هل ينجح بايدن في إنهاء الأزمة الأوكرانية؟

الخيار الوحيد لأوكرانيا، هو التفاوض مع روسيا والتوصل إلى تسوية قد تكون سيئة لكنها ضرورية، بشأن توجهها الجغرافي السياسي.

هل ينجح بايدن في إنهاء الأزمة الأوكرانية؟

ترجمات - السياق

سلَّطت مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، الضوء على التوترات المتفاقمة للأزمة الأوكرانية، التي تنذر بغزو روسي لأوكرانيا خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، مشيرة إلى أن ذلك جاء في سياق حشد أكثر من 100 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية، علاوة على إجراء مناورات عسكرية مشتركة، بين روسيا وبيلاروسيا في فبراير الجاري.

وأشارت المجلة، في تقرير، إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أرسلت رسالة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه "إذا أمرت بغزو أوكرانيا، فتوقع حملة من العواقب المالية والدبلوماسية".

وذكرت أن المسؤولين الأمريكيين، أرسلوا تحذيرات بسلسلة من العقوبات الاقتصادية، وضوابط التصدير، والتداعيات الدبلوماسية الجاهزة للتنفيذ، إذا اختارت موسكو المواجهة، بما في ذلك فصل بعض أكبر البنوك الروسية عن النظام المالي، الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

وأضافت، أنه مع ذلك، من غير الواضح إذا كانت الولايات المتحدة صريحة بالقدر نفسه مع الحكومة الأوكرانية أم لا، ففي العلن، تواصل واشنطن تأكيد التزامها بسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، لكن، بدلاً من نقاط الحوار المعتادة، سيكون من الأفضل للولايات المتحدة إعطاء نظرائها الأوكرانيين جرعة من الصدق والصراحة لتوضيح الأمور أكثر، وذلك بتأكيد أن "الحرب أسوأ خيار ممكن"، وبذلك فإن الولايات المتحدة ليست ملزمة بالدفاع عن كييف، وإنما على الحكومة الأوكرانية بذل كل ما في وسعها، لإيجاد مخرج دبلوماسي لتجنُّب الصراع.

 

حشد روسي

وذكرت "ناشيونال إنترست" أن روسيا أمضت الأشهر الثلاثة الماضية، في بناء قوة قتالية قوية في المنطقة الحدودية مع أوكرانيا، إذ يتمركز نحو 130.000 جندي روسي على ثلاث جهات، من البر الرئيسي لروسيا في الشرق إلى بيلاروسيا في الشمال.

وأشارت إلى أن الجيش الروسي أرسل إلى المنطقة دبابات ومدفعية وعربات قتال مشاة وقاذفات صواريخ وأنظمة دفاع جوي، يأتي بعضها من قواعد روسية في الشرق الأقصى، كما نشرت روسيا طائرات مقاتلة من طراز Su-35 في بيلاروسيا لإجراء تدريبات عسكرية.

وأوضحت أنه رغم اعتقاد بعض حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، بأن روسيا لم تتخذ قرارًا نهائيًا بالغزو، فإن التعزيز الروسي الأخير دفع بعض كبار المسؤولين الأمريكيين، إلى التكهن بغزو روسي بحلول منتصف فبراير الجاري.

وأمام هذه التحركات والتخوفات الغربية، رأت "ناشيونال إنترست" أنه لا شيء يبشر بالخير لأوكرانيا، ففي حين أن الجيش الأوكراني مجهز بشكل أفضل كثيرًا من ذي قبل، وأكثر خبرة في ساحة المعركة، وأكثر تحفيزًا مما كان عليه عام 2014، إلا أن روسيا لديها أسلحة أكبر وأكثر تطورًا.

وأشارت إلى أن حجم الجيش الروسي في الخدمة الفعلية، يبلغ أربعة أضعاف ما يمكن أن تقوم به أوكرانيا، موضحة أن هناك 12 ألف دبابة في الترسانة العسكرية الروسية، مقابل 2500 دبابة لأوكرانيا، وأن هناك تفاوتًا كبيرًا جدًا في ما يخص سلاح المدفعية، إذ تمتلك موسكو 12000 بينما لا تمتلك كيف سوى 1000 فقط.

