من ساعة الصفر إلى يوم الاحتفال.. إلى أين وصلت الأزمة الأوكرانية؟

رغم بدء روسيا، الثلاثاء، أولى عمليات الانسحاب العسكري من الحدود، وإعلانها اليوم الأربعاء، انتهاء مناورات عسكرية وسحب بعض قواتها من شبه جزيرة القرم، فإن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أعلن أنه لم يتم تسجيل أي وقف للتصعيد على الأرض في هذه المرحلة.

من ساعة الصفر إلى يوم الاحتفال.. إلى أين وصلت الأزمة الأوكرانية؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي بالرئيس البرازيلي

السياق

من «ساعة الصفر» إلى يوم الاحتفال، تحول جذري في الأزمة الأوكرانية، التي كانت تنذر بإشعال حرب عالمية ثالثة، إلا أن جهود نزع فتيل الأزمة، يبدو أنها آتت أكلها سريعًا، وسط ترقب وتحذيرات غربية.

فرغم بدء روسيا، الثلاثاء، أولى عمليات الانسحاب العسكري من الحدود، وإعلانها اليوم الأربعاء، انتهاء مناورات عسكرية وسحب بعض قواتها من شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها موسكو عام 2014، موثقة تلك الخطوة في مقاطع فيديو، فإن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أعلن أنه لم يسجل «أي وقف للتصعيد على الأرض في هذه المرحلة».

وعلى العكس من ذلك، فإن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، شدد على أن روسيا تواصل تعزيز وجودها العسكري قرب أوكرانيا، بينما عبر الغربيون عن قلق من مخاطر حصول غزو روسي بعدما حشدت موسكو عشرات آلاف الجنود عند الحدود الأوكرانية، وأجرت تدريبات عسكرية.

وحث الاتحاد الأوروبي روسيا الأربعاء على اتخاذ إجراءات ملموسة، تظهر تراجع التصعيد بشأن أوكرانيا، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه لا يخشى احتمال أن توقف روسيا إمدادات الغاز.

 

خفض التصعيد

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، أمام البرلمان الأوروبي المنعقد في ستراسبورغ: «نحث روسيا على اتخاذ إجراءات ملموسة لخفض التصعيد، لأن هذا هو شرط حوار سياسي صادق(..) لا يمكننا اعتماد الدبلوماسية إلى ما لا نهاية، بينما الجانب الآخر يحشد قوات».

وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن «طريق التعاون بيننا وبين روسيا ما زال ممكنًا»، مشددة على ضرورة «البقاء يقظين».

وحذرت المسؤولة الأوروبية موسكو، من أن القارة العجوز قادرة على الاستغناء عن الغاز الروسي هذا الشتاء، في حال اتخذت روسيا قرارًا بخفض الإمدادات أو وقفها، مشيرة إلى أن دولًا أخرى «جاهزة لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال، وتطوير منشآت الغاز في الاتحاد الأوروبي، وبناءً عليه تفيد توقعاتنا بأنه بعد اتخاذ الإجراءات الضرورية، يمكنني القول إننا بمأمن هذا الشتاء».

وبينما أعلنت موسكو الثلاثاء، بدء سحب قوات من الحدود مع أوكرانيا، وأكدت اليوم انتهاء مناورات عسكرية وسحب بعض قواتها من شبه جزيرة القرم، التي ضمتها من أوكرانيا عام 2014، إلا أن فون در لايين حذرت من أن حلف شمال الأطلسي لم ير إشارات خفض للقوات الروسية.

وأكدت المسؤولة الأوروبية، أنه في حال اختار الكرملين العنف ضد أوكرانيا، فـ«سيكون ردنا قويًا وموحدًا»، بينما اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزف بوريل في ستراسبروغ أيضًا أن الاتحاد الأوروبي مستعد للمشاركة في المباحثات مع روسيا من جهة، والتحضير للرد مع فرض عقوبات من جهة أخرى.

