اتهامات الفساد تلاحق حكومة ليبيا.. هل الصدام مع الجيش وشيك؟

قال اللواء المحجوب، إنه رغم تدخل ومخاطبة مجلس النواب واللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5، فإن رئيس الحكومة يتلكأ ويتحجج ويمنع وللشهر الرابع على التوالي، صرف مرتبات القوات المسلحة التي أمّنت قوت الليبيين -في إشارة للنفط الليبي- وأعادت ضخه عبر المؤسسة الوطنية للنفط.

اتهامات الفساد تلاحق حكومة ليبيا.. هل الصدام مع الجيش وشيك؟
عبدالحميد الدبيبة

السياق

بعد تعثر إجراء أول انتخابات رئاسية في ليبيا، بدأت الأمور تتصاعد في البلد الإفريقي بشكل متزايد، كاشفة عن تخوفات تلوح في الأفق، وتنذر بالعودة إلى المربع الأول.

فمن نشاط مكثف للمليشيات المسلحة، التي بدأت تدق أبواب العاصمة طرابلس، مرورًا بالتظاهرات الرافضة للتأجيل، واتهامات بالفساد لوزراء حكومة تصريف الأعمال، إلى الخلاف الذي يشق طريقه بين رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة والجيش الليبي، تعددت الأحداث التي تنذر بمصير وصفه مراقبون بالـ«مخيف»، إن لم ينزع فتيل تلك الأزمات بشكل سريع.

آخر تلك الأزمات، تلك التي كشفها مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، اللواء خالد المحجوب، في بيان، متهمًا حكومة تصريف الأعمال -برئاسة عبدالحميد الدبيبة- بتأخير صرف رواتب القوات المسلحة للشهر الرابع على التوالي.

اتهامات للحكومة

وقال اللواء المحجوب، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنه رغم تدخل ومخاطبة مجلس النواب واللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، فإن رئيس الحكومة «يتلكأ ويتحجج ويمنع» وللشهر الرابع على التوالي، صرف مرتبات القوات المسلحة التي أمّنت قوت الليبيين (في إشارة للنفط الليبي) وأعادت ضخه عبر المؤسسة الوطنية للنفط.

وأوضح مدير إدارة التوجيه المعنوي، أن الدخل العام من النفط، الذي تؤمنه القوات المسلحة، تجاوز 100 مليار دينار ليبي (21.6 مليار دولار)، مشيرًا إلى أن آخر «تحايلات» رئيس الحكومة هو عدم وجود رصيد يغطي الصك الصادر بهذا الخصوص.

وأكد المحجوب، أن حكومة الدبيبة أنفقت في أشهر عدة ما يزيد على 90 مليار دينار، منهم 20 مليارًا على «تنمية الفساد بدلًا من تنمية الوطن»، مشيرًا إلى أن «ليبيا أصبحت تحكمها عائلة تتمتع بمزايا لم يعرفها التاريخ، حتى في عصور الملوك الذين كانت في يدهم كل السلطات».

وتابع المسؤول العسكري الليبي: «حكومة تسيطر عليها عائلة، لم تترك أي فرصة للكسب والسمسرة، إلا وكانت هي المتصدرة للنهب بكل الوسائل والوسائط في الداخل والخارج، حتى السفارات التي تحتاج لسيارات، لابد أن تكون عبر شركاتها، وبدلًا من أن توجه هذه الحكومة عملها لأداء واجباتها، في تحقيق إرادة الليبيين للانتخابات والمصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسات، إذا برئيسها يوقف مرتبات ينتظرها قرابة نصف مليون ليبي».

خطوة من الجيش

وأشار اللواء خالد المحجوب، إلى أن قيادات الجيش الليبي وجدت نفسها مضطرة للاستدانة، لتوفر أقل المتطلبات لجنودها في مواقع الحراسة والحماية بالحقول النفطية، وعلى الحدود وفي الصحراء، لمطاردة الإرهاب والمهربين، ولمختلف الأماكن التي تقوم بحمايتها وتأمينها.

وقال المحجوب، إن رئيس الحكومة «أفلس أخلاقيًا وتتالت فضائحه وظهرت حقيقته، وتحول رئيس الحكومة لأداة تجويع لليبيين ينتظرون مرتباتهم ليسدوا رمق أبنائهم، ويسددوا نفقات علاج مرضاهم وحاجات تعليم أبنائهم، الذين لم يجدوا كتبًا».

