أزمة أوكرانيا تدخل مرحلة حرب الجوع... والمسيرات والصواريخ عنوان التطورات الميدانية

من هجمات صاروخية استهدفت العاصمة كييف وعددًا من المناطق الأوكرانية، ما ألحق أضرارًا جسيمة وانقطاع الكهرباء عن مدن عدة، إلى انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب، اشتعلت الأزمة الأوكرانية مجددًا وسط مصير غامض يكتنفها.

أزمة أوكرانيا تدخل مرحلة حرب الجوع... والمسيرات والصواريخ عنوان التطورات الميدانية

السياق

بينما دخلت الحرب الأوكرانية شهرها التاسع من دون حسم، تحولت إلى ما يشبه «حرب الجوع»، بعد التطورات الأخيرة التي حاول فيها أطراف الأزمة استخدام أسلحتهم المشروعة وغير المشروعة، لحسمها، أو لإنهاك الخصم، عبر «إيلامه» بكل السبل الممكنة.

فمن هجمات صاروخية استهدفت العاصمة كييف وعددًا من المناطق الأوكرانية، ما ألحق أضرارًا جسيمة وانقطاع الكهرباء عن مدن عدة، إلى انسحاب روسيا من اتفاق الحبوب، اشتعلت الأزمة الأوكرانية مجددًا وسط مصير غامض يكتنفها.

 

فماذا حدث في 24 ساعة؟

السبت، أعلنت روسيا تعليق اتفاق صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية الحيوي لإمدادات الغذاء العالمية، ردًا على هجوم ألقت باللوم فيه على أوكرانيا وبريطانيا.

وأتاح اتفاق الحبوب تصدير ملايين الأطنان من الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية، منذ بدء الحرب في فبراير الماضي، بعد أن تسبب الحصار المضروب على موانئ أوكرانيا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية عبر العالم.

وبعد بيانات غاضبة من بريطانيا وأمريكا وأوكرانيا، أعلنت روسيا –الأحد- أنها عثرت على حطام المسيرات التي هاجمت أسطولها في سيفاستوبول، مشيرة إلى أن تلك المسيرات استخدمت منطقة آمنة لتصدير الحبوب لمهاجمة قواتها.

وبينما أعلنت روسيا انسحابها حتى إشعار آخر من عمليات تفتيش السفن، قرر وفدا تركيا والأمم المتحدة توفير موارد إضافية، ومن المقرر أن تفتّش عشر فرق من المفتّشين 40 سفينة متجهة إلى أوكرانيا الاثنين.

وردًا على الاتهامات، استنكرت وزارة الدفاع البريطانية الادعاءات الخاطئة التي تهدف إلى تحويل الانتباه، بينما قال مسؤول أوكراني إن الحادث سببه تعامل القوات الروسية بإهمال مع متفجرات.

ورغم تعليق روسيا اتفاق صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية، غادرت سفينتا شحن محملتان بالحبوب الموانئ الأوكرانية  -الاثنين- وسلكتا الممر البحري الإنساني في اتجاه تركيا.

وقال مركز التنسيق المشترك، المشرف على اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، إنه من المقرر أن تغادر 12 سفينة شحن الموانئ الأوكرانية -كذلك- الاثنين على أن تتوجه إليها أربع سفن بينها واحدة ترفع العلم التركي. 

منسق الأمم المتحدة لمبادرة الحبوب الأوكرانية أمير عبدالله قال الاثنين، عبر "تويتر"، إنه ينبغي ألا تصبح أي شحنة مدنية هدفاً عسكرياً أو أن تُحتجز كرهينة، مضيفًا: الطعام يجب أن يمر.

وبينما تواصل السفن مغادرة أوكرانيا، حذر الكرملين من أنه سيكون من الخطير والصعب، الاستمرار في تنفيذ اتفاق صادرات الحبوب الأوكرانية من دون موسكو.

سيناريوهات مستقبلية

ورداً على سؤال عن إمكانية الاستمرار بتنفيذ الاتفاق من دون روسيا، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: «في ظل الظروف التي تتحدث فيها روسيا عن استحالة ضمان سلامة الملاحة في هذه المناطق، يصعب تطبيق هذا الاتفاق»، مضيفًا: «تسلك الأمور طريقاً مختلفاً، أكثر خطورة».

واتهمت روسيا أوكرانيا بتقويض اتفاق تصدير الحبوب في البحر الأسود، بعد هجوم بطائرة من دون طيار على أسطولها في شبه جزيرة القرم، بينما أثار قرار روسيا الانسحاب من الاتفاق، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة بعد ثلاثة أشهر من توقيعه، انتقادات عالمية لأوكرانيا متهمة إياها بـ«ابتزاز العالم بالجوع».

وفي سياق منفصل، قال متحدث باسم الأمم المتحدة، إن أولى عمليات التفتيش الأربعين للسفن المقرر إجراؤها الاثنين اكتملت في مياه اسطنبول، بفريق من أعضاء من الأمم المتحدة والأتراك فقط، وليس الفرق السابقة المكونة من أربعة أعضاء، بما في ذلك الروس والأوكرانيون قبل تعليق موسكو.

وفي محاولة من تركيا لإعادة ضخ الدماء في الاتفاق الذي توسطت فيه 19 يوليو الماضي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده عازمة على مواصلة الجهود، والدفاع عن اتفاق صادرات الحبوب الأوكرانية، رغم التردد الروسي.

