العراق.. الصراع على الوزارات يعرقل تشكيل حكومة السوداني
دخلت الحكومة العراقية مرحلة حرجة، خاصة بعد أن باتت مساعي محمد السوداني لحلحلة خلافات الفرقاء ضربًا من المستحيل، قبل الاحتجاجات المتوقعة غدًا الثلاثاء، بعد انتهاء مهلة متظاهري تشرين.

السياق
مع اتساع حلقة الخلافات على تشكيلة الحكومة في العراق، وانتشار تقارير عن تغلُّب «التسعيرة» على «الكوتة» في السباق نحو الفوز بالمناصب السيادية، أصبح البلد الآسيوي على أبواب أزمة جديدة، قد تعيده إلى المربع الأول.
فرغم مرور أكثر من 10 أيام على تكليف محمد شياع السوداني برئاسة الحكومة العراقية، لا يوجد -حتى الآن- موعد لتحديد جلسة نيل الحكومة الجديدة ثقة البرلمان، وسط اتساع الهوة بين حلفاء الأمس.
ودخلت الحكومة العراقية مرحلة حرجة، خاصة بعد أن باتت مساعي محمد السوداني لحلحلة خلافات الفرقاء ضربًا من المستحيل، قبل الاحتجاجات المتوقعة غدًا الثلاثاء، بعد انتهاء مهلة متظاهري تشرين.
وبينما كان الإطار التنسيقي يحاول التحرك سريعًا، خوفًا من الوصول إلى هذه المحطة الحرجة، كان التيار الصدري يعوِّل على الوقت لهزيمة حكومة السوداني، التي تضيق الخيارات لتشكيلها يومًا تلو الآخر.
التشكيلة الوزارية
مكتب رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني، أصدر بيانًا مساء الأحد، اطلعت «السياق» على نسخة منه، أكد فيه استمرار المقابلات مع مرشحي المناصب الوزارية في الحكومة الائتلافية الجديدة.
وأضافت الحكومة المكلفة، في بيانها، أن «مقابلات المرشحين تكون عبر لجنة مختصة تضم مجموعة من الاستشاريين، يرأسها رئيس الوزراء المكلف»، مشيرة إلى أنه «سيعلن رسميًا عن المرشحين الذين يختارون لتولي المسؤولية بعد انتهاء المقابلات، والتأكد من سلامة موقفهم من الجوانب القانونية وتحديد موعد جلسة مجلس النواب الخاصة بنيل الثقة».
بدوره، أكد رئيس مجلس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني، خلال لقائه وفدًا أوروبيًا مساء الأحد، أن أولويات عمله تشكيل حكومة قويّة قادرة على مواجهة التحديات وأهمها الاقتصادية، ومعالجة الفقر والبطالة وسوء الخدمات والفساد.
وبينما أعرب السوداني عن تطلع العراق إلى تعزيز علاقاته بجميع الدول، بما يحقق مصالح العراق وشعبه، أكد الوفد الأوروبي، استمرار تقديم دعم الاتحاد لسيادة العراق ووحدة أراضيه، وأهمية تقوية الديمقراطية الناشئة فيه.
عقبات
حديث الغرف المغلقة عن «تسعيرة» للمناصب السيادية، المتعلقة بوزارات المالية والنفط والدفاع، خرج إلى العلن، خاصة بعد أن بات السوداني منزعجًا من إصرار بعض القوى السياسية على تقديم أسماء بتخصصات بعيدة عن المنصب لشغل بعض الوزارات.
واندلعت مؤخرًا أزمة على منصب وزير الدفاع، إلا أن محمد السوداني زار تحالف عزم قبل يومين، بعد أن هدد مؤخرًا بعزل رئيس البرلمان.
كان تحالف عزم قد هدد بإقالة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان، إذا لم يحصل على استحقاقه، بحسب تغريدة للقيادي في التحالف أحمد الجبوري، عُدت انقلابًا على الاتفاق السياسي.
وعن اللقاء، قال رئيس تحالف عزم مثنى السامرائي إنه يجب مراعاة الاستحقاقات الانتخابية لجميع الأطراف السياسية لتحمل مسؤولية دعم تشكيل الحكومة.
وبحسب مصادر عراقية، فإن السوداني فشل في إقناع تحالف عزم، بوضع حد للنزاع على وزارة الدفاع، مشيرة إلى أن هوة الخلافات اتسعت لتشمل وزارة التخطيط، التي من المحتمل إسنادها إلى «عزم» أو تحالف السيادة.