 

إلى أين وصلت الدبلوماسية؟

الرئيس الأمريكي جو بايدن قال إن الانسحاب «سيكون أمرًا ايجابيًا»، لكنه تدارك «لم نتحقق حتى الآن» من تنفيذ ذلك، مؤكدًا أن هذه القوات التي يقدر عددها بأكثر من 150 ألف جندي، لا تزال في وضع يشكل تهديدًا.

الكرملين وصف اليوم الأربعاء رغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن في مواصلة المحادثات بشأن أزمة أوكرانيا بأنها «إيجابية»، مشيرًا إلى أن هذه المفاوضات صعبة جدًا.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين: «بالنسبة لروسيا، يجب أن تؤدي المحادثات إلى إعادة بناء هندسة الأمن الأوروبي المنبثق عن الحرب الباردة(..) إنه أمر إيجابي أن يشير الرئيس الأمريكي أيضًا إلى استعداده لبدء مفاوضات جدية».

وتطالب روسيا بإنهاء سياسية التوسع، التي ينتهجها حلف شمال الأطلسي، والتزامه بعدم نشر أسلحة هجومية على مقربة من الأراضي الروسية، وسحب معدّاته من دول أوروبا الشرقية.

إلا أن الدول الغربية رفضت هذه المطالب، وطرحت في المقابل مفاوضات على مسائل أخرى، مثل الحدّ من التسلّح، وزيارات متبادلة لمواقع حساسة أو محادثات بشأن المخاوف الروسية الأمنية.

وفي خطوات غربية نحو محاولة التواصل لحلول للأزمة، يعقد وزراء خارجية دول مجموعة السبع الأكثر تقدّما محادثات بشأن الأزمة الأوكرانية في ميونيخ السبت، وفق ما أفاد ناطق باسم الخارجية الألمانية.

وأفاد المصدر بأن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ستستضيف المحادثات على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، مشيرًا إلى أن الاجتماع سيركّز على الأزمة التي نجمت عن انتشار القوات الروسية قرب أوكرانيا.

 

اتهامات لروسيا

السلطات الأوكرانية أعلنت مساء الثلاثاء تعرّض العديد من المواقع العسكرية الأوكرانية الرسمية ومصرف الادخار الحكومي «أوشاد بنك» ومصرف «بريفات24» للاعتداء.

وأشار مركز الاتصالات الاستراتيجية وأمن المعلومات التابع للحكومة في بيان عبر "فيسبوك" إلى «المعتدي» وهي عبارة شائعة الاستخدام للإشارة إلى روسيا.

إلا أن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، نفى مسؤولية الكرملين عن هجوم إلكتروني، استهدف مواقع وزارة الدفاع الأوكرانية وقواتها المسلحة ومصرفين حكوميين.

وقال: «بعدما أشارت كييف إلى احتمال أن يكون الهجوم من جانب روسيا، فإنه كما هو متوقع، تواصل أوكرانيا تحميل روسيا مسؤولية كل شيء»، مشيرًا إلى أن بلاده لا علاقة لها بأي هجمات لحجب الخدمة.

 

الوضع على الأرض

في مؤشر انفراج جديد، غداة إعلان أولى عمليات الانسحاب العسكري من الحدود، أعلن الجيش الروسي انتهاء مناورات عسكرية وسحب بعض قواته من شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها موسكو عام 2014.

ونشرت وزارة الدفاع الروسية مشاهد تظهر وحدات عسكرية تعبر جسرًا يربط شبه جزيرة القرم بروسيا.

وأكدت بيلاروسيا الأربعاء، أن الجنود الروس الموجودين على أراضيها، في إطار المناورات العسكرية الواسعة النطاق، سيغادرون البلاد مع الانتهاء المرتقب لهذه التدريبات، في العشرين من فبراير الجاري.

