للنهوض باقتصادها... تركيا تبحث عن الفرص الواعدة في الإمارات
وتبذل أنقرة جهوداً دبلوماسية منذ 2021 لإصلاح علاقاتها مع الإمارات والسعودية، وساعدت الاستثمارات والتمويل من دول الخليج في تخفيف الضغط على اقتصادها المتعثر واحتياطي العملة الصعبة.

السياق
فصل جديد في العلاقات بين تركيا وعدد من الدول، يقول محللون إن عنوانه "المصالح الاقتصادية"، فأنقرة التي تسعى جاهدة لتحسين علاقاتها تحديدًا مع الإمارات والسعودية، تترقب منهما دعم اقتصادها، الذي يعيش وضعًا حرجًا، بدفعة من الاستثمارات.
وأفاد تقرير لوكالة رويترز، بأن تركيا تتوقع استثمارات سعودية إماراتية في قطاعي الطاقة والدفاع، بعد أن أجرى مسؤولون اقتصاديون أتراك كبار مفاوضات في أبوظبي.
نائب أردوغان في الإمارات
بدأ نائب الرئيس التركي جودت يلماز، ووزير المالية محمد شيمشك، زيارة إلى الإمارات، لإجراء مناقشات قبيل زيارة محتملة للرئيس رجب طيب أردوغان، حسبما ذكرت مصادر "رويترز".
وقالت أنقرة إن يلماز وشيمشك سيبحثان مع نظيريهما الإماراتيين "فرص التعاون الاقتصادي".
في السياق، ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، استقبل نائب الرئيس التركي جودت يلماز وبحثا "سبل تنمية التعاون والعمل المشترك بين الإمارات وتركيا والارتقاء به إلى آفاق أرحب، تعزز التنمية والتقدم في البلدين، في إطار الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تجمعهما".
تفاصيل اللقاء
وبحسب "وام"، فإن الرئيس الإماراتي "استعرض ونائب الرئيس التركي -خلال اللقاء- الفرص الواعدة التي يمتلكها البلدان، لتطوير شراكتهما الاقتصادية، خاصة في المجالات التي تخدم أهداف التنمية المستدامة، وفي مقدمتها الاقتصاد والاستثمار والأمن الغذائي والطاقة المتجددة والبيئة وغيرها من المجالات الحيوية".
وأضافت "وام": "بحث الجانبان عددًا من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وتبادلا وجهات النظر بشأنها، مؤكدين -في هذا السياق- الحرص المشترك على دعم السلام والاستقرار في العالم، والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة".
وذكرت الوكالة أن "الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حمل يلماز تحياته إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتمنياته لتركيا وشعبها بمزيد من النماء والازدهار، كما هنأ جودت يلماز بتعيينه نائبًا لرئيس الجمهورية، متمنيًا له التوفيق في مهامه وخدمة شعبه".
استثمار مباشر
بعد انتخاب تركيا لرئيسها، يناقش المسؤولون الخليجيون الاستثمار المباشر في قطاعي الطاقة والدفاع، بينما لم يتضح وضع الاتفاقيات ولا حجمها ولا إطارها الزمني، بحسب وكالة رويترز.
ونقلت الوكالة عن مصدر تركي مطلع قوله: "من المتوقع تدفق الأموال في الفترة المقبلة، خاصة من الخليج".
وساعدت الاستثمارات والتمويل من الخليج -تحديدًا السعودية والإمارات- في تخفيف الضغط على اقتصاد تركيا الذي يعاني.
وتبذل أنقرة جهودا دبلوماسية منذ عام 2021 لإصلاح العلاقات المتوترة مع السعودية والإمارات. وساعدت الاستثمارات والتمويل من الخليج في تخفيف الضغط على اقتصاد تركيا المتعثر واحتياطي العملة الصعبة.
وتصنف دول الخليج الست على أنها ثالث أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في تركيا بعد بريطانيا وهولندا، فيما تكشف أرقام وزارة الاقتصاد التركية عن وجود 1973 شركة خليجية تعمل في تركيا.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا تتجاوز 5 مليارات دولار، بينما تبلغ قيمة الاستثمارات التركية في الإمارات حوالي 300 مليون دولار.
وبالنسبة إلى السعودية، فإن حجم استثماراتها في تركيا بلغ 18 مليار دولار وفق تصريحات سابقة لوزير التجارة ماجد القصبي.
وقبل شهرين من موعد الانتخابات الرئاسية في تركيا، أعلنت السعودية عن إيداع وديعة بقيمة 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي التركي.
سياسات مالية جديدة
وبعد إعادة انتخابه الشهر الماضي، اختار أردوغان يلماز وشيمشك للحقب الوزارية المالية، في إشارة إلى تغيير سياساته الاقتصادية التقليدية، التي وصفها خبراء بغير الناجعة، وأدت إلى زيادة التضخم وانخفاض قيمة الليرة واستنزاف احتياطي النقد الأجنبي، فضلاً عن تعيينه المسؤولة السابقة في "وول ستريت" حفيظة غاية إركان حاكمة للبنك المركزي.
وشيمشك خبير سابق في بنك ميريل لينش الأمريكي، وسبق أن تولى وزارة الاقتصاد بين عامي 2009 و2015 ثم عُين نائبًا لرئيس الوزراء، مكلفًا بالاقتصاد حتى 2018، وهو أيضًا تكنوقراطي يحظى بتأييد المستثمرين.
وقال شيمشك عند تولي مهامه، إنه يتعين العودة إلى "تدابير عقلانية" للنهوض بالاقتصاد التركي.
وسبق أن استشهد أردوغان -مرارًا- "بتعاليم الإسلام" التي تحرم الربا، كما أكد أن معدلات الفائدة المرتفعة يروِّج لها "لوبي" أجنبي.
لكنه أكد -الأسبوع الماضي- أنه "قبل" بأن يتخذ فريقه الجديد تدابير تتعارض مع قناعاته.
وأعلن أردوغان أن قناعته بضرورة خفض معدلات الفائدة "لا تزال كما هي"، لكنه ألمح إلى أنه منح موافقته على زيادة نسب الفائدة.
رفع سعر الفائدة
وتواجه خطة أردوغان بشأن سياسات أكثر تقليدية اختبارا كبيرا بعد أن تولت حفيظة غاية إركان منصب محافظ البنك المركزي.
وجعلت الأزمة الاقتصادية، التي فاقمها زلزال فبراير الماضي، مشاكل بلد يبلغ تعداد سكانه 85 مليونا وأصبحوا بالكاد يستطيعون شراء السلع الأساسية.
بالمقابل، رفع البنك المركزي التركي –الخميس- معدل الفائدة الرئيسة إلى 15% بتحول كبير في سياساته الاقتصادية غير التقليدية، التي دفع باتجاهها الرئيس رجب طيب أردوغان.
ورفع البنك معدل الفائدة الرئيسة من 8.5% إلى 15% في أول اجتماع له منذ تشكيل أردوغان الحكومة الجديدة.
وأوضح البنك -في بيان- أن هذا القرار يهدف إلى "تشديد السياسة النقدية لتحديد مسار خفض التضخم في أسرع وقت ممكن".
وأضاف: "سيتعزز تشديد السياسة النقدية وفق الحاجة، في الوقت المناسب، وبطريقة تدريجية حتى تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم" في إشارة إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يستمر في الأشهر المقبلة.
وتراجعت الليرة التركية -مطلع يونيو- بأكثر من 7% متدنية إلى مستويات قياسية جديدة، مقابل الدولار واليورو.
وينقسم المحللون حول الشكل الذي قد تتخذه زيادة معدلات الفائدة. ويرى كليمنس غراف الخبير الاقتصادي في غولدمان ساكس أن "مسؤولا يتبع النهج التقليدي سيرفع معدلات الفائدة بنسبة 40 في المئة، إلى مستوى معدلات الفائدة الفعلية السارية".
في المقابل، يتوقع بنك جي.بي مورغان وبنك أوف أميركا زيادة بنسبة 25 في المئة.
ويبعث الفريق الجديد المكلف بإصلاح الاقتصاد إشارات توحي باعتماده مقاربة أبطأ، حسب رأي مكتب كابيتال إيكونوميكس، ومقره لندن، الذي قال "يبدو أن تراجع الليرة التركية توقف منذ الآن".