بعد انسحاب سعد.. ما سر دخول بهاء الحريري الساحة السياسية في لبنان؟

السياق

بعد أيام من انسحاب شقيقه سعد من المشهد السياسي اللبناني، أعلن بهاء الحريري خوض معركة «استرداد الوطن» ومواصلة مسيرة والده الراحل، في خطوة خالفت وصية شقيقه، الذي طالب أسرته بالابتعاد عن الحياة السياسية اللبنانية.

وقال الشقيق الأكبر لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري، في كلمة مسجلة، إنه سيعود إلى لبنان وسيستكمل مسيرة والده.

وفي إشارة إلى مليشيات حزب الله المدعومة من إيران، قال المنتقد بشدة لتلك القوات: «بالشراكة والتضامن سوف نخوض معركة استرداد الوطن واسترداد سيادة الوطن من محتليه».

وحذر الحريري الأكبر، من أن «أي تضليل أو تخويف من فراغ، على مستوى أي مكون من مكونات المجتمع اللبناني، يخدم فقط أعداء الوطن»، في إشارة إلى مآل الطائفة السُّنية في لبنان على المستوى السياسي، عقب اعتزال سعد الحريري.

وقال بهاء الحريري: «لن يغادر نجل الشهيد رفيق الحريري لبنان، فأنا معكم وقريبًا جدًا سأكون بينكم».

وبحسب مراقبين، فإن لبهاء مواقف مناهضة لحزب الله وسلاحه، لاسيما أنه سبق أن اتهمه بالإرهاب، وأنه يأخذ لبنان رهينة لمصلحته الخاصة، مشددًا على ضرورة سحب سلاح حزب الله -المدعوم من إيران- لما يشكله من تهديد لأمن اللبنانيين.

 

قوائم انتخابية

من جانبه، قال جيري ماهر مستشاره الإعلامي، في تصريحات لوكالة «رويترز»، إن بهاء سيدعم القوائم الانتخابية في جميع أنحاء لبنان تحت راية "سوا للبنان"، وهي حركة أسسها وموَّلها بهدف الإصلاح.

بدوره، قال مهند حاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط، إن دخول بهاء الحياة السياسية، إشارة إلى أنه لن يسمح بفراغ في السياسة السُّنية، وأنه يتدخل لحمل العباءة.

وأضاف أن بهاء الحريري لن يتمكن من ملء الفراغ، ما لم يكن هناك دعم إقليمي وتمويل قوي وراءه، مشيرًا إلى أنه إذا كان على استعداد لإنفاق الأموال على الساحة السُّنية، فربما تكون لديه فرصة.

إعلان بهاء الحريري دخول الحياة السياسية، قوبل بردود فعل عدة، فنائب رئيس تيار المستقبل ​مصطفى علوش، قال في تصريحات صحفية، إن بهاء الحريري خرج من لبنان عام 2005 وعمل بالتجارة «ومَنْ بقي فنحن، ومَنْ ناضل نحن، ومَنْ لاحق مَنْ قتل رفيق الحريري، أيضًا نحن».

 

السُّنة في لبنان

قرار الحريري الأكبر دخول الحياة السياسية، يأتي بعد أيام من إعلان سعد الحريري إنهاء دوره بالحياة السياسية الطائفية في لبنان.

واختير سعد لتولي الوشاح السياسي لوالده عام 2005، وشغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات، فتميزت السنوات الأولى من حياته المهنية بمواجهة مع حزب الله، أشعلت فتيل صراع قصير عام 2008، إلا أنه توصل حينها إلى تسوية سياسية، قال إنها منعت العودة إلى  الحرب الأهلية في لبنان.

وبحسب وكالة رويترز، فإن إعلان سعد الابتعاد عن الحياة العامة، بسبب عوامل عدة منها النفوذ الإيراني، الذي قال إنه حال دون تغيير إيجابي في لبنان، أدى إلى قلب السياسة الطائفية في البلد المأزوم، قبل أربعة أشهر من الانتخابات النيابية، ما أدى إلى غموض المشهد اللبناني.

 

تأثير الانتخابات

إلا أن ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، قال إن احتمالات تأثير الاستحقاق الدستوري على المسار الحالي للبنان مشكوك فيها في أحسن الأحوال، مشيرًا إلى أن حزب الله أظهر أنه يولي أهمية أكبر للرصاص من أوراق الاقتراع.

وأشار إلى أن التوقف في عهد أسرة الحريري، يمكن أن يوفر فرصة لقادة سُنة جدد أقل تكيّفًا مع الوصاية الإيرانية وأكثر ميلًا للإصلاح، مؤكدًا أنه بعد سنوات من التدهور الذي جعل لبنان على وشك أن يصبح دولة فاشلة، من الواضح أن النخبة السياسية الحالية في بيروت، ليست على مستوى مهمة إجراء التغييرات اللازمة لعكس المسار.

وشدد مدير برنامج السياسة العربية، على أن سعد الحريري كان أفضل من معظم زملائه، لكنه أصبح في النهاية جزءًا من تلك "الزمرة الفاشلة من النخب".

 

بهاء الحريري

بهاء الدين رفيق الحريري، مواطن ورجل أعمال سعودي لبناني، وُلد عام 1966، الابن الأكبر لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري من زوجته الأولى نضال بستاني.

توجه الحريري بعد إنهاء دراسته إلى المملكة العربية السعودية للعمل في الهندسة والعمارة في شركة «سعودي أوجيه» التابعة للعائلة، وتدرج في الوظائف التابعة للشركة، إلى أن أصبح مديرًا للتدقيق فيها، تركها لينشئ عمله الخاص، لكنه بقي يسهم في الجانب التنفيذي.

يدير بهاء الحريري قسمًا من أعمال عائلته في مختلف القطاعات الاستثمارية، في بلدان عدة، أسس شركة هورايزون للمشاريع الإعمارية في لبنان.

ويعد الحريري الأكبر الراعي الفخري لـ«النادي الرياضي اللبناني»، وكان قد عمل في إدارة مصرفين مهمين، تملك عائلته حصة رئيسة فيهما هما «البنك العربي» و«بنك البحر المتوسط».

وتشارك شركة الحريري المسماة هورايزون للتطوير، شركة تطوير عقاري مملوكة للحكومة الأردنية، لبناء مشروع مدينة مصغرة في ميناء العقبة على البحر الميت بـ 5 مليارات دولار، بينما تبني شركته في لبنان أبراجًا سكنية ومراكز تسوق وفندقًا بـ 500 مليون دولار.

كان بهاء منتقدًا صريحًا وشرسًا للتسويات التي قدَّمها شقيقه سعد الحريري مع حزب الله وحلفائه.