بعد دخول الحرب الأوكرانية مرحلة اللاعودة... هل يتم اللجوء إلى القنبلة القذرة؟

القنبلة القذرة تعد من أسلحة الدمار الشامل، وفيها يتم دمج المواد المشعة مع العناصر المتفجرة التقليدية

بعد دخول الحرب الأوكرانية مرحلة اللاعودة... هل يتم اللجوء إلى القنبلة القذرة؟

السياق

مع دخول الحرب الأوكرانية شهرها التاسع، من دون حسم، ووسط تصاعد الأحداث خلال الأيام الماضية، باتت الأزمة على شفا جرف من دخولها مرحلة اللاعودة.

تلك المرحلة، التي أصبحت فيها السيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات، فكل طرف لجأ إلى أسلحته المشروعة وغير المشروعة، لحسم الحرب سريعًا قبل الشتاء.

فبينما اتجهت أوكرانيا إلى الغرب، للحصول على السلاح وللهجمات المضادة، لإعادة السيطرة على الأراضي التي فقدتها، لجأت روسيا إلى الطائرات الإيرانية المسيرة، لتعويض ما فقدته من أراض بعد تقدم قوات كييف.

ورغم أن روسيا أول من أطلق التحذير صراحة عبر مسؤولين عدة باللجوء إلى الخيار النووي لحسم سريع، فإنها اتهمت أوكرانيا باللجوء إلى «القنبلة القذرة» لمواجهة خسائرها.

فمن أطلق شرارة القنبلة القذرة؟

قالت وزارة الدفاع الروسية -في بيان نشرته وسائل إعلام محلية مساء الأحد- إن الوزير سيرغي شويغو، تناول في اتصال هاتفي بنظيره الفرنسي سيباستيان ليكورنو، خطر استخدام كييف المحتمل لـ«قنبلة قذرة»، مؤكدة أن الطرفين بحثا الوضع في أوكرانيا، «الذي يميل بنزعة ثابتة إلى تصعيد متزايد تستحيل السيطرة عليه».

وبينما أشارت إلى أن شويغو أبلغ نظيره الفرنسي هواجسه بشأن استفزازات أوكرانيا المحتملة باستخدام «قنبلة قذرة»، حاول الوزير الروسي اللعب على وتر الأزمة، فهاتف نظيريه التركي خلوصي أكار والبريطاني بن والاس، وأبلغهما بهذه الهواجس.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، مساء الأحد، إن الوزير لويد أوستن أبلغ نظيره الروسي سيرجي شويجو -في اتصال هاتفي الأحد- بأنه يرفض أي ذريعة للتصعيد الروسي في أوكرانيا.

بينما أخبر شويغو والاس بأن روسيا تشعر بالقلق من أن كييف قد تستعد لاستخدام «قنبلة قذرة» في أوكرانيا، وهو ادعاء كرره في اتصالين بوزيري الدفاع الفرنسي، ولم ينشر أي دليل يدعم ذلك.

من جانبه، قال وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو، إنه أكد لنظيره الروسي سيرجي شويغو، رغبة فرنسا في التوصل إلى حل سلمي للصراع في أوكرانيا.

وأضاف ليكورنو أن وزير الدفاع الروسي عبَّــر له عن مخاوف روسيا من احتمال إقدام أوكرانيا على استخدام "قنبلة قذرة" في الصراع، بينما قال ليكورنو إن فرنسا رفضت الانجرار إلى أي من أشكال تصعيد الصراع، خصوصا في ما يتعلق بالخيارات النووية.

وردت أوكرانيا على تلك المزاعم، على لسان وزير خارجيتها دميتري كوليبا، بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية سترسل خبراءها إلى كييف، عقب بيان روسيا بشأن صنع كييف لـ«قنبلة قذرة».

وقال كوليبا عبر «تويتر»، إنه دعا رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، لإرسال خبراء على وجه السرعة إلى منشآت سلمية في أوكرانيا، ووافق غروسي على ذلك.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن روسيا الدولة الوحيدة القادرة على استخدام الأسلحة النووية في أوروبا، منتقدًا افتراض وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، خلال مكالماته الهاتفية مع نظرائه الغربيين، بأن أوكرانيا ربما تستعد لاستخدام «قنبلة قذرة» في الصراع الحالي.

