نسجها مؤيدوه... الخرافات السبع للاتفاق النووي
ماذا بعد وصول إيران إلى امتلاك القنبلة النووية؟

ترجمات – السياق
سلَّط معهد هدسون -وهو مركز أبحاث أمريكي- الضوء على ما سماها "الخرافات السبع" التي نسجها مؤيدو الاتفاق النووي المعروف رسميًا بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، مع اقتراب الولايات المتحدة من إبرام اتفاق نهائي مع إيران لإحياء اتفاق 2015.
وأشار المعهد -المحسوب على التيار المحافظ في الولايات المتحدة- إلى أنه من المقرر أن يطلع المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روبرت مالي، أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، على الاتفاق النووي الإيراني، بجلسة سرية، في 14 سبتمبر الجاري.
أمام هذا التطور، ومع قرب إنهاء الاتفاق، وجَّه المعهد سبعة أسئلة للإدارة الأمريكية، في ما يخص التعتيم الإعلامي بشأن الصفقة ومواقف دول المنطقة منها، ومدى إمكانية وصول طهران لإنتاج "سلاح نووي".
وأوضح المعهد أن المتابع لعلاقات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يخلص إلى أن طهران لم تتراجع عن اعتزامها بناء قدرة أسلحة نووية، وأن أنشطتها النووية "المدنية" المعلنة محاولة لإخفاء برنامجها للقنابل النووية.
ومع ذلك، والحديث للمعهد، منذ بداية خطة العمل الشاملة المشتركة، نسج مؤيدو الاتفاق خرافات تخفي هذه الحقائق الواضحة.
وبحسب المعهد، فإنه بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، استمر هؤلاء المؤيدون أنفسهم في سرد ما وصفها بـ"الخرافات القديمة"، مع إضافة بعض الخرافات الجديدة للميزة النسبية المزعومة لخطة العمل الشاملة المشتركة على أسلوب ممارسة "أقصى ضغط" الذي انتهجه ترامب ضد إيران.
تباينات
في البداية، كشف المعهد تباينات في ما يتم إعلانه للجمهور الأمريكي، مشيرًا إلى أنه بينما أكدت شبكة بي بي إس الأمريكية -في 12 أغسطس الماضي- أنه بسبب العقوبات الأمريكية، لا يمكن لإيران بيع النفط في السوق الدولية، أفادت وكالة رويترز في مارس الماضي بأن "مشتريات الصين من النفط الإيراني ارتفعت إلى مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة، متجاوزة ذروة عام 2017 عندما لم تكن التجارة خاضعة لعقوبات أمريكية".
وحسب "رويترز" فإن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن "اختارت -حتى الآن- عدم إنفاذ العقوبات ضد الأفراد والشركات الصينية وسط المفاوضات إحياء صفقة 2015، وتساءل المعهد: من يقول الحقيقة، "رويترز" أم إدارة بايدن؟
وكان السؤال الثاني عن الموقف الإسرائيلي من الصفقة، وقال المعهد: "إذا عادت الولايات المتحدة للانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، هل تتوقع إدارة بايدن أن تتوقف إسرائيل عن القيام بعمليات عسكرية واستخباراتية تهدف إلى تخريب برنامج إيران النووي؟".
وأضاف المعهد: "إذا استمرت إسرائيل في هذه العمليات، هل يراها البيت الأبيض هجمات ضد المصالح الأمريكية، كما نصت خطة العمل الشاملة المشتركة؟ وهل في المقابل، سيوصي البيت الأبيض بأن يزود إسرائيل -على الفور- بالقدرات اللازمة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، حال فشل خطة العمل الشاملة المشتركة؟".
وذكر المعهد أنه بعد 3 سنوات فقط من إبرام الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران، أجرى عملاء إسرائيليون عملية دراماتيكية في طهران، اقتحموا خلالها مستودعًا سريًا واستولوا على مجموعة من الملفات النووية الإيرانية.
ولفت إلى أن الوثائق التي استولى عليها العملاء الإسرائيليون كشفت عن برنامج أسلحة نووية أكثر تطورًا مما كان معروفًا، كما أظهر الأرشيف النووي المستولي عليه خطة المسؤولين الإيرانيين لإخفاء جهود الأسلحة النووية، تحت ستار البحث والتطوير المدني.
بينما تناول السؤال الثالث الموقف في الشرق الأوسط من الاتفاقية، وتساءل المعهد: "إذا وعدت الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية ودول الشرق الأوسط الأخرى بأنها ستدعم جهودها للوصول إلى التكنولوجيا النووية الروسية والغربية، وقدرات دورة الوقود نفسها، والضمانات الأمنية نفسها لبرامجها النووية التي تقدمها إيران، هل يكون ذلك وفق خطة العمل الشاملة المشتركة أيضًا؟".
امتثال إيران
أما السؤال الرابع، فكان عن مدى إمكانية امتثال إيران، إذ قال المعهد: "في أكتوبر 2025، ستنتهي صلاحية آلية العودة المفاجئة لخطة العمل الشاملة المشتركة، ما يعني أنه ما لم يوافق الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إعادة فرض العقوبات أو القيود على إيران (وهو أمر مستحيل بسبب التوترات الجيوسياسية الحالية)، فإن التهديد بتوحيد العمل الدولي ضد إيران سوف يختفي، وبذلك ما الذي يجعل إدارة بايدن تعتقد أن إيران ستمتثل لشروط خطة العمل الشاملة المشتركة بعد زوال تهديد العقوبات الموحدة دوليًا؟".
