معركة في مطار كابل... هل تؤدي إلى تأجيل عملية الانسحاب؟
تفاصيل معركة مطار كابل... وتساؤلات عن بقاء القوات الأجنبية بعد تصريحات بايدن والهجمات المسلَّحة

السياق
محاولات للفرار من براثن «طالبان» خوفًا من الانتقام وعودة الحركة إلى نسخة متشدِّدة، كانت تمارسها قبل عقدين، دفعت آلاف الأفغان إلى الاحتشاد في مطار كابل، ما خلف احتكاكات بين المواطنين والحركة.
تلك الاحتكاكات، التي أدت إلى مقتل 7 أشخاص، في تدافع عند البوابات، تجدَّدت، بعد اندلاع معركة بالأسلحة النارية، بين مسلَّحين مجهولين وقوات أمن غربية وحراس أفغان في مطار كابل.
معركة نارية
وقالت القوات المسلَّحة الألمانية، إن معركة بالأسلحة النارية اندلعت، بين مسلحين مجهولين وقوات الأمن الأفغانيين، في مطار كابل، في الوقت الذي احتشد آلاف الأفغان والأجانب في المطار، سعيًا إلى الفرار من حُكم طالبان.
وبحسب تغريدة للجيش الألماني، عبر «تويتر»، فإن حارسًا أفغانيًا قُتل وأصيب ثلاثة، في معركة عند البوابة الشمالية للمطار، التي شاركت فيها قوات أمريكية وألمانية.
وقالت وكالة رويترز، إن حركة طالبان المسلَّحة نشرت مقاتلين خارج المطار، للمساعدة في فرض نوع من النظام، مشيرًا إلى أن هناك عددًا من قوات الأمن الأفغانية، يساعدون الولايات المتحدة داخل المطار.
الوضع تحت السيطرة
من جانبها، قالت شبكة «سي إن إن»، إن قناصًا خارج المطار، أطلق النار على الحراس الأفغان داخل المنشأة، لكن قوات الأمن ردَّت بإطلاق النار، بينما قال مسؤولان من حلف شمال الأطلسي بالمطار، إن الوضع تحت السيطرة، وأغلقت جميع بوابات المطار.
ويشهد المطار حالة من الفوضى، منذ أن استولت طالبان على العاصمة في الثالث من أغسطس، بينما تحاول الولايات المتحدة والقوات الدولية، إجلاء مواطنيها والأفغان المستضعفين.
وهزم مقاتلو طالبان، الحشود في المطار، بعد يوم من مقتل سبعة أفغان، في تدافع عند البوابات، مع اقتراب الموعد النهائي لانسحاب القوات الأجنبية.
ولم تسعَ القوات الأجنبية في أفغانستان إلى تمديد تاريخ 31 أغسطس كموعد نهائي للانسحاب، لكن مسؤولًا في طالبان قال إن الحركة لن تقبل بتأجيل موعد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، بعد أن قال الرئيس جو بايدن، إن الولايات المتحدة، قد تبقى القوات فترة أطول، للإشراف على عملية إجلاء «صعبة ومؤلمة».
الموعد النهائي
وقال مستشار قانوني كبير لقيادة طالبان -في تصريحات لـ«رويترز»- إن القوات الأجنبية تعمل على اقتراب الموعد النهائي للمغادرة وهو نهاية أغسطس، وإنها لم تسع إلى تمديدها.
بينما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الوضع الأمني في أفغانستان، يتغير بسرعة ويظل خطيرا، مؤكدًا في إفادة صحفية بالبيت الأبيض: «اسمحوا لي أن أكون واضحًا، سيكون إجلاء الآلاف من كابل صعبًا ومؤلما، وسيكون بصرف النظر عن متى يبدأ، أمامنا طريق طويل لنقطعه، ولا يزال هناك الكثير من الأخطاء».
وأشار بايدن إلى أنه وجَّه وزارة الخارجية، للاتصال بالأمريكيين الذين تقطعت بهم السبل، قائلًا: «نحن ننفذ خطة لنقل مجموعات من هؤلاء الأمريكيين إلى بر الأمان، ونقلهم بأمان وفعالية إلى مجمع المطار... سأقول مرة أخرى ما قلته: أي أمريكي يريد العودة إلى الوطن سيحصل على ذلك».
رحلات الإجلاء
وطالب الأفغان المذعورون، بركوب رحلات جوية من كابل، خوفًا من الانتقام والعودة إلى نسخة متشدِّدة من الشريعة الإسلامية، التي طبقتها الجماعة السُّنية، عندما كانت تتولى السُّلطة.
وطلبت الولايات المتحدة، مساعدة ست شركات طيران تجارية، لنقل الأشخاص بعد إجلائهم من أفغانستان، بينما قال بايدن: إن الفارين من أفغانستان، يتلقون المساعدة من أكثر من عشرين دولة في أربع قارات.
