وول ستريت جورنال: الصين جسر لعبور المُسيرات من إيران إلى روسيا
وول ستريت جورنال: أدلة جديدة عن دور صيني في دعم روسيا بالمُسيرات

ترجمات – السياق
أدلة جديدة، تكشف عن دور صيني كبير، لدعم روسيا في حربها الدائرة بأوكرانيا منذ فبراير 2022، بعد العثور على جزء صُنع في الصين العام الجاري، بإحدى المُسيرات الإيرانية، التي أُسقطت في أوكرانيا خلال الربيع.
أظهر هذا الجزء الصيني، في الطائرة من دون طيار "شاهد - 136"، أنها صُنعت وأُرسلت إلى القوات الروسية، في غضون ثلاثة أشهر.
ونقلت صحيفة وول ستريت الأمريكية، عن محققين تأكيدهم أن الصين ساعدت إيران في إمداد روسيا بطائرات من دون طيار على وجه السرعة، لاستخدامها في الحرب الدائرة بأوكرانيا منذ فبراير 2022.
ويُظهر هذا الكشف أن الصين تواصل تزويد الإيرانيين بالمركبات والأجزاء الأساسية لبرنامج تطوير الطائرات المُسيّرة، رغم المحاولات الأمريكية لاستبعاد الصين من سلسلة توريد روسيا بالأسلحة، كما يوضح مدى السرعة التي يمكن أن تساعد بها إيران، روسيا في حربها ضد أوكرانيا، حيث احتاجت إلى ثلاثة أشهر فقط، لتصنيع وتزويد موسكو بالأسلحة التي أرهبت المدنيين الأوكرانيين.
والمُسيّرة الصغيرة "شاهد - 136" أو "طائرة الكاميكازي الانتحارية"، التي تزن نحو 200 كيلوغرام، تعد رخيصة الثمن ويسهل شراؤها، إذ تتراوح قيمتها بين 20 و50 ألف دولار مقارنة -كمثال- بتكلفة صواريخ كاليبر الروسية أو توماهوك الأمريكية.
مواد صينية
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن محققين قولهم: إن طائرة إيرانية مُسيرة أسقطتها القوات الأوكرانية في أبريل الماضي، تبين أنها تحتوي على محول جهد (صُنع في الصين) منتصف يناير الماضي، أي أنه نُقل واستُخدم خلال نحو ثلاثة أشهر فقط.
وتعد هذه أول مرة منذ اندلاع الحرب بأوكرانيا، في فبراير 2022، تكتشف مركبات أنتجت العام الجاري، في ساحة المعركة، الأمر الذي يُشير إلى سرعة إمداد روسيا بالطائرات المُسيّرة الإيرانية.
يذكر أنه تأكد وجود الجزء الصيني بالطائرة، من خلال باحثين بمنظمة كونفليكت أرمامينت ريسيرش، ومقرها المملكة المتحدة، تتعقب سلاسل توريد الأسلحة العالمية.
وحسب الصحيفة، يُظهر الاكتشاف السرعة التي يمكن أن تصنع بها إيران طائرات من دون طيار وتشحنها إلى روسيا، مشيرة إلى تصنيع الجزء الصيني في يناير، ثم شحنه إلى إيران لتركيبه، قبل إرساله إلى روسيا التي استخدمته ضد أوكرانيا في أبريل.
ورأت أن تاريخ تصنيع هذا الجزء الصيني، الذي يدخل في هيكل المُسيرة الإيرانية، يؤكد أن إيران تستطيع إنتاج طائرات مُسيرة حديثة، ونقلها إلى روسيا واستخدامها في العمليات العسكرية، خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
هذه السرعة، رغم أن الحرب في أوكرانيا تسببت في ضغوط على إمدادات الأسلحة العالمية، إذ تكافح الولايات المتحدة وحلفاؤها لتزويد كييف بالإمدادات الهائلة من القوة النارية العسكرية التي تحتاجها لمحاربة القوات الروسية، بينما تعتمد موسكو في تسليحها على إيران والصين.
ولجأت روسيا إلى إيران العام الماضي، للمساعدة في تلبية احتياجاتها الخاصة من الأسلحة، ويُعد استخدامها للطائرات الإيرانية من دون طيار في حربها بأوكرانيا، المثال الأكثر شمولاً لتعميق التعاون العسكري بين البلدين، وفق الصحيفة الأمريكية.
وبالفعل، أطلقت روسيا أكثر من 700 طائرة من دون طيار لاستهداف محطات توليد الكهرباء والمدن والأهداف العسكرية، وفقًا للجيش الأوكراني.
وشنت روسيا -خلال الحرب- مئات الهجمات بالطائرات المُسيّرة الإيرانية، استهدفت خلالها مواقع عسكرية ومنشآت طاقة، إلا أن الأوكرانيين يقولون إن الدعم العسكري الذي حصلوا عليه، مكنهم من "تحييد تهديد هجمات المُسيّرات الروسية".
ورغم ذلك، فإن الاستخدام المستمر للطائرات من دون طيار يُجهد الدفاعات الجوية الأوكرانية.
