ليبيا... تحشيدات عسكرية ورفض إخواني لقانون انتخاب الرئيس
طريق موافقة مجلس النواب، على قانون انتخاب الرئيس، الذي حاول فيه التمهيد للانتخابات في ليبيا، لم يكن مفروشًا بالورد، بل قوبل بتصريحات وُصفت بالعنيفة من المليشيات المسلَّحة، لوَّحت فيها باحتمال عودة شبح الحرب.

السياق
تصريحات إخوانية رافضة لقانون انتخاب الرئيس، وتلميحات بعودة شبح الحرب، إضافة إلى تحشيدات عسكرية في الغرب الليبي، الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان والمليشيات المسلحة... خطوات من شأنها تأجيج الأزمة في البلد الإفريقي، الذي بالكاد يتلمَّس خطواته نحو إجراء الانتخابات، المقرَّرة أواخر العام الجاري.
تلك التصريحات والتحرُّكات العسكرية، تأتي بعد ساعات من إعلان مجلس النواب الليبي، موافقته على قانون انتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر، وإحالته إلى اللجنة التشريعية للصياغة النهائية، في خطوة من شأنها تعبيد الطريق نحو الاستحقاق الدستوري المقبل.
رفض إخواني
ولم يكد مجلس النواب، يعلن الموافقة على قانون انتخاب الرئيس، منهيًا حالة من الجدل سادت البلاد قبل أيام من إقراره، حتى انطلق الإخواني خالد المشري، رئيس ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة»، ليقول إن قوانين الاستفتاء والانتخابات، يجب أن تكون توافقية، متناسيًا أن مجلس النواب الليبي، صاحب الحق في أي تشريعات قانونية.
وفي محاولة لتفخيخ طريق الانتخابات، قال المشري- في تصريحات صحفية- إنه «إذا اتجه مجلس النواب لإصدار القوانين منفردًا، من دون التوافق، فذلك يعني -بشكل غير مباشر- عرقلة الانتخابات».
وحاول المشري التلويح بتركيا، كمساند لهم ضد مواطنيه، قائلًا: لا نقبل وجود أي أجنبي على ليبيا، إلا بالطرق القانونية والمشروعة، زاعمًا أن القوات التركية جاءت باتفاقية، مع الحكومة السابقة، رافضًا أي مساس بهذه الاتفاقيات.
وهاجم القيادي الإخواني، اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، قائلًا، إن مهمتها فنية ولا علاقة لها بالعمل السياسي، مشيرًا إلى أن قرارها، بمعاقبة مليشيات بركان الغضب، مرفوض من قِبَلِنا.
الهجوم الإخواني على قانون انتخابات الرئيس، رد عليه سعيد امغيب عضو مجلس النواب الليبي، قائلًا: إن القانون لم يتوافق مع هوى تنظيم الإخوان، لذا شنوا انتقادات على البرلمان الليبي.
وقال امغيب، عبر «فيسبوك»: ما يعرف تجاوزاً بالمجلس الأعلى للدولة، المسيطَر عليه من جماعة الإخوان المسلمين، ومَنْ يدور في فلكهم، يعتبرون مجلس النواب جسمًا شرعيًا حيًا، ويقبلون أن يتقاسموا معه تسمية المناصب السيادية، ويقبلون منه منح الثقة للحكومة، لكن عندما يصدر قانون انتخاب الرئيس من الشعب، بما لا يتناسب مع هواهم، يصرخون ويصفونه بالجسم الميت الفاقد للشرعية».
وأكد البرلماني الليبي، أن الشعب الليبي والمجتمع الدولي على عِلم، بمَنْ هو المعرقل لإجراء الانتخابات في موعدها.
قانون منصف
يقول المحلل السياسي الليبي، معتز بلعيد، في تصريحات لـ«السياق»: إن قانون انتخاب الرئيس، كان متوقَّعًا ومنصفًا إلى حد ما، مشيرًا إلى أن إصدار القانون لم يكن متوقَّـعًا من الإسلام السياسي، وهو ما بدا جليًا في مواقع التواصل الخاصة بالتنظيم الإخواني.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أنه في ما يخص الانتخابات المزمع عقدها نهاية العام الجاري، فإن الطرف الرافض لها، سيستميت في محاولة تأجيلها أو إلغائها إن استطاع، كونه مدركًا لنتائجها، سواء كان قانون انتخاب الرئيس مع هواه أو ضده.
طريق موافقة مجلس النواب، على قانون انتخاب الرئيس، الذي حاول فيه التمهيد للانتخابات في ليبيا، لم يكن مفروشًا بالورد، بل قوبل بتصريحات وُصفت بـ«العنيفة» من المليشيات المسلَّحة، لوَّحت فيها باحتمال عودة شبح الحرب.
