بمليارات الدولارات.. انتخابات التجديد النصفي الأمريكية الأعلى تكلفة في التاريخ
من المقرر أن تكون انتخابات التجديد النصفي الأمريكية لعام 2022 الأعلى تكلفة على الإطلاق، حيث يضخ الديمقراطيون والجمهوريون مبالغ قياسية في حملاتهم الانتخابية، بينما يتنافسون في السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ.

ترجمات - السياق
مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في أمريكا، توقعت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن تكون الأكثر تكلفة على الإطلاق، مشيرة إلى أنه من المقرر أن يتجاوز إنفاق المرشحين هذا العام الرقم القياسي لعام 2018 بما لا يقل عن 50 مليون دولار.
ومن المقرر أن تكون انتخابات التجديد النصفي الأمريكية لعام 2022 الأعلى تكلفة على الإطلاق، حيث يضخ الديمقراطيون والجمهوريون مبالغ قياسية في حملاتهم الانتخابية، بينما يتنافسون في السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ.
ووفقًا لتحليل "فاينانشيال تايمز" لبيانات "أوبن سيكرتس" -وهو موقع إلكتروني يتتبع الأموال السياسية وسجلات تمويل الحملات الانتخابية- وإيداعات لجنة الانتخابات الفيدرالية المتاحة، فإنه احتسابًا للتضخم، سيتجاوز إنفاق مرشحي مجلسي النواب والشيوخ الرقم القياسي لعام 2018 الذي تجاوز 3 مليارات دولار، بما لا يقل عن 50 مليون دولار بالوتيرة الحالية للإنفاق.
وتسمى هذه الانتخابات نصفية لأنها تأتي منتصف ولاية الرئيس الأمريكي، وهذا العام سيصوِّت الناخبون لاختيار مرشحيهم لـ 35 مقعدًا في مجلس الشيوخ من أصل 100، وكل مقاعد مجلس النواب الـ 435، وحكام 36 ولاية أمريكية من أصل 50.
"إنفاق بالمليارات"
وحسب "فايننشال تايمز" فإن هذه الأرقام لا تشمل الإنفاق من قِبل المجموعات الخارجية، مثل "سوبر باك"، التي يمكن أن تضيف مليارات الدولارات إلى الانتخابات.
وأشارت إلى أن مركز السياسة المستجيبة قدّر أنه تم إنفاق قرابة 5.7 مليار دولار بمنتصف المدة لعام 2018، بما في ذلك الاستثمارات الخارجية.
بينما يتوقع العديد من الخبراء زيادة الإنفاق بشكل أكثر قوة في الأسابيع الستة المتبقية قبل انتخابات التجديد النصفي، كما حدث.
ففي ولاية بنسلفانيا، حيث يأمل الديمقراطيون قلب مقعد مجلس الشيوخ الجمهوري، أنفق المرشحون أكثر من 80 مليون دولار، ما يجعله السباق الأغلى تكلفة حتى الآن في هذه الدورة.
ويتسابق المانحون للحزبين الديمقراطي والجمهوري بضخ الأموال حتى لا يشعر المصوت بخيبة أمل، وبحسب ترافيس ريدوت مساعد رئيس مشروع ويسليان الإعلامي، فإن الناخب يشعر بإحباط كبير وكأنها نهاية العالم عندما يفوز الحزب الخصم، وهذا ما يعد حافزًا للتبرع بالأموال.
وبيّن ريدوت، أنه خلال انتخابات 2018 كان بيتو أورورك -مرشح الحزب الديمقراطي في سباق الولايات المتحدة بمجلس الشيوخ في ولاية تكساس بالولايات المتحدة عام 2018- يجمع الأموال لدعم حملته الانتخابية.
وأوضح، أن هذا الإنفاق القياسي مدفوعًا جزئيًا بجمع التبرعات من المانحين الصغار، وهو اتجاه نابع من الانتخابات الرئاسية لعام 2016، عندما تغلب دونالد ترامب على هيلاري كلينتون بشكل غير متوقع.
