جدري القرود يثير الذعر... ما أعراضه وهل من لقاح لمكافحته؟
جدري القرود مرض نادر، وعادة ما تكون أعراضه الحمى وآلام العضلات وتضخم الغدد اللمفاوية وطفح جلدي على اليدين والوجه، وسمي بهذا الاسم، نسبة للحيوانات التي اكتُشف فيها أول مرة.

السياق
لم يكد العالم يخرج من أزمة جائحة كورونا، التي أرهقت اقتصادات جميع الدول، وأدت إلى تعطيل حياة الملايين، حتى طفا على السطح جدري القرود، الذي انتشر في بلدان أوروبية وغربية.
ورغم أن «جدري القرود»، يحدث غالبًا غرب ووسط إفريقيا، ولا ينتشر إلا في أماكن أخرى بشكل نادر، أبلغت السلطات الصحية في بريطانيا والبرتغال وإسبانيا والولايات المتحدة وبلجيكيا وألمانيا، خلال الأسابيع الأخيرة، عن عدد لافت من الإصابات بالمرض.
وأعلنت وكالة الأنباء البلجيكية (بيلجا) اكتشاف ثاني إصابة بفيروس جدري القرود في المملكة.
وذكرت الوكالة، نقلًا عن تغريدة نشرها عالم الفيروسات مارك فان رانست عبر "تويتر" أن الإصابة التي رُصدت في مختبر بمدينة لويفن تعود لرجل من منطقة فلامش برابانت بمقاطعة فلاندرز البلجيكية.
كما سجلت ألمانيا الجمعة، أول إصابة لديها بجدري القرود، الذي رصدته دول أوروبية أخرى.
فما هو جدري القرود؟
جدري القرود مرض نادر، وعادة ما تكون أعراضه الحمى وآلام العضلات وتضخم الغدد اللمفاوية وطفح جلدي على اليدين والوجه، وسمي بهذا الاسم، نسبة للحيوانات التي اكتُشف فيها أول مرة.
وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن جدري القرود ظهر أول مرة عام 1958، عندما حدثت إصابتان لمرض شبيه بالجدري في مستعمرات من القردة المحفوظة للبحث، بينما سجلت أول حالة بشرية عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أن القوارض الآن تعد المضيف الحيواني الرئيس المحتمل لهذا الفيروس.
وأكدت مراكز السيطرة على الأمراض، أن عدوى جدري القردة تدوم من أسبوعين إلى أربعة أسابيع، وتبدأ بما تشبه أعراض الإنفلونزا وتورم الغدد الليمفاوية، وتنتشر النتوءات المملوءة بالسوائل أو «الجدري»، عبر الجلد.
ورغم وجود سلالتين رئيسيتين منه تتباينان في الخطورة، هما سلالة الكونغو وهي أكثر شدة، مع نسبة وفيات تصل إلى 10%، وسلالة غرب إفريقيا، التي لديها معدل وفيات لا يتعدى 1% من الحالات، فإنه عادة ما يكون المرض خفيفًا.
وسجلت البرتغال خمس حالات مؤكدة، بينما تختبر إسبانيا 23 حالة محتملة، كما أبلغت الولايات المتحدة عن حالة واحدة.
طريقة انتقاله
ينتشر جدري القرود من خلال الاتصال ببعض الحيوانات، أو بشكل أقل شيوعًا بين البشر، إلا أن الانتقال السريع للمرض يحير الخبراء، لأن عددًا من الحالات في المملكة المتحدة، من 18 مايو الجاري لم تكن لها صلة ببعضها، بينما كانت الحالة الأولى التي جرى الإبلاغ عنها في 6 مايو الجاري فقط، سافرت مؤخرًا إلى نيجيريا.
وقالت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، إن الحالات الأخيرة التي اكتشفتها كانت لرجال عرفوا بأنفسهم بأنهم مثليون أو ثنائيو الجنس، أو رجال يمارسون الجنس مع رجال، مطالبة هذه الفئات بضرورة توخي الحذر.
من جانبه، قال أستاذ الصحة العامة الدولية في كلية لندن للصحة والطب، جيمي ويتوورث: «تاريخيًا، كان هناك عدد قليل جدًا من الحالات التي جرى تصديرها».
وبينما حذر خبراء من انتقال أوسع، حال عدم الإبلاغ عن الحالات، قالت منظمة الصحة العالمية -هذا الأسبوع- إن العلماء يجرون الآن التسلسل الجيني لمعرفة ما إذا كانت الفيروسات مرتبطة ببعضها.
لماذا ينتشر جدري القرود الآن رغم قدم المرض؟
لجائحة كورونا دور في تقييد انتشار المرض، إلا أن رفع القيود المرتبطة بها، كان أحد السيناريوهات المحتملة لارتفاع إصابات جدري القرود.
وهو ما أشار إليه أستاذ الصحة العامة الدولية في كلية لندن للصحة والطب، جيمي ويتوورث، الذي أكد أن هناك الكثير من الأمراض، غرب ووسط إفريقيا، وقد جرى استئناف السفر، ولهذا السبب نرى المزيد من الحالات.
وبينما ناشد ويتوورث الناس عدم الذعر، قال: «لن يتسبب هذا في انتشار وباء على مستوى البلاد مثلما فعل كورونا، لكن يجب أن نأخذ الأمر على محمل الجد».