تسريبات وتسعيرة
وبحسب تسريبات نشرتها وسائل إعلام محلية، فإن هناك 3 أسماء جديدة لتولي وزارة الدفاع، التي يدور عليها خلاف كبير، عقب تراجع اسم ثابت العباسي، رئيس حركة حسم المنضوية تحت لواء «عزم»، بينما صعد اسم وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي الذي أقيل من منصبه، عام 2016.
كما صعد اسم حمد النامس وهو عسكري تسلَّم مناصب عدة، منها قيادة شرطة صلاح الدين، أثناء دخول تنظيم داعش الإرهابي للمحافظة، وهو قريب من وزير الدفاع الحالي جمعة عناد، بينما الاسم الثالث المرشح هو ناصر الغنام، وهو عسكري يشغل منصب رئيس الكلية العسكرية.
وبحسب اتفاق سابق، فإن منصب وزير الدفاع من حصة تحالف عزم، وتحديدًا لزعيم ائتلاف الجماهير أحمد الجبوري المعروف بـ«أبو مازن».
ومما فاقم الأزمة الحالية، ما أكده مقربون من الإطار التنسيقي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بأن منصب وزير الدفاع وصل إلى 75 مليون دولار، بينما اقتربت وزارة الداخلية وغيرها من تلك الأرقام.
إلا أن تسريبات تحدثت عن خلافات شديدة بين دولة القانون وتحالف الفتح على منصب وزير النفط، إضافة إلى أن هناك تنافسًا شديدًا بين عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله على مناصب: الأمن الوطني، المخابرات، ورئاسة الحشد الشعبي.
ويقول مراقبون، إن إعلان الحكومة تعطله أزمات بين القوى السياسية والسوداني من جهة، والكتل في ما بينها من جهة أخرى، إضافة إلى التنافس على الأسماء وتمثيل محافظات في التشكيلة الوزارية، خاصة أن ما يعرف بـ«الوزن الانتخابي» أو نظام النقاط، قد يحرم أكثر من 10 تيارات داخل الإطار التنسيقي من التمثيل.
تهديدات محيطة
يأتي ذلك، بينما أعلنت مجموعة من ناشطي حراك تشرين، الخروج إلى الشارع غدًا الثلاثاء، في سيناريو كان يأمل الإطار التنسيقي تجنُّبه، بمحاولة تمرير الحكومة.
وقال البيان، إنها ستنظم تظاهرات وصفتها بـ«الكبيرة» 25 أكتوبر الجاري في كل المحافظات، لإزالة «الطبقة السياسية الفاسدة» وتشكيل «حكومة إنقاذ».
ووفق نظام النقاط (النقطة الواحدة تعادل مقعدين) فإن القوى السنية التي تملك أقل من 80 مقعدًا، مقسمًا بين السيادة (نحو 60 مقعداً) وتحالف عزم (13 مقعدًا)، تستحق 3 وزارات سيادية و6 وزارات خدمية.
إلا أن الوضع على الأرض غير ذلك، فهناك 6 وزارات سيادية فقط: (الدفاع، الداخلية، الخارجية، المالية، النفط، والتخطيط)، من المفترض أن يذهب نِصفها إلى الشيعة.
ويريد تحالف عزم وزارتين سياديتين أكثر من «تقدم»، لأن الأخير حصل على منصب رئيس البرلمان، بينما كشف تقارير محلية، أن تيار «تقدم» حصل على وزارة التخطيط والصناعة، بينما من المقرر أن يحصل تحالف عزم على التربية والدفاع.
وهناك وزارتان سياديتان ومثلهما خدميتان قد تذهب إلى الشيعة: الداخلية، المالية، الصحة، والكهرباء، بينما هناك تضارب بشأن الاستحواذ على حصة التيار الصدري في الحكومة أو تجميدها، على أمل عودة زعيم التيار مقتدى الصدر عن قرار الاعتزال.
خلافات
ورغم ذلك، فإن مراقبين توقعوا سرعة نشوب خلافات بين الكتل السياسية، بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، مؤكدين أن المحاصصة ستمتد إلى جميع الحقائب بما فيها الأمنية.
المحلل السياسي العراقي زياد العرار قال في تصريحات صحفية، إن الحكومة المقبلة ستكون على أساس المحاصصة والتوافق بامتياز، مشيرًا إلى أن الخلاف داخل الإطار التنسيقي هو الأقوى، مقارنة بما يجري داخل البيتين السياسيين السُّني والكردي.
وتوقع عودة الخلافات بين الكتل السياسية، بعد شهرين أو ثلاثة أشهر من منح الثقة للحكومة، لأن الآليات التي بُنيت عليها ليست صحيحة، خاصة أنها اعتمدت المحاصصة وتوزيع المكاسب.