من تركيا وبريطانيا ومصر.. مصادر تكشف للسياق خبايا جبهة الإخوان الجديدة

تيار التغيير.. السياق تكشف خبايا ذراع الفوضى الجديد للإخوان 

من تركيا وبريطانيا ومصر.. مصادر تكشف للسياق خبايا جبهة الإخوان الجديدة

السياق (خاص)

انقسام جديد تشهده جماعة الإخوان الإرهابية، إذ خرجت جبهة ثالثة -للمرة الأولى- تحت مسمى التغيير، وذلك بعد أن انقسمت الجماعة سابقًا بين جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، وجبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، فيما لم يعلن بشكل واضح عن موقف قيادات الجماعة الموجودين داخل السجون المصرية.  

وهذا التيار، الذي نشأ تحت مسمى "تيار التغيير"، والمقرر أن يعلن عن نفسه بمؤتمر في تركيا السبت، يوصف بجناح "الكماليون"، التابعين للقيادي محمد كمال الذي قتل في اشتباكات مع الأمن المصري بمدينة 6 أكتوبر شمالي القاهرة، في أبريل 2016.

بيد أن هذا الجناح اندثر تدريجيًا بعد مقتل محمد كمال، لعدم وجود قيادة من جانب، وأيضًا نتيجة ضعف التمويل من جانب آخر، لكنه ظلا كامنًا ومجسدًا لجناح الفوضى والعنف المسلح في الجماعة الإرهابية.

عودة "الكماليون"

بيد أن المتتبع للمعلومات التي وردت في دعوة المؤتمر حول التعريف بأنفسهم "تيار التغيير"، والمتابع لمسار تطور جماعة الإخوان الإرهابية، خصوصًا قبل 12 عامًا، يرى أن هذا التيار مرآة لفكر وقيادات الجماعة الإرهابية نفسها، سواء من في السجون المصرية أو المتصارعون على القيادة في إسطنبول ولندن، بحسب مصادر مقربة من المكتب الإداري لجماعة الإخوان في تركيا، تحدثت لـ"السياق".

وأشارت المصادر إلى أن دعاة المؤتمر بحسب دعوتهم، يسعون إلى إعادة تطبيق أفكار حسن البنا وسيد قطب، وهو ما يمكن قراءته في اتجاهيين؛ الأول: محاولة تأكيدهم على أنهم منتمون لجماعة الإخوان عبر إعلان إيمانهم بأفكار البنا مؤسس الجماعة.

أما الاتجاه الثاني، بحسب المصادر؛ التأكيد على ولائهم لقيادات الجماعة في السجون، الذي ينتمون إلى تيار "القطبيون" والمسيطر على الجماعة منذ انتخاب محمد بديع مرشدًا للإخوان في 2010.

جبهة داخل مصر

أحمد سلطان الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة يقول لـ"السياق"، إن هناك أكثر من قيادة لـ"تيار التغيير" منهم محمد منتصر ويحيي موسي

 -القيادي في حركة حسم- ورضا فهمي وأشرف عبد الغفار.

وتضيف مصادر أخرى مقربة من الإخوان بالسجون المصرية، لـ"السياق"، أنَّ هذه الجبهة لديها أيضًا فرع داخل مصر يقوده محمود الجمال، وهو أحد قيادات الإخوان القطبيين، لكنهم لا يحظون بدعم قيادات الجماعة بالسجون المصرية، بل إنهم يعتبرون هذا التيار انشقاقًا عن التنظيم. 

وهنا، يؤكد سلطان على أن هذا التيار لا يعترف بوجود المرشد، ويرفض الاعتراف أيضًا بأعضاء مكتب الإرشاد، بحجة أن عضويتهم انتهت، ويدعون إلى تأسيس ما يسمي بالمكتب التنفيذي بدلًا منه.

الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة يرى أن "تيار التغيير"، يميل إلى النخبوية رغم أن غالبية المنتمين له من الشباب، لكنه بمجمله لا يزيد حجمه عن ١٥ إلى ٢٠ ٪ من إجمالي المنتمين إلى جماعة الإخوان، بسبب مشكلات التمويل التي عانوا منها، وتسبب في الحد من انتشارهم واستقطاب أعضاء جدد.

وكانت مصادر قريبة الصلة من المكتب الإداري لـ"الإخوان" في إسطنبول، قالت لـ"السياق" في وقت سابق، إن "الكماليون" خرجوا من عباءة جبهة محمود حسين، وإن القيادات التاريخية للتنظيم "العجائز" هم وراء تدهور الأوضاع في مجملها.

