بعد أفغانستان.. هل يكون الدور على العراق وسوريا؟
هل يبدأ الحزب الديمقراطي، الترويج لنائبة الرئيس كامالا هاريس، كبديل عملي لبايدن في البيت الأبيض -رغم افتقارها للخبرة في السياسة الخارجية- في وقت أبكر بكثير مما كان متوقَّعًا؟

ترجمات - السياق
بعد 10 أشهر فقط من فوز جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتدافع الديمقراطيون لتدارك تداعيات الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي، إذ أثبت قرار بايدن "الفاشل" والأحداث الكارثية التي نتجت عنه، أنها انتكاسة للحزب الديمقراطي الحاكم.
وأوضحت صحيفة ذا ناشيونال -في تقرير- أن فوز بايدن في انتخابات عام 2020، جاء من خلال الاستفادة من أخطاء ترامب، وليس من خلال تأكيد شخصيته ورؤيته، وأضافت: "بينما الآن، فقد أصبحت السمات السلبية المفترضة في شخصية الرئيس تؤرِّقه هو وحزبه، خاصة مع كشف الأزمة الأفغانية، افتقار إدارته إلى التفكير النقدي والمرونة وحتى الذكاء السياسي".
وتساءل التقرير: هل يبدأ الحزب الديمقراطي، الترويج لنائبة الرئيس كامالا هاريس، كبديل عملي لبايدن في البيت الأبيض -رغم افتقارها للخبرة في السياسة الخارجية- في وقت أبكر بكثير مما كان متوقَّعًا؟
وأشار التقرير، إلى أن ذلك قد يكون هو البديل، خصوصًا في ظِل معارضة الجيش الأمريكي، لقرارات الرئيس الأخيرة في أفغانستان، وخلافات وسائل الإعلام الأمريكية مع إدارته.
خروج آمن
وذكر التقرير أن واشنطن بدأت التفاوض مباشرة مع طالبان، بشأن استراتيجية خروج آمنة للمتحالفين مع الغرب، رغم تلويح الحركة بتهديد أرواح الأمريكيين في كابل، إذا قررت الولايات المتحدة تجميد الأموال الأفغانية، التي تعتقد طالبان أنها تخصها الآن.
واستشهد التقرير، بعقد رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز اجتماعًا سِريًا مع قادة طالبان في كابل، للتباحث في الأمر.
لكن ماذا يحدث إذا فشلوا في التوصل إلى اتفاق؟ هل ترفض طالبان تمديد الموعد النهائي للانسحاب في 31 أغسطس؟
وذكر التقرير:"حينها ستدرك إدارة بايدن، أن مقتل الجنود الأمريكيين في أفغانستان سيكون كارثة بالنسبة لها، خاصة أن 13 منهم قُتلوا في هجمات داعش الإرهابية الخميس الماضي، ومن ثم سيكون الأمر أسوأ بكثير، إذا كان هناك هجوم إرهابي على الأراضي الأمريكية".
كان بايدن حريصًا على الاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر الشهر المقبل، من خلال سحب آخر جندي من القوات الأمريكية من أفغانستان في ذلك اليوم، لكن بعد سيطرة الجماعات الإرهابية على البلاد، اضطر إلى تسريع وتيرة الانسحاب، بحسب التقرير.
ولم يستبعد التقرير، وقوع هجمات جديدة في ذكرى 11 سبتمبر، من تدبير القاعدة أو داعش، ناهيك عن العنف السياسي المحتمل، الذي قالت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، إنها تستعد له من الآن.
الاتفاق النووي
وأشار التقرير إلى أن الفشل في أفغانستان، ليس الوحيد الذي يلاحق بايدن، وإنما أيضًا يلاحقه الفشل في الملف النووي الإيراني، وقالت التقرير، إنه حتى في الوقت الذي تتجه فيه كل الأنظار إلى أفغانستان، فإن المفاوضات النووية، التي تقودها واشنطن مع طهران جارية، ومع ذلك لم يبد في الأفق أي اختراق، في ما يتعلق بعودة إيران إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وهو ما يعني أنه من الممكن أن تنتهي المفاوضات بتنازلات أمريكية جديدة أمام الابتزاز الإيراني.
وتعتقد طهران، أن إحباط قادة الاتحاد الأوروبي، من سلوك الولايات المتحدة في أفغانستان، والفشل اللاحق لقمة مجموعة السبع، بسبب تعنُّت بايدن، سيؤدي إلى زيادة الدعم الأوروبي أمام مطالب الإدارة الأمريكية، والوصول لاتفاق نووي يخدم مصالحها، حسب تقرير الصحيفة.
وأضاف التقرير، أن قرار بايدن لن يكون سهلاً، بالنظر إلى أنه قد يضطر إلى الاختيار بين ترك محادثات فيينا تنهار من جهة، والاستسلام لمطالب إيران من جهة أخرى، مشيرًا إلى أنه في كلتا الحالتين، قد يكلفه ذلك بعض رأسماله السياسي، لكن مشكلته الآن هي أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، صرح بأنه لن ينتظر طويلاً، حتى أنه ألمح إلى تصعيد بلاده لأنشطة بلاده الصاروخية والنووية والإقليمية.
العراق وسوريا
في الوقت الحالي، ينشغل قادة إيران بمشروعهم التخريبي في العراق المجاور، إذ يبدو أنهم توصلوا إلى أن إدارة بايدن ستسرِّع -نهاية المطاف- عملية الانسحاب من هناك.
وأعلنت واشنطن خطتها لسحب القوات المقاتلة من العراق هذا العام، مع الحفاظ على بعض الوجود الأمريكي لأغراض التدريب، ومن ثم فإن إيران تشعر -بلا شك- بفرصة لزيادة سيطرتها على الأصول والموارد العراقية.
في غضون ذلك، يرتبط شمالي شرق سوريا عسكريًا بغربي العراق، وذلك يعني أن انسحاب إدارة بايدن من العراق، قد يؤثِّر في قرارها بمغادرة سوريا أو البقاء، فقد منع الوجود الأمريكي في المناطق الغنية بالنفط شمالي شرق سوريا -حتى الآن- نظام بشار الأسد من وضع سوريا بأكملها تحت سيطرته، لكن بالنظر إلى التكلفة المنخفضة للانتشار في ذلك البلد، سيكون قرار المغادرة غريبًا.
منذ وقت ليس ببعيد، كان التفكير في الانسحاب من سوريا لعنة، بسبب النفوذ الذي منحته واشنطن لروسيا وإيران في ذلك الجزء المهم من المنطقة، وقد كان ذلك مهمًا بالنسبة للأمريكيين، لدرجة أن ترامب اضطر إلى التراجع عن قراره بمغادرة سوريا، بعد أن جادل الجيش الأمريكي بشدة ضده.
وأكد التقرير، أن الخروج الأمريكي من الشرق الأوسط، لن يخدم مصالحها الأمنية، بل يمكن أن يقوِّض رئاسة بايدن، لأن الانسحاب لن يخدم سوى مصالح خصومه -إيران في العراق، وروسيا في سوريا، والصين في البلدين- كما سيحرم الولايات المتحدة مزايا استراتيجية.