انسحاب عضوين.. خلافات تضرب الفريق الأمريكي في مفاوضات فيينا بشأن إيران
تأتي الخلافات في وقت محوري وحاسم، حيث حذر المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون، من أنه لم يتبق سوى أسابيع، لإنقاذ اتفاق 2015 قبل أن تكتسب إيران المعرفة والقدرة على إنتاج وقود نووي كافٍ بسرعة لصُنع قنبلة.

ترجمات - السياق
كشفت صحيفة وول ستريت الأمريكية، عن خلافات قوية وسط فريق التفاوض الأمريكي في فيينا، بشأن صعوبة التعامل مع طهران، ومتى يجب الانسحاب من المفاوضات النووية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على المحادثات، قولها: "مع وصول محادثات الاتفاق النووي إلى مرحلة حرجة، ظهرت خلافات داخل فريق التفاوض الأمريكي، بشأن كيفية التعامل مع طهران وتوقيت الانسحاب من المحادثات".
وأكد المسؤولون الأمريكيون، أن ريتشارد نيفيو، نائب المبعوث الخاص لإيران، المعروف بـ"مهندس" العقوبات الاقتصادية على إيران، ترك الفريق، بعد أن دعا إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة في المفاوضات.
وأوضحوا أن نيفيو كان دعا إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة في المفاوضات الحالية، ولم يحضر المحادثات في العاصمة النمساوية منذ أوائل ديسمبر الماضي.
مفاوضات أكثر صرامة
ونقلت "وول ستريت جورنال"عن مصادرها، قولها: إن عضوين آخرين في فريق المفاوضات، انسحبا من المحادثات، لأنهما أرادا أيضًا موقفًا تفاوضيًا أكثر شدة تجاه طهران.
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات، إن بين القضايا التي عمقت خلافات الفريق الأمريكي "مدى الحزم في إنفاذ العقوبات الحالية، وما إذا كان يجب وقف المفاوضات تزامنًا مع إطالة إيران أمدها بينما يتقدم برنامجها النووي".
وأشارت إلى أن الخلافات تأتي في وقت محوري وحاسم، حيث حذر المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون، من أنه لم يتبق سوى أسابيع، لإنقاذ اتفاق 2015 قبل أن تكتسب إيران المعرفة والقدرة على إنتاج وقود نووي كافٍ بسرعة لصُنع قنبلة.
وحسب "وول ستريت جورنال" فإنه بموجب الاتفاق، رفعت الولايات المتحدة معظم العقوبات الدولية عن طهران، مقابل قيود صارمة لكن مؤقتة على الأنشطة النووية الإيرانية، مشيرة إلى أن الاتفاقات الجديدة، تأتي بعد أن انسحبت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاقية، ورأت أنها غير كافية لكبح جماح إيران للوصول إلى القنبلة النووية، بينما تحاول إدارة الرئيس الحالي جو بايدن السير عكس مسارها.
في المقابل -حسب الصحيفة الأمريكية- رفضت إيران الجلوس مباشرة مع الولايات المتحدة في المحادثات، رغم أن وزير الخارجية الإيراني قال إن طهران ستدرس ذلك، إذا تقدمت المحادثات.
شكوك غربية
وأوضحت "وول ستريت جورنال" أنه مع عدم تحديد موعد نهائي لإنهاء المحادثات، يشك بعض الدبلوماسيين الغربيين، في ما إذا كانت إدارة بايدن مستعدة لإنهائها، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى اندلاع أزمة، خصوصًا مع تسريع إيران لبرنامج تخصيب اليورانيوم، في وقت تصاعدت فيه التوترات بين واشنطن وموسكو بشأن أوكرانيا.
وأشارت إلى أن العاصمة النمساوية (فيينا)، تستضيف منذ أبريل 2021 مفاوضات برعاية الاتحاد الأوروبي، لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، في ظل انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 خلال ولاية رئيسها السابق، دونالد ترامب، الذي فرض عقوبات موجعة على الطرف الإيراني، ليرد الأخير بخفض التزاماته ضمن الصفقة منذ عام 2019.
وذكرت أن المفاوضات تجرى رسميًا بين إيران من جهة، وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى، بينما تشارك الولايات المتحدة في الحوار من دون أي اتصالات مباشرة بالطرف الإيراني.
طلب إبعاد
وعن ترك نيفيو لفريق التفاوض، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، قوله: "ريتشارد نيفيو لم يعد يشغل منصب نائب المبعوث الخاص لإيران، لكنه لا يزال موظفًا ذا قيمة عالية في وزارة الخارجية".
وقال المسؤول -الذي فضل عدم كشف اسمه- إن "انتقال الموظفين شائع جدًا بعد عام على إدارة بايدن".
وأضاف أن المبعوث الخاص لإيران روبرت مالي "لديه فريق عمل متميز، بمن في ذلك نائبه الآخر جاريت بلان، وكبير المستشارين والسفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو، ومجموعة من الموظفين المحترفين في وزارة الخارجية العاملين منذ فترة طويلة، إضافة إلى ممثلين للوكالات الأمريكية الأخرى، بما في ذلك وزارات الطاقة والخزانة والدفاع".
وقال المسؤول: لم يهمَّش أي عضو آخر في الفريق أو غادر "لأي سبب آخر غير الأسباب الشخصية العادية"، بينما نقلت الصحيفة عن مطلعين على المفاوضات قولهم: التوترات داخل الفريق الأمريكي تتزايد منذ الصيف الماضي، بشأن قضايا نوقشت على أعلى مستوى في إدارة بايدن.
وحسب المصادر التي تحدثت لــ "وول ستريت جورنال" فقد حث البعض في الفريق على مغادرة المحادثات أوائل ديسمبر الماضي، بعد عودة فريق مفاوض إيراني جديد إلى فيينا، والتراجع عن معظم التنازلات التي قدمتها الحكومة السابقة في ربيع 2021 .
وأوضحت أن نقاط التوتر الأخرى، تشمل ما إذا كان يتعين على الوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة، أن تدين طهران لمنع المفتشين من مراقبة أنشطتها النووية، ورفضها التعاون مع تحقيق منفصل في المواد النووية التي عُثر عليها في إيران، كما أثيرت الخلافات أيضًا عن مدى قوة فرض العقوبات على إيران، خاصة مع الصين التي تستورد ملايين الأطنان من النفط الإيراني.
تشدد إيران
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين قرروا المضي قدمًا بالمفاوضات في ديسمبر الماضي، رغم تشدد إيران في موقفها التفاوضي، كما تراجعوا عن اتخاذ إجراءات في مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتوجيه اللوم لإيران، وهي خطوة كانت طهران قد قالت إنها قد تؤدي إلى إفشال المحادثات.
وأشارت إلى أن نيفو لعب دورًا رئيسًا في تمرير شبكة العقوبات المفروضة على إيران من 2006 إلى 2013، وكان عضوًا بارزًا في الفريق الذي تفاوض على الاتفاق النووي لعام 2015، ورغم أنه أعلن صراحةً تأييده لهذا الاتفاق بشدة، فإنه قال إن استخدام العقوبات الواسعة كان حاسماً في إقناع إيران بالتفاوض بجدية.
وأوضح أن تعيين نيفو نائبًا للمبعوث الخاص لإيران في مارس 2021، كان قد أثار انتقادات في إيران، إذ صورت صحيفة وطن امروز الإيرانية المحافظة، ملصقًا من فيلم الرعب لعام 1997، وعليه صورة نيفو ومن ورائه بايدن، حيث صورته كأنه محامي الشيطان، في إشارة إلى أن الشيطان هو (الرئيس بايدن).