قد يعجز عن مساعدة أوكرانيا... أبرز التحديات التي تواجه بايدن في 2023
الحرب في أوكرانيا ستأتي على رأس أولويات إدارة بايدن في العام 2023

ترجمات - السياق
تحديات خطيرة تواجه الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن، على رأسها ثلاثة ملفات خطرة: الحرب الأوكرانية والصين والأسلحة النووية، وهو ما سلَّطت عليه الضوء مجلة فورين بوليسي الأمريكية.
وأشارت إلى أن العام المنصرم، بدأ بحشد روسيا قرابة 200 ألف جندي على حدود أوكرانيا، لينتهي الأمر في فبراير من العام نفسه باقتحام البلاد، لافتة إلى أنه منذ ذلك الحين، أربكت الحرب حسابات الولايات المتحدة، ورسمت مسارًا لم يتوقعه الساسة الأمريكيون، بخلاف التداعيات الكارثية للصراع على العالم، خصوصًا ما يتعلق بأسواق الغذاء والطاقة.
وبينت المجلة، أن الصراع استحوذ على الكثير من اهتمام إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال العام، رغم أن استراتيجية الأمن القومي -التي صدرت في أكتوبر 2022- أعلنت أن الصين "التهديد الأكبر للبلاد"، إذ إنها قد تمتلك قريبًا القدرات لإعادة تشكيل النظام العالمي، ما يهدد النفوذ العالمي الأمريكي.
فقد كانت بكين هدفًا لواحد من أكثر تحركات إدارة بايدن أهمية لهذا العام، حيث فرض مكتب الصناعة والأمن حظرًا واسع النطاق على تصدير أشباه الموصلات إلى الصين، وهي خطوة من المؤكد أن تكون لها آثار مضاعفة في السنة الجديدة.
أوكرانيا
رأت "فورين بوليسي" أن الحرب في أوكرانيا ستأتي على رأس أولويات إدارة بايدن في العام 2023، لافتة إلى أن المهمة الرئيسة تتمثل في الحفاظ على إمدادات ثابتة من الأسلحة، لتمكين كييف من مواصلة القتال، مع الموازنة أيضًا بين التزاماتها الخاصة باستعداد الولايات المتحدة وزيادة المراقبة على المساعدات من جانب الجمهوريين في الكونغرس، وقدرة واشنطن في الحفاظ على الوحدة مع شركائها الأوروبيين، لمواصلة الضغط على موسكو، ولضمان تلبية احتياجات كييف العسكرية والإنسانية.
ورأت أن احتمالات السلام -في الوقت الحالي- تبدو ضئيلة، حيث ترسخ القوات الروسية مواقعها في دونباس، بينما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -في ديسمبر المنصرم- من أن الحرب "قد تكون عملية طويلة".
من جانبهم، تعهد المسؤولون الأوكرانيون بمواصلة القتال حتى استعادة البلاد إلى حدود ما قبل عام 2014، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، التي من المحتمل أن تكون معركة دامية وصعبة.
وهنا تكمن المشكلة -حسب المجلة- إذ إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين حدد هدف الولايات المتحدة، بأنه يتمثل بمساعدة أوكرانيا في طرد روسيا من الأراضي التي استولت عليها منذ بدء الغزو في فبراير فقط، ومن ثمّ استبعاد شبه جزيرة القرم، ومع ذلك تضيف المجلة- إذا ظهرت فرص لإجراء محادثات هادفة العام الجديد، من المتوقع أن تلعب الولايات المتحدة دورًا مهمًا في ذلك.
وتساءلت "فورين بوليسي" عن احتمال تزايد الخلافات بين الأمريكيين والأوكرانيين، حال طلب كييف، من واشنطن تقديم مزيد من الدعم.
أما التحدي الآخر، فيتعلق بالمحافظة على الوحدة بين الولايات المتحدة والغرب لمواصلة الضغط على موسكو، وضمان تلبية احتياجات كييف العسكرية، وترى المجلة أن التركيز سيكون على عاملي الغاز والنفط.
الرقائق الإلكترونية
ورأت "فورين بوليسي" أن الصراع بشأن صناعة الرقائق بين بكين وواشنطن، سيتسع ويزداد خلال عام 2023، عقب رفع بايدن المنافسة في مجال أشباه الموصلات مع الصين إلى مستويات غير مسبوقة، وفرض قيود على الصادرات تهدف إلى إعاقة الجهود الصينية للتنافس في مجال التقنيات المتطورة لبضع سنوات.
