أوكرانيا تتقدم وروسيا تتوعد بالرد... من يصمد ومن ينسحب؟
محللون: الاستخبارات الأمريكية تلعب دورًا حاسمًا... وموسكو تريد إطالة الحرب إلى الشتاء

السياق
بعد اقتراب دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها السابع، باتت الأزمة على وشك تحول جديد، في أعقاب عمليات عسكرية تمكنت خلالها كييف من إجبار قوات موسكو على التراجع.
ففي الوقت الذي تعيش فيه فرحة التقدم بحدودها الشرقية والانتصار في معارك عدة على القوات الروسية، أعلن الكرملين أن معارك الشرق لاتزال تحتوي على الكثير، بعدما أكد أن الرئيس الروسي بوتين على تواصل مستمر بالقادة شرقي أوكرانيا، وأن العمليات العسكرية ستحقق أهدافها، وأن وزارة الدفاع ستتحرك عسكريًا في خاركيف، تبعت ذلك إفادة من وزارة الدفاع الروسية بشن غارات جوية على القوات الأوكرانية في منطقة خاركيف.
الأحداث المتسارعة في خاركيف تشير إلى أنه لا نهاية قريبة للحرب، وهو ما أكده أيضًا الكرملين بقوله إنه لا يرى أي احتمال للتفاوض مع أوكرانيا خلال هذه الفترة.
على الجانب الآخر تبدو معنويات كييف و"الناتو" مرتفعة والثقة بأنهم قادرون على الاستمرار في الحرب أكبر، حتى وإن كانت القوات الروسية أكثر كفاءة، لكن وضع الميدان الحالي في خاركيف يميل لصالح رفقاء زيلنسكي على حساب بوتين ورجاله.
الجيش الأوكراني أعلن استعادة السيطرة على 30 بلدة ومدينة في خاركيف بعد قرابة 4 أيام من الهجوم المضاد، الذي وُصف بأنه كان خاطفًا على طريقة حروب هتلر، وأن كييف استعادت أكثر من 3 آلاف كيلومتر من قبضة القوات الروسية شرقًا وجنوبًا.
المساحات التي يتحدث عنها الجيش الأوكراني كبيرة وموسكو لم تنفِ، بل قالت إن الرئيس بوتين يتابع الموقف وإن قواتها الجوية ستتدخل، فكيف وصلت أوكرانيا إلى هذه الدرجة من التقدم لأول مرة بعد قرابة 7 أشهر من الحرب؟
خداع استراتيجي
اللواء الأسترالي المتقاعد، ميك ريان، قال عبر "تويتر" إن الأوكرانيين استغلوا التركيز الروسي على الجنوب، وشنوا هجومًا مضادًا على خاركيف شرقًا، للتوغل سريعًا في دفاعات الروس، وتدمير مقرات الدعم اللوجستي والقيادة التي تدعم الجبهة الشرقية.
التركيز الروسي على الجنوب، جاء بناءً على خداع استراتيجي أوكراني، بعدما أعلنت كييف -يوليو الماضي- عزمها شن هجوم لاستعادة أراضٍ خيرسون جنوبي البلاد، لتعزز القوات الروسية وجودها هناك وسحب عدد من قواتها في خاركيف.
بالمقابل، سحبت روسيا قواتها لإنشاء دفاع متعدد المستويات في الجنوب على حساب ذلك في أماكن المواجهة الأخرى تحديدًا في خاركيف.
ميكولا بيليسكوف، الزميل الباحث في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، يقول إن بلاده خدعت الروس وجعلتهم يعيدون توزيع قواتهم، وسيكون من الصعب عليهم إجراء مناورة في الاتجاه المعاكس، مضيفًا أن أوكرانيا جنت ثمار قرار بوتين بشن حرب على أوكرانيا، باستخدام قوات متواضعة.
تتراوح أعداد القوات الروسية المنتشرة على طول خط المواجهة في خاركيف بين 200 و250 ألف جندي، وهو عدد قليل وفقًا للمحللين.
دعم مخابراتي
وِجهة النظر الأوكرانية -بشكل عام- تميل إلى أن المباغتة والخداع كانا أهم أسباب التقدم حتى الآن في خاركيف، لكن هناك آراء أخرى، لاسيما في الغرب الذي يرى أن النجاحات الأوكرانية تعتمد على دعم غربي استخباراتي وتقني وتخطيطي.
في السياق ذاته قال مسؤولون أمريكيون لصحيفة نيويورك تايمز إن المكاسب الأوكرانية جاءت نتيجة زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة.
وبالتوازي مع المعلومات الاستخباراتية، لعبت الأسلحة الغربية دورًا بارزًا خلال العمليات الأخيرة.
وقال المستشار الرئاسي الأوكراني ميخايلو بودولياك إن النجاحات أثبتت قدرة كييف على استخدام الأسلحة الغربية الحديثة بشكل فعال لإنهاء احتلال أراضيها.
وأكد ديمترو كوليبا، وزير خارجية أوكرانيا، أن التقدم العسكري الأوكراني، الذي يتحقق على الأرض في الفترة الأخيرة، قد يؤدي إلى نهاية الحرب بسرعة تفوق التوقعات، حال استمرار تدفق الأسلحة التي ترسلها قوى الغرب.
أسلحة وتغيير جديد
وفقًا لتصريحات الخبير الاستراتيجي المصري اللواء سمير فرج، فإن الأسلحة الأمريكية التي حصلت عليها أوكرانيا، خاصة قاذفات الصواريخ المتعددة بعيدة المدى، ساعدت في تحقيقهم التقدم في الشرق، لكن في الوقت نفسه جاءت ظروف الحرب في صالحها.
وأوضح أن روسيا استبدلت بالقوات النظامية المقاتلة بعد 6 أشهر من الحرب قوات جديدة أقل خبرة وكفاءة، مفسرًا ذلك بأنه بسبب "مرض الخنادق"،الذي يصيب الجنود بعد البقاء فترات طويلة في مواقع تحت الأرض، وأن جاهزيتهم للقتال تتأثر بمرور الوقت.
اللواء سمير فرج أكد أن موسكو ستعيد حشد قواتها، وأن هناك تغييرات جديدة على الأرض خلال الفترة المقبلة.
في الوقت ذاته أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن موارد روسيا لاتزال كبيرة، وأن الرئيس بوتين مستعد لتقديم الكثير من مهما كانت التكلفة باهظة، مشيرًا إلى أن تلك الحرب من المرجح أن تستمر فترة طويلة.
اللواء سمير فرج هو الآخر أكد أن روسيا تسعى لإطالة أمد القتال، وأن استراتيجيتها تستهدف الوصول إلى الشتاء، للضغط على الغرب بسلاح الغاز.
من جانبه قال الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إن الحرب تدخل مرحلة حرجة، حيث تحرز أوكرانيا تقدماً في ساحة المعركة، متعهدًا بمواصلة دعم كييف.