تصطدم بعقبات عدة... خيارات بديلة للعراق بعيدًا عن ميناء جيهان التركي

مفاوضات تركية عراقية، من المرجح أن تنطلق الاثنين، لإيجاد تسوية لاستئناف صادرات الإقليم، في ظل مخاوف بغداد من تعمد أنقرة المساومة على التعويضات التي أقرتها هيئة التحكيم الدولية.

تصطدم بعقبات عدة... خيارات بديلة للعراق بعيدًا عن ميناء جيهان التركي

السياق

إعادة إحياء خط أنبوب كركوك بانياس، خطة بديلة يعتزم العراق السير على نهجها، كبديل لميناء جيهان التركي، الذي توقفت عبره صادرات نفط كردستان العراق، منذ الخامس والعشرين من مارس الماضي، حال إصرار تركيا على المساومة والابتزاز.

فعلى أبواب المفاوضات المرتقبة بين بغداد وأنقرة، يستعد البلدان للتفاوض على وقع الدعوى القضائية، التي رفعها العراق أمام هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس ضد أنقرة، بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، من دون الرجوع إلى شركة تسويق النفط العراقية «سومو».

ذلك الحكم تسبب في توقف تصدير نفط كردستان البالغ 480 ألف برميل يوميًا في 25 مارس الماضي، وكذلك في خسائر قدرت بأكثر من 33 مليون دولار يوميًا، أي ما يعادل مليار دولار شهريا.

 

فما الجديد؟

مفاوضات تركية عراقية، من المرجح أن تنطلق الاثنين، لإيجاد تسوية لاستئناف صادرات الإقليم، في ظل مخاوف بغداد من تعمد أنقرة المساومة على التعويضات التي أقرتها هيئة التحكيم الدولية.

وعن تلك المفاوضات، قال عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في البرلمان العراقي النائب علي الشكور، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن اللجنة اقترحت على وزير النفط حيان عبدالغني تصدير حصة إقليم كردستان عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو) عن طريق البصرة، إضافة إلى مقترح ثان يتضمن المضي في إدامة وصيانة خط تصدير النفط العراقي عبر الأراضي السورية عن طريق ميناء بانياس.

وبحسب البرلماني العراقي، فإن بغداد ستسلك جميع الطرق الدبلوماسية مع تركيا، لاستئناف ضخ النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي، حال إصرار أنقرة على عدم تنفيذ ما جاء بقرار محكمة التحكيم الدولية واستمرار غلق خط تصدير النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي.

ويقول الشكور، إن العراق، حال عدم تنفيذ تركيا قرار المحكمة الدولية، سيمضي بتنفيذ هذين المقترحين، لأن توقف التصدير يكبد العراق خسائر تصل إلى ملايين الدولارات يوميًا.

 

الحل الوحيد للعراق

إلى جانب هذا الخط، طرح العراق إعادة إحياء خط أنابيب للنفط مع السعودية، والتشجيع على بدء العمل في خط أنابيب مقترح مع الأردن، لتنويع منافذ تصديره للنفط.

ذلك الطرح الذي سلط الضوء على بعض الأبعاد المرتبطة بتوجهات بعض دول الشرق الأوسط بشأن تجارة الطاقة، منها تزايد الاهتمام بمنافذ تصدير الطاقة لمواكبة مخططات زيادة إنتاجها مستقبلاً، وضرورة استحداث شراكات رابحة لجميع الأطراف للاستفادة من تصدير النفط، الذي واجه عديد التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية.

 

ما العقبات؟

يقول مراقبون، إن الطرح العراقي لإحياء خطوط الأنابيب مع دول الجوار، يواجه بعدد من التحديات، أهمها: ضخامة الموارد المالية المخصصة لمشروعات خطوط الأنابيب.

