تعقيد جديد في الأزمة الليبية... خبراء يقترحون 3 حلول والأنظار تتجه إلى السيناريو المصري

الملف الليبي لن يحل إلا بأمر من اثنين، إما دخول باشاغا طرابلس وهو أمر مستبعد، وإما بثورة شعبية جديدة تقتلع كل الأجسام من موقعها

تعقيد جديد في الأزمة الليبية... خبراء يقترحون 3 حلول والأنظار تتجه إلى السيناريو المصري

السياق 

قضية قديمة متجددة تشق طريقها إلى الأزمة الليبية، رافعة شعار «لا حل، لا انتخابات» من دون التسوية أولًا، إلا أن ما كان في الماضي مؤجلًا بات حسمه الآن ضرورة ملحة، لمنع انزلاق البلد الإفريقي إلى مربع العنف والفوضى الذي لازمه عقدًا كاملًا.
تلك القضية، التي تتمثل في القاعدة الدستورية الليبية، لم تجد طريقًا إلى الحل، رغم الجلسات التي عقدها مجلسا النواب وما يعرف بـ«الأعلى للدولة»، عبر لجنة مشتركة منهما، إضافة إلى ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي طويت صفحاته من دون حلول لتلك الأزمة.
أمام انسداد الأفق السياسي وظهور بوادر شبح عودة الانقسام إلى ليبيا، إثر أزمة الحكومتين المتناحرتين على السلطة، باتت القاعدة الدستورية أمل الليبيين في الخروج من الأزمة، ومنع تصعيدها، خاصة أن حكومة الاستقرار -برئاسة فتحي باشاغا- عازمة على دخول طرابلس بالقوة، لإقصاء تلك التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة بعد انتهاء ولايتها.

بيان مرشحين رئاسيين

تصعيد جديد في الأزمة الليبية، استدعى إصدار 40 مرشحًا للرئاسة في انتخابات ديسمبر 2021، التي ألغيت بسبب حالة القوة القاهرة التي كانت تعترض طريقها، طالبوا فيه بضرورة تحديد موعد نهائي لإجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، استنادًا إلى ما وصفوه بفشل تنفيذ التعديل الدستوري 12، الذي زاد حدة الانقسام ولم يتبق من مدته الأقل من أربعة عشر شهرًا إلا  6 أشهر.
وحمَّل الـ40 مرشحًا -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- مسؤولية تعطيل استئناف العملية الانتخابية لمجلسي النواب والأعلى للدولة، مطالبين إياهم بضرورة الاتفاق فورًا على قاعدة دستورية، تعالج المراكز القانونية اللازمة، وتفتح الطريق أمام الليبيين لاختيار ممثليهم.
وبينما طالبوا المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا باستئناف العملية الانتخابية من حيث توقفت وإعلان القائمة النهائية للمرشحين، حمَّلوا بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومبعوثي وسفراء الدول مسؤولوية تعطيل المسار السياسي واستكمال العملية الانتخابية.
ودعوا الليبيات والليبيين للاستعداد للتظاهر لانتزاع حقوقهم واختيار ممثليهم، وإنهاء حالة الانقسام السياسي والمؤسساتي في ليبيا.

المجلس الرئاسي يتدخل

أزمة دخل على خطها المجلس الرئاسي الليبي، محاولًا عرض رؤية للحل، تباينت الآراء بشأنها وفعاليتها، وما إذا كان للمجلس الرئاسي -الذي اتهموه بالانحياز لحكومة عبدالحميد الدبيبة- دور في أي حلحلة ممكنة للأزمة.
وألمح رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، خلال لقائه مساء الخميس وفداً من الأعيان والحكماء والنخب والشباب ممثلين عن برقة، إلى أنه يستطيع استخدام سلطته السيادية والتدخل لإعلان جدول زمني واضح للعملية الانتخابية، وفقاً للصلاحيات الممنوحة له، حال عجز البرلمان عن ذلك.
وبينما لم يوضح المنفي طبيعة تدخله، وما إذا كان سيلجأ إلى تجميد عمل كل الأجسام السياسية الحالية، كسيناريو بديل عرض على الساحة الليبية قبل أشهر، أكد المجلس الرئاسي أن اللقاء ناقش آخر المستجدات والأوضاع السياسية، والاقتصادية والأمنية والعسكرية في البلاد، وسُبل تذليل الصعاب التي تواجه عمل مفوضية الانتخابات، لتحقيق تطلعات الليبيين والوصول للانتخابات في أقرب الآجال.
كما تطرق اللقاء لملف المصالحة الوطنية، وآلية دعمها، لجمع الفرقاء، ولم الشمل، وعودة المهجرين وإطلاق سراح السجناء، الذين صدرت بحقهم أحكام بالإفراج.
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، في تصريحات لـ«السياق»، إن إنجاز القاعدة الدستورية بات مطية البعض، لمحاولة تبرير أن لديهم تحركات جدية لفك عقدة الأزمة الليبية، والإيهام بأنهم يحاولون إنجاز التوافق على القاعدة الدستورية.