وأشارت إلى أنه رغم أن ضوابط التصدير كانت فعّالة إلى حد ما، يظل هناك سؤالان من دون إجابة، الأول: كيف يمكن أن تنتقم الصين؟ والآخر: إلى أي درجة يُشارك حلفاء الولايات المتحدة في هذه الحرب؟
ونوهت إلى أن الإجابة كانت جزئيًة على السؤال الأول، حيث قدمت بكين شكوى ضد القيود على أشباه الموصلات في منظمة التجارة العالمية.
أما بالنسبة للحلفاء، فإن هولندا واليابان -وهما دولتان مهمتان لسلسلة التوريد العالمية لأشباه الموصلات- تجريان محادثات مع إدارة بايدن، حيث قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، إنه يأمل إحداث "توافق واسع" على قضايا أشباه الموصلات.
وأوضحت أن هناك لاعبين آخرين، إذ تستثمر شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات "تي إس إم سي"، التي تمثل 92 بالمئة من الرقائق الأكثر تقدمًا في العالم، في قدرة التصنيع الأمريكية، لكن هذا الاستثمار البالغ 40 مليار دولار لن يرتفع خلال العام الجديد.
وأشارت المجلة إلى أن هناك بُعدين، الأول كيفية استجابة الصين للتصعيد، الذي تمارسه ضدها واشنطن، لمنعها من السيطرة على سوق أشباه الموصلات، أما البُعد الآخر فيتعلق بموقف حلفاء واشنطن في مسألة الرقائق الإلكترونية.
وتضيف المجلة أن هذا الأمر دونه تحديات أساسية، أبرزها التمويل والاستثمار، وتضيف أن هناك جدلاً مفاده أن الاستثمار الأمريكي في هذا المجال، لن يحقق نتائج ملموسة قبل عام 2024، وبذلك ستبقى الولايات المتحدة متخلفة عن الصين، إضافة إلى أن بكين تعد حزمة استثمارات بـ 143 مليار دولار في هذا القطاع، وهي أعلى مما خصصته واشنطن (52 مليارًا).
الأسلحة النووية
وفي ما يخص الأسلحة النووية، بينّت "فورين بوليسي" أن العام الماضي كان الأكثر قتامة، في ما يتعلق بسياسة الحد من التسلح النووي، مشيرة إلى تراجع جهود بايدن لإنقاذ المحادثات النووية مع إيران، والتقدم الكبير الذي أحرزته كوريا الشمالية في برنامج الأسلحة النووية، ناهيك عن أن معاهدة ستارت الجديدة بين موسكو وواشنطن على المحك.
أمام هذه التحديات، رأت المجلة أن عام 2023 لن يشهد أي انفراجة لإدارة بايدن في الملفات الثلاثة، متوقعة أن تواصل واشنطن انتهاج أساليبها التقليدية في هذه القضايا، أي إجراء المزيد من التدريبات العسكرية مع كوريا الجنوبية، واستمرار إدانة برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية وإيران في الأمم المتحدة.
وفي ما يخص إيران، ذكرت المجلة أن المفاوضين الأمريكيين والإيرانيين أقروا بأن المحادثات النووية أوشكت على الانتهاء، بناءً على ما قاله مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن الخاص بإيران، روبرت مالي، أواخر الخريف الماضي.
وأضاف أن إيران على بُعد أسابيع فقط من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج سلاح نووي.
كما اتهم طهران بـ"نسف" الصفقات المقترحة الجديدة، التي أيدها ضامنو الاتفاق النووي.
أما في ما يتعلق بكوريا الشمالية، فتوقعت المجلة أن تُجري بيونغ يانغ تجربة نووية جديدة، وأنها ستكون مسألة وقت.
وتشير المجلة إلى أن كوريا الشمالية تعمل على تعزيز برنامجها للصواريخ البالستية، لاسيما أنها أطلقت ديسمبر الماضي 63 تجربة صاروخية بالستية، وهي الأعلى، متجاوزة الرقم القياسي السنوي، البالغ 25 اختبارًا.
أما روسيا، فقد ذكرت المجلة الأمريكية، أنه حتى مع تدهور العلاقات بالولايات المتحدة، يبدو أن قيادتي البلدين على استعداد للمحافظة على معاهدة الحد من الأسلحة النووية الأساسية، المعروفة بـ "نيو ستارت".
وأضافت المجلة أنه كان متوقعًا أن يستأنف الجانبان المناقشات على مستوى العمل بشأن المعاهدة في القاهرة، أواخر نوفمبر الماضي، لكن المحادثات تأجلت.
