رغم العقوبات الغربية... السعودية تلمح لدعم روسيا في أوبك بلس

تقاوم الرياض الضغوط الغربية لزيادة إنتاج النفط الخام، للمساعدة في خفض الأسعار، في أعقاب العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا، مُصرة على عدم وجود نقص في المعروض

رغم العقوبات الغربية... السعودية تلمح لدعم روسيا في أوبك بلس

ترجمات – السياق

تحد سعودي جديد للطموحات والآمال الغربية، كشفت عنه المملكة العربية السعودية الأيام الماضية، مزيحة الستار عن سياسة صارمة ينتهجها البلد الغني بالنفط، الذي رفع شعار «الحياد ومصلحة الرياض أولًا».

تلك السياسة، التي أرقت الولايات المتحدة الأمريكية الفترة الماضية، حاولت الأخيرة فك صلابتها عبر سن قانون «نوبك»، الهادف إلى إزالة حصانة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إلا أنها فشلت -حتى الآن- في تحقيق المرجو منها، على صخرة الإصرار السعودي والخليجي.

ورغم تشديد العقوبات الغربية على موسكو وحظر الاتحاد الأوروبي المحتمل لواردات النفط الروسية، فإن المملكة العربية السعودية، ألمحت إلى أنها ستقف إلى جانب روسيا كعضو في مجموعة أوبك بلس لمنتجي النفط.

وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، في مقابلة لصحيفة فاينانشيال تايمز، إن الرياض تأمل «في التوصل إلى اتفاق مع أوبك+ التي تضم روسيا»، مشدداً على أن «العالم يجب أن يقدر قيمة» تحالف المنتجين.

وهناك اتفاق إنتاج جديد مطروح على جدول الأعمال، حيث من المقرر أن تنتهي حصص إنتاج أوبك + المطبقة في أبريل 2020 في غضون 3 أشهر، بينما يتصارع مستهلكو الطاقة مع أسعار النفط عند أعلى مستوياتها منذ عقد.

إشارة مهمة

وعدَّت «فايننشال تايمز»، تصريحات الأمير عبدالعزيز إشارة مهمة إلى دعم الرياض لروسيا، خاصة بعد محاولات الغرب عزل موسكو، ودفع إنتاجها النفطي للتراجع، ما يثير تساؤلات عن مكانتها في مجموعة "أوبك بلس".

الصحيفة البريطانية، قالت إن الرياض تقاوم الضغوط الغربية لزيادة إنتاج النفط الخام، للمساعدة في خفض الأسعار، في أعقاب العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا، مُصرة على عدم وجود نقص في المعروض.

وبينما قال الأمير عبد العزيز إنه من السابق لأوانه تحديد الشكل الذي قد تبدو عليه الاتفاقية المرتقبة، نظرًا إلى حالة عدم اليقين في السوق، أضاف أن «أوبك بلس ستزيد الإنتاج إذا كان الطلب موجودًا».

وشدد الوزير السعودي على أنه من السابق لأوانه، محاولة تحديد اتفاق جديد مع الفوضى التي نراها، لكن ما نعرفه أن ما نجحنا في تقديمه يكفي للناس ليقولوا حتى الآن إن هناك ميزة، وهناك قيمة للوجود هناك، والعمل معًا.

 

التزام أوبك

وقالت «فايننشال تايمز»، إن «أوبك بلس» التزمت باتفاقها لعام 2020، الذي بموجبه يرفع أعضاء التحالف الإنتاج كل شهر بكمية متواضعة تبلغ 430 ألف برميل يوميًا.

إلا أنه وفقًا لمزود البيانات «أوليكس»، انخفض إنتاج روسيا منذ بداية حرب أوكرانيا من نحو 11 مليون برميل في اليوم، خلال مارس الماضي، إلى 10 ملايين برميل في اليوم، خلال أبريل الماضي.

يأتي ذلك، بينما توقعت وكالة الطاقة الدولية انخفاض إنتاج روسيا بشكل أكبر ليصل إلى نحو 3 ملايين برميل في اليوم، إذا فرضت القوى الغربية عقوبات أكثر صرامة، لتقليل اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية، بما في ذلك حظر الاتحاد الأوروبي المحتمل على واردات النفط.

 

مسار محايد

وأوضحت «فايننشال تايمز»، أن المملكة العربية السعودية -الزعيم الفعلي لأوبك وأكبر مُصدر للنفط في العالم- نسقت حصص إنتاج النفط مع روسيا منذ عام 2016، من خلال «أوبك بلس»، مشيرة إلى أن المملكة تحاول اتباع مسار محايد منذ الهجوم الروسي لأوكرانيا.

ذلك المسار بدا واضحًا في حديث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مرتين، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منذ بدء الهجوم على أوكرانيا، إضافة إلى تهنئته والملك سلمان مؤخرًا بذكرى انتصار الاتحاد السوفييتي على ألمانيا النازية.

وفي محاولة من الرياض لعدم اتهام أطراف بعينها، بالتسبب في ارتفاع أسعار النفط، ألقت باللائمة على نقص الطاقة التكريرية العالمية، وارتفاع الضرائب، إضافة إلى طاقة التكرير وكيفية الاستفادة منها.

وقال وزير الطاقة السعودي: «خلال السنوات الـ3 الماضية على الأقل، فقدَ العالم نحو 4 ملايين برميل من طاقة التكرير، منها 2.7 مليون برميل منذ بداية وباء كورونا».

وبينما فشل بعض أعضاء "أوبك بلس" في تلبية حصص الإنتاج، قالت «فايننشال تايمز»، إن السعودية والإمارات هما المنتجان الوحيدان اللذان لديهما القدرة على زيادة الإنتاج بشكل كبير.

الموقف الأوروبي

ورغم أن الموقف الغربي -الذي بدا واضحًا من مطالبه برفع الإنتاج- حاول تجنُّب مسألة فرض العقوبات ضد أصول الطاقة الروسية، بسبب اعتماد كثير من دول الاتحاد الأوروبي على إمدادات النفط والغاز الروسية، فإنه جرى فرض حظر بريطاني أمريكي على الواردات الروسية.

يأتي ذلك الموقف الغربي الصريح، بينما لا تزال دول الاتحاد الأوروبي منقسمة بشأن إجراءات التخلص التدريجي من إمدادات النفط الروسية، إذ أسقطت هذا الشهر اقتراحًا بحظر صناعة الشحن في الاتحاد الأوروبي من نقل الخام الروسي، بحسب «فايننشال تايمز».

من جانبه، قال وزير الطاقة السعودي: يجب إبقاء السياسة بعيدًا عن "أوبك بلس"، مضيفًا أن التحالف سيكون ضروريًا لإجراء تعديلات منظمة في المستقبل، وسط حالة من عدم اليقين بشأن عمليات الإغلاق المتعلقة بكورونا في الصين، والنمو العالمي وسلاسل التوريد.

وأضاف المسؤول السعودي، أنه لتخفيف الاختناقات في قدرة الإنتاج والتكرير، يتعين على الحكومات تشجيع الصناعة على الاستثمار في الهيدروكربونات، حتى مع تحول الدول إلى مصادر طاقة أنظف.