ورغم أن جدري القرود يسبب مرضًا أقل خطورة، فإنه وضع علماء الفيروسات في حالة تأهب، لأنه ينتمي إلى عائلة الجدري سريعة الانتشار.
من جانبها، قالت آن ريموين، أستاذة علم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس في كاليفورنيا، إن إنهاء حملات التطعيم ضد المرض عام 1980، والتخلص التدريجي من اللقاح، أديا إلى قفزة في الإصابات بجدري القرود، في المناطق التي يتوطن فيها المرض.
انتشار جدري القرود
وأكدت أن التحقيق العاجل في الحالات الجديدة مهم، كونه سيشير إلى وسيلة جديدة لانتشار الفيروس أو تغييره.
واكتشفت السلطات الأسترالية، إصابة محتملة لمرض جدري القرود لدى مسافر عاد مؤخرًا من أوروبا، لرجل في الأربعينيات، بعد أن ظهرت عليه أعراض خفيفة عقب أيام من وصوله إلى سيدني.
بينما أكدت الهيئات الصحية في كندا ظهور أول حالتين بجدري القرود، وتفحص 17 حالة أخرى مشتبه بها، وهناك العشرات من الحالات المشتبه بها أو المؤكدة في أوروبا وأمريكا الشمالية منذ بداية هذا الشهر.
ونصح مقدمو الرعاية الصحية في أمريكا، باليقظة تجاه الآفات الشبيهة بفيروس الجدري، لا سيما بين المسافرين العائدين من نيجيريا، نظرًا لمخاطر الصحة العامة المرتبطة بحالة واحدة من جدري القرود.
وأكدوا أنه يجب على الأطباء الإبلاغ عن الحالات المشتبه فيها على الفور إلى سلطات الصحة العامة الحكومية أو المحلية بصرف النظر عما إذا كانوا يستكشفون أيضًا تشخيصات محتملة أخرى.
ويُظهر التسلسل الجينومي وجود نوعين من سلالات جدري القرود، حوض الكونغو وغرب إفريقيا، وقد لوحظت اختلافات في الأمراض والوفيات البشرية في المنطقتين الجغرافيتين.
ويمكن أن تنتقل السلالتان عن طريق التلامس والتعرض للقطرات أو ملامسة أدوات مثل الفراش، ويمكن أن تكون العدوى قاتلة في البشر.
وعادة ما تتراوح فترة حضانة جدري القرود بين 6 و13 يومًا، لكن يمكن أن تتراوح بين 5 و21 يومًا، وغالبًا ما يكون المرض محدودًا ذاتيًا مع ظهور العلامات والأعراض عادةً بشكل تلقائي في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع.
ويمكن أن تكون العلامات والأعراض خفيفة أو شديدة، ويمكن أن تكون الآفات مؤلمة، إلا أن نقص المناعة، وصغر السن، والحمل تعد عوامل خطر للإصابة بأمراض خطيرة.
الصحة العالمية تنصح
ونصحت منظمة الصحة العالمية، بضرورة الإبلاغ عن أي مرض أثناء السفر في منطقة موبوءة أو عند العودة إلى اختصاصي الصحة، بما في ذلك معلومات تاريخ السفر والتحصين الأخير.
كما طالبت المقيمين والمسافرين إلى البلدان الموبوءة بتجنُّب الاتصال بالحيوانات المريضة أو الميتة أو الحية، التي يمكن أن تؤوي فيروس جدري القرود (الثدييات بما في ذلك القوارض والرئيسيات)، مؤكدة ضرورة الامتناع عن أكل أو التعامل مع الطرائد البرية أو استخدام المنتجات المشتقة من الحيوانات.
وشددت منظمة الصحة العالمية على أهمية نظافة اليدين باستخدام الصابون والماء أو المطهرات التي تحتوي على الكحول، وعزل المريض المصاب بجدري القرود خلال الفترة المعدية، قبل وبعد مرحلة الطفح الجلدي للعدوى، حتى تتقشر جميع الآفات وتسقط.
ويعد تتبع المخالطين في الوقت المناسب، وتدابير المراقبة وزيادة الوعي بالأمراض المستوطنة والمستوردة الناشئة، بين مقدمي الرعاية الصحية، أساسية للوقاية من الحالات الثانوية والإدارة الفعالة لتفشي مرض جدري القردة، بحسب «الصحة العالمية».
علاج جدري القرود
علاج جدري القرود، الرعاية المثلى بناءً على أعراض المريض وحالته السريرية، بحسب «الصحة العالمية»، التي قالت إنه يجب على العاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين يعتنون بالمرضى المصابين بجدر القردة المشتبه به أو المؤكّد أن يطبقوا احتياطات مكافحة عدوى الملامسة والقطيرات المعيارية.
وطالبت بالتعامل مع العينات المأخوذة من الأشخاص والحيوانات المشتبه في إصابتهم بفيروس جدري القرود من قِبل موظفين مدربين يعملون في مختبرات مجهزة بشكل مناسب.
يأتي ذلك، بينما قال المتحدث باسم وكالة الأمن الصحي البريطانية إنه لا يوجد لقاح محدد لجدري القرود، لكن لقاح الجدري يوفر بعض الحماية.
وتشير البيانات إلى أن اللقاحات التي تستخدم للقضاء على الجدري فعالة بنسبة تصل إلى 85% ضد جدري القرود، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.