في عامه الـ100... الحزب الشيوعي الصيني لا يزال عاجزاً عن الانسجام مع جيرانه

يحتفل الحزب الشيوعي الصيني بالذكرى المائة لتأسيسه الأسبوع المقبل، في ظل تحديات غير مسبوقة في قضايا عدة، خاصةً الأقليات في منطقة شينجيانج شمالي غرب الصين، إلى جانب الموقف في بحر الصين الجنوبي.

في عامه الـ100... الحزب الشيوعي الصيني لا يزال عاجزاً عن الانسجام مع جيرانه

ترجمات - السياق

سلَّطت مجلة «ذا ديبلومات» الأمريكية، الضوء على مرور قرن من الزمان، على بدء تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، مشيرة إلى أن هذا الاحتفال يأتي بينما لا يزال الحزب غير قادر على الانسجام مع جيرانه، وسط تحديات دولية متزايدة.

وقالت المجلة: يحتفل الحزب الشيوعي الصيني بالذكرى المائة لتأسيسه الأسبوع المقبل، في ظل تحديات غير مسبوقة في قضايا عدة، خاصةً الأقليات في منطقة شينجيانج شمالي غرب الصين، إلى جانب الموقف في بحر الصين الجنوبي.

يذكر أن الآراء  الرافضة لتحركات الصين، وصلت إلى مستويات تاريخية في بلدان عدة، كما تزايد الإدراك بأن الصين لا تزال تفتقد الشفافية، في ما يتعلَّق بالإفصاح عن سبب انتشار جائحة كورونا، إضافة إلى أنها خسرت مكانتها بين جيرانها، خصوصًا دول آسيا الوسطى.

في سياقٍ متصل، ذكر تقرير أعدَّته "مؤسسة بيرتلسمان" أن العلاقات بين الصين وحكومات دول آسيا الوسطى، ما زالت سلبية بشكل عام، وتمثِّل عقبة أمام طموحاتها، كما زادت احتجاجات المواطنين، في الدول المجاورة للصين، ضد الوجود الصيني في بلدانهم.

بيد أن الحزب الشيوعي الصيني، لم يظهر ميلًا كبيرًا للاستماع والاستجابة لمطالب شعبه للتغيير داخل الحزب، ويجد صعوبة أكبر في استيعاب الانتقادات الخارجية لأساليبه وأهدافه.

 

خيبة أمل

من جانبه، نشر مركز بيو للدراسات -‏مركز أبحاث أمريكي غير حزبي ومقره واشنطن العاصمة- تقريرًا بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي، بعنوان "وجهات النظر غير المواتية للصين تصل إلى مستويات تاريخية عالية في بلدان عدة"، اعتبر أن هناك خيبة أمل لعدد من الدول، تجاه السياسة الصينية.

وقدَّم التقرير تفاصيل لتدهور علاقات الصين، بالعديد من دول الغرب، خلال السنوات الماضية، خصوصًا بسبب تصميمها على عدم الشفافية في ما يتعلق بنشأة فيروس كورونا، وكذلك انتشاره دوليًا.

الأمر الأكثر إثارة للدهشة، هو تضارب العلاقات بين الصين وجيرانها، فبينما يشتكي سكان دول عدة، من تدخلات بكين في سياساتها الداخلية، نجحت بكين في الاتفاق مع دول آسيا الوسطى الخمس "كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان"، لإكمال مبادرة الحزام والطريق (BRI)، وهي المناورة الجيوسياسية المميزة للرئيس الصيني شي جين بينغ، للاستثمار في العالم، وربطها جميعًا بالصين.

كما ذكر تقرير أعدَّته مؤسسة برتلسمان، أن العلاقات بين حكومة بكين ودول آسيا الوسطى، قد تبدو دافئة، إلا أن النظرة العامة للصين سلبية داخل هذه البلدان.

وأشار التقرير إلى أن فلسفة "رهاب الصين"، التي تستخدمها بكين لتخويف جيرانها، أو ما تسمى "نظرية التهديد الصيني"، منتشرة في آسيا الوسطى بشكل كبير، وتمثِّل عقبة أمام طموحاتها التوسُّعية.

الأمر نفسه أيضاً، ينطبق على دول بحر قزوين، فقد وجد التقرير أن الجمهور في دول بحر قزوين "يميل إلى النظر إلى الأمور من منظور التشكك طويل الأمد" في الصين.

 

عداء متجذِّر

يرجع التقرير سوء العلاقات بين الصين وجيرانها، إلى أصول تاريخية: "هناك تحيز واسع الانتشار ضد الصينيين، متجذِّر في الغالب، في تاريخ العداء المتأصِّل في روايات الفلكلور، الذي تعزِّزه الذاكرة العالقة للدعاية، التي تعود إلى الحقبة السوفييتية."