الاتهامات التي وجَّهها الجيش الليبي إلى حكومة تصريف الأعمال، تأتي بعد أيام من فضائح فساد مالي، أدت إلى إصدار النائب العام الصديق الصور قرارين بحبس وزيري التربية والتعليم موسى المقريف، لاتهامه بالإهمال والمحسوبية في أزمة تأخر طباعة الكتاب المدرسي، والثقافة والتنمية المعرفية مبروكة توغي، على خلفية الحصول على منافع وتزوير مستندات تتعلق بأوجه صرف المال العام.

مكافحة الفساد

وبعد القبض على الوزيرين الليبيين، أعلن النائب العام، القبض على عدد آخر من المسؤولين في تهم فساد أخرى، بينهم شخصان انتحلا صفة رئيس هيئة مكافحة الفساد، والكسب غير المشروع في العاصمة طرابلس.

وزارة المالية لم تكن بعيدة هي الأخرى عن اتهامات الفساد، فالنائب العام، وجَّه الأسبوع الماضي خطابًا إلى وزير المالية الليبي، بشأن مخالفات وتجاوزات مالية لمسؤولين بوزارة المالية، مشيرًا إلى رصد تحويل أموال خارج بنود الميزانية لبعض الجهات الممولة من الخزانة العامة.

تلك «التجاوزات» طالب النائب العام الليبي، وزارة المالية بشرح ملابساتها، مؤكدًا ضرورة موافاته بأسباب ومبررات تحويل القائمين على الوزارة مبالغ كبيرة لبعض الجهات خارج بنود الميزانية، بغرض الإضرار بالمال العام.

كما طالب النائب العام، وزارة المالية بتوضيح مبررات تحويل أكثر من 4 ملايين دينار (870 ألف دولار) لحساب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد خارج بند المرتبات، التي لم تكن مخصصة عام 2020، مشيرًا إلى ضرورة صدور توضيح من وزارة المالية لمبالغ تتجاوز ثلاثة ملايين دينار من مخصصات الربع الأخير من الباب الثاني، خارج بنود الميزانية.

ليست الأولى

اتهامات النائب العام الموجَّهة إلى وزارة المالية ليست الأولى، فهيئة مكافحة الفساد استدعت منتصف ديسمبر المنصرم، وزير المالية بحكومة تصريف الأعمال خالد المبروك، لسماع أقواله في تحقيقات تخص المال العام، إلا أنه -بحسب بيانات للهيئة- لم يمتثل ورفض التعاون معها.

تأتي تلك الاتهامات، في وقت تواجه فيه الحكومة عاصفة من الانتقادات، وسط مطالبات بإقالتها وتكليف حكومة جديدة لإدارة الفترة الانتقالية حتى موعد الانتخابات، وهي مطالب أيدها أعضاء في مجلس النواب الليبي.

إلا أن رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، انتقد قرارات النيابة العامة ضد وزرائه، وأصدر قرارًا بتشكيل لجنة تحقيق قضائية وقانونية، لمتابعة ملفات الوزيرين المشتبه بهما.

وبينما زعم الدبيبة، أن «هناك حملة كانت تستهدفه، واليوم تستهدف وزراء حكومته»، رد على اتهامات الميزانية المقترحة من الحكومة، قائلًا، إن ميزانية عام 2021 هي الأقل، مقارنة بميزانيات السنوات الماضية، بداية من ميزانية 2012.

وكشفت وزارة المالية في حكومة الدبيبة، أن الحكومة أنفقت ميزانية عام 2021 التي تجاوزت 86 مليار دينار، مشيرًا إلى أن نفقات مجلس الوزراء بلغت 5.627.744.602 دينار، ونفقات مجلس النواب 1.166.458.170 دينار ليبي، بينما بلغت نفقات المجلس الرئاسي 567.580.161 دينار، وما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» 97.739.846 دينار.

إلا أن نفقات الوزارات السيادية كانت الأقل، فإنفاق وزارة الدفاع بلغ 4.746.174.450، بينما بلغ إنفاق وزارة الداخلية 4.978.181.408، ووزارة الخارجية 1.102.673.720 دينار ليبي.