3 سيناريوهات

وأوضح المحلل الليبي، أن تيار الإسلام السياسي لديه شروط تعجيزية، ويريد إدخال نصوص إقصائية للترشح للرئاسة وغيرها من الشروط، التي عقدت حل هذه القضية. 
وأشار إلى أن تعقيد تلك الأزمة طرح ثلاثة سيناريوهات، أولها: خط حوار جديد يفضي إلى مزيد من التوافقات الجديدة، إلا أنه قال إنه سيؤدي -نهاية المطاف- للفشل، لأن أسباب نجاحه غير مهيأة.
أما السيناريو الثاني فيتمثل في تمكين حكومة باشاغا لتحقيق الاستقرار وتهيئة الأمر للانتخابات، إلا أن الطريق أمامه مسدود بشكل نهائي، ولا مجال للحديث عنه، بسبب الوضع الحالي على الأرض.
وأكد أن السيناريو الثالث، الذي عدَّه الأقرب للتحقيق، يتمثل في خط قد يتبناه التيار الوطني في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة عبر انتفاضة شعبية عارمة، تنتهي بفك الارتباط مع العاصمة التي تسيطر عليها حكومة الدبيبة، وإنشاء مركز ثان يكون منافسًا حقيقيًا يقدم نموذجًا لإقامة دولة ديمقراطية مستقلة أمنية، لديها توجهها السياسي.

السيناريو المصري

وأشار المحلل الليبي إلى أن القائد العام للجيش الليبي المشير حفتر صرح -أكثر من مرة وفي أكثر من خطاب- بأن دور الجيش «تحريض» الشعب على رسم خارطة طريق لنفسه، مؤكدًا أن ارتهان القرار السياسي لحفنة موجودة في العاصمة طرابلس، غير مقبول ولا يمكن أن يفضي لحل. 
وهو ما أشار إليه المحلل الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، قائلًا إن الملف الليبي لن يحل إلا بأمر من اثنين، إما دخول باشاغا طرابلس وهو أمر مستبعد، وإما بثورة شعبية جديدة تقتلع كل الأجسام من موقعها، وتسلم الأمر للقوات المسلحة على غرار ما حدث بثورة 30 يونيو في مصر.
شبهات قانونية
وعن دور المجلس الرئاسي، قال المحلل الليبي، إن المجلس الرئاسي لم يعد طرفًا محايدًا ولا نزيهًا، مشيرًا إلى أن القوى السياسية لن تقبل بأي دور للمجلس الرئاسي، لا سيما وأنه «مرتهن» لحكومة عبدالحميد الدبيبة، وبات «متقوقعًا» في طرابلس.
وأوضح المحلل الليبي، أن المجلس الرئاسي تدور حوله شبهات قانونية في مدى شرعيته ولايته، لأنه جاء في حزمة واحدة مع الحكومة منتهية الولاية، مؤكدًا أن أي دور أو مبادرة من جانبه، لن تكون مقبولة شعبيًا ولا سياسيًا.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد -في تصريحات لـ«السياق»- إن حل أزمة القاعدة الدستورية بين مجلسي النواب والأعلى للدولة ليس مستحيلًا، لكنه صعب للغاية ويحتاج الى ضغوط داخلية وخارجية أكبر، إضافة الى تغليب مصلحة البلاد على المصالح الشخصية.
وأوضح المحلل الليبي أنه إذا تأزم الوضع فقد تظهر بدائل أخرى عن طريق هيئة الدستور أو تشكيل جسم أو لجنة جديدة تقوم بهذا الأمر، بشرط أن تكون هناك رغبة دولية صادقة في الوصول إلى الانتخابات واستقرار ليبيا.
أما عن دور «الرئاسي»، فأكد المحلل الليبي أن المجلس لا يمكن أن يكون له دور، فقد أثبت -خلال الفترة السابقة- ضعفه وارتهانه لأشخاص وأجسام ليس من أهدافها استقرار البلاد، مؤكدًا أن أي محاولة من طرفه، لأداء أي دور بهذا الصدد، لن تلقى رضا وموافقة كل الأطراف.

لا انتخابات... لا حل

وتوقع المحلل الليبي، ألا تجرى انتخابات في ليبيا خلال ثلاثة أعوام على الأقل، لأنه حتى لو تم تعديل أو تجاوز القاعدة الدستورية، ستؤجل الانتخابات لسبب جديد كل مرة، فالواقع السياسي في ليبيا هش للغاية وتحكمه سطوة المليشيات ومصالح قوى خارجية، ستظل العائق الأكبر أمام أي تقدم يصل بليبيا إلى الاستقرار.
وعن السيناريوهات المستقبلية، قال إن الوضع الراهن هادئ في البلاد، ويتماشى مع مصالح الساسة الموجودين ومصالح الدول الداعمة لهم، متوقعًا عدم تحقيق أي تقدم في المديين القريب والمتوسط.
بدوره، قال المحلل الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إنه لا يمكن فرض قاعدة دستورية من المجلس الرئاسي، مشيرًا إلى أن النواب والأعلى للدولة لن يتفقا –كذلك- على قاعدة دستورية.
وأشار إلى أن الأزمة الليبية مرهونة بقضية واحدة مهمة هي تمترس عبدالحميد الدبيبة في السلطة، وإصراره على إجراء انتخابات برلمانية فقط دون الرئاسية، حتى يتمكن من إصدار قاعدة دستورية تضع قرار اختيار رئيس الدولة في يد البرلمان الجديد.