وفيما يتعلق بالمؤتمر، يرى سلطان أنه يحمل العديد من الدلالات أولها؛ أنه يعد إعلانًا صريحًا عن عودة ذات التيار إلى العمل بعدما جمّد نشاطه لفترة طويلة جدًا، ولم يكن يقوم بأي تحركات على الأرض نتيجة ضعف التمويلات، فضلًا عن المشكلات التي ضربت الجماعة على المستوي التنظيمي أو المالي.

الدلالة الثانية؛ تشير إلى أن "تيار التغيير" كان جزءًا من الخلاف بين جناحي الإخوان، لأن جبهة إبراهيم منير وعدت هذا التيار بأنها ستضمه في صفوفها من جديد، خاصة أن هناك خلافًا قديمًا ومتجذرًا بين هذا التيار وبين جبهة محمود حسين، بحسب سلطان.

وأشار الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة إلى أن منير وعد هذا التيار بالعودة إلى حضن الجماعة وسمي هذا الملف بـ"لمّ الشمل"، لكن ونتيجة خلافات داخلية، منها عودة قادة "تيار التغيير" إلى نفس المناصب التنظيمية التي فُصِلوا منها، فشل ملف "لم الشمل" هذا.

وأوضح سلطان أن ما حدث هو أن تيار ما يسمي بـ"التغيير" قد تلقي دعمًا من دول إقليمية خلال الفترة الأخيرة لكي يظهر ويعود للواجهة من جديد، ويعيد ويريد إثارة القلاقل والاستفادة من الوضع الاقتصادي في مصر، وكلها أمور مرتبطة بسباق أوسع وهو الضغط على مصر.

وفي النهاية، أوضح الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، أن المؤتمر هو مجرّد إعلان عن عودة التيار، وفي تقديري أن هذا التيار، والذي كان موجودًا منذ سنوات، هو الآن يعيد تنظيم نفسه ويعيد ترتيب أموره ويسعي للعودة للواجهة، وكان قد عقد سلسلة اجتماعات خلال الفترة الماضية بمدينة إسطنبول، فضلًا عن إعادة تنظيم لقاءات الأسر في إطار العودة إلى المشهد، ولديه وثيقة يسميها "وثيقة سياسية"، هي مجرد إنتاج لما أعلنوه سابقًا خلال الخلاف مع الإخوان، كما يظن أن المؤتمر مجرد بداية تتبعه العديد من التحركات خلال الفترة القادمة.

بديل جبهتي إسطنبول ولندن

في المقابل، كشفت مصادر أخرى مقربة من المكتب الإداري للإخوان في إسطنبول تحدثت لـ"السياق"، عن أن ما يسمى بـ"التيار" يحاولون تقديم أنفسهم كبديل تنظيمي لجبهتي إسطنبول ولندن، في ظل تصاعد الخلاف الدائر بينهما.

وأشارت المصادر إلى أنهم نظموا مؤتمرًا في السابق عن الثورات العربية وشباب الثورات العربية، في شهر يوليو الماضي، كمحاولة لتقديم أنفسهم كمحصن فكري وتربوي للخارجين عن الجبهتين.

المصادر ترى أنهم مجموعة ليس لهم "أي قيمة أو وزن"، لكنها ألمحت إلى أن ثمة وجود ضوء أخضر من القيادة في تركيا للإخوان، للقيام بنشاط سياسي سلمي والبدء في التحرك، مستبعدة في الوقت نفسه حصولهم على دعم أو تمويل من قوى إقليمية أخرى.

وكشفت المصادر أيضًا عن أن عناصر هذا التيار تتحرك من خلال الجمعيات الخيرية التي لها مساحات توعوية وفكرية، لاصطياد الخارجين عن الجبهتين، عبر تقديم الدعم المالي والمعنوي لهم.

المصادر أوضحت أيضًا أن جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير تفكر في ضم "تيار التغيير"، لأن قياداته تنتمي إلى جيل حلمي الجزار وبطيخ وأحمد عبد الرحمن.

ولكن ثمة خلاف بين حلمي الجزار وإبراهيم منير، حول هذا الأمر، إذ يخشى الأخير من تصنيف بريطانيا لتنظيم الإخوان "إرهابية" إذا ما تم ضم "تيار التغيير"، نتيجة تصنيف لندن لـ"حركة حسم" التي يقودها يحيى موسى، و"لواء الثورة" حركتين إرهابيتين في 2017، بحسب مصادر أخرى مقربة من مكتب لندن، تحدثت لـ"السياق".