أوكرانيا تتقدم... نجاحات كييف أمر واقع أم الهدوء الذي يسبق عاصفة موسكو؟

خرائط ومعلومات تظهر التقدم الأوكراني.. نقطة تحول في الحرب وضغوط متصاعدة على بوتين

أوكرانيا تتقدم... نجاحات كييف أمر واقع أم الهدوء الذي يسبق عاصفة موسكو؟

ترجمات - السياق

تحول غريب في مشهد الحرب الروسية الأوكرانية، فالأخيرة تتقدم بينما تسحب الأولى قواتها من شمالي شرق أوكرانيا، لتعلن كييف استعادة آلاف الكيلومترات من سيطرة موسكو.

إلى ذلك سلّطت صحيفة وول ستريت الأمريكية، الضوء على التطورات الأخيرة في الحرب الدائرة بأوكرانيا، والتحول الواضح على الأرض لصالح كييف.

وبينت أنه بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها خلال الأيام الأخيرة، تباطأ تقدم أوكرانيا لتعزيز السيطرة على المناطق التي استعادتها، لافتة إلى أن روسيا سحبت المزيد من قواتها في منطقة خاركيف، متراجعة من شمالي شرق أوكرانيا، بينما واصلت قوات كييف توغلها في الأراضي التي تحتلها روسيا، وتعهدت الحكومة باستعادة المناطق التي استولت عليها موسكو.

كانت تقارير إعلامية غربية تحدثت عن أن الجيش الأوكراني حقق -في أقل من أسبوع- مكاسب مذهلة، واستعاد تقريبًا كل منطقة خاركيف التي احتلتها القوات الروسية منذ بدء الغزو، ما قد يُغير مجرى الحرب التي اندلعت قبل نحو سبعة أشهر، وغيرت النسيج الجيوسياسي لأوروبا.

 

فرار سريع

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصدر في جهاز المخابرات الأوكراني قوله: "الروس يفرون بسرعة كبيرة تحت ضغط الجنود الأوكرانيين، لدرجة أنهم يتركون وراءهم ترسانات ذخيرة كاملة"، مضيفًا: "نحن نعرف ماذا سنفعل بهم وسنحرص على استخدامها وفقًا للغرض ضد العدو".

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ بدء هجومها، قالت أوكرانيا إنها استعادت نحو 9000 كيلومتر مربع، أو نحو 3500 ميل مربع، من الأراضي من قوات موسكو في منطقة خاركيف، ما تسبب في أكبر انتكاسة لروسيا منذ غزوها في فبراير، لافتة إلى أن ذلك يُمثل أكثر من عُشر المناطق التي احتفظت بها روسيا منذ الغزو.

جاء استهداف خاركيف، بعد يوم من اندلاع حريق في محطة كهرباء دمرها صاروخ روسي، تسبب في انقطاع التيار الكهربائي بالمنطقة.

ونشرت أوكرانيا –الاثنين- صورًا لجنود يتفقدون مستودعًا مليئًا بالأسلحة والذخيرة الروسية في إيزيوم، وهي مدينة جنوبي شرق خاركيف كانت لأشهر حامية للقوات الروسية.

وفاجأت المكاسب السريعة موسكو، ما أثار انتقادات بين مؤيدي الكرملين بشأن الطريقة التي يتم بها التعامل مع الحملة العسكرية.

وأفادت الصحيفة الأمريكية، بأنه مع استعادة أوكرانيا المزيد من الأراضي، ظهرت انتقادات نادرة لتكتيكات الحرب الروسية على التلفزيون الحكومي الروسي.

 

استعادة السيطرة

وحسب "وول ستريت جورنال" ففي تقرير نُشر الاثنين، قالت أوكرانيا إن قواتها المسلحة استعادت 30 مستوطنة تحتلها روسيا الأحد 11 سبتمبر وحده، مستفيدة من حالة الذعر بين القوات الروسية التي أفادت التقارير بأنهم فروا من منطقة خاركيف تاركين المعدات وراءهم.

ونقلت الصحيفة عن أرتور شيفتسوف من كتيبة دنيبرو -1 المتمركزة بالقرب من سلوفيانسك شرقي أوكرانيا قوله: إن الوحدتين السادسة والسابعة من الكتيبة شاركت في معارك إيزيوم وبالاكليا.

وأوضح أن الجنود الذين شاركوا تحدثوا عن مصادرة كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة الروسية المتروكة، وحملوا معهم أي شيء يمكنهم العثور عليه.

واستطرد متحدثًا عبر الهاتف من شرقي أوكرانيا: "لا أعرف ما الذي تقرره القيادة بعد الاستيلاء على منطقة خاركيف، لكننا نريد الضغط على الروس قدر الإمكان، لاستعادة المزيد من الأراضي الأوكرانية المحتلة"، متابعًا: "الجميع هنا منتعشون.. فبعد شهر من القتال... الآن تأتي النتائج".

وحسب الصحيفة الأمريكية، تباطأ التقدم الأوكراني –الاثنين- حيث بدأ الأوكرانيون تعزيز سيطرتهم والبحث عن المتعاونين وجيوب القوات الروسية.

وتعليقًا على ذلك، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: إن الضربات الصاروخية الروسية ضد البنية التحتية المدنية قطعت الكهرباء عن مئات الآلاف من الأوكرانيين خلال الأيام القليلة الماضية مع انسحاب القوات الروسية.

وأوضح أن روسيا تسعى إلى "حرمان الأوكرانيين من الضوء والحرارة" من خلال التسبب في انقطاع التيار الكهربائي شرقي أوكرانيا، مضيفًا: "هذه هي الطريقة التي يتفاعلون بها مع هزيمة القوات الروسية في منطقة خاركيف".

