تطويع الدين لصالح الدبيبة... مفتي الإرهاب بليبيا يحذر مؤيدي باشاغا من غضب الله
آخر فتاواه الدينية، حاول فيها صب الزيت على النار، إلى الدرجة التي جعلته يحرم من يتعاون مع الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا، التي منحها البرلمان الثقة في فبراير الماضي، من صكوك الغفران، ويبشره بغضب من الله.

السياق
جدل جديد أثاره مفتي «الإرهاب» في ليبيا، الصادق الغرياني، خلال الساعات القليلة الماضية، على وقع دخول حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا، العاصمة طرابلس، وما صاحب ذلك من اشتباكات «دامية».
فالرجل الذي لم يتورع يومًا عن استخدام الدين أداة لتحقيق أطماعه وأعوانه السياسيين، ذهب ليتحالف مع أعوان الشر، ضد كل تطور يمثل بادرة إيجابية في بلاده، أملًا في استمرار الأوضاع الحالية، التي أرهقت وأدمت الليبيين طوال عقد من الزمان.
صكوك الغفران
آخر فتاواه الدينية، حاول فيها صب الزيت على النار، إلى الدرجة التي جعلته يحرم من يتعاون مع الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا، التي منحها البرلمان الثقة في فبراير الماضي، من صكوك الغفران، ويبشره بـ«غضب من الله».
واستند الغرياني -كعادته- في حجته إلى آيات قرآنية، كانت بعيدة كل البعد عن الموقف الذي نزلت فيه، بينها، قوله تعالى: «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار»، وقوله تعالى: «ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، متناسيًا أن الحكومة التي يدعمها، هي التي رفعت شارة العدوان في وجه الليبيين، بعد أن تعنتت في تسليم السلطة، واستخدمت الوسائل المشروعة وغير المشروعة في الاستمرار بمنصبها، حتى وإن كان ذلك على حساب تعطيل قطار الانتخابات الذي أمله الليبيون عقدًا كاملًا.
الغرياني الذي ما زال يقف مع حكومة عبدالحميد الدبيبة، الرافضة لتسليم السلطة، لكونها الرافد الأساس لتزويده بالمال والسلطة، دعا الأخيرة إلى ما وصفه بـ«الالتزام بواجباتها، تجاه حفظ الأمن والاستقرار في العاصمة، ومحاسبة المتورطين في أحداث دخول العاصمة طرابلس»، متجاهلً، أن تلك الحكومة هي التي بدأت بالاعتداء على قوات باشاغا، حتى إنها قتلت مرافقه.
اغتصاب السلطة
الرجل نفسه تناسى أنه مغتصب للسطة، فما زال جاثمًا على رأس دار الإفتاء، رغم صدور قرار من مجلس النواب الليبي (الجهة الشرعية الوحيدة المنتخبة في ليبيا) بعزله عام 2014، بعد أن أثارت فتاواه حالة الشطط الموجودة في الشارع الليبي، وتسببت في إذكاء النعرة القبلية.
ولم تقتصر سهام الرجل على حكومة الاستقرار والليبيين المتعاونين معها، بل إن نيرانه امتدت إلى السفارة الأمريكية والبعثة الأممية، التي زعم أنها ساوت بين الحكومة المعترف بها دوليًا (في إشارة إلى حكومة الدبيبة)، ومن ينقلب عليها بقوة السلاح للوصول إلى السلطة، وكادت أن تشعل نار حرب وفتنة داخل العاصمة (في إشارة إلى حكومة باشاغا).
كانت السفارة الأمريكية في ليبيا، أعربت -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- عن شعورها بقلق بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن اشتباكات مسلحة في طرابلس، داعية الجماعات المسلحة إلى الامتناع عن العنف.
وطالبت أمريكا، القادة السياسيين بأن يدركوا أنّ الاستيلاء على السلطة أو الاحتفاظ بها -من خلال العنف- لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بشعب ليبيا.
بينما قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، عبر «تويتر»، إنه في ضوء المستجدات الجارية في طرابلس، أودُ أن أُشدد على الحاجة الملحة للحفاظ على الهدوء على الأرض وحماية المدنيين.
وحثت المبعوثة الأممية، على ضبط النفس والحرص -كضرورة مطلقة- على الامتناع عن الأعمال الاستفزازية، بما في ذلك الكف عن الخطاب التحريضي والمشاركة في الاشتباكات وحشد القوات، مؤكدة أنه لا يمكن حل النزاع بالعنف، لكن بالحوار والتفاوض.
إقصاء الإخوان
بالعودة إلى الغرياني الذي يتخبط في فتاواه، حتى إنها شملت أعوانه من «الأعلى للدولة» بعد أن طالب بحل المجلس الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان، خاصة بعد مواقف معظم أعضاء المجلس، التي تغيرت كثيرًا في الأيام الماضية، لصالح التوافق مع البرلمان.
وأكد الغرياني، أن «حل هذه الأزمة، هو حل مجلسي النواب والأعلى للدولة، والتخلص منهما، والذهاب إلى انتخابات برلمانية قائمة على الدستور»، مشيرًا إلى أن البلاد لن تهدأ مع بقاء هذه الأجسام جاثمة على صدور الليبيين، تمد لنفسها، وتنهب ثرواتهم، وتمكن المجرمين من الاستيلاء على السلطة».
مواقف سابقة
آخر مواقف الرجل التي أذكت نيران الفتنة في ليبيا، كان لقاءه قبل أيام، المليشياوي وزعيم الجماعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج، في اجتماع فُسِّر حينها بأنه اتفاق على التصعيد وعدم التسليم لحكومة باشاغا، وهو ما حدث بعد أن دخلت الأخيرة طرابلس.
العام الماضي، مع اقتراب موعد انتخابات ديسمبر المنصرم، التي أرجئت، بث الغرياني رسالة مسمومة، حدد فيها مصيرًا مرعبًا لبلاده، زاعمًا أن الاستحقاق الدستوري «مزوَّر ومحرَّم شرعاً»، داعيًا الليبيين إلى منع إجرائه بكل «الطرق المشروعة».
مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية، الذي يرأسه الصادق الغرياني، لوَّح حينها بحالة احتراب ستقع فيها ليبيا حال إجراء الانتخابات، قائلًا: «إن القبول بإجراء انتخابات على أساس القوانين المَعيبة التي انفرد بوضعها أحد أطراف الصراع الليبي بلا إعمال لمبدأ الشورى المتفق عليه بين أطراف النزاع، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التمزق والاحتراب».
كان الغرياني أصدر فتوى تعامل معها معظم الليبيين بحالة من الاستغراب، بعد أن حرم تكرار الحج أو العمرة مرتين، ونصح من يريد الحج أو العمرة، أن يدفع الأموال للمليشيات المسلحة في بلاده، من أجل قتال الجيش الليبي في العاصمة طرابلس.
بينما اعتبر تفجيرات شهدها مجمع المحاكم بمصراتة في أكتوبر 2017 بأنه غضب من الله لتراكم القضايا، بارك في مارس 2017، الهجوم الإرهابي الذي استهدف منطقة الهلال النفطي، داعياً أهالي أجدابيا وبنغازي ودرنة، إلى الانضمام للإرهابيين في مواجهة الجيش الليبي.
وأفتى الصادق الغرياني باقتحام المدن والمناطق غير الخاضعة لحكم الإخوان، وعدَّ الممتلكات العامة والخاصة فيها غنائم حرب، لمن يصفهم بـ«الثوار».