بالتزامن مع الكوارث الطبيعية... هل تتحرك طالبان باكستان لتكرار سيناريو أفغانستان؟

فاطمة حكمت الناشطة والمحللة السياسية الأفغانية، أكدت لـ السياق، أن طالبان باكستان لا يمكن أن تكرر سيناريو طالبان أفغانستان، لأسباب عدة، أبرزها: أن حكومة وجيش باكستان واستخباراتها، من الصعب التغلب عليها.

بالتزامن مع الكوارث الطبيعية... هل تتحرك طالبان باكستان لتكرار سيناريو أفغانستان؟

السياق

بالتزامن مع الكوارث الطبيعية التي تضرب باكستان، وخلفت آلاف القتلى والمصابين والنازحين، بدأ الجيش التحرك ضد حركة "طالبان باكستان"، ونفذ هجومًا على أحد مواقع الحركة في منطقة بويا شمالي وزيرستان.

جاء هذا الهجوم بعد نحو شهرين من إعلان "طالبان باكستان" وقف إطلاق النار "حتى إشعار آخر"، لتسهيل مفاوضات السلام مع الحكومة.

هذه الصورة تثير تساؤلًا مهمًا: هل تتحرك "طالبان باكستان" لتكثيف عملياتها، في ظل انشغال الحكومة الباكستانية بأزمة الفيضانات، في محاولة لإعادة سيناريو "طالبان أفغانستان"؟.

كان مسؤول حكومي باكستان، اتهم "طالبان الباكستانية" بتنفيذ عمليات اغتيال، وتوسيع نطاق تحركاتها في البلاد.

 

مركزية ونفور

أحمد سلطان الخبير في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب، يقول لـ "السياق"، إن هناك فروقًا جوهرية بين طالبان باكستان ونظيرتها في أفغانستان.

وأوضح أن نشاط طالبان أفغانستان كان يشمل أغلبية المناطق الأفغانية، ويعتمد على المجتمعات المحلية، بمعني توظيف السكان في العمليات، والحركة تتبع نمط شبه لامركزي، يسمح لها بالانتشار بشكل كبير جدًا في أقاليم البلاد، مع الاعتماد على وحدات التدخل السريع التابعة لقيادات الحركة.

أما لحركة طالبان باكستان، فيؤكد سلطان أن الوضع مختلف تمامًا، فهي تنشط بمناطق القبائل الأفغانية في وزير ستان، وهي أكثر تشددًا وتتبنى مواقف متشددة في ما يتعلق باستهداف خصومها، حتى أنها كانت تنفذ هجمات استهداف القادة المعادين لها، سواء داخل المساجد أم في المناطق السكنية المكتظة، وهو ما أحدث حالة نفور كبير منها، رغم أنها تقدم نفسها كمنهج جهادي أصيل، من وجهة نظرها بالطبع.

وأوضح الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي والإرهاب، أنه بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، أصبحت هناك هدنة بين الحكومة والجيش الباكستاني من جهة وبين طالبان باكستان من جهة أخرى، وللمفارقة أن حركة طالبان باكستان وفي مقدمتها الملا يعقوب نجل الملا محمد عمر، المؤسس لحركة طالبان أفغانستان، كان من الذين توسطوا لعقد هذه الهدنة، وكان من المتوقع الوصول إلى اتفاق شامل بينهما، لكن المفاوضات تعثرت، ثم شنت الحركة هجمات على مواقع للجيش، الذي شن أيضًا هجمات على معاقل طالبان باكستان.

 

سيناريو مستبعد

وبالنسبة لإعادة سيناريو طالبان أفغانستان، يرى سلطان أنه مستبعد في الوقت الحالي، وربما تشن الحركة هجمات مكثفة داخل بعض المدن أو بعض القبائل الباكستانية، لتؤكد للجيش أن الهجمات التي شنها، لن تمر بلا رد.

وشدد على أن الحركة لن تكون قادرة، في المدى القصير ولا المتوسط، على إسقاط الجيش الباكستاني، فالوضع في أفغانستان مختلف عنه في باكستان.