شبح الحرب
وقال المليشياوي أسامة جويلي، آمر ما يعرف بـ«غرفة العمليات المشتركة»، إن هناك إشارات متكرِّرة لاحتمال اندلاع الحرب، مدَّعيًا أنه إذا كان هناك طرف، لا يزال يرى أن الحرب خياره المفضَّل، فلتكن الحرب.
تلك التصريحات تتزامن، مع تصعيد عسكري محتمل غربي ليبيا، كشفت عنه وسائل إعلام ليبية، مشيرة إلى أن وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، يحشد قوات عسكرية كبيرة، تمهيداً لحملة على بعض الكتائب العسكرية المعارضة لتيار الإسلام السياسي، بعد الاشتباكات التي نشبت بين الطرفين، في مدينة الزاوية، غربي طرابلس.
معارك كبرى
وكان عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، عن مدينة طرابلس علي التكبالي، قال إن العاصمة الليبية، ستشهد معارك كبرى، خلال الفترة المقبلة بين الميليشيات المسلحة، مشيرًا إلى أن التحشيدات التي تشهدها العاصمة، قد تكون مقدِّمة لمعركة كبرى، للسيطرة على الغرب الليبي.
وأوضح البرلماني الليبي، أن «التحرُّكات الأخيرة ليست كسابقاتها، وتنبئ بسخونة المعركة المقبلة، فهي تحالف للسيطرة على الغرب الليبي، وتهدف إلى تفكيك المليشيات المنضوية تحت جهاز حفظ الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، الذي يقوده عبدالغني الككلي الشهير بغنيوة، والمليشيات التي يحرِّكها قائد مليشيا ثوار طرابلس السابق هيثم التاجوري، وبعض الكتائب الأخرى».
وهو ما حذَّرت منه اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، في بيان قبل يومين، اطلعت «السياق» على نسخة منه، مشيرة إلى أنها لاحظت مسلَّحين كلفوا بمهام وصلاحيات متداخلة، يتبعون جهات مختلفة، من دون حدود واضحة لواجباتهم، ما أدى إلى زعزعة وضعف أداء المؤسسة العسكرية والأمنية.
دمج المليشيات
الجهات التي أشارت إليها اللجنة، هي ما يعرف بـ«جهاز دعم الاستقرار، جهاز الأمن العام، قوة مكافحة الإرهاب، مركز عمليات طرابلس الكبرى، جهاز قوة الردع الخاصة، القوة المشتركة مصراتة، المناطق العسكرية الوسطى، الغربية، طرابلس، غرف العمليات بصفة عامة»، إلا أن اللجنة أوصت رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، بإعادة النظر في تبعية تلك المجموعات، وإعادة دمجها، ووضع ميزانيتها المالية، برئاسة الأركان العامة ووزارة الداخلية، وليست مستقلة.
هذه التحشيدات، التي تأتي في جو مشحون، تأتي بالتزامن مع إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، وصول دفعة جديدة من المرتزقة إلى ليبيا، وسط الحديث عن خطة تركية، لتهديد الخريطة الأممية في البلد الإفريقي.
وقالت وسائل إعلام ليبية، إن تركيا تجهِّز لخطوات استباقية في ليبيا، لتهديد جهود المبعوث الأممي يان كوبيش، في مساعيه إلى التهدئة، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، الموقَّع في 23 أكتوبر من العام الماضي، في مدينة جنيف بسويسرا.
وأكدت التقارير الصحفية، أن تركيا نشرت وحدة رصد، مدعومة بطائرات مراقبة، على الحدود الليبية مع تونس، بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها، مشيرة إلى أن أنقرة ستجري مباحثات وشيكة مع أمريكا، بشأن مخاوفها في ليبيا.
عشرات المرتزقة
من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان الأسبوع الماضي، إن نحو 130 من المرتزقة السوريين، الموالين للحكومة التركية، وصلو الأراضي الليبية، عبر أنقرة.
وأكد المرصد السوري، أن عمليات التبديل تتواصل، بخروج دفعات من سوريا إلى تركيا ومنها إلى ليبيا، مقابل عودة دفعة معاكسة، مشيرًا إلى أن تلك السياسة التركية، تهدف إلى الإبقاء على عدد ثابت من قواتها في ليبيا، لحماية مصالحها.
وأوضح المرصد السوري، أن تواصل وجود المرتزقة في ليبيا، لا يبشِّر بأي بوادر لعودة نهائية لهم إلى بلادهم، مشيرًا إلى أن المرتزقة السوريين يأتون إلى ليبيا، تحت حماية خفر السواحل الليبي، المدعومين من تركيا.