 

تعزيزات ضرورية

وترى "وول ستريت جورنال" أن كييف تواجه تحديًا أكبر يتمثل في ضرورة تعزيز قواتها من الجنود والسلاح، لتعزيز مكاسبها وتوسيع نطاق سيطرتها على المزيد من الأراضي.

كانت أوكرانيا أشارت إلى أنها ستقدم طلبات جديدة للحصول على أسلحة من الولايات المتحدة وحلفائها، تقول حكومة كييف إنها ستحتاج إلى مواصلة هجومها حتى عام 2023، وفقًا لوثيقة تمت مشاركتها مع المشرِّعين الأمريكيين واطلعت عليها "وول ستريت جورنال".

تشمل قائمة الأسلحة المطلوبة في كييف نظام الصواريخ التكتيكية للجيش ، أو إم جي إم-140 أتاكمز، الذي يبلغ مداه قرابة 190 ميلاً.

بينما رفضت الولايات المتحدة توفير هذا النظام بسبب مخاوف من أن أوكرانيا قد تستخدمها لضرب الأراضي الروسية وإثارة صراع أوسع مع الغرب.

وحسب تقارير إعلامية غربية - بينها "وول ستريت جورنال"- فإن التحدي الأكبر أمام كييف، هو "الاحتفاظ بالأراضي التي تم تحريرها من قبضة الروس"، إذ لا تزال روسيا تحتفظ بجزء كبير من الأراضي الأوكرانية، وتسيطر على "مساحات شاسعة من الأراضي شرقي وجنوبي أوكرانيا" بما في ذلك مدينتا ماريوبول وخيرسون ذات الأهمية الاستراتيجية، وهو ما يمثل تحديًا جديدًا أمام قوات كييف.

إعادة تقييم

وتمتلك موسكو أيضًا -حسب الصحيفة- بعض الأسلحة "الأكثر ضررًا وقوة" في ترسانتها مثل "الذخائر العنقودية والأسلحة الحرارية".

أمام ذلك، حذر بعض المسؤولين من أنه رغم كل أوجه القصور لدى القوات الروسية، فلا تزال لدى الروس القدرة على "إعادة تجميع صفوفهم والرد بقوة"، مشددين على ضرورة تدخل المجتمع الدولي لدعم كييف بالمزيد من الأسلحة التي تحتاجها لتأكيد تفوقها الأخير، قبل أن تتحرك روسيا وتستعيد الأراضي التي فقدتها.

في المقابل، أقر كبار المسؤولين الروس -خلال عطلة نهاية الأسبوع الأحد- بأن العملية العسكرية في أوكرانيا كانت تسير على نحو سيئ، بينما دعا العديد من الخبراء العسكريين -عبر التلفزيون الرسمي- إلى ضرورة إعادة تقييم الاستراتيجية العسكرية الروسية، باستخدام قمع أكثر صرامة بحق المعارضة في المدن والبلدات الأوكرانية التي لا تزال موسكو تحتلها.

وأشارت الصحيفة إلى أن "العديد من الشخصيات المؤيدة للكرملين أعربت عن قلقها وإحباطها من الهجوم المضاد الذي شنته كييف، الذي تمكنت خلاله من استعادة قواتها لأجزاء من شمالي شرق أوكرانيا، وسط انتقادات متزايدة لطريقة تعامل الكرملين مع غزوها الذي دام نحو 7 أشهر".

وقالت إن "بعض شخصيات التلفزيون الحكومي وخبراء موالين للدولة وصفوا التطورات الأخيرة في الحرب بأنها ضربة لطموحات روسيا العسكرية".

على سبيل المثال، وفقًا للصحيفة، قال الخبير السياسي فيكتور أوليفيتش خلال برنامج حواري سياسي على قناة "إن تي في" الحكومية: "قيل لنا إن كل شيء يسير وفقًا للخطة، هل يعتقد أي شخص أنه قبل ستة أشهر كانت الخطة مغادرة مدينة بالاكليا، وصد هجوم مضاد في منطقة خاركيف والفشل في السيطرة على خاركيف؟".

 

هزيمة أوكرانيا مستحيلة

بينما قال المُشرِّع الروسي السابق بوريس ناديغدين: "من المستحيل هزيمة أوكرانيا باستخدام تلك الموارد وأساليب الحرب الاستعمارية التي تحاول روسيا استخدامها بواسطة جنود متعاقدين ومرتزقة".

وأضاف: "الذين أقنعوا الرئيس فلاديمير بوتين بأن عمليتنا الخاصة ستكون فعّالة ومختصرة، وأننا لن نضرب السكان المدنيين، وأننا سنعيد ترتيب النظام الأوكراني بالشكل الذي يخدم طموحات موسكو... هؤلاء هم الذين وضعونا في هذا المأزق".

كانت وزارة الدفاع البريطانية أعلنت –الاثنين- أن روسيا أمرت على الأرجح بسحب قواتها من مناطق خاركيف التي احتلتها لأشهر في مواجهة التقدم السريع لأوكرانيا، وقالت إن دفاعات روسيا في الجنوب مُعرضة بشدة للخطر أيضًا.

وأشارت إلى أنه من المحتمل أن تكون روسيا قد أُجبرت على منح الأولوية للأعمال الدفاعية عبر خط المواجهة، وسط فشل إعادة إمداد قواتها بشكل صحيح في منطقة خيرسون الجنوبية، أو تقديم التعزيزات اللازمة للحفاظ على الخط هناك.