ووفقًا لسارة براينر، مديرة الأبحاث والاستراتيجية في "أوبن سيكرتس"، فإن الجمهوريين أنفقوا -حتى الآن- على السباقات في هذه الدورة أكثر بكثير مما أنفقوه عام 2018 بسبب العديد من الانتخابات التمهيدية في مجلس الشيوخ المتنازع عليها بشدة هذا العام، بينما عزز وجود ترامب على المسرح السياسي جمع التبرعات، من خلال تشجيع مناخ سياسي مثير للانقسام.
"لجنة إنقاذ أمريكا"
وقالت براينر: "إن صغار المانحين تدفعهم الأيديولوجية والعاطفة والعزلة عن النظام السياسي".
وأشارت إلى أن الانتخابات التمهيدية في ولايات مثل أوهايو وبنسلفانيا وأريزونا وضعت المرشحين الذين يؤيدهم ترامب ضد الجمهوريين الآخرين، وهو التناقض الذي جذب استثمارات ضخمة من المليارديرات مثل بيتر ثيل وكين غريفين.
وبالفعل، كانت لجنة التبرعات التابعة للرئيس السابق دونالد ترامب، التي تستهدف المتبرعين بمبالغ صغيرة، جمعت 19 مليون دولار، خلال الربع الأول من العام الحالي، بحسب آخر تقرير لها، في حين يضخ كبار المتبرعين من الحزب الجمهوري ملايين الدولارات في لجان مرتبطة بقيادات مجلسي النواب والشيوخ.
وحصلت "لجنة إنقاذ أمريكا المشتركة لجمع التبرعات"، التي تجمع أموالًا لصالح الأنشطة السياسية لصالح ترامب، على 9 ملايين دولار من متبرعين، دفع كل منهم أقل من 200 دولار، أما المتبرعون الذين دفعوا 500 دولار أو أكثر، فقد بلغ نصيبهم من إجمالي التبرعات 1.8 مليون دولار، حسب التقارير التي قُدمت إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية.
وسمح استمرار الدعم المالي من قاعدة التأييد التابعة لترامب لـ"لجنة إنقاذ أمريكا"، وهي لجنته القيادية للعمل السياسي، بجمع 110 ملايين دولار حتى نهاية فبراير الماضي، وذلك لا يشمل 5 ملايين دولار تسلمتها اللجنة مارس الماضي.
مبالغ قياسية
ووفقًا لإيثان إيلون، رئيس المجموعة الرقمية الجمهورية "إيمدج"، فقد أجبرت الانتخابات التمهيدية وزيادة أعداد مراكز التصويت في الولايات ذات التصويت المبكر، والتصويت بالبريد، المرشحين على مد عمل الحملات الانتخابية مدة أطول.
وحسب "فايننشال تايمز" فقد اجتذبت السباقات على مستوى الولايات أيضًا مبالغ قياسية، حيث بلغت المساهمات الخارجية نحو 47 مليون دولار، متجاوزة إجمالي 44 مليون دولار عام 2018.
ومن المقرر -وفق الصحيفة- أن تحطم سباقات حكام الولايات الأرقام القياسية لعام 2018، بعد أن جلبت 1.6 مليار دولار.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه تم توجيه الأغلبية العظمى من هذه الأموال للإعلانات السياسية، كما كان الحال تاريخيًا.
وتوقعت شركة "AdImpact" المتخصصة في رصد الإعلانات وتتبعها، في يوليو الماضي، أن يصل الإنفاق الإعلاني إلى 9.7 مليار دولار ، متجاوزًا حتى الدورة الرئاسية لعام 2020.
وذكرت أن حجم الإنفاق الإعلاني للانتخابات النصفية لعام 2022 تجاوز 6.4 مليار دولار في الإعلانات التلفزيونية والإذاعية والرقمية، حتى بداية أكتوبر الجاري.
"سباق الكابيتول"
وقدرت الشركة غير الحزبية أن يصل حجم الإنفاق الإعلاني إلى 9.7 مليار دولار في الثامن من نوفمبر حيث يتوجه الناخبون لصناديق الاقتراع، وهو رقم وصفته بـ "التاريخي".