ونوه إلى أن طالبان أفغانستان تعاملت عسكريًا مع الجيش الأمريكي المحتل، وكانت هناك أطياف كبيرة داخل أفغانستان ضده، لكن الجيش الباكستاني وطني لأنه جيش الدولة، وحتى إذا كانت طالبان باكستان تتبنى موقفًا ضده، فذلك لا يعني أن تكرار تجربة طالبان أفغانستان قريب المنال أو يمكن تحقيقه.

حركة طالبان الباكستانية جماعة منفصلة عن طالبان بأفغانستان، منذ 2007، ويتبعان العقيدة نفسها، ولهما تاريخ مشترك.

 

قدرات ضعيفة

الدكتور نور الهدا فرزام، الباحث الأفغاني في العلوم السياسية يقول لـ"السياق"، إن طالبان باکستان، یمکنها فقط ضرب الأمن في بعض المناطق القبلیة مثل: خیبر بختون، و‌خواه، وبلوشستان، أما قدرته على إسقاط الدولة الباکستانیة وتفكيك جيشه، فاحتمال بعید.

وأشار الباحث الأفغاني في العلوم السياسية إلى أن باکستان لها مؤسسات قویة مثل الجیش والجهاز المخابراتي، بجانب مؤسسة القضاء، في المقابل، حركة طالبان کیان ضعیف، لا یمکنها مواجهة کل هذه المؤسسات ولا إسقاط الدولة.

واستدل فرزام على رؤيته أيضاَ بعدم وجود ظهير شعبي لحركة طالبان باكستان، على عكس نظيرتها في أفغانستان، إذ إن الأخيرة حاضرة بين شعب "مفكك داخلیًا"، ونسبة داعميها کانت کبیرة، أما في باکستان فالأمر مختلف، إذ إن معظم الشعب الباكستاني يدعم دولته.

ولم يغفل الباحث الأفغاني دور الدعم السياسي الخارجي لطالبان أفغانستان ودوره في السيطرة على البلاد، وأشار إلى أنها کانت تحظى بدعم قوي من جهات خارجة مثل: باکستان وإیران والصین وروسیا، أما طالبان باکستان فلا تملك هذا الدعم، لذا هناك صعوبة في تكرار سيناريو أفغانستان.

وفي ما يتعلق بالنطاق الجغرافي، أشار فرزام إلى أن طالبان أفغانستان کان لها حضور في معظم أقاليم البلاد، أما نظيرتها بباکستان فلیس لها تشکیل عسکري وسیاسي في البلاد، على مستوى نظيرتها في أفغانستان.

 

مركزية باكستان

فاطمة حكمت الناشطة والمحللة السياسية الأفغانية، أكدت لـ"السياق"، أن طالبان باكستان لا يمكن أن تكرر سيناريو طالبان أفغانستان، لأسباب عدة، أبرزها: أن حكومة وجيش باكستان واستخباراتها، من الصعب التغلب عليها.

وأوضحت أن الجيش الباكستاني "منسجم" والاستخبارات هناك قوية، فهي دولة مركزية ويمكن أن تتخذ قرارات صارمة ضد تحرك طالبان، إذا فكرت في تكرار سيناريو نظيرتها بأفغانستان، التي استولت على أغلبية المحافظات الأفغانية بلا مقاومة، ماعدا مقاومة محدودة في هرات ونيمروز ولشكرگاه.

ثاني هذه الأسباب -بحسب حكمت- الفرق بين طالبان أفغانستان ونظيرتها في باكستان، إذ إن الأولى كانت منتشرة تقريبًا في كل البلاد، على عكس طالبان باكستان التي أغلبية تركيزها في مناطق خيبر بشتونخوا وأيضا بلوشستان، أي المناطق الحدودية مع أفغانستان.

وربطت حكمت قدرة طالبان باكستان على تكرار سيناريو أفغانستان، بحصولها على دعم من الأخيرة، وأكدت أنه أمر يصعب تنفيذه، وفق اتفاقية الدوحة التي تعهدت فيها طالبان أفغانستان بعدم استخدام أراضي البلاد كقاعدة لانطلاق هجمات إرهابية، كما أن كابل تسعى إلى الحصول على دعم واعتراف دولي بها، لذا لن تدعم نظيرتها في باكستان.