وفي ما يتعلق بالقوة الجوية، كشفت المجلة الأمريكية، أن الروس قادرون على إلحاق أضرار كبيرة بالأسطول الأوكراني، الذي يمكن أن يتلف بسرعة في قتال شديد الكثافة، مشيرة إلى أنه بالنظر إلى هذا التفاوت، فإن شحنات الأسلحة الأمريكية الإضافية إلى أوكرانيا لن تحدث فرقًا.

وأضافت: "إذا حدثت حرب، ستخسر أوكرانيا، بينما ستكون القوات الروسية ملطخة بالدماء، كما حذر وزير الدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي زملاءهم الروس، لكن، بالنظر إلى المزايا الكمية والنوعية التي تمتلكها روسيا، لا أحد يعتقد بجدية أن أوكرانيا ستحظى بفرصة".

 

الخيار الوحيد

أمام هذا التباين الشديد في الإمكانات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، شددت "ناشيونال إنترست" على أن الخيار الوحيد لأوكرانيا، هو التفاوض مع روسيا والتوصل إلى تسوية قد تكون "سيئة" لكنها ضرورية، بشأن توجهها الجغرافي السياسي.

وأضافت أنه رغم انعكاس هذا الأمر -في حال حدوثه- على العلاقات الأوكرانية الغربية، فإنه لم يعد أمام كييف سوى الدبلوماسية، إذ لا يمكن لها أن تتجاهل جغرافيتها الخاصة، أو تسبح ضد تيار ظروفها الجيوسياسية الفريدة، كما أنه لا يمكن للمسؤولين الأوكرانيين أن يخدعوا أنفسهم بالتفكير أن الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي سوف ينقذونهم في الساعة الأخيرة.

وشددت المجلة الأمريكية على أن "الصدق مع أوكرانيا" أفضل سياسة يمكن أن يتبعها الغرب، مشيرة إلى أن أوكرانيا في موقف ضعيف، ومن ثم لا تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها في" الناتو" الدخول في حرب ساخنة مع روسيا المسلحة نوويًا نيابة عنها، مشيرة إلى أن بايدن ليس أمامه سوى طريق واحد لحل الأزمة الأوكرانية هو "الصدق والصراحة" مع الأوكرانيين.

ورغم هذه المخاوف، فإن "ناشيونال إنترست" عادت لتؤكد أن روسيا -رغم تفوقها العسكري الواضح- فإن الحرب ليست خيارها الأول، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تدين فيه موسكو بشدة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، لتجاهلهما مطالبها المبدئية بشأن توسيع الناتو، لا يزال المسؤولون الروس، مثل وزير الخارجية سيرغي لافروف، يُبقون الباب مفتوحًا للمحادثات.

وأوضحت أنه في الأول من فبراير الجاري، تحدث لافروف مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، حيث يواصل الجانبان الرد على مسودة مقترحات الطرف الآخر، وقبل أيام، التقى ممثلو أوكرانيا وروسيا في باريس، في إطار صيغة نورماندي، وهي المرة الأولى منذ أكثر من عامين، إذ ناقش الجانبان الحرب التي استمرت ثماني سنوات في دونباس.

وترى "ناشيونال إنترست" أن الحرب "ليست حتمية"، وأن الأمل في الخروج الدبلوماسي لم ينتهِ، مشيرة إلى أنه رغم أن الولايات المتحدة وروسيا تواصلان طرح مواقف غير قابلة للتوفيق، فإن كليهما على الأقل مشترك في سياسة "الأخذ والعطاء" للحفاظ على استمرار العملية الدبلوماسية، مشددة على أن "ذلك سبب إضافي لأن تكون الولايات المتحدة صريحة مع أصدقائها الأوكرانيين" بشأن مخاطر الحرب إن وقعت، وحدود دورها فيها.