حال استئناف المحادثات على مستوى العمل عام 2023، فإن المجلة الأمريكية ترى أن ذلك سيكون دليلًا على أن واشنطن وموسكو يمكنهما المحافظة على نظام الحد من التسلح، رغم توتر العلاقات بينهما بشأن أوكرانيا.
تحديات أخرى
من التحديات التي ينتظرها بايدن أيضًا في العام الجديد، سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب بالكونغرس، إذ إنه بصرف النظر عن أي من الجمهوريين سيكون رئيسًا للبرلمان، فإنه سيعيد ترتيب أولويات "الكابيتول هيل"، ليصبح "شوكة محتملة" في ظهر بايدن.
وبينت المجلة أن البند ذا الأولوية القصوى على جدول أعمال الجمهوريين في الكونغرس، سيكون التحقيق في انسحاب القوات الأمريكية الفوضوي عام 2021 وإجلاء المدنيين متعددي الجنسيات من كابل.
وأشارت إلى أن النائب مايكل مكول، الذي من المرجح أن يتولى رئاسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، صاغ تقريرًا عن الانسحاب صدر في أغسطس، ندد فيه بفشل إدارة بايدن في التخطيط المناسب للإجراء، الذي اتُفق عليه خلال إدارة سلفه دونالد ترامب.
كما حمّل ماكول، إدارة بايدن، مسؤولية التخلي عن قوات الكوماندوز الأفغانية، التي دربتها الولايات المتحدة أثناء الانسحاب، مع اتخاذ بعض جنود النخبة قرارًا بالفرار إلى إيران.
ورأت المجلة أن مسؤولي إدارة بايدن، الذين أفلتوا من الاستجواب بشأن الانسحاب، عندما كان الديمقراطيون يسيطرون على مجلسي الكونغرس، من المرجح أن يخضعوا لجلسات استماع طويلة بشأن كواليس مطار كابل الدولي، خلال الأيام الأخيرة من الوجود العسكري الأمريكي هناك.
المساعدات التي تقدم لأوكرانيا أيضًا، ستكون ذات أولوية داخل الكونغرس، وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه رغم أن الكونغرس عزز ميزانية البنتاغون، بما يتجاوز ما طلبه البيت الأبيض، فإن بعض الجمهوريين الموالين لترامب يريدون إعادة ضبط المساعدات المقدمة إلى كييف.
وبينما وعدت النائبة مارغوري تايلور غرين بمراقبة المساعدات المقدمة لأوكرانيا، أشار السيناتور القادم من ولاية أوهايو جي دي فانس إلى أنه لا "يهتم" بما يحدث لأوكرانيا.
أمام هذه التحديات، ترى المجلة الأمريكية، أن إصرار إدارة بايدن على مواصلة مساعدة أوكرانيا، سيواجه عقبات أكبر من مجلس النواب الجمهوري الجديد.
ستكون الصين أيضًا، ضمن مهام الكونغرس، إذ دفع النائب كيفين مكارثي، بالفعل لجعل الصين نقطة محورية في السياسة الخارجية للحزب الجمهوري.
بينما يدعو بعض النواب للإسراع في انفصال الولايات المتحدة عن الصين نهائيًا، إذ قدَّم أحد مساعدي مكارثي تشريعات لحظر تطبيق تيك توك المملوك للصين في الولايات المتحدة، وأثار مخاوف بشأن الضرائب الأمريكية، التي تدعم صناعة الألواح الشمسية الصينية.
وأوضحت المجلة أن أحد التحديات الكبيرة، التي يواجهها بايدن عام 2023، ضمان إمدادات كافية من جميع أنواع الطاقة لتجنُّب مزيد من الارتفاع المفاجئ في الأسعار.
وأشارت إلى أن الكونغرس الأمريكي أقر قانون بايدن، الذي يهدف إلى عدم استخدام الولايات المتحدة للوقود الأحفوري في مجال الطاقة.
أيضًا يلوح في الأفق فوق كل ذلك سؤال: كيف يمكن أن يؤدي تحول الصين السريع بعيدًا عن كورونا إلى تعديل مشهد الطاقة؟
فبعد ثلاث سنوات من انخفاض الطلب على الطاقة، ستضيف إعادة فتح البلاد مزيدًا من الضغط على سوق النفط والغاز العالمي، الذي يترنح منذ العام الماضي.
وفي ذلك، نقلت المجلة عن ابن كاهيل، خبير أمن الطاقة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قوله: "بالتأكيد أحد الأشياء المتوقعة خلال عام 2023 أن تنتعش الصين، وفجأة تصبح السوق الضيقة أكثر إحكامًا".