ليز تراس... هل تنجح في حل مشكلات بريطانيا؟

تساءلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، تساءلت عن إمكانية نجاح ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا، في مهام منصبها الجديد، بعد أن حملت معها إرثًا لا يُستهان به، من بقايا تأثير كورونا، إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا

ليز تراس... هل تنجح في حل مشكلات بريطانيا؟

ترجمات - السياق

رغم وصفها بأنها "قنبلة بشرية"، فإن صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، تساءلت عن إمكانية نجاح ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا، في مهام منصبها الجديد، بعد أن حملت معها إرثًا لا يُستهان به، من بقايا تأثير كورونا، إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا، بخلاف القضايا المحلية من "بريكست" إلى التضخم، والمخاوف من تراجع الاسترليني أمام الدولار.

وبينت الصحيفة أنه لا أحد يمكنه تخمين ما ستفعله رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس، مضيفًا أنها ربما تفاجئ البريطانيين والعالم.

ورأت أن تراس، التي يعجبها التشبه برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، تتمتع بالدمج بين قليل من صفات تاتشر وتلك البراغماتية الألمانية الفولاذية أنغيلا ميركل، مشيرة إلى أنها "تشبه تاتشر في قوة قناعاتها بقراراتها السياسية، كما تشبه ميركل بصلابة مواقفها وبراغماتيتها المتحررة من القيود".

 

تاتشر جديدة

ورأت "واشنطن بوست" أن تراس (47 عامًا) تشبه تاتشر في أنها لا تتحدر من الجناح المميز لحزب المحافظين الحاكم، حيث التحقت بمدرسة حكومية، وتألقت أكاديميًا ودرست في أكسفورد، حتى أنها ظهرت في مناظرة المرشحين الأولى في يوليو الماضي ترتدي قميصًا أبيض مع قوس في الأمام، وعندما طُلب منها الاعتراف بأحد عيوبها، أجابت -وكأنها تتقمص المرأة الحديدية- بأنها "مندفعة كثيرًا".

أما أكثر ما يجعل تراس أكثر تشبهًا بتاتشر، أنها تولت السلطة في وقت تعيش فيه بلادها أكثر أيامها تدهورًا، فعام 1979 كان يُنظر إلى بريطانيا على أنها "رجل أوروبا المريض"، إذ إنه في ذلك العام، تجاوز معدل التضخم 13%، وخسرت البلاد 29 مليون يوم عمل بسبب الإضرابات.

اليوم -حسب الصحيفة- يقترب التضخم من المستوى نفسه، وعمال السكك الحديدية والممرضات وجامعو القمامة وعمال البريد والمدرسون وموظفو الخدمة المدنية، كلهم إما مضربون وإما يخططون للإضراب.

كما تسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أزمة تكلفة المعيشة، ففي الأول من أكتوبر المقبل، من المقرر أن تقفز فواتير الطاقة المنزلية بنسبة 80%، ما لم تتدخل تراس وتفعل شيئًا، وسيأتي ذلك علاوة على زيادة بنسبة 54 بالمئة في أبريل الماضي.

ورغم هذه الأزمات التي ستواجهها تراس بداية توليها المنصب، فإنها -حسب الصحيفة الأمريكية- تبدو غير منزعجة، مشيرة إلى أنها أُطلق عليها لقب "القنبلة البشرية" بسبب تعاملها القاسي أحيانًا مع القضايا الحساسة، فضلًا عن أنها كانت تتمتع -بصفتها وزيرة الخارجية ووزيرة التجارة- بسمعة طيبة في إنجاز الأمور.

ومما يدل على عدم إنزعاجها -حسب الصحيفة- أنها "اختارت وقت ارتفاع الأسعار لتتعهد بتخفيضات ضريبية وإنفاق حكومي إضافي، حيث تجمع بين المزيج التضخمي والهجوم على سمعة بنك إنجلترا".

 

امرأة فولاذية

ورغم ثباتها وتعهداتها -ما يعيد إلى الأذهان ما كانت تفعله تاتشر- فإن "واشنطن بوست" رأت أن هناك اختلافًا رئيسًا بين تاتشر وتراس، فقد كانت تاتشر محافظة عن قناعة ومبادئ، وتراس ليست كذلك، مشيرة إلى أن ذلك يتضح من انتقال تراس من مواقع الديمقراطيين الليبراليين إلى المحافظين، وتحولها من معارضة للبريكست إلى عدو قوي لأوروبا، بل ومن اللافت للنظر أنها تتظاهر بأنها مُدافعة عن اليمين المؤيد للبريكست في حزبها.

وترى الصحيفة، أن تراس تتمتع أيضًا بقوة واحدة مهمة "فهي متحمسة وليست كسولًا، ومقاتلة وليست منعمة ونرجسية، وهذا هو المكان الذي قد يكون فيه نموذج ميركل مناسبًا، إذ لم تكن المستشارة الألمانية السابقة تتمتع بشخصية جذابة ولا مبدئية، ومع ذلك هيمنت على السياسة الألمانية طوال 15 عامًا، ويُظهر إنجازها كيف يمكن للعمل الجاد والبراغماتية أن يولّدا نجاحًا سياسيًا دائمًا".

وحسب الصحيفة "يكمن القلق مع تراس في أنها قد تكون انتهازية للغاية للحصول على احترام المواطنين، لكنها ليست ساحرة بما يكفي لإلهامهم".

وأشارت إلى أن تراس كانت بارعة بما يكفي لتولي مناصب وزارية في عهد رؤساء الوزراء الثلاثة من حزب المحافظين، رغم الانقسامات المريرة بينهم، وقد حصلت على الوظيفة التي اعتقد قليلون أنها ستحصل عليها، لافتة إلى أنه رغم أنها من غير المرجح أن تكسب قلوب الناخبين البريطانيين، فإنها -على الأقل- ستتجنب تشتيت اهتمامهم بفضائح متهورة.

وأضافت: "قد لا تكون تاتشر التي تطمح إليها، لكنها بفضل العزيمة والغريزة السياسية السليمة قد تشكل مفاجأة".

تجدر الإشارة إلى أن الأسعار في بريطانيا شهدت مزيدًا من الارتفاع في الآونة الأخيرة، وسط تخزين الدول الأوروبية للغاز استعدادًا للشتاء، والنتيجة النهائية أن أسعار الطاقة لن تكون في متناول معظم البريطانيين، وعليه سيمثل مدى المساعدات الحكومية (المقدرة بعشرات المليارات)، وتوقيت تقديمها، والفئات التي تستهدفها، تحديات رئيسة تواجهها رئيسة الوزراء الجديدة.

وثمة أسعار أخرى -خاصة الغذاء- تسجل ارتفاعًا، على نحو قد يقود معدل التضخم إلى ما وراء 15%، وكل ذلك قبل ظهور آثار المزيد من التراجع في قيمة الجنيه الاسترليني، وفي غضون ذلك، تسجل معدلات الفائدة ارتفاعًا، ليس فقط على كاهل العائلات، بل أيضًا على الشركات والحكومة.