صراع الإخوان... ماذا وراء تسريب انتخابات جناح تركيا؟

تسريب خطير يكشف عن دور خفي لأحد أجهزة الإخوان في تغذية صراع جبهتي لندن واسطنبول

صراع الإخوان... ماذا وراء تسريب انتخابات جناح تركيا؟

السياق

صراع يتجدد بين جناحي تنظيم الإخوان الإرهابي، استخدم فيه سلاح التسريبات، الذي أماط اللثام عن الدور الخفي لمجلس شورى التنظيم في الخارج، في تغذية ذلك الصراع.

فرغم أن الأشهر التي أعقبت انكسار وانحسار التنظيم الإرهابي في العاصمة المصرية القاهرة من 2013 حتى الآن، كانت حُبلى بالصراعات داخل جناحي التنظيم في لندن واسطنبول، فإن جذوتها كانت تختبئ تحت الرماد، في انتظار من يُجليه عنها.

وفي تطور سريع لذلك الصراع، الذي تتبعته «السياق» في حلقات عدة نشرتها، راجت رسالة تفيد باستعداد جناح اسطنبول -بقيادة محمود حسين- إلى إجراء انتخابات داخلية، تمهيدًا لتولى الأخير منصب القائم بأعمال مرشد الإخوان، بدلًا من الحالي مصطفى طلبة.

تلك الرسالة، التي كانت في 10 مايو الجاري، وجهها محمود حسين إلى أعضاء مجلس شورى التنظيم الإرهابي في الخارج.

 

وصايا المرشد

وبينما تضمنت الرسالة وصايا المرشد محمد بديع إلى أعضاء مجلس الشورى بالخارج، تدعو إلى وحدة الصف، أكدت مصادر «السياق»، فتح الإخوان تحقيقًا موسعًا لكشف المتسبب في تسريبها، خصوصًا أنها كشفت دور مجلس شورى الجماعة بالخارج في صراع أجنحة الإخوان.

وقالت مصادر مقرَّبة من المكتب الإداري للإخوان في تركيا لـ«السياق»، إن مجلس الشورى بالخارج، له دور حاسم في الصراع بين جناحي الجماعة، إذ تسبب في انحياز مكتب لندن إلى محمود حسين.

وأشارت المصادر إلى أن مجلس الشورى العام للإخوان، خاطب مكتب لندن وهدده بالفصل، إذا لم ينحز إلى محمود حسين، وهو ما تسبب في رضوخهم لجناح اسطنبول.

وعن التسريب، قال أحمد سلطان الخبير في شؤون الحركات الإسلامية في تصريحات لـ«السياق»، إن سبب تداول معلومات تفيد بتولي محمود حسين منصب القائم بأعمال المرشد العام، يتمثل في أن جبهة اسطنبول اختارت في ديسمبر الماضي القيام بأعمال المرشد 6 أشهر، على أن يكون محمود حسين أحد أعضائها إلى جانب مصطفى طلبة، الذي يعيد ممثلًا رسميًا لها.

 

سبب تجدد الخلاف

وأوضح سلطان أن ما أثير عن اجتماعات لاختيار محمود حسين قائمًا بأعمال المرشد، لم يكن مطروحًا، فما حدث أن الأخير طلب ألا يتولى منصب القائم بأعمال المرشد بنص اللائحة، واختار تشكيل اللجنة، الأمر الذي دفع بمصطفى طلبة إلى الواجهة.

وقال الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن تسريب رسالة مرشد الإخوان، عن طريق مسارات سرية غير معروفة حتى الآن، سبب تجدد الخلاف بين جناحي التنظيم.

بدوره، توقع مصطفى أمين عامر، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة في تصريحات لـ«السياق»، تراجع تيار اسطنبول عن خطوة إجراء الانتخابات، بعد أن أجهضها التسريب.

وأوضح عامر أن إجراء انتخابات في الوقت الحالي، سيؤثر بالسلب في جبهة محمود حسين، خاصة أن هناك محاولات للصلح مع جبهة إبراهيم منير، مشيرًا إلى أن الصراع بين الجبهتين سيظل قائمًا حتى خروج قيادات التنظيم من السجون، أو عقد صفقة بين الإخوان والدولة المصرية، إذا وافقت الأخيرة على ذلك.

 

ادعاءات وصراعات

وأشار إلى أن ذلك التسريب لا يخرج عن إطار الصراع بين الطرفين، خاصة بعد ادعاء منير بأن المرشد العام للإخوان الموجود داخل السجون المصرية يدعمه، بينما يحاول محمود حسين القفز إلى الأمام وكسب ورقة ضغط جديدة بإعلان نفسه مرشدًا، مستغلًا معظم التابعين له في تركيا.

إلا أن استغلال ومحاولة حسم منصب المرشد، سيظل الأمر الأكثر إثارة للصراع بين جناحي الإخوان، بحسب الدكتور إياد المجالي، الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة.

وقال المجالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مؤتة، في تصريحات لـ«السياق»، إن تطورات مشهد الصراع داخل الإخوان، ستفرز قيادة جديدة للجماعة الإرهابية في المرحلة المقبلة، خصوصًا في منصب المرشد (صاحب الكلمة العليا بالتنظيم).

تلك الرؤية وافقه فيها محمود علي، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، الذي أكد في تصريحات لـ«السياق»، أن كلمة المرشد هي الفصل في هذا الصراع، مشيرًا إلى أن مصطفى طلبه صمام الأمان لوجود محمود حسين.

 

تأجيل الانتخابات

وأوضح علي أن مجلس الشورى العام يعمل على دعم بقاء حسين، إلا أن وصول الأخير إلى المنصب في ظل هذا الصراع، يعني الصدام مباشرة مع طلبة.

وتوقع علي تأجيل إجراء انتخابات الإخوان الداخلية إلى نهاية العام لسببين، أولهما أن اللجنة التي يرأسها مصطفى طلبة، مستمرة حتى الشهر المقبل -وفقًا لقرار تأسيسها- بينما يتمثل السبب الثاني في أن قيادات الإخوان ستتعلل بالظروف السياسية وما يحدث من تغيرات داخل الإخوان، لإرجائها.

وأوضح علي أن جبهة منير تحاول البرهنة -طوال الوقت- على وجهة نظرها الخاصة بها، المتمثلة في أن جبهة محمود حسين هي التي تحاول الوصول إلى المنصب من دون مراعاة مصلحة الجماعة.

 

منظومة إعلامية

وفي سياق الصراع بين أجنحة تنظيم الإخوان، كشفت مصادر «السياق»، أن كل طرف يستعد لتدشين منظومة إعلامية لفرض وجوده، وتعويض غياب القنوات التليفزيونية.

وأوضحت مصادر «السياق»، أن الطرفين يتحركان لتأسيس شركات إعلامية مقرها لندن، رصدت لها ميزانيات ضخمة، تبدأ من 100 ألف دولار شهريًا، إلا أنه -حتى الآن- لم تستقر أي من الجبهتين على من سيكون معها في هذا المشروع الإعلامي.

وبحسب المصادر، فإن المشروع الإعلامي للجانبين، يسعى لجذب وحشد مزيد من المناصرين داخل الجماعة، عبر ما سموه «توثيق تاريخ جماعة الإخوان»، لعرض رؤيتهم الخاصة للجماعة وللأحداث من حولهم، وللرد على مسلسل الاختيار، الذي عُرض خلال شهر رمضان في القنوات المصرية.