ماليزيا تسير في طريقها نحو الدولة الفاشلة

اعتادت البلاد أن تقف بثقلها على المسرح الدولي لكن رفع سكانها الرايات البيضاء الآن يبدو كأنه استسلام للخلل الوظيفي.

ماليزيا تسير في طريقها نحو الدولة الفاشلة

ترجمات-السياق

قال الكاتب الأمريكي دانيال موس، إن رفع سكان ماليزيا الرايات البيضاء في الشوارع "بدا كأنه إعلان استسلام، وطلب للمساعدة، خلال عمليات الإغلاق لمنع انتشار فيروس كورونا"، مشيراً إلى أنه حدث " يلخص تدهور بلدهم الذي كانوا يفخرون به ذات يوم".

وقال الكاتب، في مقاله الذي نُشر على شبكة بلومبرج الأمريكية، إن الدولة الواقعة جنوبي شرق آسيا، فقدت مكانتها باعتبارها نموذجًا يُحتذى للعالم النامي، بعدما فشلت في الاستفادة من بدايتها القوية.

وأشار الكاتب، الذي قاد مكاتب "بلومبرج" في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، إلى أن الماليزيين الذين وصفهم بـ"المنكوبين" يلوحون بالرايات البيضاء من النوافذ وفي الشوارع، وذلك لإعلان الاستسلام وطلب مساعدتهم بالطعام، أو بالقليل من النقود، للمساعدة في دفع الإيجار، موضحاً أنه بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هذا الأمر اتخذ بُعداً رمزياً جديداً.

وأضاف موس، أن الناس هناك ليس لديهم أمل، ولا رغبة في قلب نظام الحكم، لكن الأمر مجرَّد محاولة، للتعبير عن الاستياء من حالة التدهور الاقتصادي.

وأوضح الكاتب، أن رؤساء وزراء البلاد، كان لهم الفضل في توفير قيادة مستقرة، وإن كان ذلك من خلال تصرُّفات سلطوية، لكن المشرِّعين أثبتوا أنهم غير قادرين على الالتفاف حول شخصية أو برنامج، لتوجيه ماليزيا خلال هذه المحنة.

وتابع: "تعاني ماليزيا أزمات عدة، على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، التي تؤدي كل منها لجعل الأخرى أكثر سوءًا، وهو ما قد يعني وصفها بالدولة الفاشلة".

ورأى الكاتب، أن الماليزيين يعانون كوارث عدة، ولا توجد طريقة سهلة للخروج من هذه الفوضى، مشيراً إلى أن معاناة البلاد أكبر من أي شخص، فلا يبدو أن أي زعيم محتمل، سيحظى بالدعم الكافي في البرلمان، أو بتفويض من السكان، ليحل محل رئيس الوزراء الضعيف، ويوفِّـر إدارة مستقرة للبلاد، حسب موس.

وقال الكاتب الأمريكي، إن السُّـلطات الماليزية فشلت في مكافحة كورونا، مشيراً إلى أنها سجلت أمس الخميس، ما يقرب من 9 آلاف إصابة جديدة، في حين تلقى ما يزيد قليلاً على 8٪ من السكان اللقاحات المضادة للفيروس.

وأوضح أن عمليات الإغلاق الصارمة في كوالالمبور، تسبَّبت في خسائر فادحة، إذ تم إغلاق المصانع، وعملت وسائل النقل العام، وفقاً لجدول زمني معين، وأقام الجيش حواجز على الطرق.

ولفت الكاتب، إلى أن ماليزيا كانت رمزاً للأسواق الناشئة، إذ نمت بسرعة مع معدل تضخم منخفض نسبياً، وميزانيات مستقرة، لكنه قال إن الأمور بدأت تسوء في ما بعد.

وذكر الكاتب، أن خطوط الصدع العِرقية والدينية طويلة الأمد، توسَّعت في السنوات الأخيرة، بسبب الانقسام بين المناطق الحضرية والريفية، وفجوة الأجيال، التي لم تستوعبها أي مؤسسة سياسية.

وتوقَّع الكاتب، نهاية مقاله، أن تستمر مصداقية الطبقة الحاكمة في كوالا لامبور في التآكل، كلما طال الوقت الذي تستغرقه عملية التطعيم ضد كورونا، قائلاً إن "المؤامرات التي تشهدها البلاد في الوقت الحالي، تبدو، للأسف، بعيدة كل البعد عن الاحتياجات اليومية للأعمال التجارية، أو التمويل أو حتى لإطعام السكان، لكن لا يمكن لأي دولة أن تستمر في هذا الوضع، الذي تبدو فيه نموذجًا للخلل الوظيفي، إلى أجل غير مسمى".