وبحسب المدير العام لشركة المشاريع النفطية العراقية شاكر محمود، فإن تمويل بعض تلك المشروعات يتطلب ميزانية ضخمة، على رأسها خط البصرة العقبة، الذي تتجاوز تكلفة إنشائه 8 مليارات دولار، مشيرًا إلى أن المشروع لم يلق زخماً، وهو ما دلل عليه تأجيل حكومة مصطفى الكاظمي السابقة في أبريل 2022 طرحه للحكومة المقبلة.

أما خط أنابيب النفط العراقي السوري (كركوك بانياس) فأغلِق مرات عدة ، خاصة بعد أن أدت الحرب الأمريكية على العراق عام 2003 إلى خروجه من الخدمة، بسبب تضرره من الغارات الجوية.

وبحسب مراقبين، فإن أجزاء منه تعرضت للتدمير بسبب الغارات الجوية الأمريكية على معاقل تنظيم داعش في العراق وسوريا، ما يتطلب 4 مليارات دولار لإصلاحه.

عقبة قال عنها وزير التجارة العراقي أثير الغريري -بتصريحات في مايو الماضي- إن التقديرات الأولية تشير إلى أن إعادة تشغيل خط الأنابيب تحتاج إلى عمليات صيانة بتكلفة مالية كبيرة، نظراً إلى الأضرار الكبيرة التي تعرض لها خلال السنوات الأخيرة، سواء في القسم العراقي أم في سوريا.

وأشار إلى أن الأنبوب السوري العراقي يتخذ أهمية استثنائية بالنسبة إلى العراق، نظرًا إلى الكلفة الباهظة التي تترتب على تصدير نفطه إلى الخارج، موضحًا أن السيناريوهات المرجحة لإعادة الضخ عبر أنبوب كركوك بانياس تتركز حول إسناد عمليات إصلاح ما جرى تخريبه في الأراضي العراقية إلى بغداد، بالمقابل يتكفل الجانب السوري بإصلاح الأضرار التي أصابت خط الأنابيب الموجود في أراضيه.

 

قانون قيصر

التكلفة ليست العقبة الوحيدة، بل إن الضغوط الغربية المحتملة على إبرام الصفقات مع الحكومة السورية، قد يجعل تحرك بغداد لإعادة تأهيل خط النفط مع سوريا، يرتطم بعقوبات أمريكية متشددة ترفض هذا الأمر، خاصة «قانون قيصر» الذي يقضي بفرض عقوبات على أي جهات أو حكومات تقدم دعماً أو تشارك في معاملات وصفقات كبيرة مع الحكومة السورية، أو مع أي شركة أو وزارة مملوكة من الحكومة السورية، مع تأكيد فرض عقوبات على أي دعم للمحافظة على إنتاج سوريا من النفط والغاز أو زيادته.

عقوبات أمريكية أضيفت إلى أخرى أوروبية، تحظر التعامل مع قطاع النفط السوري، علاوةً على أن أعضاء في الكونغرس قدموا في مايو 2023 مقترحاً لتعديل قانون قيصر ليصبح أكثر تشدداً تجاه الدول العربية الساعية لعودة علاقاتها مع الحكومة السورية.

وبحسب تقارير غربية، فإن دولًا غربية قد تضغط على العراق، لعدم تأهيل خط الأنابيب مع سوريا، نظراً للتخوف من أن تضطلع روسيا في ذلك المشروع عبر شركاتها، ما يزيد وجودها في المنطقة، لا سيما في قطاع الطاقة، لأنه بذلك سيجعلها متحكمة في صادرات النفط العراقية للدول الأوروبية عبر البحر المتوسط.

ويقول مراقبون، إن التعرض لعمليات تخريبية من المليشيات المسلحة، قد يمنع إعادة تأهيل الخط السوري العراقي، خاصة أن مسارات أنابيب النفط في الأراضي العراقية، قد يعرضها لعمليات تخريبية، والأمر نفسه لخط الأنابيب الواقع في سوريا.