وتصوَّر التقرير أن المواجهة التاريخية، بين الصين والشعوب البدوية في آسيا الوسطى، تدعم الآراء القائلة إن الوجود الصيني "تحرُّك مدروس جيدًا لجار مفترس قديم، يتطلَّع إلى إخضاع المنطقة واستغلالها لمصلحته".

وتوضح مجلة «ذا ديبلومات» أن أبرز جوانب العلاقة، بين الصين وجيرانها الغربيين، هو عدد وشراسة احتجاجات المواطنين ضد الوجود الصيني في بلدانهم، إذ أصبحت مثل هذه الاحتجاجات متكرِّرة وبشكل متزايد.

كانت جمعية أوكسوس لآسيا الوسطى، أصدرت تقريرًا في سبتمبر 2020 يوضح بالتفصيل والخرائط "أنماط المعارضة" والاحتجاج في آسيا الوسطى.

 

وجاء كالتالي:

من 1 يناير 2018 إلى 31 أغسطس 2020، أبلغت أداة تعقُّب الاحتجاجات في آسيا الوسطى (CAPT) في تقرير، عن 981 احتجاجًا في دول آسيا الوسطى الخمس. من بين هؤلاء، كان 10 في المئة (أو 98 احتجاجًا في 31 شهرًا) ضد الوجود الصيني. وقد وقعت جميع الاحتجاجات في كازاخستان، باستثناء واحد في قيرغيزستان.

شهدت كازاخستان 57 احتجاجًا، ضد مشاريع الاستثمار الصينية خلال هذه الفترة. كما أوضح التقرير أنه في 3 سبتمبر 2019، تجمَّع نحو مئة متظاهر في جاناوزن، وهي مدينة في مقاطعة أوبليس مانكيستاو في كازاخستان، للمطالبة بإنهاء المشاريع الصينية في البلاد. في اليوم نفسه، نظَّمت سلسلة من المسيرات ضد التوسُّع الصيني في مناطق نور سلطان، وأكتوبي، وشيمكنت.

من الواضح أن القادة والمواطنين الكازاخيين، يفهمون الأهمية الاستراتيجية لبلادهم بالنسبة للصين، فقد أشار تقرير الاحتجاجات، إلى أن "المسؤولين الكازاخستانيين، غالبًا ما يشيرون إلى بلادهم على أنها" مشبك "في" الحزام "الصيني، في إشارة إلى مشاريع البنية التحتية البرية لمبادرة الحزام والطريق (BRI) التي تربط أوروبا وآسيا".

 

احتجاجات قيرغيزستان

كما شهدت قيرغيزستان 40 احتجاجًا، على النشاط الصيني داخل حدودها خلال الفترة نفسها.

استهدفت الاحتجاجات -حسب "ذا ديبلومات"- قطاع التعدين، والفشل في توليد الطاقة، في محطة الطاقة الرئيسة في بيشكيك، بعد ترقية الشركة الصينية لنظامها، والدعوات لإرسال 12000 عامل صيني في البلاد، وحماية أراضي قيرغيزستان، من الاستيلاء عليها، من قِبَلِ الصين.

إضافة إلى ذلك، ذكر تقرير الاحتجاجات، أن أعمال عنف اندلعت بين المئات من السكان في قيرغيزستان وعمال التعدين الصينيين، في أغسطس 2019 بسبب اتهامات بأن الشركة الصينية كانت تسمِّم إمدادات المياه المحلية، وتقول إن خُطط بناء مركز لوجستي بتمويل صيني بـ 280 مليون دولار، تم التخلي عنها.

ويتفق محللون، على أن حكومات آسيا الوسطى، تجد نفسها عالقة بين تهدئة السخط المحلي وحتى الغضب مما يعتبره المحتجون استغلالًا لبلدهم، من خلال الصفقات المشبوهة مع بكين، بينما في الوقت نفسه، أخذوا أموال الصين في قروض البنية التحتية، وإيجاد طرق للحفاظ عليها.

وتختم "ذا ديبلومات" تقريرها بالقول: إن فشل الصين في تقديم قوتها الناعمة، بطرق تحقِّق نتائج إيجابية مع جيرانها، مصدر إحباط للحزب الشيوعي الصيني.

كما لم يُظهر الحزب الشيوعي الصيني، ميلًا كبيرًا للاستماع والاستجابة لمطالب شعبه للتغيير داخل الحزب، إذ يجد صعوبة أكبر في استيعاب الانتقادات من الجماهير في الخارج، لأساليبه وأهدافه.

وهو ما جعل "ذا ديبلومات" تختتم تقريرها بالقول: من الواضح أن بناء بكين لصورة إيجابية، مع أقرب جيرانها، مشروع بعيد المنال، وقد لا يظهر إلا القرن المقبل.