وقال الرئيس التركي أحد رعاة الاتفاق: «مع أن روسيا تبدي ترددها لأنها لا تحصل على التسهيلات نفسها (مثل أوكرانيا)، نحن عازمون على مواصلة الجهود خدمة للبشرية».

يأتي ذلك، بينما قال وزير الزراعة الفرنسي مارك فيسنو، إن فرنسا تعمل على السماح لأوكرانيا بتصدير الإمدادات الغذائية عبر الطرق البرية بدلاً من البحر الأسود عبر بولندا أو رومانيا.

 

تطورات ميدانية

أطلقت روسيا موجة من صواريخ كروز على السدود الكهرومائية والبنية التحتية الحيوية، في جميع أنحاء أوكرانيا صباح الاثنين، مع الإبلاغ عن انفجارات بالقرب من العاصمة كييف، وفي 10 مدن ومناطق على الأقل.

وقالت القيادة الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 44 صاروخًا من أصل 50 صاروخًا «معاديًا»، بينما أشارت لقطات فيديو إلى اعتراض صواريخ عدة في سماء كييف، بعد الثامنة صباحًا بالتوقيت المحلي.

وانطلقت صفارات الإنذار من الغارات الجوية على الصعيد الوطني، وسط مطالب للمواطنين بالبحث عن مأوى.

وقال حاكم كييف أوليكسي كوليبا، إن القصف المكثف في المنطقة دمر البنية التحتية للكهرباء والطاقة، مشيرًا إلى أن السكان يجب أن يتكيفوا على انقطاع التيار الكهربائي في حالات الطوارئ.

وقالت صحيفة الغارديان، إنه جرى إطلاق صواريخ كروز من طائرات روسية طراز Tu-90 و T-60 تحلق شمال بحر قزوين ومنطقة روستوف، مشيرة إلى أنها أصابت أهدافًا في مناطق كييف وزابوريزهزيا وخاركيف، وكذلك في مناطق ميكولايف ولفيف وجيتومير وكيروفوهراد وتشرنيفتسي.

وفي بيان على "فيسبوك"، وصف وزير الطاقة الأوكراني هيرمان هالوشينكو، هجمات صباح الاثنين بأنها «بربرية»، قائلًا: «المحطات الكهربائية الفرعية والطاقة الكهرومائية ومنشآت توليد الحرارة تعرضت للقصف بالصواريخ»

وبعد ضربات الصباح، أصبح الوضع في خاركيف معقدًا، فالضربات استهدفت منشأة بنية تحتية حيوية، ما أدى إلى إيقاف إلغاء مترو الأنفاق والنقل الكهربائي الأرضي.

وهناك مشكلات في إمدادات المياه، لكن مهندسي الطاقة والمرافق العامة يبذلون قصارى جهدهم لاستئناف إمدادات المياه إلى منازل سكان خاركيف في أقرب وقت ممكن، بحسب السلطات، التي قالت إن الخدمات تعمل على استعادة دعم الحياة الطبيعي لخاركيف... معًا سنقف وننتصر.

وبحسب وزارة الداخلية في أوكرانيا، فإن شظايا صاروخ روسي، أسقطه الدفاع الجوي الأوكراني، سقطت في ناسلافتشا بمولدوفا، وألحقت أضرارًا ببعض المنازل والمباني.

وزعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن قواته صدت «هجومًا شرسًا» شنته القوات الروسية في منطقة دونيتسك الشرقية، قائلًا في خطابه مساء الأحد: «لقد أوقفوا العمليات الهجومية الشرسة للعدو. تم صد الهجوم الروسي. كان أعنف قتال في منطقة دونيتسك حول بلدتي باخموت وأفدييفكا».

 

ماذا قالت روسيا؟

وكالة الإعلام الروسية المملوكة للدولة، قالت إن حاكم القرم أعلن موجة من تأميم المنظمات والأفراد المرتبطين بالسلطات الأوكرانية، مشيرة إلى أن قرار التأميم سيوقع غدًا.

وقالت وكالة الإعلام الروسية إن قائمة الأشياء الخاضعة للتأميم أعدتها لجنة خاصة لمكافحة الإرهاب، تشمل حوض بناء السفن ومنشآت بناء.

ميدانيًا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إحباط سبع محاولات هجومية لكتيبتين تكتيكيتين للقوات الأوكرانية، على مواقع لقواتها، لقوات وتصفية قرابة 250 من العسكريين والمسلحين الأوكرانيين.

وزعمت وزارة الدفاع الروسية، أن القوات المسلحة الأوكرانية شنت ثلاث هجمات على منطقة خيرسون، إلا أنها فشلت، ما أدى إلى قتل أكثر من 180 جنديًا أوكرانيًا.

وأكدت أن قواتها المسلحة استهدفت مركز الاتصالات، بالقرب من قرية بيلييفكا بمنطقة خيرسون، ومستودع ذخيرة بالقرب من كوبيانسك بمنطقة خاركوف، إضافة إلى 68 وحدة مدفعية في مواقع إطلاق النار.

وأشارت إلى أنها دمرت بطارية مدفعية من مدافع هاوتزر الأمريكية في منطقة مدينة زابوروجيه، إضافة إلى تدمير قاذفتين من نظام الإطلاق الصاروخي الأمريكي.

وزعمت وزارة الدفاع الروسية، أنها تمكنت من تدمير قاذفة لنظام الإطلاق الألماني للصواريخ المتعددة MARS-2 ومخزن للصواريخ وأسلحة المدفعية، إضافة إلى إسقاط مروحية عسكرية من طراز Mi-8  تابعة للقوات الجوية الأوكرانية بالقرب من قرية دودشاني بمنطقة خيرسون.