وقال زيلينسكي في رسالته المصورة: «إذا كان بإمكان أي أحد استخدام الأسلحة النووية في هذا الجزء من أوروبا، فهو مصدر واحد فقط، هذا المصدر هو الذي أمر الرفيق شويغو بالاتصال هاتفيا هنا أو هناك»، مضيفًا: «الكل يفهمون جيدًا. إنهم يفهمون من هو مصدر كل الأشياء القذرة التي يمكن تخيلها في هذه الحرب».

أحدث التطورات

أعلن الكرملين –الاثنين- أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز لا يظهران أي رغبة في المشاركة بوساطة في إطار مفاوضات السلام المتعلقة بالنزاع في أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: «في ما يتعلق بالسيدين ماكرون وشولتس، فإنهما في الفترة الأخيرة لم يظهرا أي رغبة في الاستماع لموقف الجانب الروسي والمشاركة في أي وساطة».

وكانت وكالة نوفوستي الروسية نقلت عن مصادر لم تسمها، قولها، إن هناك مؤشرات على إعداد نظام كييف استفزازًا باستخدام ما تسمى «القنبلة القذرة» أو الأسلحة النووية منخفضة القوة.

ووفقًا لمصادر وصفتها بـ«الموثوقة»، قالت الوكالة الروسية، إنه وردت معلومات بإعداد النظام في كييف لاستفزاز على الأرض يتعلق بتفجير «قنبلة قذرة» وهو سلاح نووي منخفض القوة، لكن الغرض من الاستفزاز اتهام روسيا باستخدام أسلحة الدمار الشامل في مسرح العمليات الأوكراني، وشن حملة عالمية ضد روسيا، بحسب الوكالة.

فماذا عن القنبلة القذرة؟

«القنبلة القذرة» جهاز يستخدم المتفجرات لنثر النفايات المشعة، وليس لها تأثير مدمر للانفجار النووي، لكنها قد تعرض مناطق واسعة للتلوث الإشعاعي.

وتعمل القنبلة القذرة عكس القنبلة النووية التي تطلق طاقة هائلة، بمتفجرات بسيطة «تشتت» المواد المشعة، التي تؤدي إلى إصابة البشر عند تشتيت هذه المواد المشعة في منطقة محددة.

 ويمكن مقارنة الضرر الناجم عن القنبلة القذرة بعواقب الكوارث بمحطات الطاقة النووية، وعلى سبيل المثال محطة تشيرنوبيل النووية، إلا أن القنبلة القذرة تعد من أسلحة الدمار الشامل، وفيها يتم دمج المواد المشعة مع العناصر المتفجرة التقليدية.

وبحسب تقارير غربية، فإن موجة الانفجار الناجمة عن «القنبلة القذرة»، تعد أصغر بكثير من تلك التي تنتج عن السلاح النووي، بينما يعمل الإشعاع الصادر عن هذه القنبلة على قتل عدد كبير من البشر من دون أن يلاحظه أحد.

والقنبلة القذرة لا تعد قنبلة بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل يمكن أن تكون مجرد حاوية لمواد مشعة تركت في مكان عام/ أو الغبار الذي تنثره طائرة على مدينة، مثل المبيدات الحشرية التي تنتشر فوق الحقول، وحتى محطة الطاقة النووية المتضررة يمكن إدراجها في السلاح نفسه.

وتهدف هذه القنبلة إلى إحداث ضرر من خلال التلوث الإشعاعي، بينما عرفتها وزارة الأمن الداخلي الأمريكية بأنها ليست سلاحًا إشعاعيا بقدر ما هي وسيلة للهجوم النفسي.

وعن القنبلة القذرة، قال الخبير العسكري فسطنطين سيفكوف -في تصريحات صحفية- إن تصميمها الأولي عبارة عن قذيفة بمادة مشعة مع شحنة طاردة، مشيرًا إلى أنها تحمل الشحنة الطاردة بعد انفجارها، المادة المشعة لنشرها على مساحة كبيرة.

وأشار إلى أن القنبلة القذرة قد تُرسل بنظام صاروخي بعيد المدى، لضرب نفايات محطات طاقة نووية، أو تستخدم عن طريق نشر عنصر نووي عبر الطائرات.