وبهذه الأرقام، يرتفع الإنفاق على الإعلانات السياسية في انتخابات نوفمبر بنسبة 56.6 بالمئة عن الانتخابات النصفية الأخيرة عام 2018.
وأشارت "AdImpact" إلى أن هذه الأرقام المتوقع الوصول لها في الحملات الدعائية للمرشحين بالانتخابات النصفية لعام 2022 تعد ضعف الأرقام التي أنفقت في الانتخابات الأخيرة عام 2018، ما يؤكد الأهمية السياسية لسباق هذا العام في "الكابيتول هيل".
ويُتوقع أيضًا أن تشهد المعارك الانتخابية المرتقبة لمقاعد مجلس النواب في كاليفورنيا ونيويورك ونيفادا وإيلينوي وميشيغان، إنفاق 100 مليون دولار أو أكثر، وفقًا لـAdImpact، علمًا أن تكهناتها تستند إلى القدرة التنافسية للسباقات، والأسعار في كل سوق ذي صلة، وبيانات الإنفاق التاريخية والحالية.
تباين الأهداف
وبينت "فايننشال تايمز" أن أهداف كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تتباين خلال السباق، فبينما يضاعف الديمقراطيون رسائلهم عن الإجهاض بعد قرار المحكمة العليا الجسيم بإلغاء قضية رو ضد وايد في يونيو الماضي، يركز الجمهوريون على التضخم والاقتصاد المتراجع في البلاد.
وأمام ذلك، أنفق الديمقراطيون أكثر من 20 مليون دولار على الإعلانات المتعلقة بالإجهاض، أي ما يقرب من أربعة أضعاف استثمار الجمهوريين في إعلانات الإجهاض الخاصة بالحاكم.
ويشير الاستراتيجيون الديمقراطيون إلى حقوق الإجهاض كقضية من شأنها أن تحفز الأمريكيين على التصويت خلال انتخابات منتصف المدة، عندما يكون إقبال الناخبين عادةً أقل من الانتخابات الرئاسية.
وقالت ميغان كلاسين، الشريكة في "غامبيت استراتيجي"، وهي شركة إعلانات رقمية ديمقراطية: "في الماضي، لم نكن قادرين على إرسال رسالة عن انعكاس الحكم التاريخي بتجريم الإجهاض الذي صدر منذ أشهر من المحكمة العليا، لأن الناس لم يصدقوا أنه سيحدث".
في المقابل، ينصح الخبراء، المرشحين الجمهوريين بالتركيز على التضخم القياسي والاقتصاد المتهاوى، مشددين على أن الاستراتيجية الأكثر فاعلية ستكون من خلال "تقديم فحص قوي للغاية للعامين المقبلين من أجندة الإنفاق التي ستؤدي إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية، ومن ثمّ من المحتمل أيضًا أن تعمق الركود الحالي".
50 مليون دولار لـ "فيسبوك"
وحسب الصحيفة، فإنه خلال أغسطس وسبتمبر الماضيين، أنفق المرشحون ما يقرب من 50 مليون دولار على إعلانات الانتخابات النصفية الحالية عبر "فيسبوك" و"غوغل" وحدهما.
وتوقعت "AdImpact" أن السباق في مجلس الشيوخ بين السناتور الديمقراطي الحالي، رافائيل وارنوك، والجمهوري هيرشل ووكر، نجم كرة القدم السابق المدعوم من ترامب، سيكون الأغلى في البلاد من حيث الإنفاق الإعلاني بـ 276 مليون دولار.
وقالت الشركة المتخصصة في رصد الإعلانات: إن التلفزيون المتصل (CTV) يُمثل قرابة 13 بالمئة من إجمالي الإنفاق السياسي، وتقدر الشركة أن إجمالي الإنفاق على مثل هذه المنصات سينمو إلى 1.4 مليار دولار بحلول نوفمبر.
والتلفزيون المتصل خدمة تلفزيونية رقمية مثل "آبل تي في" وأمازون فاير تي في" تتصل بشاشة التلفزيون، حيث يلجأ إليها المستخدمون لإلغاء اشتراكات الكابلات والأقمار الاصطناعية التقليدية.