استحالة إجراء انتخابات ليبيا بموعدها.. خارطة طريق جديدة ودعوة أمريكية عاجلة
طالبت مفوضية الانتخابات، مجلس النواب، بالعمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإزالة حالة القوة القاهرة، التي تواجه استكمال العملية الانتخابية.

السياق
بعد تأكيد لجنة برلمانية، استحالة إجراء الانتخابات الليبية بموعدها في 24 ديسمبر الجاري، اقترحت مفوضية الانتخابات إرجاء الجولة الأولى من الاقتراع إلى أواخر الشهر المقبل.
وقالت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها تقترح بعد التنسيق مع مجلس النواب، تأجيل يوم الاقتراع (للجولة الأولى) إلى 24 يناير 2022، عملاً بنص المادة (43) من القانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته، وتعديلاته، التي تنص على أن تُعلن المفوضية تأجيل عملية الاقتراع، ويحدد مجلس النواب موعداً آخر لإجراء عملية الاقتراع خلال (30) يوماً.
وطالبت مفوضية الانتخابات، مجلس النواب، بالعمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإزالة حالة القوة القاهرة، التي تواجه استكمال العملية الانتخابية، مشيرة إلى أنه «رغم الصعوبات والتحديات الفنية والقانونية التي واجهتها، منذ استلامها القوانين الانتخابية، فإنها أنجزت الكثير وأصبحت على مشارف إنجاز تاريخي، يسطع نوره على كل أرجاء الوطن».
صعوبات ومعوقات
وأشارت إلى أن تلك الصعوبات لا تنفك حتى تأتي بأخرى، فقد شكلت مرحلة الطعون «المنعطف الخطير» في مسار العملية الانتخابية، وكانت المحطة التي توقفت عندها مساعي الجميع، لإنجاز هذا الاستحقاق التاريخي المسؤول، لاعتبارات لم تكن في متناول القائمين عليها.
وأكدت أن أبرز العقبات التي واجهتها: قصور التشريعات الانتخابية في ما يتعلق بدور القضاء، في الطعون والنزاعات الانتخابية، الأمر الذي انعكس سلباً على حق المفوضية في الدفاع عن قراراتها، وأوجدت حالة من عدم اليقين، بأن قرارات المفوضية جانبها الصواب في ما يتعلق باستبعادها لعدد من المرشحين الذين لا تنطبق عليهم الشروط.
وأشارت إلى أن التداخل بين المعطيات السياسية والأحكام القضائية الصادرة، دفع بقرار إعلان القائمة النهائية للمرشحين إلى ما يعرف بحالة القوة القاهرة، التي أفضت إلى عدم تمكن المفوضية من إعلانها، ومن ثم عدم قدرتها على تحديد 24 ديسمبر الجاري، يوماً للاقتراع، رغم جاهزيتها الفنية لإنجاز العملية في التاريخ المذكور.
انتخابات البرلمان
وعن مصير انتخابات البرلمان، قالت المفوضية، إن تدقيق طلبات المرشحين البالغ عددها 5385، قاربت على الانتهاء وهي في طور المراجعة النهائية، مشيرة إلى أنه حال استلامها لردود شركائها في عملية التدقيق، ومدى انطباق شروط الترشح الواردة بالقانون، ستصدر قرارها المتعلق بإعلان القوائم الأولية لمرشحي مجلس النواب، ومن ثم بدء مرحلة الطعون.
وأكدت أنها «لم تتخل عن مسؤولياتها، وأنجزت ما يجب عليها، بما لا يدع مجالاً للشك في حياديتها واستقلاليها»، مشيرة إلى أن «الاتهامات الموجهة إليها بالتقصير والتسييس، ما هي إلا مجرد حملات للتشويش والتضليل، هدفها النيل من سمعة المفوضية، وعرقلة هذا الاستحقاق بما يخدم أجنداتهم العبثية».
