل في مارس الماضي، ردت من خلالها طهران على استهداف رجالها شمالي سوريا، إلا أنه قال إنه من المبكر تحديد موعد الرد وشكله.