إعلاميون ضد الكراهية... مؤتمر لمجلس حُكماء المسلمين لمواجهة الفتن
إعلاميون ضد الكراهية، التجمع الإعلامي الثاني الذي يعقده، في إطار جهوده لنشر ثقافة التسامح والأخوة الإنسانية، ونبذ خطاب الكراهية وسبل التصدي له في الإعلام.

السياق
شهدت العاصمة الأردنية عمان، يومي الاثنين والثلاثاء، فعاليات مؤتمر "إعلاميون ضد الكراهية" الذي ينظمه مجلس حُكماء المسلمين، بالشراكة مع المركز الكاثوليكي للإعلام، تحت رعاية الأمير غازي بن محمد، عضو مجلس حُكماء المسلمين، كبير مستشاري الملك عبدالله بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، بحضور أكثر من مئة إعلامي وإعلامية، من البلدان العربية.
"إعلاميون ضد الكراهية"، التجمع الإعلامي الثاني الذي يعقده، في إطار جهوده لنشر ثقافة التسامح والأخوة الإنسانية، ونبذ خطاب الكراهية وسبل التصدي له في الإعلام.
وعقد حُكماء المسلمين، في فبراير 2020 التجمع الإعلامي العربي الأول "إعلاميون من أجل الأخوة الإنسانية"، إحياءً لذكرى وثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقَّعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حُكماء المسلمين والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية.
"السياق" رصدت أعمال المؤتمر في العاصمة عمّان، إذ اتفق المشاركون على أن وسائل التواصل الاجتماعي، تتحمَّل اليوم نسبة كبيرة من مسؤولية نقل الكراهية بين الناس، إلى جانب وسائل الإعلام التقليدية، التي يبث بعضها خطاب الكراهية، لتحقيق نسب مشاهدة على حساب حياة الشعوب واستقرارها، داعين إلى ضرورة إقرار الرقابة الذاتية والتشريعية.
اللحظة الذهبية
الدكتور سلطان فيصل الرميثي، الأمين العام لمجلس حُكماء المسلمين، أكد خلال كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن المجلس يبذل جهود كبيرة لتشكيل ائتلاف إعلامي، يهدف إلى مكافحة خطاب الكراهية والتمييز في وسائل الإعلام العربية، سواء على الإنترنت أو خارجها، من خلال تعزيز المعايير الأخلاقية، وتفعيل المواثيق الصحفية، لإعلاء كرامة الإنسان.
وأشار إلى أن دور وسائل الإعلام، حاسم في إطلاع الرأي العام على بعض القضايا البالغة الأهمية، مثل الهجرة واللجوء والتمييز على أساس الدين والعِرق والجنس.
وشدد على أن العالم، في حاجة إلى خطاب إعلامي متوازن وعادل، يعمل على تغيير الأنماط السلبية السائدة، ونزع فتيل الكراهية بما يترتب عليها من أزمات.
ويرى الدكتور الرميثي، أن العالم العربي يعيش اليوم ما وصفها بـ "اللحظة الذهبية" وهي لحظة الدروس المستفادة من الآلام والأوجاع والمصالحة والتسامح والتعايش، وهو ما يدفع في طريق تفعيل قيم الإنسانية المطلقة، وتأسيس خطاب إنساني، يهذِّب سلوكيات المجتمعات العربية.
ثلاثة تحديات
من جانبه، قال الدكتور محمد المومني، وزير الدولة الأسبق لشؤون الإعلام بالأردن، نيابة عن الأمير غازي بن محمد كبير مستشاري ملك الأردن للشؤون الدينية، عضو مجلس حُكماء المسلمين، إن خطاب الكراهية الذي اجتاح القنوات الفضائية مؤخرًا، تحت مسمى حرية التعبير، بعيد كل البعد عن الحرية، فهو خطاب طارئ بغيض يعزِّز الفتن والفرقة.
وتابع أن الإعلام يواجه ثلاثة تحدياتٍ هي: انتشار خطاب الكراهية، وبث الأخبار الكاذبة والمزيّفة، والتنمّر وانتهاك الخصوصية، وهو ما اعتبره تحديًا كبيرًا تواجهه الدول والمجتمعات، حيث بات عاملاً أساسياً من عوامل الفرقة ونشر الفتن.
ودعا إلى البحث عن وسائل، لمواجهة هذا التحدي والتصدّي له، فالحرية والحق بالتعبير، لا يعنيان استخدام خطاب الكراهية والإقصاء، ولا استهداف الآخر ونبذه، فهذه قيم دخيلة على مجتمعاتنا، وهي بالتأكيد ضد قيم ومبادئ الدين الإسلامي، الذي يدعو للتسامح والتآخي ونصرة الضعيف، والصدق والأمانة في القول والعمل.
وأوضح الدكتور محمد المومني، أن جهود مؤتمر "إعلاميون ضد الكراهية" من أرفع المقاصد، في مواجهة خطاب الكراهية، الذي اجتاح الفضاءات الإعلامية، مبديًا تطلعه لأن يوصي المؤتمر بدراسات عِلمية، واقتراح التأهيل والتدريب اللذين يحتاجهما ممارسو مهنة الإعلام، لكبح جماح ظاهرة انتشار خطاب الكراهية.
وألقى على العاملين بالإعلام، المسؤولية الدينية والإنسانيّة، لوضع خريطة لمكافحة خطاب الكراهية، وتوضيح الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والحق في القول والاعتقاد، وبين خطاب الكراهية الذي يزرع الشر والانقسام، وينال من استقرار المجتمعات، ويستبيح القيم ومنظومة الأخلاق.
بدوره قال الأب الدكتور رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام، إنّه بمستطاع أدوات التواصل، أن تعود إلى كونها أدوات بناء لجسور المحبة، لا جدارًا للفصل والتمييز والكراهية.
وعبَّر عن شكره لوسائل الإعلا،م التي عملت على تفعيل قيم التضامن في فترة كورونا، مقترحًا التركيز على الندوات التربوية الخاصة بأخلاقيات استخدام وسائل الإعلام، وتعزيز ثقافة اللاعنف والسلام، من قِبَلِ وسائل الإعلام.
واتفق المشاركون في جلسات مؤتمر "إعلاميون ضد الكراهية" على الدعوة لتأسيس ائتلاف إعلامي، يهدف إلى مكافحة خطاب الكراهية والتمييز في وسائل الإعلام العربية، من خلال تعزيز المعايير الأخلاقية، وتفعيل المواثيق الصحفية، لإعلاء كرامة الإنسان، إلى جانب التدريب الإضافي للصحفيين والمؤسسات الإعلامية، للارتقاء بمعايير البث والنشر، حتى لا تتحول وسائل الإعلام إلى أسلحة للتعصب، وتصبح عرضة للتحيُّـز والتلاعب السياسي.