لتجنُّب صراع كارثي... هل تفتح واشنطن قنوات دبلوماسية مع موسكو؟

أكدت واشنطن بوست ضرورة فتح الولايات المتحدة قنوات اتصال دبلوماسية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الوقت الراهن، لتجنُّب صراع كارثي بين روسيا والغرب.

لتجنُّب صراع كارثي... هل تفتح واشنطن قنوات دبلوماسية مع موسكو؟

ترجمات - السياق

لم تستبعد صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فتح قنوات دبلوماسية بين واشنطن وموسكو، رغم التوتر الشديد في العلاقات، إثر الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير الماضي.

كان بوتين، أكد استعداده لإجراء مفاوضات سلام مع أوكرانيا، بعد مُضي أكثر من ثمانية أشهر على الحرب الروسية على أوكرانيا.

وخلال منتدى نقاشي مع خبراء دوليين، قال الرئيس الروسي في موسكو، مساء الخميس الماضي: إن الحكومة الأوكرانية قررت -رغم ذلك- رفض إجراء هذه المحادثات تحت تأثير الولايات المتحدة.

وضم بوتين -نهاية سبتمبر الماضي- أربع مناطق أوكرانية إلى الاتحاد الفيدرالي الروسي، وعرض إجراء مفاوضات بكلمة ألقاها في الكرملين آنذاك، وفي المقابل، أصدر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرسومًا يقضي برفض إجراء محادثات مع بوتين.

بينما قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي: إن الولايات المتحدة ما زالت ترى أن روسيا لا تنوي بدء مفاوضات السلام بشأن أوكرانيا في المستقبل المنظور.

وأضاف: "بوتين ليست لديه رغبة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات في المستقبل المنظور"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم لأوكرانيا لتوفير شروط مواتية لكييف في المفاوضات.

 

صراع كارثي

وفي تحليل للكاتب والروائي الأمريكي الشهير دافيد إغناتيوس، أكدت "واشنطن بوست" ضرورة فتح الولايات المتحدة قنوات اتصال دبلوماسية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الوقت الراهن، لتجنُّب صراع كارثي بين روسيا والغرب.

وأشارت إلى أنه لم تكن هناك حاجة للجوء للدبلوماسية، من أجل تسوية أزمة دولية، كما هو الحال الآن، مؤكدة أن تلك القنوات الدبلوماسية يجب أن تركز على العمل للحيلولة دون وقوع صراع كارثي بين الجانبين -الغرب وروسيا- بدلًا من بذل جهود غير مثمرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

ورأت أنه رغم العواقب الوخيمة الناجمة عن الصراع المسلح في أوكرانيا، فإن ذلك الصراع لم ينضج بالقدر الكافي، لكي يتم حله من خلال تسوية دبلوماسية، حيث إن كلًا من طرفي الصراع ما زال يحدوه الأمل لتحقيق انتصار عسكري على الأرض، ففي الوقت الذي تسعى فيه أوكرانيا لاسترداد المزيد من الأراضي التي استولت عليها القوات الروسية، ما زالت روسيا تعارض أي اقتراح بالانسحاب من أوكرانيا، وهو ما يؤكد عدم وجود أرضية مشتركة بين الجانبين، تصلح كبداية للبحث عن تسوية دبلوماسية للأزمة.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أنه في الوقت الذي لا تستطيع فيه واشنطن، فرض أي حلول على كييف، ترى الولايات المتحدة ضرورة استمرارها في تقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا، لكنها في الوقت نفسه يجب أن تسعى -بكل وسيلة- لإثبات أنها لا تسعى لتدمير روسيا، وتأمل تجنُّب أي صراع مسلح مباشر مع موسكو.

ورأت أن موسكو مستعدة الآن أكثر من أي وقت مضى، للتواصل مع واشنطن، مستشهدة بما ذكره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال كلمة له مؤخرًا، أكد فيها استعداد روسيا لإجراء حوار مع الغرب.