وبيّن المعهد، أنه قبل وأثناء وبعد "امتثال" إيران لخطة العمل الشاملة المشتركة، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه بسبب رفض طهران التعاون في ما يتعلق بالأنشطة والمواد النووية غير المعلنة، لا يمكن للوكالة تقديم تأكيدات بأن البرنامج النووي الإيراني سلمي.
أما السؤال الخامس، فكان عن الدور العسكري الإيراني في المنطقة، إذ أشار المعهد إلى أنه عام 2015، أعرب كولن كال -الذي يشغل الآن منصب وكيل وزارة الدفاع للسياسة، الذي كان حينها مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس جو بايدن- عن ثقته بأن مليارات الدولارات التي خُصصت لتخفيف العقوبات ضد طهران، لن تستخدمها الأخيرة عسكريًا، وإنما في دعم الخبز لمواطنيها، إلا أن ما يحدث اليوم يكشف العكس، إذ قفزت ميزانية الدفاع الإيرانية بأكثر من 30 في المئة في السنوات الثلاث الأولى بعد خطة العمل الشاملة المشتركة.
علاوة على ذلك -حسب المعهد- ارتفع أيضًا التمويل الإيراني للجماعات الإرهابية والجماعات المتطرفة المسلحة، كحزب الله وحماس والحوثيين وجبهة البوليساريو والجهاد الإسلامي الفلسطيني.
وتساءل هدسون: كيف تنفق إيران مئات المليارات من الدولارات التي ستوفرها لها العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة؟ قائلًا إلى إدارة بايدن: "إذا انتهى الأمر بعكس ما توقعه كال -أي إنفاق المزيد من الأموال لتحديث القدرات العسكرية الإيرانية- ما التوصيات التي سيقدمها البيت الأبيض لتخفيف المخاطر التي قد تشكلها إيران، بعد أن تكون بلغت حد التخصيب النووي؟".
السلاح النووي
وتساءل هدسون، (في السؤال السادس) عن ماذا بعد وصول إيران إلى امتلاك القنبلة النووية؟ مبينًا أن خطة العمل المشتركة الشاملة تضمن أن تمتلك إيران القدرات الحاسمة التي تحتاجها لصنع أسلحة نووية، وفقًا للخطط طويلة الأمد التي طورتها وتواصل مراجعتها.
وأشار إلى أنه بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2018، انتهكت إيران شروط الاتفاق الموقع عام 2015 بطرق عدة، مثل تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 60%، وتخزين أطنان من اليورانيوم المخصب، وتجربة تعدين اليورانيوم.
وبيّن أن هذه الانتهاكات تشترك في شيئين: الأول أنها ليس لها غرض معقول سوى تطوير أسلحة نووية، والآخر أن البنية التحتية النووية التي تضمنها خطة العمل المشتركة الشاملة هي ما جعلها ممكنة.
ورأى المعهد، أن إيران الآن أمام أسابيع لكي تمتلك ما يكفي من المواد الانشطارية لخمسة أجهزة نووية، وخلاصة القول، أن السرعة والسهولة التي يمكن أن تنتهك بهما شروط الاتفاق في الوقت الذي تختاره تثبت أن الصفقة لم تسد طريق طهران في الحصول على سلاح نووي.
وشدد على أن قدرة إيران على الانتهاك السريع لبنود خطة العمل الشاملة المشتركة، تشير إلى أن الصفقة لم توفر فترة اختراق مدتها عام واحد، وأن السماح لإيران بالحفاظ على البنية التحتية النووية التي استخدمتها لهذه الانتهاكات كان خطأ فادحًا.
وأوضح أنه على مدى السنوات المتبقية من الصفقة، تسمح خطة العمل المشتركة الشاملة، بأن تنمو البنية التحتية (التي لا تحتاجها إيران سلميًا)، بينما تختفي القيود المفروضة عليها بسرعة.
وطلب المعهد، توضيح كيف أن الاتفاقية، عام 2031 "ستمنع كل مسارات إيران لامتلاك سلاح نووي"، كما ادعى مؤيدوها مرارًا وتكرارًا.
وكشف هدسون -في سؤاله السابع- كيف خدع المسؤولون الإيرانيون بشكل منهجي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معقبًا بأن إيران -بصفتها دولة موقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية- مطالبة بالتعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، للتحقق من الطبيعة السلمية لبرنامجها.
وأضاف المعهد، أنه بعد أن تقاسم الإسرائيليين الأرشيف النووي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وجد مفتشوها آثار يورانيوم في مواقع غير معلنة، ورغم التزامها بذلك، رفضت طهران توضيح وجوده أو كشف موقعه الحالي.
وأوضح المعهد أن متطلبات إيران بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي منفصلة تمامًا عن خطة العمل الشاملة المشتركة، لافتًا إلى أن طهران تستغل رغبة إدارة الرئيس الأمريكي في العودة إلى الاتفاق النووي، للضغط السياسي على الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لطي الصفحة الخاصة بانتهاكات إيران.