هل تنتقل الحرب على الإرهاب إلى إفريقيا؟
مع تزايد الجماعات الجهادية يشعر القادة الأفارقة بالقلق من الحفاظ على الاستقرار

ترجمات - السياق
تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عن احتمال انتقال الحرب على الإرهاب، من أفغانستان إلى إفريقيا، بعد سقوط كابل في قبضة حركة طالبان.
الرئيس النيجيري، محمد بخاري، كان يشعر بالقلق، أثناء مشاهدته حركة طالبان تقتحم كابل من "آسو فيلا" في أبوجا، وذلك خوفاً من أن يحل مصير مماثل للبلدان الإفريقية، بسبب عدم حصولها على الدعم من حلفائها الغربيين.
ودعا بخاري -في مقال بصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية- إلى "شراكة شاملة" مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد 20 عامًا، وأضاف: "بصفتنا أفارقة، نشعر وكأننا في يوم الحساب، وذلك في ظِل شعور البعض بأن الغرب يفقد رغبته في القتال، فبعض حلفائنا الغربيين أصيبوا بجروح عميقة، بسبب تجاربهم في الشرق الأوسط وأفغانستان، كما يواجه آخرون ضغوطاً داخلية بسبب كورونا، لذا فإن إفريقيا لم تكن ضمن أولوياتهم، وكذلك ليست الآن".
استثمار أجنبي
وأوضحت مجلة فورين بوليس -في تقرير- أن تصورات الشراكة، التي يتحدَّث عنها بخاري، تتمثَّل في الاستثمار الأجنبي المباشر والدعم التكنولوجي والاستخباراتي للجيوش الإفريقية، مشيرة إلى أنه أشاد بالضربات الجوية الأمريكية، ضد حركة الشباب الصومالية، باعتبارها "الرد الذي كان ينبغي تبنيه".
ولفتت المجلة، إلى أن يد بخاري الممدودة للغرب، تأتي في وقت يواجه فيه انتقادات متزايدة لفشل حكومته المستمر في إخماد التهديد الأمني من حركة بوكو حرام، وكذلك نقص الاستثمار في الاقتصاد، قائلة إن ضباط الأمن النيجيريين، ردوا باستخدام العنف، الذي أدى إلى مقتل 56 شخصاً في أكتوبر 2020 عندما واجهوا انتقادات من المتظاهرين، ورغم محاولات الإصلاح، فإن الفجوة بين إدارة بخاري وأغلبية شباب نيجيريا، آخذة في الاتساع، وفقاً للمجلة.
ورأت "فورين بوليسي" أن ذلك لم يكن الهدف من مقال بخاري الأخير، الذي خاطب فيه جمهوراً خارج البلاد، من خلال إشارته إلى التهديد الإرهابي المحلي في نيجيريا، المتمثِّل في بوكو حرام، وذلك من خلال عبارات عامة، لكنه، بدلاً من ذلك، استخدم المقال، للدفاع عن قراره ببناء خط قطار من نيجيريا إلى النيجر، وهو مشروع استثماري بملياري دولار تقريباً، رفضه النيجيريون، لكنه أشار إليه باعتباره وسيلة لهزيمة الإرهاب.
تجنيد الإرهابيين
ووصفت المجلة، استراتيجية تجنيد الإرهابيين في إفريقيا بـ"السهلة"، معتبرة أن الرئيس النيجيري كان محقاً في نقطة واحدة، هي أن الظروف السائدة في القارة، جعلت التمرُّد خياراً مهنياً قابلاً للتطبيق، للعديد من الشباب الأفارقة.
وتابعت: "بشمالي نيجيريا الفقير، لم تواجه بوكو حرام وولاية غرب إفريقيا الإسلامية، أي مشكلة في تجنيد أعضاء جدد، وبالمثل، في منطقة الساحل، حيث أدى فشل الدول، في التركيز على التنمية خارج العاصمة والمدن التي ليست لها صلة مباشرة بالنخبة السياسية، إلى فجوة سدَّتها الجماعات المتمرِّدة، من خلال توفير الخدمات الأساسية، التي من المفترض أن تكون مهمة عادية لأي حكومة فاعلة".
