بعد طلبها القبة الحديدة.. كيف تدعم إسرائيل أوكرانيا؟

قال مسؤول إسرائيلي كبير، لم يكشف هويته: إن إسرائيل تزود أوكرانيا بمعلومات استخبارية أساسية عن طائرات الاستطلاع الإيرانية بدون طيار، والتي تستخدمها موسكو في المعارك الدائرة في أوكرانيا.

بعد طلبها القبة الحديدة.. كيف تدعم إسرائيل أوكرانيا؟

ترجمات - السياق

بعد القصف الصاروخي الواسع الذي تعرضت لها أوكرانيا وتحديدًا العاصمة كييف في الأيام الماضية كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن أوكرانيا تتعجل تسلّم أنظمة دفاع جوي متطورة لصد الصواريخ الروسية، ومن بينها أنظمة دفاع القبة الحديدية الإسرائيلية.

وبيّنت أنه رغم امتلاك أوكرانيا أسلحةً دفاعيةً تعود إلى الحقبة السوفيتية، إلا أن الضربات الروسية الأخيرة التي استهدفت كييف وعددًا من المدن الأخرى، الإثنين الماضي، أثار دعوات لتجهيز الجيش الأوكراني بشكل أفضل.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في غضون يومين فقط -هذا الأسبوع- أطلقت القوات الروسية أكثر من 100 صاروخ كروز وعشرات من الطائرات بدون طيار المتفجرة على مدن في جميع أنحاء أوكرانيا، أكثر بكثير مما كان متوقعًا أن تواجهه الدفاعات الجوية القديمة في البلاد، فيما يقول مسؤولون أوكرانيون إن أقل من نصف هذه الصواريخ حقق أهدافه.

وحسب الصحيفة، فقد أدى نجاح أوكرانيا في إسقاط تلك المقذوفات، وحماية العديد من مدن أوكرانيا من دمار محقق، إلى تنشيط دعوات المسؤولين في كييف للدول الغربية لتوفير أنظمة أسلحة دفاعية أكثر تطورًا.

ففي اجتماع عُقد بمقر الناتو في بروكسل، وافقت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون على الفور على دعم أوكرانيا بهذه الأسلحة بأقصى سرعة.

"دعم أوروبي"

وذكرت الصحيفة، أن الضربات الروسية التي استهدف أوكرانيا هذا الأسبوع أسفرت عن تعهدات جديدة من حلفاء كييف بمزيد من الأسلحة والذخائر، ووعدت الولايات المتحدة بأنظمة دفاع صاروخي جوي، بينما قالت ألمانيا إنها سترسل دفاعات مشابهة في الأيام القليلة القادمة، كما أعلن الناتو أن دعمه لأوكرانيا في معركتها ضد روسيا سيتواصل أيًا كان ما سيستغرقه الوقت.

وبالفعل بدأت ألمانيا تسليم أربع وحدات من نظام دفاع صاروخي متقدم للغاية حتى إنَّ قواتها لم تستخدمه بعد، فيما وعدت هولندا بتقديم صواريخ دفاع جوي بملايين الدولارات، وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده سترسل "رادارات وأنظمة وصواريخ مضادة للطائرات".

وبعد يوم واحد من قول إدارة بايدن إنها تعمل على تسريع تسليم نظامين صاروخيين متقدمين، قال وزير الدفاع لويد جيه أوستن الثالث: "سيتم توفير هذه الأنظمة بأسرع ما يمكن".

ورأى أوستن أن المعدات والأسلحة التي قدمتها واشنطن إلى أوكرانيا ساهمت في تغيير موازين المعركة مع القوات الروسية.

وبيَّن الوزير الأمريكي في مؤتمر صحفي ببروكسل، أن أوكرانيا لا تزال في حاجة إلى مزيد من الأسلحة والمعدات وأنظمة الدفاع الجوي، موضحًا أن إجمالي المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وصل إلى 16.8 مليار دولار.

"نجاح أوكراني"

وقالت نيويورك تايمز، على الرغم من كل الثغرات التي أوضحها القصف الروسي، الذي قتل ما لا يقل عن 19 شخصًا واستهدف نحو عشرين مدينة أوكرانية، فقد أثبتت الدفاعات الجوية الأوكرانية "المرقعة" أنها أحد النجاحات العظيمة للحرب، بل ومن بين أكثر النجاحات غير المتوقعة.

وأشارت إلى أن الرد الأوكراني على تلك الهجمات أكد المدى الذي وصلت إليه وحدات الدفاع الجوي منذ أن أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته بالغزو في 24 فبراير الماضي.

