ما الذي تعنيه عودة سوريا إلى الجامعة العربية؟.. في دقيقتين مع حسينة أوشان

محطات في دقيقتين مع حسينة أوشان

ما الذي تعنيه عودة سوريا إلى الجامعة؟ 

 بعيدًا عمّا غطتْهُ وسائلُ إعلامِنا...

وقَفَ المُفكِرُ مُتأمِلًا ومُتسائلا:

يا إلهي كم طرفٌ لهذهِ العصا؟

وفي السياسة، نحتاجُ إلى هذا التأمُلِ والتفكير، لنرى أبعدَ مِنَ الملموسِ الماثِلِ أمامَنا.

نرى البعيدَ المؤثِر، وهذا ما ينطبقُ كثيرًا على المسألةِ السورية... أقصدُ مسألةَ عودةِ سوريا إلى الجامعةِ العربية.

ما يُتداوَلُ علنا، سواءٌ في السياسةِ أمِ الإعلام، لا يتعدى طرفَـي العصا، الأول: داعِمٌ للعودة، والآخَرُ رافِضٌ لها، أما ما بينَهُما فهوَ ما سأتحدثُ عنه.

عودةُ دمشق إلى الجامعةِ العربية، تُعطي مؤشِرًا على مُرونةٍ جيوسياسية، في عَصْرٍ جديد، اقتربَ كثيرًا مِنَ التعدُديةِ القُطبية.

هذا الأمر، دلَ عليهِ الدورُ المُتعاظِمُ لروسيا والصين، في الشؤونِ العسكريةِ والاقتصاديةِ بالمِنطَقة، ما نتجَ عنهُ شعورٌ لدى بعضِ الدِولِ العربية، بأنَها غَيرُ مُلزَمةٍ بقُيودِ السياسةِ الخارجيةِ للولاياتِ المُتحدة، التي كلفتْها -في فترةِ ما عُرفَ بالربيعِ العربي- فاتورةَ اختلالِ الاستقرار.

دِولٌ عربية، بدأتْ فِعلًا باتخاِذ خِيارِ التعاون، معَ القُوى المُتنامية، في الفضاءِ الأوروآسيوي.

السِجلُ الطويلُ للولاياتِ المُتحدة، في الترويجِ للانقلاباتِ والتدخُلاتِ العسكريةِ في المِنطَقة، دفعَ عديدًا مِنَ الدِولِ العربية، إلى التعاونِ في ما بينَها، مُستبعِدةً تدخُلَ الأطرافِ الخارجية.

ومعَ ابتعادِ الولاياتِ المُتحدةِ عنِ المِنطَقة، دِولٌ أخرى يُتوقَعُ أنْ تنضمَ إلى تيارٍ للسيادةِ الوطنيةِ وسلامةِ الأراضي.

ضِمنَ هذا المفهوم، يجبُ أنْ ننظرَ إلى عودةِ سوريا العربية... أنْ ننظرَ إلى أطرافِ العصى التي لا تُرى.

2

تركيا... هلْ يفوزُ أردوغان بالرئاسة؟

يبدو الأمرُ كذلك... في جولاتِ الإعادة، الرئيسُ الجالسُ على الكرسي، حُظوظُهُ تفوقُ التي للمُتطلِعِ إلى المنصِب.

وأنا أتحدثُ عن فوزِ أردوغان المُتوقَع، في الانتخاباتِ الرئاسية، أودُ أنْ أكونَ واضِحة، في استخدامِ عباراتي، التي أريدُ بِها تجاوزَ الخِناق، الذي تفرضهُ عباراتُ نجاحِ التجربةِ الديمقراطيةِ التركيةِ والتبجيلِ والدُعاء، التي يُفسرُ بها أنصارُ أردوغان، فوزَهُ في الجولةِ الأولى.

لنستطلِعْ رأيَ أحدِ أهمِ الكُتّابِ الأتراك، الذي تستشهدُ بمقالاتهِ مواقعُ الإخوة إياهُم، عندما يخدمُ ذلكَ خطَهُم...

حرفيًا قالَ إنَ تركيا تُقدمُ درسًا حزينًا لـ "الديمقراطية، عندما تُرسِخُ لطغيانِ مُعسكرٍ ثقافيٍ على غَيرِه".

ويضيفُ الكاتبُ التركيُ البارز، مصطفى أكيول، وهوَ أيضًا باحثٌ وأستاذٌ جامِعي، أنّ "ما حدثَ يثبتُ -مرةً أخرى- أنَ السياسةَ التركية، تقومُ على الحربِ الثقافية، لا على أساسٍ اقتصادي، أو زلزالٍ يُمكنُ أنْ يفصلَ بينَ الناخبينَ والقائد، الذي يتماثلونَ معَه".

لكي أُبسِطَ وأوضِحَ ما قصدهُ الكاتب، فإنهُ يتلخصُ بأنهُ إذا أصبحَ انتخابُ الزعيمِ السياسي، جُزءًا مِنَ الدين، فإنهُ لا يُزحزحهُ مِنْ مكانةِ تعثُرِ الاقتصاد، الذي أوصلَ الناخبينَ إلى اليأس، ولا حتى الزلزال.