وقال وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي، في مؤتمر صحفي: «لن يبقى جندي روسي واحد، ولا قطعة واحدة من المعدات العسكرية في بيلاروسيا، بعد إجراء المناورات مع روسيا»، في وقت زاد هذا الانتشار العسكري المخاوف من غزو روسي محتمل لأوكرانيا.

وبرر المسؤول البيلاروسي، إجراء هذه المناورات بنشاط حلف شمال الأطلسي المهدِد في المنطقة، مشيرًا إلى أنه «ردّ على خطوات اتخذها شركاؤنا الغربيون، لكن ليس لدى موسكو ولا مينسك مصلحة في حرب».

وبدأت المناورات الروسية البيلاروسية في 10 فبراير الجاري، لكن سبقها انتشار كبير للقوات الروسية، بدءًا من يناير شمل مدرّعات وبطاريات إس-400 المضادة للطائرات ومقاتلات.

وتجرى هذه التدريبات، في بلد حليف لموسكو يقع شمالي أوكرانيا، في وقت حشدت روسيا أكثر من مئة ألف جندي عند حدودها مع أوكرانيا، وأكدت السلطات الروسية أنها بدأت سحب قوات الثلاثاء.

وفي مؤشر تهدئة، أعلن وزير الدفاع الأوكراني صباح الأربعاء أن الملحق العسكري لبلاده في بيلاروسيا حضر الثلاثاء بعض هذه المناورات.

من جانب آخر، أكدت مينسك أن الجنود الروس المنتشرين على أراضيها سيغادرون البلاد، عند الانتهاء المرتقب لهذه المناورات في 20 فبراير الجاري.

من جهته، قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأربعاء إن الأمر سيكون «إذا تأكد، من دون شك» مؤشرًا على تهدئة.

وأشاد المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي استقبله الرئيس فلاديمير بوتين في موسكو الثلاثاء، بـ«إشارة جيدة»، مشيرًا إلى أن الأمور يمكن أن تتطور «بشكل إيجابي».

من جهته كرر الرئيس الروسي تأكيد أن موسكو لا تريد حربًا، مشيرًا إلى أن توسع حلف شمال الأطلسي سيشكل تهديدًا لروسيا.

وقال شولتس: «هناك واقع: انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي ليس على جدول الأعمال»، مضيفًا: «لا يمكننا أن نصل إلى نزاع عسكري محتمل على مسألة ليست مطروحة».

 

أوكرانيا تحيي يوم الوحدة

ضاربين بعرض الحائط التقارير الخارجية، يحيي الأوكرانيون من جهتهم يوم الوحدة، الذي أعلنه رئيسهم فولوديمير زيلنسكي، مع رفع الأعلام من جانب السلطات وسكان كييف.

وسيحضر زيلينسكي مناورات عسكرية في منطقة ريفني (غرب)، ثم يتوجه إلى ماريوبول، آخر مدينة كبرى في الشرق تسيطر عليها كييف وتعد بين المناطق المهددة أكثر من غيرها، في حال حصول اجتياح، لأنها تقع على بعد عشرين كيلومترًا فقط من خط الجبهة الفاصل مع الانفصاليين الموالين لروسيا.

وسيصل أغنى رجل في أوكرانيا رينات أحمدوف أيضًا إلى ماريوبول. كذلك، يتوجه إليها ملياردير آخر هو فيكتور بينتشوك من مسقط رأسه دنيبرو وسط شرقي البلاد.

وحث الرئيس زيلينسكي الاثنين، رجال الأعمال النافذين والسياسيين الذين غادروا أوكرانيا، على العودة في غضون 24 ساعة كإشارة على وحدة البلاد.

واختار زيلينسكي يوم الوحدة، ردًا على تقارير الاستخبارات الأمريكية، التي أشارت إلى أن الاجتياح الروسي قد يحصل الأربعاء. وأعلنت أوكرانيا أن ملحقها العسكري حضر مناورات روسية بيلاروسية في بيلاروسيا، التي أثار إجراؤها مخاوف من حصول غزو.