ووفقًا للجيش الأوكراني، فإنه خلال اليوم الأول من القصف الروسي -الإثنين الماضي- تخلصت الدفاعات الجوية لأوكرانيا من أكثر من نصف ما يقرب من 80 صاروخ كروز تم إطلاقها على المدن الأوكرانية.

وقال الجيش الأوكراني في بيان: إنه في اليوم الثاني من الهجوم، تمكنت ثمانية صواريخ فقط من إصابة أهدافها من إجمالي 28 تم إطلاقها، مشيرًا إلى أن القوات الأوكرانية دمرت أيضًا ما يقرب من 50 طائرة بدون طيار متفجرة هذا الأسبوع.

وتعليقًا على ذلك، نقلت الصحيفة الأمريكية عن جاستن برونك، الباحث البارز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة المتخصص في القوة الجوية، قوله: إن جزءًا من النجاح يتعلق بالتنسيق الأفضل بين أنظمة الإنذار المبكر، التي تكشف عن إطلاق الصواريخ، ووحدات الدفاع الجوي على الأرض المكلفة بإسقاطها.

وأوضح برونك أن الجيوش الأوكرانية والغربية تراقب بحر قزوين والبحر الأسود، اللذين أطلقت روسيا منهما العديد من صواريخ كروز- عن كثب، مما يمنح قوات الدفاع الجوي متسعًا من الوقت للرد.

وأضاف برونك: "أصبحت الدفاعات الجوية الأوكرانية أكثر قدرة بشكل ملحوظ عما كانت عليه في بداية الحرب"، منوهًا أن معدلات الاعتراض التي تبلغ 40 إلى 60 في المائة التي أبلغ عنها الجيش الأوكراني، "تتماشى على نطاق واسع مع ما نتوقعه من نظام دفاع جوي إقليمي أكثر كفاءة في التنظيم".

وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال الساعات الأولى من الغزو، ركزت القوات الروسية هجماتها على بطاريات الدفاع الصاروخي الأوكرانية وطائرات القوة الجوية ومنشآت رادار الدفاع الجوي.

وبيّنت أنه من خلال مزيج من التحضير والتفكير السريع من قِبل القادة الأوكرانيين- بالإضافة إلى ضعف الاستخبارات والهدف السيئ من قِبل القوات الروسية- تم الحفاظ على العديد من الدفاعات، مما يضمن عدم سيطرة روسيا الكاملة على الأجواء الأوكرانية.

"مناورات وتحركات"

من جانبه، قال يوري إغنات المتحدث باسم قيادة القوات الجوية للجيش الأوكراني: إنه في ظل عدم وجود أسلحة كافية للدفاع عن كل ركن من الأراضي الأوكرانية، فإن قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تتحرك باستمرار، في محاولة لتوقع موقع الهجمات المستقبلية مع تجنب اكتشافها من قِبل القوات الصاروخية الروسية.

وأضاف: "اليوم، يتطلب خوض الحرب الكثير من المناورات والتحرك باستمرار بينما تحاول روسيا العثور على نقاط ضعفنا لاستهداف دفاعاتنا الجوية"، متابعًا: "نحن نقوم بهذه المناورات، في محاولة للعثور على المواقع التي يمكن أن نتسبب فيها بأكبر قدر من الضرر ونضرب معظم الأهداف الجوية الروسية. "لكن -رغم هذه التصريحات- إلا أن نيويورك تايمز رأت أن حالة الأسلحة الأوكرانية "غير المتطورة"، لا تجعل أنظمة الدفاع الجوي تعمل بفعالية، مشيرة إلى أن الجيش الأوكراني يعتمد في الغالب على أنظمة تعود للحقبة السوفيتية مثل نظام صواريخ بوك و إس 300.

وأمام ذلك، يعود الفضل في مواجهة الصواريخ الروسية إلى خبرات بعض الجنود الأوكرانيين، وأشارت الصحيفة إلى أن جنديًا أوكرانيًا ضمن وحدة مضادة للطائرات في شمال أوكرانيا، يدعى دميترو شومسكي، قام الإثنين الماضي بإخراج صاروخين كروز عاليي السرعة باستخدام قاذفة صواريخ محمولة على الكتف مصممة لضرب طائرات هليكوبتر وأهداف أخرى تحلّق على ارتفاع منخفض على مسافة قصيرة، وقد حصل هذا العمل الفذ على إشادة خاصة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وحسب الصحيفة، يشتهر المشغلون الأوكرانيون للأنظمة المضادة للطائرات والدفاع الصاروخي بمهارة عالية، على الرغم من فشل المخططين العسكريين الروس أحيانًا في أخذ ذلك في الاعتبار.

