فائقة التطور... هل تحدث نظارات آبل فيجن برو طفرة تكنولوجية؟
حققت "آبل" إنجازاً نوعياً، من خلال عرضها أحدث إصداراتها وابتكاراتها، بينها نظارة فائقة التطوّر تمزج الواقعين الافتراضي والمعزز

السياق
عصر جديد ينتظره الواقع الافتراضي، بإطلاق نظارة آبل فيجن برو، التي أعلنها رئيس شركة آبل، تيم كوك، خلال فعاليات مؤتمر مطوريها، قبل أيام.
وحسب كوك، فإن نظارة آبل فيجن برو، منتج ثوري سيعمل على تغيير طريقة تواصل الأشخاص وتعاونهم".
وحققت "آبل" إنجازاً نوعياً، من خلال عرضها أحدث إصداراتها وابتكاراتها، بينها نظارة فائقة التطوّر تمزج الواقعين الافتراضي والمعزز.
وسيتضح خلال الأشهر المقبلة، ما إذا كانت نظارة الواقع الافتراضي المعزز الجديدة، بداية عصر ثوري تكنولوجي جديد، مثلما أحدثه أول إصدارات أيفون قبل عقد ونصفالعقد، الذي عُد بداية لعصر الهواتف الذكية.
تحدي "آبل"
وفقا لـ"بي بي سي" فإن منتجات "آبل" كثيرًا ما كانت استثنائية ومحورية، واستشهدت بجهاز آي بود، الذي رأت أنه لعب دورًا رئيسًا في تغيير الطريقة التي يتفاعل بها العالم مع الموسيقى.
وذكرت أن الأجهزة اللوحية "آي باد" والساعات الذكية "آبل ووتش"، بعد ذلك، من لوازم الحياة التي لا غنى عنها.
وتساءلت "بي بي سي": هل يمكن أن تحقق "آبل" نجاحا في مجال أخفق فيه كثيرون؟
ودللت على تساؤلها بتجارب لم يكتب لها النجاح، إذ ظهرت محاولات في السوق، مثل طرح نظارة فرجوال بوي، من شركة نينتندو، التي روجت لها على أنها قادرة على تقديم رسومات ثلاثية الأبعاد "مجسمة" أثناء ممارسة الألعاب.
وقالت إنه منتج عانى مشكلات تمثلت في ارتفاع سعره وعدم فعاليته بما فيه الكفاية، بخلاف عدم اهتمام المستخدمين بترويج الشركة، لمحاولتها الثانية لإطلاق منصة ألعاب ثلاثية الأبعاد "3 دي إس".
واستشهدت بمار هيكس، الأستاذ في معهد إلينوي للتكنولوجيا الذي قال: "رأينا مجموعة من منتجات الواقع المعزز والواقع الافتراضي التي رُوّج لها بنشاط، لكنها أخفقت في الوفاء بما وعدت به".
ومن المقرر أن تطرح نظارات آبل فيجن برو، في الأسواق مطلع العام المقبل.
مزايا وعيوب
من مزاياها أنها لا تقتصر على التعامل مع المحتويات، بل يمكن التقاط الصور وتسجيل مقاطع الفيديو أيضًا.
ويكون المستخدم بشكل عام "غارقًا" في الواقع الافتراضي بشكل مقنع، أكثر من أي فيلم ثلاثي الأبعاد في صالات السينما، أو على أجهزة التلفاز ثلاثية الأبعاد.
وتقول "بي بي سي" إن بعض خبراء التكنولوجيا اقترحوا على "آبل" أن توجه إصدارها الأول من "فيجين برو" إلى المستخدمين المتخصصين، مثل المهندسين المعماريين، الذين يمكنهم استخدام الواقع المعزز لتخيل الشكل الذي قد يبدو عليه المبنى في موقع العمل، على أن تُوجه الأجيال القادمة من النظارة، عندما ينخفض السعر بفضل التقدم التكنولوجي، بشكل أكبر إلى المستخدمين العاديين.
ومن عيوب النظارة الجديدة أن تكلفتها عالية، كذلك وزنها كبير، نحو نصف كيلو غرام، بخلاف أن الصوت فيها ليس بالقوة المطلوبة.
الفرق بين "آبل" وغيرها
منذ أن أطلقت شركة أوبن إيه آي الأمريكية الناشئة برنامج شات جي بي تي، العام الفائت، بدأت شركات التكنولوجيا تتنافس في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وبات محللون ومستثمرون ومستهلكون، شغوفين بهذه البرامج القادرة على إنتاج نصوص وصور ومقاطع فيديو بناءً على طلب بسيط بلغة سلسة.
وأضافت "مايكروسوفت" و"غوغل" تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى محركات البحث وبرامج المكاتب الخاصة بهما، لاستقطاب مستخدمين مهتمّين بأن تتولى روبوتات كتابة الرسائل الإلكترونية الخاصة بهم والتخطيط لإجازاتهم.