ولفتت المجلة إلى أنه، عندما تم اكتشاف الغاز في موزمبيق، كان السكان يأملون أن يوفِّر فرص عمل للشباب، لكنه، بدلاً من ذلك، أدى إلى إثراء النخبة السياسية، ومنح فرص جديدة للشركات العالمية، مع القليل من الاستثمار في المنطقة، لذا تحولت الآن مجموعة متنوعة من الشباب المحرومين من حقوقهم، إلى تمرُّد أسفر عن مقتل أكثر من 2600 شخص، في أقل من أربع سنوات.
نفوذ داعش
وأشارت المجلة، إلى بعض التقارير التي تفيد بتعهد إحدى الجماعات الموزمبيقية بالولاء لتنظيم داعش، وهو ما اعتبرته اتجاهاً مقلقاً في القارة، وذلك خلال الفترة التي بدا فيها أن التنظيم آخذ في التضاؤل، في الشرق الأوسط.
أما بغربي إفريقيا، فقد أدى مقتل زعيم بوكو حرام، أبو بكر شيكاو، إلى تحفيز نفوذ داعش في الفناء الخلفي لنيجيريا، إذ استطاعت الجماعة جنوبي وشرق إفريقيا، جذب مجندين جدد، من خلال تقديم وعود بالتوظيف واستخدام شعورهم بالانتماء، لكن لم يكتسب التنظيم موطئ قدم في الصومال، حيث تهيمن حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، ولا في منطقة المغرب العربي، حيث تقاتل الجماعات المتمرِّدة المتنافسة، للسيطرة على منطقة الساحل.
ورأت المجلة، أن شكل الانسحاب الغربي، الذي أدى إلى انهيار كابل، بدأ في إفريقيا، مشيرة إلى أنه في يوليو الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خططًا لسحب أكثر من 2000 جندي من عملية برخان، التي نشرت 5100 جندي في جميع أنحاء بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد منذ عام 2014، وذلك بعد مواجهة ضغوط داخلية، بسبب مخاوف من أن تصبح منطقة الساحل أفغانستان جديدة بالنسبة لفرنسا.
انسحاب ببطء
وقالت المجلة: من المرجَّح أن يحدث الانسحاب من إفريقيا ببطء، وذلك مع تحول الاستراتيجية نحو الدعم الفني ومكافحة الإرهاب، التي ميَّـزت مهمة الاتحاد الأوروبي في تاكوبا، ولكن بالنسبة لأفغانستان، فقد كافحت مختلف مشاريع التنمية الإنسانية للنجاح، وسط استمرار انعدام الأمن.
وأضافت المجلة، أن عدم الاستقرار بدأ الظهور، لافتة إلى انسحاب فرنسا من مالي، بعد أن شهدت البلاد انقلابها الثاني في غضون عام واحد، إضافة إلى تحول أنصار النظام العسكري للبلاد إلى روسيا بدلاً منها، كما أعلنت تشاد، هذا الأسبوع، أنها ستسحب 600 جندي (وهو العدد الذي يبلغ نِصف قوتها) لإعادة نشرهم لمحاربة تهديد المتمردين المحليين، الذي نما منذ وفاة حليف فرنسا، الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي.
فشل جماعي
في غضون ذلك، فإن الهجمات المتفرِّقة على المدنيين، تبدو مستمرة في جميع أنحاء منطقة الساحل بلا هوادة، والأسبوع الماضي فقط، قتل جهاديون مشتبه بهم 80 شخصاً، 59 منهم من المدنيين، في بوركينا فاسو بالقرب من حدود مالي والنيجر، وفقاً للمجلة.
وذكرت "فورين بوليسي" أنه مع اقتراب الذكرى العشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، فإن المراقبين وصُنّاع القرار يعملون على تقييم إخفاقات الحرب الناتجة على الإرهاب، وبالنسبة لإفريقيا، فإن الدرس سيكون هو الفشل الجماعي للقارة، في معالجة الظروف التي أصبحت جاهزة للاستغلال من الجماعات الإرهابية.