وأشارت إلى تصريحات بوتين خلال المنتدى السنوي للسياسة الخارجية في موسكو، التي قال فيها: "عاجلًا أم آجلًا، فإن القوتين العظميين، في ظل النظام العالمي متعدد الأقطاب، إلى جانب الدول الغربية، سوف يكون لزامًا عليها التواصل من أجل بلورة رؤية للمستقبل المشترك لجميع الأطراف".

 

فرصة للحوار

وشددت "واشنطن بوست" على أنه يجب على البيت الأبيض في الوقت الراهن، استثمار تلك الفرصة السانحة للحوار بين الطرفين، والتعامل مع تصريحات بوتين بجدية، خصوصًا بعد أن أجرى وزير الدفاع الروسي محادثات عبر الهاتف مع نظرائه في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وتركيا، لتوصيل الرسالة نفسها، وهي رغبة موسكو في إجراء حوار مع الغرب.

كان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره البريطاني بن والاس، وأبلغه بقلق روسيا إزاء ما سماها، الاستفزازات المحتملة من قِبل كييف التي قد تقدم على تفجير "قنبلة قذرة" في الأراضي الخاضعة لها، واتهام روسيا بتأليب المجتمع الدولي عليها، بينما أكد والاس أن أوكرانيا لن تقدم على التصعيد.

كما اتصل شويغو أيضًا بنظيريه في فرنسا وتركيا، ونقل لهما مخاوفه إزاء الاستفزازات المحتملة من كييف، كما بحث الوضع في أوكرانيا مع نظيره الأمريكي لويد أوستن.

بالنسبة لمعظم المحللين الغربيين -حسب الصحيفة الأمريكية- بدا هذا وكأنه ذريعة وهمية من الكرملين، ربما لتبرير استخدام روسيا للأسلحة النووية التكتيكية، لكن من الممكن أيضًا أن يكون بوتين يؤمن بها ويعتقد أن لديه أدلة.

وتعليقًا على رسائل بوتين ووزير دفاعه، قالت "واشنطن بوست" موجهة حديثها لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن: "على البيت الأبيض أن ينسى التفاصيل الغريبة لوجهة نظره للواقع"، مضيفة: "خذوا بوتين على محمل الجد، وأجيبوا على رسالته".

وأضافت: "كما تم التواصل بشأن مزاعم روسيا عن (القنبلة القذرة الأوكرانية)، يجب إعادة التواصل مجددًا لوقف التصعيد، ولمنع الوصول إلى حرب عالمية ثالثة".

وأشارت إلى أن كييف تبدو مستعدة لتحمل مخاطر تصعيدية، خاصة في عمليات الاستخبارات السرية، التي لا تدعمها الولايات المتحدة، إذ إنه وفقًا لرواية نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في 5 أكتوبر، خلصت المخابرات الأمريكية إلى أن عملاء أوكرانيين كانوا مسؤولين عن تفجير سيارة مفخخة في أغسطس، أسفر عن قتل داريا دوجينا ، ابنة قومي متطرف روسي، وهو ما يعني أن الأمور قد تفلت، حال تكرار هذه الحوادث، ليتسع الصراع أكبر من ذلك.

ولوقف المزيد من التصعيد، قالت الصحيفة: "هناك المزيد الذي يجب على واشنطن أن تخبره لموسكو -عما ستفعله وما لن تفعله- من خلال قنوات سرية"، مضيفة: "في الفترة التي سبقت هذا الصراع، كان بوتين يطالب حلف شمال الأطلسي بضمانات أمنية، ومن ثمّ يجب على الدبلوماسيين استئناف هذا النقاش، كما يجب على بايدن أن يكرر عروض الحد من وضع الصواريخ، وتبادل معلومات التدريبات العسكرية وتجنُّب التصعيد".

وخلصت واشنطن بوست إلى تأكيد أن المزيد من الدبلوماسية يشير إلى العقلانية في التعامل مع الموقف، إذا تم توظيف تلك الدبلوماسية بشكل إيجابي، موضحًة أنه يجب على الولايات المتحدة ألا تلجأ لأسلوب المساومة من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن يجب العمل في الوقت الحالي، لضمان أن تلك الحرب الضارية التي تدور رحاها في أوكرانيا، لن تتحول إلى صراع كارثي.