كذلك، أضافت شركات عدة، من "سناب تشات" إلى مصارف وشركات سفر، روبوتات محادثة متطورة إلى خدماتها لمواكبة هذا التطوّر.
إلا أنّ "آبل"، جارة "غوغل" و"ميتا" (فيسبوك، إنستغرام) في سيليكون فالي، لم تتطرّق -ولو مرة واحدة- إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، أو حتى للذكاء الاصطناعي بالمطلق، خلال مؤتمرها السنوي للمطورين الذي أُقيم الاثنين الفائت.
وعقب المؤتمر، عنونت مجلة وايرد المتخصصة: "آبل تتجاهل ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدية".
وعدم تطرّق الشركة المصنّعة لهواتف آيفون إلى الذكاء الاصطناعي، لا يعني أنّ هذه التقنية غريبة عنها.
ويُعد مفهوم الذكاء الاصطناعي فضفاضاً، ويشمل تقنيات كثيرة ليست نادرة ولا معقدة بصورة خاصة، بينما يتعرض لانتقادات لأنّه يؤشر إلى مستقبل مُشابه للخيال العلمي، تسيطر فيه آلات تتمتع بالمعرفة على البشر.
لذلك، تنشر شركات بينها "تيك توك" و"فيسبوك" ابتكارات تندرج ضمن الذكاء الاصطناعي، من دون التركيز على المصطلح نفسه.
أقل محدودية
يقول رئيس "آبل" تيم كوك، في مقابلة مع "إيه بي سي نيوز" هذا الأسبوع: "طبعاً ندمج هذه التقنية في منتجاتنا، إلا أنّ الناس لا يفكرون فيها بالضرورة على أنها ذكاء اصطناعي".
وتضمّ ابتكارات كثيرة سُلّط الضوء عليها خلال المؤتمر -الاثنين- هذه التكنولوجيا.
ويشير مدير البرمجيات كريغ فيديريغي مثلاً إلى أنّ خوارزميات "التعلم الآلي" ستحسن أداة التصحيح الإملائي التلقائي.
وألمح فيديريغي بذلك، إلى أنّ لوحة المفاتيح ستصبح -بفضل الذكاء الاصطناعي- أقل محدودية عندما يرغب أحد المستخدمين في كتابة بعض الكلمات البذيئة الشائعة، إضافة إلى معرفة ما يفضّله وتوفير اقتراحات له، إلا أنّه لم يذكر الخوارزميات الشهيرة.
ويؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً رئيساً في أول خوذة للواقع المختلط تبتكرها "آبل" ومن المفترض أن تطرحها العام المقبل في الأسواق بسعر يبدأ بـ3500 دولار.
وسيكون الكمبيوتر، الذي يجري توصيل نظارة فيجن برو عليه، قادراً على إنشاء صورة رمزية رقمية قريبة جداً من الواقع للمستخدم الذي يرتديها، بفضل تسجيلات مقاطع فيديو لهذا الشخص وأجهزة استشعار لتتبع حركات فمه ويديه في الوقت الفعلي.
الأداء العشوائي
ويرى بعض المراقبين أنّ عدم التطرّق إلى الذكاء الاصطناعي مؤشر إلى أنّ "آبل" خسرت مكانتها أمام منافسيها.
ويقول المحلل المستقل روب إندرله: إنّ "آبل" متأخرة جداً عن منافسيها في هذا المجال.
ويرى أنّ النجاح الذي حققه "شات جي بي تي" فاجأهم، مضيفاً: "أعتقد أنهم كانوا يرون أنّ هذا النوع من الذكاء الاصطناعي لن يتوصل إليه قريباً (...) وباتوا الآن مضطرين للاستعانة بشركة ناشئة في هذا المجال".
كما أن الأداء العشوائي لـ"سيري"، المساعد الصوتي من "آبل"، الذي أُطلق قبل نحو عشر سنوات، يعطي انطباعاً بأن الشركة العملاقة لا تزال متأخرة عن منافسيها.
ويقول يوري وورمسر من شركة إنسايدر إنتلجنس: "من الواضح للجميع تقريباً أن آبل فقدت قدرتها التنافسية مع سيري"، مضيفاً: "سيري هي ربّما أبرز مؤشر إلى تأخّر الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي".
ويشير الخبير -من جهة أخرى- إلى أنّ "آبل" قبل أي شيء شركة للمعدات الحاسوبية. ويلفت إلى أنّ البرمجيات التي ترتكز على الذكاء الاصطناعي "وسيلة لتحسين تجربة المستخدمين، لا غاية في حد ذاتها بالنسبة إلى آبل".
ويرى دان إيفز من شركة ويدبوش أنّ عرض نظارة فيجن برو، يظهر إمكانات الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي، رغم عدم التطرق -بشكل واضح- للموضوع.
ويقول "إنها المرحلة الأولى ضمن استراتيجية أوسع للشركة، ترمي إلى بناء نظام يشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي على خوذة جديدة".