"صدمة بوتين"

وأوضحت، أنه عندما غزت روسيا، جمهورية جورجيا عام 2008، صُدم الكرملين بالتدمير الذي أحدثته الدفاعات الجوية للدولة الصغيرة، لافتة إلى أن بوتين اكتشف لاحقًا أن أوكرانيا سلمت سرًّا أنظمة دفاع جوي إلى جورجيا قبل الحرب وأرسلت مستشارين لتعليم الجورجيين كيفية استخدامها.

ويقول المسؤولون الأوكرانيون، إن أنظمتهم الحالية كافية لمواجهة صواريخ كروز الأصغر والأبطأ حركة مثل إكس 101، وإكس 555 التي تُطلق من الجو، وكذلك صواريخ كاليبر البحرية، وكلها تشكل الجزء الأكبر من الصواريخ التي تم إطلاقها هذا الأسبوع، بينما من الصعب اعتراض الصواريخ الأكبر حجمًا مثل صاروخ إسكندر التي تطلق من الأرض والتي تفوق سرعة الصوت.

ولمواجهة الصواريخ الأكثر تقدمًا، طلبت أوكرانيا أنظمة أسلحة غربية أكثر تطورًا مثل أنظمة الصواريخ أرض-جو الوطنية المتقدمة الأمريكية الصّنع، والمعروفة باسم "صواريخ سام النرويجية المتقدمة"، حيث توفر هذه الأنظمة تغطية قصيرة إلى متوسطة المدى تمتد من 30 إلى 50 كيلومترًا (حوالي 18 إلى 30 ميلًا).

وقال البيت الأبيض، الثلاثاء: إنه سيتم تسليم صاروخين من طراز "صواريخ سام"، كل منهما مزوّد بصواريخ موجهة بالرادار قوية بما يكفي لإسقاط الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، إلى أوكرانيا.

يأتي ذلك على رأس تسليم أربعة أنظمة دفاع جوي من طراز إيريس- تي ألمانية الصنع، والتي بدأت في الوصول إلى أوكرانيا الثلاثاء الماضي، فيما أعلنت هولندا، الأربعاء، أنها سترسل صواريخ دفاع جوي بقيمة 15 مليون دولار إلى أوكرانيا.

"القبة الحديدية"

وحسب نيويورك تايمز، فإنه خلال الأيام الأولى للحرب، سارع المسؤولون الغربيون إلى نقل مخزونات الدفاعات الجوية الروسية مثل إس 300 من دول أوروبا الشرقية إلى القوات الأوكرانية، التي تمّ تدريبها بالفعل على استخدامها، ولكن مع احتياج القوات الأوكرانية لتلك الترسانات بشكل أسرع فضلًا عن الوقت الذي تحتاجه للتدريب، خلص المسؤولون الأمريكيون وحلف شمال الأطلسي إلى أن أوكرانيا ستحتاج إلى أنظمة دفاعية غربية أكثر تطورًا مع استمرار الحرب.

وبالفعل، أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 1400 صاروخ ستينغر، لكن وابل الهجمات الصاروخية الروسية يومي الإثنين والثلاثاء، أظهر الحاجة الملحة لمزيد من الدفاعات القوية.

كما طلبت أوكرانيا من إسرائيل أنظمة دفاع جوي أيضًا، نظرًا للنجاحات التي حققتها القبة الحديدية في ذلك البلد وكذلك صاروخ باراك 8 الأطول مدى.

كيف تدعم إسرائيل أوكرانيا؟

وحسب الصحيفة الأمريكية، قال مسؤول إسرائيلي كبير، لم يكشف هويته: إن إسرائيل تزود أوكرانيا بمعلومات استخبارية أساسية عن طائرات الاستطلاع الإيرانية بدون طيار، والتي تستخدمها موسكو في المعارك الدائرة في أوكرانيا.

ولفتت الصحيفة إلى أن "شركة إسرائيلية خاصة كانت تزود أوكرانيا بصور للقوات الروسية عبر الأقمار الصناعية".

وأفادت مصادر إعلامية أوكرانية، في وقت سابق، بأنَّ شركة إسرائيلية قررت تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي لمواجهة مسيرات إيرانية يُزعم أن روسيا حصلت عليها.

ومنذ أيام، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن "شركة صناعات أمنية إسرائيلية باعت للجيش الأوكراني منظومات مضادة للطائرات المسيرة، قادرة على اعتراض عمل طائرات مسيرة قتالية والتشويش عليها".

يذكر أن أوكرانيا أسقطت، الأربعاء، ما لا يقل عن تسع طائرات بدون طيار من هذا النوع، وفقًا للجيش الأوكراني.

وقدرت وزارة الدفاع البريطانية في تقييمها اليومي للحرب أن الطائرات بدون طيار فشلت في تلبية احتياجات الحرب الروسية، لأنها "بطيئة" و "من السهل استهدافها".