وقال متحدِّث حكومي ياباني، إن بلاده سترسل طائرة عسكرية إلى أفغانستان، لإعادة مواطنيها، مشيرًا إلى أنه من المتوقَّع أن تعيد المزيد من الرحلات الجوية اليابانيين، وكذلك الأفغان العاملين في السفارة اليابانية، أو في البعثات اليابانية.
يأتي ذلك بينما قالت الأمم المتحدة، إنها نقلت 120 شخصًا في رحلة جوية ثانية من كابل إلى كازاخستان، بينهم ممثِّلو الأمم المتحدة، وموظفو وأعضاء المنظمات غير الحكومية، الذين يعملون مع الأمم المتحدة في أفغانستان.
ونفَّذت أستراليا أربع رحلات جوية إلى كابل، وأجلت أكثر من 300 شخص، بينهم أستراليون، وحاملو تأشيرات أفغانية، ونيوزيلندا، والولايات المتحدة وبريطانيا.
تدافع السبت
وكان شهود عيان قالوا، إن «طالبان» أطلقت النار في الهواء، واستخدمت الهراوات لجعل الناس يصطفون في طوابير منظمة خارج مطار كابل، بعد يوم من مقتل سبعة أشخاص، في تدافع عند البوابات.
وقال الشهود إنه لم تقع إصابات، حيث ضرب مسلَّحون الحشود وتشكلت طوابير طويلة من الناس.
يأتي ذلك بينما قالت وزارة الدفاع البريطانية: إن سبعة أفغان قُـتلوا في التدافع، الذي وقع حول المطار، بينما حاول الآلاف يائسين مغادرة الطائرة، بعد أسبوع من سيطرة الجماعة الإسلامية المتشدِّدة على البلاد.
وبثت قناة سكاي نيوز لقطات، لجنود يقفون على جدار، يحاولون إخراج الجرحى من التدافع، ورش الناس بخرطوم لمنعهم من الإصابة بالجفاف.
وقالت الوزارة في بيان: «لا تزال الظروف على الأرض صعبة للغاية، لكننا نبذل قصارى جهدنا، لإدارة الوضع بأمان قدر الإمكان».
وقال مسؤول في حلف شمال الأطلسي: إن 20 شخصًا على الأقل، لقوا حتفهم في الأيام السبعة الماضية، داخل المطار وحوله، بينما قال شهود عيان: إن بعضهم أصيب بالرصاص، وتوفي آخرون في التدافع.
وطلبت الولايات المتحدة وألمانيا، من مواطنيهما في أفغانستان، تجنُّب السفر إلى مطار كابل، مشيرتين إلى المخاطر الأمنية مع تجمع حشود يائسة.
وقال الميجر جنرال وليام تيلور، في إفادة بالبنتاغون، إن 5800 جندي أمريكي في أفغانستان، مشيرًا إلى أن القوات لا تزال في المطار، وأن المنشأة لا تزال آمنة.
وأوضح تيلور أن بعض بوابات المطار أغلقت مؤقتًا، وأعيد فتحها لتسهيل التدفق الآمن للذين تم إجلاؤهم، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة أجلت الأسبوع الماضي 17 ألف شخص من كابل، بينهم 2500 أمريكي.
طالبان تحكم
واستولت طالبان على السُّلطة، قبل أكثر من أسبوع، بعد أن سحبت الولايات المتحدة وحلفاؤها قواتها، إثر 20 عامًا من حرب شنَّتها في الأسابيع التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هاجمت خلالها قادة القاعدة، وسعت إلى معاقبة مضيفيها من طالبان.
وأبرمت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، اتفاقًا مع طالبان العام الماضي، يسمح للولايات المتحدة، بسحب قواتها مقابل ضمانات أمنية من طالبان.
وانقضت حركة طالبان على السُّلطة، وجاء انهيار الجيش الأفغاني بينما كانت القوات التي تقودها الولايات المتحدة تنسحب، بعد حرب استمرت 20 عامًا، سعى الرئيس جو بايدن إلى إنهائها.
وبدأ قادة طالبان، الذين سعوا لإظهار وجه أكثر اعتدالًا منذ السيطرة على كابل، محادثات لتشكيل الحكومة، إلا أنهم يواجهون معارضة من قوات شمالي أفغانستان، التي قالت إنها سيطرت على ثلاث مناطق قريبة من وادي بنجشير، المعقل القديم لخصوم طالبان.
وقال الزعيم المناهض لطالبان أحمد مسعود، إنه يأمل إجراء محادثات مع الحركة المسلَّحة، لكن قواته في بنجشير -فلول وحدات الجيش والقوات الخاصة والميليشيات- مستعدة للقتال، مشيرًا إلى أنهم يريدون أن يجعلوا طالبان «تدرك أن السبيل الوحيد للمضي قدمًا، هو من خلال المفاوضات، لا نريد اندلاع حرب».