ليست المرة الأولى... عادة الخروج عن النص تلاحق بايدن

تصريح بايدن المرتجل الأخير بشأن تايوان، يُعد أحدث مثال على كشفه عما يدور في ذهنه بصوت عالٍ، ثم يخرج مساعدوه لتوضيح الأمر

ليست المرة الأولى... عادة الخروج عن النص تلاحق بايدن

ترجمات – السياق

رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن "الخروج عن النص"، بات أهم سمات فترة جو بايدن الرئاسية، منذ دخوله البيت الأبيض في يناير 2020، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تتجه إلى اعتماد "الوضوح الاستراتيجي"، عوضاً عن مبدأ "الغموض الاستراتيجي" المتبع منذ عقود، بعدم الإفصاح عن سياسة واشنطن الحقيقية تجاه تايوان، إذا ما تعرضت لغزو صيني.

وذكرت أن الخروج عن نص الخطاب المكتوب للرئيس الأمريكي بايدن، تحول إلى عادة متكررة حتى حين يحاول فريقه إيقافه، مشيرة إلى أنه في كل مرة يتفوه بها الرئيس عما يدور في خلده، يخرج مساعدوه لضبط الأمور، حتى أصبح من طقوس البيت الأبيض الاعتيادية، توضيح ما يقوله الرئيس.

وسُئل بايدن عما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل عسكريًا، ردًا على الغزو الصيني لتايوان، بعد رفضها إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا لمحاربة الغزو الروسي، فأجاب: "نعم، هذا هو الالتزام الذي قطعناه".

بينما رد مسؤول في البيت الأبيض -في وقت لاحق- على ذلك بقوله: إن سياسة الولايات المتحدة في ما يتعلق بتايوان لم تتغير، وإن بايدن "كرر التزامنا بموجب قانون العلاقات مع تايوان بتزويدها بالوسائل العسكرية للدفاع عن نفسها".

 

ليست الأولى

وبينت "نيويورك تايمز" أن تصريح بايدن المرتجل الأخير بشأن تايوان، يُعد أحدث مثال على كشفه عما يدور في ذهنه بصوت عالٍ، ثم يخرج مساعدوه لتوضيح الأمر، مشيرة إلى أنه في مارس الماضي، وصف بايدن، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأنه مجرم حرب (فقط رأيه، وليس استنتاجًا قانونيًا، كما أوضح مساعدوه بسرعة)، ثم بعد أيام، قال -نهاية خطاب له- إن بوتين "لا يمكنه البقاء في السلطة" (مجرد ملاحظة، كما قال مساعدوه، وليست دعوة لتغيير النظام).

وحسب الصحيفة، لم تكن هذه المرة الأولى -منذ أن أصبح رئيسًا- التي يقول فيها بايدن إنه سيتدخل للدفاع عن تايوان عسكريًا، وهو التزام أبقاه الرؤساء الآخرون تقليدًا غامضًا، حتى يتركوا الصين في حالة تخمين، ومن ثمّ لا يفتحون عداوة (غير مبررة) معها.

وأشارت إلى أن التصريح الأخير كان الثالث، الذي يكشف فيه بايدن نيته التدخل عسكريًا دفاعًا عن تايوان، وهو ما صعَّب على البيت الأبيض تدخله لتوضيح الأمر بعيدًا عن هذه الرؤية.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن ديفيد أكسلرود، الذي رأى ذلك من قرب، بصفته كبير مستشاري الرئيس الأسبق باراك أوبام،ا عندما كان بايدن نائبًا للرئيس، قوله: "كان بايدن أكثر انفتاحًا بشأن تفكيره من معظم السياسيين"، مشيرًا إلى أن نقطة ضعفه أنه -في بعض الأحيان- لا يشرك مستشاريه في ما يفكر.

 

قاموس بايدن

وبينت "نيويورك تايمز" أن أي شخص تابع مسيرة بايدن المهنية التي استمرت نصف قرن، كسيناتور ونائب رئيس سنوات عدة، لن يفاجأ بهذه التصريحات، إذ إن هذه (الزلات الخطأ) باتت ضمن قاموسه السياسي المعتاد.

وأوضحت الصحيفة أن هناك فارقًا كبيرًا في النتائج المترتبة على الوقوع في هذه الزلات، لعضو مجلس شيوخ، وأن يقع فيها الرئيس ذاته، مشددة على أن العمل الرئاسي يحمل عواقب أكثر مما يحدث عندما يفعل ذلك برلماني، أو حتى نائب الرئيس.

وأشارت إلى أنه منذ وصوله إلى البيت الأبيض، تجنَّب بايدن -إلى حد كبير- بعض التعليقات المحرجة التي أوقعته في مشكلات، عندما وصف أوباما بأنه أول مرشح أسود لمنصب الرئيس "يتسم بالصراحة والذكاء".

 

التورط العسكري

وتساءلت "نيويورك تايمز" عن مدى توريط تصريحات بايدن الولايات المتحدة في حرب ضد الصين، مشيرة إلى أن تعليقه الأخير بشأن تايوان، ذهب إلى أبعد من توفير الوسائل العسكرية لتايوان للدفاع عن نفسها ، وإنما نُظر إليه على نطاق واسع، على أنه يشير إلى مشاركة عسكرية أمريكية مباشرة.

وبينت أن بايدن تجاهل سياسة "الغموض الاستراتيجي" التي اتخذها أسلافه، في ما يتعلق بالصين وتايوان، مشيرة إلى أنه أغسطس الماضي، بينما كان يطمئن الحلفاء بأن بلاده "سترد" إذا كان هناك هجوم ضد دولة زميلة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، قال بايدن: " الشيء نفسه مع اليابان، وكذلك مع كوريا الجنوبية وتايوان".

ومع ذلك -حسب الصحيفة- لم يتم منح تايوان أبدًا الضمانات الأمنية الأمريكية نفسها، مثل اليابان أو كوريا الجنوبية أو شركاء أمريكا في حلف الناتو، لذلك عُدَّ التعليق مهمًا، موضحة أنه بعد ذلك بشهرين، سُئل بايدن -خلال لقاء مع شبكة سي إن إن الأمريكية- عما إذا كانت الولايات المتحدة ستحمي تايوان من أي هجوم محتمل، فقال: "نعم، لدينا التزام بذلك".

ورأت "نيويورك تايمز" أن ارتجال بايدن في طوكيو أثار مزيجًا من ردود الفعل في واشنطن، حيث أشاد بعض القادة السياسيين بدعمه الصريح لحليف، بينما سخر منه آخرون بسبب عدم الانضباط في أحاديثه السياسية.

وكتب السناتور ليندسي جراهام، الجمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية، عبر تويتر: "تصريح الرئيس بايدن بأنه إذا كانت هناك ضغوط لدفع الولايات المتحدة إلى الدفاع عن تايوان ضد الصين الشيوعية، كان الشيء الصحيح الذي يجب قوله والشيء الصحيح الذي يجب فعله".

من ناحية أخرى، رأى تومي هيكس جونيور، الرئيس المشارك للجنة الوطنية الجمهورية، الحليف المقرب للرئيس السابق دونالد ترامب، أن تصريح بايدن يدل على عدم الكفاءة وليس الشجاعة، وكتب في تويتر: "إنه أمر طائش ومحرج".

بينما كتب النائب آدم كينزينجر، وهو جمهوري مناهض لترامب من ولاية إلينوي، في تويتر: "بايدن قال إننا سندافع عن تايوان، بينما موظفوه يتراجعون ويضعون توضيحًا لهذه التصريحات... إنه يحتاج إلى طرد كل من يفعل ذلك".