حتى أنَ فشلَهُ قدْ يأخذُ معاني أخرى، بأنَ الفشلَ الاقتصاديَ مؤامرةٌ غربية، تُثبتُ عظمةَ الزعيم، حتى لو قادَهُم إلى الفقرِ المُدقِع.

هذه الصورة، ساعدَتْ في تكريسِها سيطرةُ السُلطةِ على ثمانينَ بالمئةِ مِن وسائلِ الإعلام، فشيطنتِ المُعارضةَ على منابرِها،  إضافةً إلى تشكيلِ اليمينِ الديني، وهوَ أكثرُ مِنْ نِصفِ المُجتمعِ التركي.

هذهِ بعضُ معالمِ الصورةِ التركيةِ الحقيقية، أما ما يسوقهُ مُناصِرو أردوغان، فإنهُ في مكانٍ آخَر، خارجَ الصورة تماما.

3

لماذا تحتاجُ إيرانُ إلى مئتَـي ألفٍ مِنَ الميليشياتِ المواليةِ لها في العراق؟

هَلْ نحنُ أمامَ إعادة -بالسُرعةِ البطيئة- لقِصةِ بَدءِ واستمرارِ الحرسِ الثوريِ الإيراني؟

حسبَ مُسودةِ الموازنةِ العراقية، التي اطلعتْ عليها وسائلُ إعلام، تنامتْ أعدادُ مجموعاتِ الحشدِ الشعبي، شبهِ العسكريةِ خِلالِ العامينِ الماضيين، بمُعدلِ مئةٍ وسِتةَ عشَرَ  ألفَ مُقاتل، ما يجعلُها ثالثَ أكبرِ قوةٍ في البلاد.

يقولُ سيث جي فرانتزمان، المديرُ التنفيذيُ لمركزِ الشرقِ الأوسط، للتقاريرِ والتحليل:

"ليسَ مِنَ الواضِح، ما إذا كانَ هؤلاءِ جميعًا يحملونَ السلاحَ بالفِعل، أم أنهم مُجردُ وحداتٍ مِنَ الأشباح، أي على الورقِ فقط، ومِنْ ثَمَ يُستخدَمونَ لسرقةِ وتحويلِ مواردِ الدولةِ العراقيةِ المحدودة، إلى إيران أو سوريا، بينما لا تستطيعُ البصرةُ أنْ تشربَ ماءً نظيفا".

هذا عنِ الآراءِ الغربية، بعدَ صدمةِ العدد...!

أما المواقِفُ العربية، فتقولُ إنَ ما يحدثُ ليسَ جُزءًا مِنَ الفسادِ العراقي، بلْ هوَ طموحٌ إیرانیٌ لبناءِ مليشياتٍ مُدرَبة، تكونُ قادرةً على فرضِ سياسةٍ إيرانية، على العراق.

الموازنةُ المُقترحةُ لهذا العام، المُقدمةُ مِنَ الحكومةِ إلى البرلمان، أظهرتْ أنَ عددَ قواتِ الحشد، أصبحتْ تُساوي نِصفَ الجيشِ النظامي.

نحنُ أمامَ جيش، ظلَ قوامهُ مئتين وثمانيةَ آلافِ مُقاتل، وفي حالِ تمريرِ الموازنة، سوفَ يحصلُ على مِليارينِ وسبعمئةِ مِليونِ دولار... فهلْ يبدو الأمرُ كأنهُ فيلمٌ مُعاد، لقِصةِ الحرسِ الثوريِ الإيراني؟

4

الهندُ تتفوقُ على الصين سُكانيا... فماذا عنِ النُفوذ؟

في أبريل الماضي، تحديدًا في نهايتِه، بلغَ عددُ سُكانِ الهند مِليارًا وأربعمئةِ مِليونِ نسمة، مُتجاوزًا عددَ سُكانِ الصين، حسبَ تقديراتِ الأممِ المُتحدة.

وفقًا للمصادرِ نفسِها، فإنهُ بحلولِ عامِ ألفين وخمسين، ستتفوقُ الهندُ على الصين، بما يقارِبُ ثلاثمئةِ وثمانيةً وخمسينَ مِليونَ نسمة، وبحلولِ عامِ ألفين ومئة، ستصلُ الهندُ إلى ضِعفِ عددِ سُكانِ الصين، حيثُ يبلغُ سكانُها مِليارًا ونِصفَ المِليارِ نسمة.

نحنُ أمامَ قرنٍ هنديٍ أيضا... وأقصدُ هنا القرنَ الحادي والعِشرين، الذي كانَ مُتوقعًا لهُ أنْ يكونَ صينيًا بامتياز.

سيكونُ ذلكَ صحيحا، لو شكلَ العددُ السكانيُ نُقطةَ تفوق، هذا إنْ لمْ يكنْ عبئًا وضعفا.

أذكِرُ بتراجُعِ الاعتمادِ على القوةِ البشرية، كمُحركٍ للإنتاج، أمامَ اجتياحِ البرمجةِ الرقميةِ لكلِ شيء.

... إنهُ العقلُ ولا شيءَ غيرُه، معيارُ التفوق، حتى يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها...