هل تدمر روسيا العالم من أجل أوكرانيا؟
ما مدى خطورة التهديدات النووية الروسية بالنسبة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي؟

ترجمات-السياق
تساءلت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية عما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستعداً لتدمير العالم، من أجل حربه في أوكرانيا، وقالت إنه بعد نحو ثلاثة عقود من نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي، تواجه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) مخاطر حرب نووية محتملة.
وأَضافت المجلة، في تحليل لرئيس مركز "التحليلات الجيوستراتيجية" الأمريكي بيتر هويسي، أن الإجابة عن السؤال التالي تمثل أهمية بالغة، بالنسبة للنتائج المستقبلية للصراع الحالي حول أوكرانيا: ما مدى خطورة التهديدات النووية الروسية على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي؟
تهديدات بوتين
أشار هويسي إلى أنه وفقاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فإن تهديدات بوتين النووية تبدو خادعة، وهي النقطة التي رددها رئيس الوزراء الروسي السابق أيضاً، الذي قال إن الرئيس الروسي ليس جاداً بشأن تهديده باستخدام القوة النووية في كييف.
وتابع: "ومع ذلك فإن وزير الخارجية الروسي الحالي سيرجي لافروف يبدو أقل تفاؤلاً بشأن الأمر، إذ يقول إن الحرب العالمية الثالثة ستكون بالأسلحة النووية، ما يعني أن الصراع الحالي يمكن أن يخرج بسهولة عن السيطرة، كما أن العديد من التصريحات الرسمية الأخرى للحكومة الروسية، كانت صريحة في أن رد موسكو على أي دولة من دول الناتو تتدخل في نزاع أوكرانيا، سيؤدي إلى (عواقب لم يشهدها العالم)، ما يعني ضمناً أن روسيا ستستخدم الأسلحة النووية".
وأوضح هويسي أنه خلال الأسبوع الماضي أيضاً، أقر مدير المخابرات الوطنية الأمريكية أفريل هينز ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز بأن بوتين تبنى بالفعل استراتيجية "التصعيد للفوز" في ما يتعلق بردع أو محاربة "الناتو".
تحديثات روسيا النووية
نقلت المجلة عن الخبير الأمريكي البارز في القضايا النووية الروسية بالمعهد الوطني للسياسات العامة مارك شنايدر قوله: كل من الإدارات الأمريكية الثلاث الأخيرة، من باراك أوباما حتى دونالد ترامب والآن جو بايدن، أقرت بأن روسيا تبنت سياسة استخدام الضربة المحدودة بالأسلحة النووية، لإنهاء أي أزمة أو صراع تقليدي بشروط مواتية لها.
وأشارت مصادر حكومية روسية للصحيفة، إلى أن موسكو تتمتع بميزات نووية في ما يتعلق بأنواع الأسلحة النووية، التي يمكن أن تجلبها إلى أوكرانيا، لاسيما من حيث السرعة التي يمكن توصيل هذه الأسلحة بها.
وخلال شهادته في الكابيتول هيل، صرح قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية الجنرال تشارلز ريتشارد بأن التحديث النووي المخطط له من الولايات المتحدة، يمثل الحد الأدنى من القدرة المطلوبة لمواجهة التهديد المتزايد من الصين وروسيا، وذلك يعني أن جهود التحديث النووي الإضافية، يمكن أن تكون مبررة لردع التهديدات الروسية بشكل أفضل.
وتابعت المجلة: "كثيرًا ما قيل إن أحد المؤشرات على جدية موسكو باستخدام السلاح النووي، إذا ما كان بوتين قد أمر قواته النووية بالفعل برفع حالة التأهب، ورغم أنه من غير الواضح إلى أي مدى غيرت روسيا عملياً من نشر قواتها النووية، فإنه يمكن إطلاق معظمها بالفعل من مواقعها الحالية أو العادية وقت السلم، من دون الحاجة إلى إعادة الانتشار، من حاملات الصواريخ المتنقلة أو الموانئ أو المطارات، وبذلك فإن بقاء هذه الأنظمة في أماكنها بلا تغيير، لا يشير إلى نية موسكو أو قدرتها على استخدامها".
قوات الرد الأمريكية
رأت المجلة أن السؤال الأهم لا يتعلق بالتحركات الروسية بقدر ما يتعلق بما إذا كانت قدرات الردع الأمريكية، سواء كانت التقليدية أم النووية، تظل ذات مصداقية كافية، لمنع موسكو من تصعيد الصراع إلى المستوى النووي.
ولفتت المجلة إلى أن الولايات المتحدة تمتلك أقل من 200 رأس حربي بطائرات في مختلف دول الناتو الأوروبية، كما أنه ليس لديها صواريخ كروز مسلحة نووياً في البحر مثبتة في مسرح العمليات، إذ تخلصت من هذه الأسلحة منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
وأضافت: للأسف، يزيد الحد من التسلح تعقيد المشكلة، فعلى عكس الأنظمة الاستراتيجية بعيدة المدى الخاصة بروسيا، فإن مخزونها من الأسلحة النووية التكتيكية، الذي يقال إن قوامه 2000، لا يخضع لقيود الحد من التسلح، وعلاوة على ذلك فإن موسكو تمتلك ما يكفي من الأسلحة النووية في متناول اليد للاستخدام النووي في أوروبا".
ووفقاً للمجلة، فإن السياق الأكبر للغزو الروسي الثاني لأوكرانيا، هدف موسكو الطويل الأمد المتمثل في تدمير "الناتو"، إضافة إلى تحييد كييف، وذلك رغم أن الأخيرة ليست عضواً في "الناتو"، وبالنظر إلى أن موسكو ليست لديها أي نتائج مقبولة سوى تحقيق النصر، فإن الولايات المتحدة تواجه مهمة جادة لردع استخدام الأسلحة النووية في صراع إقليمي، كما أنه ربما يكون التحدي الأكبر الذي يواجه الولايات المتحدة، التأكد من ألا تتعدى الحرب الحالية أوكرانيا إلى دول البلطيق وغيرها من أصدقاء واشنطن.
نهاية العالم
حذرت المجلة من أنه في حال فشل الولايات المتحدة في الرد على تهديدات بوتين النووية، خوفاً من اندلاع معركة نهاية العالم، سيدمر حلف الناتو في ذلك الوقت، بينما سيسعى أعضاؤه إلى عقد صفقات أمنية بشكل فردي مع موسكو لمنع المزيد من الصراعات.
ورأت المجلة أن هناك نتيجة أخرى تستحق الدراسة، وهي كيف ترد الصين على العجز المحتمل لحلف الناتو، متسائلة عما إذا كانت قيادة الحزب الشيوعي الصيني ستنظر إلى تقاعس الحلف، كانعكاس لاستعداد الولايات المتحدة للدفاع عن تايوان؟
ونهاية التحليل، قالت "ناشيونال إنترست": بعد ثلاثة عقود من نهاية الحرب الباردة، أصبحت الولايات المتحدة في موقف أكثر خطورة مما كانت عليه، حيث لم تعد واشنطن تواجه عدواً واحداً شمولياً ومسلحاً نووياً بل خصمين.