بطولة كأس العالم بقطر.. اتهامات بفرض قيود مروعة على وسائل الإعلام

سيتم منع قنوات مثل: بي بي سي و آي تي في، من التصوير في مواقع إقامة العمال المهاجرين، بموجب شروط تصاريح التصوير الصادرة عن الحكومة القطرية.

بطولة كأس العالم بقطر.. اتهامات بفرض قيود مروعة على وسائل الإعلام

ترجمات - السياق

قيود إعلامية فرضتها قطر على وسائل الإعلام المشاركة في تغطيات كأس العالم 2022، والمرتقب أن تستضيفها العاصمة الدوحة أواخر الشهر المقبل.

تلك القيود تمنع بموجبها السلطات القطرية، طواقم التلفزيون الدولية من إجراء مقابلات مع أشخاص في منازلهم كجزءٍ من قيود شاملة على التغطية الإعلامية، قالت عنها صحيفة «الغارديان» البريطانية، إن تأثيرها على التغطية الإعلامية سيكون «مخيفًا».

وبحسب «الغارديان»، فإنه سيتم منع قنوات مثل: «بي بي سي» و«آي تي في»، من التصوير في مواقع إقامة العمال المهاجرين، بموجب شروط تصاريح التصوير الصادرة عن الحكومة القطرية.

ووفقًا للبنود، فإنه يُحظر أيضًا التسجيل في المباني الحكومية والجامعات ودور العبادة والمستشفيات، إلى جانب التصوير في العقارات السكنية والشركات الخاصة.

قيود جديدة

وتندرج القيود ضمن قائمة الشروط التي يجب أن توافق عليها الوسائل الإعلامية عند التقدم للحصول على تصريح تصوير من السلطات القطرية «لالتقاط صور فوتوغرافية وتصوير فيديو للمواقع الأكثر شهرة في جميع أنحاء البلاد»، كما أنها تنطبق على المصورين لكنها لا تشير صراحة إلى صحفيي المطبوعات الذين لا يصورون مقابلاتهم، بحسب «الغارديان».

وتقول الصحيفة البريطانية، إن القواعد لا تحظر التقارير المتعلقة بموضوعات محددة، لكن تقييد الأماكن التي يمكن لأطقم التصوير العمل فيها «بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، المنازل والمجمعات السكنية ومواقع الإقامة»، سيجعل من الصعب عليهم التحقيق في الانتهاكات المبلغ عنها، مثل إساءة معاملة العمال المهاجرين، أو إجراء مقابلات حول مواضيع قد يحجم الناس عن مناقشتها علنًا، مثل حقوق مجتمع المثليين.

رد رسمي

إلا أن اللجنة العليا في قطر، نفت الليلة الماضية، فرض قيود «مروعة» على الحريات الإعلامية، قائلة إنَّ «العديد من وسائل الإعلام الإقليمية والدولية مقرها قطر، فيما يعمل من الدوحة آلاف الصحفيين بحرية دون تدخل».

وقالت إنها قامت بتحديث نسخة سابقة من شروط طلب تصاريح التصوير التي ظهرت على موقعها على الإنترنت لتخفيف القواعد للمذيعين الذين يحضرون كأس العالم، بما في ذلك إزالة القاعدة التي تنص على أنه يجب عليهم «الإقرار والموافقة» بأنهم لن يقدموا تقارير تفيد بأنها قد تكون «غير مناسبة أو مسيئة للثقافة القطرية والمبادئ الإسلامية».

لكن في حين أن القواعد الأحدث تنص على أن التصوير مسموح به في جميع أنحاء دولة قطر، إلا أنها لا تزال تفرض قيودًا صارمة، بما في ذلك من خلال التقدم للحصول على تصريح.

وتنص القواعد أيضًا على أنه يجب على المذيعين «احترام خصوصية الأفراد وعدم تصويرهم أو تصوير ممتلكاتهم دون موافقة صريحة مسبقة».

فيفا يتدخل

يأتي ذلك فيما قال الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، إنه «يعمل مع اللجنة العليا والمنظمات ذات الصلة في قطر لضمان أفضل ظروف عمل ممكنة لوسائل الإعلام التي تحضر البطولة، وكذلك ضمان استمرار المذيعين في التغطية بحرية دون أي قيود».

وقال متحدث باسم «فيفا»، إنه سيكون «من المهم توضيح أن تصوير الممتلكات الخاصة في أي بلد يظل خاضعًا لموافقة مالك/ مشغل العقار»، فيما لم يعلق على سبب تضمين الشروط حظرًا تامًا على التصوير في الممتلكات الخاصة.