والشهر الماضي، كشفت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن روسيا استنفدت إمداداتها من الطائرات الإيرانية من دون طيار، وأنها طلبت من طهران إرسال مزيد منها.
والأسبوع الماضي، أعلن البيت الأبيض أن إيران أرسلت مئات الطائرات من دون طيار إلى روسيا، في سفن تمر عبر بحر قزوين.
والجمعة الماضية، قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إن روسيا "تتلقى مواد من إيران لبناء مصنع للطائرات المسيّرة" على أراضيها، لافتًا إلى أن المنشأة "قد تتمكن من العمل بكل طاقتها مطلع العام المقبل".
وبيّن أن روسيا وإيران توسعان شراكتهما الدفاعية غير المسبوقة، مشيرًا إلى أن إيران "أرسلت قذائف مدفعية ودبابات إلى موسكو، إضافة إلى أكثر من 400 طائرة من دون طيار مسلحة، بما في ذلك مسيّرات شاهد الانتحارية".
وعرضت الحكومة الأمريكية صورة ملتقطة بالأقمار الاصطناعية للموقع الذي جرى اختياره، بحسب معلوماتها، لإنشاء المصنع في منطقة ألابوغا الاقتصادية الخاصة، على مسافة نحو 900 كيلومتر شرقي موسكو.
وسبق لأوكرانيا وعدد من حلفائها الغربيين أن اتهموا موسكو، في الآونة الأخيرة، باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع في استهداف مناطق أوكرانية.
واتهمت أوكرانيا، موسكو، في 10 أكتوبر الماضي، باستخدام طائرات مُسيرة إيرانية الصنع، كجزء من ضربات دامية نفذتها القوات الروسية في أنحاء أوكرانيا.
وتتهم دول غربية موسكو باستخدام طائرة "شاهد 136" إيرانية الصنع بكثرة ضد كييف، وهي طائرة تتبع أسلوب "الكاميكازي" الانتحاري الذي عُرفت به الطائرات اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية (إلا أنها مُسيرة من دون طيار)، إذ تنفجر بهدفها عند الاصطدام به.
تحدي واشنطن
وترى "وول ستريت جورنال" أن اكتشاف الجزء الصيني في الطائرات الإيرانية المرسلة لروسيا، يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها، في محاولة وقف تدفق الأجزاء من جميع أنحاء العالم، إلى مصانع الطائرات من دون طيار الإيرانية.
وبينّت أن الجزء الصيني الأخير -الذي اكتشفته المنظمة البريطانية في الطائرة من دون طيار "شاهد 136" كان سليمًا إلى حد كبير وعلى شكل حرف V باللغة الإنجليزية، وموجود في نظام الملاحة الخاص بالطائرة.
وهو ما يُظهر أن العقوبات العالمية، التي كانت تهدف إلى وقف تدفق قطع الغيار إلى إيران، لم تؤتِ أكلها.
وترى الصحيفة أن حصول طهران على قطع غيار مهمة مثل محولات الجهد، التي تستخدم على نطاق واسع في الإلكترونيات التجارية، مشكلة مربكة للغرب.
وكثيرًا ما استُخدمت الصين وهونغ كونغ كمراكز توزيع لإنتاج الطائرات من دون طيار الإيرانية، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، التي وثقت عمل طهران في تزويد الحوثيين في اليمن بطائرات من دون طيار خلال السنوات الأخيرة.
يذكر أن إدارة بايدن فرضت -أبريل الماضي- حزمة جديدة من العقوبات على شبكة تدعم مشتريات إيران العسكرية، بما في ذلك إنتاج الطائرات المسيّرة، مستهدفة بشكل خاص مسؤولاً إيرانيًا و6 شركات واجهة تعمل في الصين وهونغ كونغ وماليزيا.
وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إيران، جرّاء برنامجها للطائرات من دون طيار، متهمًا إياها بتزويد روسيا بطائرات مسيّرة من أجل حربها في أوكرانيا، وهي تهمة تنفيها طهران.
بينما تلعب الشركات الصينية أيضًا دورًا متزايدًا في مساعدة إيران، وفقًا لمشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن.
ونقلت الصحيفة عن داميان سبليترز نائب مدير العمليات بمعهد بحوث تسليح الصراع، قوله: إن فحص الطائرة من دون طيار التي أسقطت فوق أوكرانيا قدَّم مزيدًا من الدلائل على أنها من إنتاج إيران.
وأوضح أن الطائرة من دون طيار، احتوت على محرك إيراني الصُنع أنتجته شركة فرضت عليها الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات متكررة، لدورها في برنامج الطائرات من دون طيار في البلاد.
كانت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، قد ذكرت -خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ- أن الطائرات من دون طيار الإيرانية "تغذي" الغزو الروسي لأوكرانيا، ولهذا السبب فرضت عقوبات على إيران خلال الأشهر الماضية، بما في ذلك ضد "الحرس الثوري" الإيراني، لكنها أضافت أن العقوبات الأمريكية لم توقف تدفق المُسيرات من إيران إلى القوات الروسية.