ماذا يحدث حال فشل أعضاء مجلس النواب الأمريكي في اختيار رئيس له؟
للمرة الأولى منذ قرن، فشل الجمهوريون في انتخاب رئيس لمجلس النواب، في جولات الاقتراع الثلاث، التي نقلتها شبكات تلفزيونية في أنحاء الولايات المتحدة

السياق
أزمة منتظرة –الأربعاء- في مجلس النواب الأمريكي، بين الجمهوريون وأعضاء اليمين المتشدد، في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، بعد يوم على فوضى شهدها المجلس، نتيجة عرقلتهم مساعي كيفن مكارثي الأوفر حظًا للفوز بالمنصب.
كانت تكفي عضو الكونغرس عن كاليفورنيا أغلبية بسيطة، لاختياره رئيس أعلى هيئة تشريعية في واشنطن، ثالث أهم شخصية في المشهد السياسي الأمريكي، بعد الرئيس ونائبه.
لكن للمرة الأولى منذ قرن، فشل الجمهوريون في انتخاب رئيس لمجلس النواب، في جولات الاقتراع الثلاث، التي نقلتها شبكات تلفزيونية في أنحاء الولايات المتحدة.
وبدلًا من الاحتفال بسيطرته الجديدة على المجلس، يواجه الحزب معركة لانتخاب رئيس له، يمكن أن تعمق الانقسامات الداخلية، وتضع مستقبل مكارثي السياسي على المحك.
كان الجمهوري البالغ 57 عامًا بحاجة إلى 218 صوتًا في مجلس النواب، الذي قلب الأغلبية لصالحه (222-212) في انتخابات منتصف الولاية العام الماضي.
غير أنه فشل في إقناع متمردي الحزب، ومن بينهم شخصيات بارزة حليفة للرئيس السابق دونالد ترامب، وصُدم بتصويت 19 من نواب حزبه رفضًا له في الجولتين الأوليين، وارتفاع عددهم إلى 20 في الجولة الثالثة.
وكان أداؤه ضعيفًا إلى حد خسارته أمام زعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز في افتتاح الجولات الثلاث، علمًا بأن هناك شكوكًا في تولي جمهوري رئاسة المجلس، نهاية المطاف.
وطالما رغب مكارثي في هذا الدور، فقد انسحب من السباق عام 2015 على وقع سلسلة من الأخطاء وتمرد في الجناح اليميني للحزب.
الخطوات التالية
هذه المرة أيضا أفشل متمردون في الجناح اليميني المحافظ انتخابه، رغم رضوخه لدعواتهم المطالبة بإجراء تحقيقات عميقة تشمل ديمقراطيين، بينهم الرئيس جو بايدن، بعد السيطرة على المجلس.
اتفق المشرِّعون على إرجاء الجلسة إلى الأربعاء، وسط زخم متزايد بين الجمهوريين لتجميع صفوفهم واستعادة قوتهم، ووضع استراتيجية لتحويل هزيمة كارثية إلى نصر غير مرجح يحفظ ماء الوجه.
وقال بايرون دونالدز النائب عن فلوريدا، في بيان قبيل إرجاء الجلسة: "الحقيقة أن النائب كيفن مكارثي لا يمتلك الأصوات"، داعيًا زملاءه في مؤتمر الحزب إلى "الخلوة والتكاتف" بحثًا عن انفراج.
ويمكن أن يحتاج انتخاب رئيس لمجلس النواب إلى أكثر من جولة اقتراع، وأن يستغرق بضع ساعات، أو أسابيع، فقبل قرن، عام 1923 اختار النواب رئيسًا للمجلس بعد أكثر من جولة اقتراع، وعام 1855، لم ينتخب النواب رئيساً للمجلس إلا بعد شهرين و133 دورة اقتراع.
مكارثي الذي حاول تجنُّب تشكل مجموعات صغيرة تغادر القاعة للتفاوض في ما بينها، سعى لإبقاء أعضاء المجلس في القاعة ومواصلة الاقتراع، حتى يتمكن من إقناع خصومه.
وبدأ بعض المشرِّعين والموظفين الداعمين لمكارثي نهارهم بالقول إن عليه الانسحاب، حال عدم تمكنه من ضمان الفوز في الجولة الثانية، وفق وسائل إعلام أمريكية.
ويتوقع أن يعقد المجلس جولات اقتراع أخرى، من منتصف الأربعاء (17.00 ت.غ) إلى أن يحصل أحد المرشحين على الأغلبية. ولن يكون مستغربًا أن يتقدم مرشح جديد، لم يكن ضمن العملية للمنافسة.
الولاء لترامب
إحدى العثرات أمام فوز مكارثي، اعتقاد البعض في الجناح اليميني المتشدد للحزب، بأنه لا يكن بالولاء بدرجة كافية لترامب، الذي سيخوض سباق البيت الأبيض مجددًا، بعد هزيمته أمام بايدن عام 2020.
ولم يظهر أي بديل جمهوري لمكارثي يتمتع بمصداقية، بعد إرجاء الجلسة، علمًا بأن أحد الأسماء المتداولة قد يكون زعيم الكتلة في المجلس ستيف سكاليز، المؤيد لمكارثي، لكنه لم يخفِ طموحاته.
وقد يعد الأعضاء غير المؤيدين لمكارثي سكاليز على غراره.
ومكارثي الذي تحدى استدعاء لجنة بالمجلس، تحقق في أحداث الكابيتول عام 2021، وعد المتشددين بإجراء تحقيقات مع بايدن وعائلته وإدارته، إضافة إلى مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).
ولكن كلما ازدادت النظرة إليه على أنه يرضخ لليمين، زادت احتمالات نأي المعتدلين عنه، ما ينذر بحرب مفتوحة بين الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب، حيث يسود توتر، مع ذلك هناك مؤشرات تدعو الجمهوريين للتفاؤل.
فقد التأم مجلس الشيوخ في دورته الجديدة، الثلاثاء، وحقق ميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية رقمًا قياسيًا، بوصفه زعيم المجلس لأطول مدة.
وكتب ترامب على موقع "تروث سوشال" بعد إرجاء جلسة مجلس النواب: "هناك الكثير من الاضطرابات بلا داع في الحزب الجمهوري" محملًا ماكونيل -بشكل خاص- مسؤولية الانقسامات، من دون ذكر مكارثي ولا الفوضى في مجلس النواب.