ووضعت المفوضية «السلطتين التشريعية والقضائية أمام مسؤولياتهما والتزاماتهما، في الأخذ بإجراءات تُفضي إلى نجاح هذا الاستحقاق، بما يحقق آمال الليبيين وتطلعاتهم نحو غد أفضل، يزخر بالسلام والتنمية والرخاء».
بيان برلماني
بيان مفوضية الانتخابات، جاء بعد ساعات من خطاب رسمي وجَّهه رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة ملف الانتخابات، أكدت فيه «استحالة إجراء العملية الانتخابية في موعدها».
وقال رئيس اللجنة الهادي الصغير، في خطاب إلى رئيس البرلمان الليبي، إن قرار اللجنة البرلمانية باستحالة إجراء الانتخابات، جاء بعد لقاءات واجتماعات بالمجلس الأعلى للقضاء ومفوضية الانتخابات، والأطراف المعنية بالعملية الانتخابية، وبعد اطلاعها على التقارير الفنية والقضائية والأمنية.
وبينما أكد رئيس اللجنة، ضرورة عودة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لمباشرة مهامه وقيادة جلسات البرلمان، شدد على ضرورة تحشيد وتكريس الجهود الوطنية، للنهوض بالعملية السياسية وإعادة رسم خارطة طريق، تتماشى مع المعطيات والمتغيرات الناجمة عن عرقلة الانتخابات.
اللجان الانتخابية
كما يأتي بعد يوم من قرار للمفوضية، بحل اللجان الانتخابية وإنهاء أعمالها، وعدم تجديد العقود الموسمية للمكاتب والفروع، واستمرارها للعاملين الذين أثبتوا كفاءتهم خلال المدة الماضية في الإدارة العامة فقط.
وطالبت المفوضية، في قرارها الممهور بتوقيع رئيسها عماد السايح، بتسوية المستحقات والالتزامات المالية، التي ترتبت على التحضير للعملية الانتخابية، بما لا يتجاوز 31 ديسمبر الجاري، وإعادة العمل بالدوام العادي، في الأول من يناير المقبل، واتخاذ الإجراءات اللوجستية، التي تضمن المحافظة على الجاهزية العملياتية، والمواد التي كان من المقرر استخدامها في تنفيذ العملية الانتخابية.
دعوة أمريكية
من جهة أخرى، دعت السفارة الأمريكية في ليبيا، إلى التهدئة في العاصمة طرابلس، بعد أيام من التحشيد العسكري، الذي شهده البلد الإفريقي.
وحثَّ المبعوث الأمريكي الخاص، سفير الولايات المتحدة إلى ليبيا ريتشارد نورلاند على التهدئة، مؤكدًا أنه يشجع الخطوات التي يمكن أن تستمر في تهدئة الوضع الأمني المتوتر في طرابلس، أو في أي مكان آخر في ليبيا.
وقال الدبلوماسي الأمريكي، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه: الآن ليس الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات أحادية، أو عمليات انتشار مسلح تنطوي على خطر التصعيد، وعواقب غير مقصودة تضر بأمن الليبيين وسلامتهم، مكررًا دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى حل الخلافات السياسية أو العسكرية، من دون اللجوء إلى العنف.
وشدد نورلاند، على ضرورة أن يكتسي العمل باتجاه الانتخابات أولوية، بما يتماشى مع رغبات الليبيين، مطالبًا القادة الليبيين، بالتعجيل بمعالجة العقبات القانونية والسياسية لإجراء الانتخابات، بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للانتخبات الرئاسية.
وعبَّـرت الولايات المتحدة عن «قلقها وخيبة أملها» هي والأغلبية العظمى من الليبيين، الذين ينتظرون الفرصة للتصويت من أجل مستقبل بلدهم، مشيرة إلى أنه «من المهم أن يكون الليبيون يقظين بشأن انتشار المعلومات المضللة، التي لا تفيد إلا أولئك الذين يرغبون في تعطيل تقدُّم ليبيا».