في محاولة للفرار من جحيم الأزمات.. مركب موت جديد في لبنان
أحد الناجين قال إن القارب غرق بعد أن طارده الجيش

السياق
في محاولة للهروب من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، ألقى عشرات اللبنانيين بأجسادهم في أحد قوارب الهجرة غير القانونية، محاولين الفرار إلى "الجنة الأوروبية"، إذ أعلن الجيش اللبناني، إيقاف دورية من مديرية المخابرات في طرابلس مواطنين، أثناء تحضيرهم لتهريب نحو 85 شخصاً عبر البحر بطريقة غير مشروعة.
وقال الجيش، في بيان، إن المتهمين استخدموا مركباً قاموا بشرائه وتجهيزه وصيانته بمبلغ جمعوه من هؤلاء الأشخاص، يقدر بـ400 ألف دولار أميركي.
وأوضحت أنها ضبطت المركب في ميناء أحد المنتجعات السياحية، مؤكدة فتح تحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص.
يأتي ذلك بعد أيام من غرق قارب قبالة سواحل لبنان، أدى إلى مصرع 10 أشخاص بينهم طفلة، ونجحت السلطات في إنقاذ 45 شخصًا.
وغادر القارب -السبت الماضي- منطقة القلمون جنوب طرابلس كبرى مدن شمال لبنان وفيه نحو 60 شخصًا لم تحدد جنسياتهم، إلا أنه غرق بعيد مغادرته القلمون، بسبب اكتظاظه وسوء الأحوال الجوية.
لكن أحد الناجين قال إن القارب غرق بعد أن طارده الجيش، مضيفًا أن «زورق دورية اصطدم بقاربنا مرتين»، قبل أن تطلب منه عائلات ناجين الصمت وتقتاده بعيدًا.
ملابسات الحادث
في المقابل كانت للجيش اللبناني رواية أخرى، إذ أكد قائد القوات البحرية، العقيد الركن هيثم ضناوي، ملابسات غرق مركب طرابلس، قائلاً: "المركب قديم جداً ويتسع فقط لـ6 أشخاص ولم تكن هناك سترات إنقاذ ولا أطواق نجاة(...) حاولنا أن نمنعهم من الانطلاق، لكنهم كانوا أسرع منا وحاولنا أن نشرح لهم أن المركب معرَّض للغرق".
وعن أسباب غرق المركب، قال العقيد ضناوي، في مؤتمرٍ صحفي، إن حمولة المركب لم تكن تسمح له بأن يبتعد عن الشاطئ، لكن للأسف لم يقتنعوا، مشيرًا إلى أن قائد المركب اتخذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب بشكل أدى إلى ارتطامه.
وبحسب المسؤول العسكري، فإن عدد الناجين بلغ 45 شخصاً "اليوم لدينا 5 جثث إضافة إلى الطفلة التي توفيت أمس، ومن الممكن أن يكون هناك مفقودون نحاول معرفتهم".
وردًا على الاتهامات الموجهة للجيش اللبناني، قال ضناوي: «فتحنا تحقيقًا شفافًا ونتحمل مسؤولياتنا، وإذا أخطأ أحد منا نحاسبه، لكن لم يحصل أي خطأ تقني من قبلنا، وهناك بعض الجهات التي تحاول تسييس هذا الموضوع، لأنه موسم انتخابات".
تحقيقات شفافة
وأكد المسؤول العسكري، أن هناك عقوبات يتحملها صاحب المركب الذي سيحاكم وفقًا للقانون، مضيفًا: "الكل يتحملون المسؤولية، لدينا متهم ولديه مساعدون وهم أكثر من جهة قبضوا مالاً من المواطنين، لذلك نحن لا نستطيع حتى الآن أن نحصي عدد الذين كانوا في المركب".
من جانبه، قال مدير قسم الطوارئ بالمستشفى الإسلامي الخاص في طرابلس بلال حجازي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية: "وصلنا خبر أولي عن غرق مركب في الميناء وجرى إنقاذ بعض الركاب، وللأسف استقبلنا أول ضحّية هي الطفلة تالين محمد الحموي (سنة ونصف السنة) التي فارقت الحياة قبل وصولها إلى المستشفى نتيجة الغرق".
وأوضح المسؤول، أن المستشفى استقبل أيضاً إصابتَين بعد الطفلة تالين، وجرى إسعافهما بنجاح، في حين أن إصابتهما كانت طفيفة.
دفتر عزاء
وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان إلى دفتر عزاء، بينما انتشرت دعوات تطالب بالتظاهر أمام منزل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في طرابلس.
وتجمع أقارب أشخاص كانوا في القارب ينتظرون خارج الميناء، أملًا بتلقي أنباء عنهم. وقال رجل ينتظر أنباء عن قريب له خارج الميناء: "حدث ذلك بسبب السياسيين الذين أجبروا اللبنانيين العاطلين عن العمل على مغادرة البلاد".
وقال قريب لأحد ركاب القارب عند مدخل ميناء طرابلس: "كان ابن أخي، الذي لديه خمسة أطفال وزوجة حامل، يحاول الهروب من الفقر".
وكانت اثنتان من بنات عم نسرين مرعب في القارب مع أطفالهما، وكتبت نسرين عبر "فيسبوك": "أهل طرابلس قدرهم أن يموتوا".
ويشهد لبنان -الذي يناهز عدد سكانه ستة ملايين نسمة- أزمة مالية خطرة، إذ فقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها وأصبحت أغلبية السكان تحت خط الفقر.
ويلقي كثيرون من السكان، ومنظمات دولية وحكومات أجنبية، باللوم في الأزمة على الطبقة السياسية اللبنانية، التي ظلت على حالها لعقود، في ظل اتهامات لها بالفساد وعدم الكفاءة.
مصرع ثلاثة آلاف
وأعلنت الأمم المتحدة الجمعة، أن أكثر من 3000 شخص لقوا حتفهم أو فقد أثرهم، أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط والمحيط الأطلسي للوصول إلى أوروبا العام الماضي، في حصيلة هي ضعف تلك المسجّلة قبل عام.
وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين شابيا مانتو للصحفيين في جنيف، إن بين المجموع المسجّل عام 2021، أُعلن وفاة أو فقدان أثر 1924 شخصًا في طرق وسط المتوسط وغربه، بينما قضى 1153 شخصًا إضافيًا أو فقد أثرهم في الطريق البحري شمالي غرب إفريقيا المؤدي إلى جزر الكناري.