وسبق أن احتُجز صحفيون في قطر بسبب تغطيتهم قضايا اعتبرتها السلطات مثيرة للجدل؛ ففي عام 2015، ألقي القبض على مجموعة من مراسلي «بي بي سي» في الدوحة وقضوا ليلتين في السجن أثناء التحقيق في ظروف سكن العمال المهاجرين، بحسب «الغارديان».

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ألقي القبض على صحفيين نرويجيين يحققان في ظروف العمال المهاجرين العاملين في مواقع كأس العالم لمدة 36 ساعة أثناء محاولتهما مغادرة البلاد.

معضلة أخلاقية

وقال جيمس لينش من مجموعة حقوق الإنسان FairSquare التي تتخذ من لندن مقرًا لها، إن القواعد كانت عبارة عن «مجموعة واسعة للغاية من القيود التي من شأنها أن تجعل من الصعب على أطقم التلفزيون متابعة القصص غير المتعلقة بكرة القدم».

وأضاف: «سيكون من الصعب للغاية الامتثال الكامل لهذه الشروط، إذا كان التصوير بالقرب من الممتلكات الخاصة أو الحكومية ينتهك شروط التصريح».

وأضاف لينش: «من المحتمل أن يكون لهذا تأثير مخيف شديد على حرية التعبير وأن تمثل القيود معضلة أخلاقية للمذيعين»، متسائلًا: كم عدد المنظمات التي ستغطي القضايا الاجتماعية في قطر إذا كان القيام بذلك يعرضهم لخطر أن ينتهي بهم المطاف في المحكمة؟

وبحسب «الغارديان»، فإن الإرشادات التحريرية الصارمة لكل من «بي بي سي» و«آي تي في» هي على الحياد ومصممة للحماية من التأثير غير المبرر، بما في ذلك من الحكومات. وتقول إرشادات بي بي سي، التي تنطبق على جميع المحتويات، إنَّ البث يجب ألا يسيء دون داعٍ، بل يشدد على أهمية حرية التعبير.

شروط التصوير

وقالت جميما شتاينفيلد، رئيسة التحرير في Index on Censorship، إن شروط تصاريح التصوير كانت «سببًا محددًا للقلق ويبدو أنها غامضة عن قصد، بحيث يخطئ المذيعون في جانب الحذر».

وأشار إلى أنها شعرت أنه لا ينبغي أن يوافقوا على مثل هذه الشروط لكنها قالت إنها «تضاريس صعبة للغاية» للتنقل فيها، متسائلة: ما إذا كانت هناك قصص لا يزال بإمكانهم تغطيتها؟ وهل الأهم من ذلك أن يكتبوا تلك القصص؟ مضيفة: «إذا تم دفع بي بي سي في الأساس إلى وضع كهذا، فستكون هذه نتيجة سيئة».

وتقول «الغارديان»، إن قطر دولة إسلامية ذات نظام حكم «استبدادي»، فيما يُنظر إلى الشتائم وارتداء الملابس غير المحتشمة على أنها مسيئة، مشيرة إلى أنه بينما السلوك المثلي غير قانوني، يمكن أيضًا اعتبار نشر المواد التي يبدو أنها تهين أو تتضمن تشهيرًا جريمة، وفقًا لنصائح السفر من حكومة المملكة المتحدة.

وفي الأشهر الأخيرة، يبدو أن قطر خففت موقفها من عدة قضايا في محاولة لإقناع الزوار بأنها آمنة ومتسامحة؛ فهي تسمح ببيع الكحول في الملاعب، بحسب «الغارديان»، التي قالت إن الدوحة سمحت «للمشجعين المثليين التواجد خلال كأس العالم، إلا أنها لم تخفف القواعد المقيدة لحرية التعبير، والتي تشمل قانونًا يحظر نشر الأخبار الكاذبة على الإنترنت».

ولم تذكر «بي بي سي» إذا ما كانت وافقت على قواعد تصاريح التصوير أو تعارضها، إلا أن متحدثة باسمها قالت إن لديها «سجلًا مثبتًا في معالجة قضايا الساعة كجزء من تغطيتنا. كأس العالم هذه لن تكون مختلفة».

وقالت «آي تي في»، إنَّ فريقها الإخباري أجرى «تقارير مكثفة عن قرار منح البطولة لقطر والأسئلة المتعلقة بسجل الدولة المضيفة في مجال حقوق الإنسان وسيواصل القيام بذلك».

وفيما قالت: «صحافتنا ستكون مستقلة بقوة»، قال متحدث باسم «آي تي في» إن تغطية بطولة كأس العالم ستركز على كرة القدم، لكنها لن تبتعد عن الجدل خارج الملعب.